ترمب يوقع مذكرة تعهد بعدم الاعتراض على التسلح النووي الإسرائيلي

TT

ترمب يوقع مذكرة تعهد بعدم الاعتراض على التسلح النووي الإسرائيلي

أكدت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، الأنباء التي نشرت في الولايات المتحدة وقالت إن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وقع على مذكرة تفاهم بشأن تعامل الولايات المتحدة مع السلاح النووي الموجود لدى إسرائيل، يتعهد فيها بما تعهد به سابقوه من الرؤساء، وهو ألا تدفع الولايات المتحدة إسرائيل إلى التخلي عن سلاحها النووي ما دامت الأخيرة تحافظ على سياستها الضبابية.
وكانت مجلة «نيويوركر»، قد كشفت، أمس، أن ترمب هو الرئيس الأميركي الرابع الذي يوقع على المذكرة، وأنه على الرغم عن أن الولايات المتحدة لا ترى فيها التزاما مطلقا، فإن «إسرائيل تنظر إلى الرسالة على أنها ضمان أميركي لتجنب الضغوطات بشأن أسلحتها النووية ما دامت تواجه تهديدات وجودية».
يذكر أن هذه التفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة قد بدأت عام 1969 بين رئيسة الحكومة غولدا مئير، والرئيس ريتشارد نيكسون، حيث اتفق الطرفان على أن تحافظ إسرائيل على الضبابية بهذا الشأن، وألا تصرح بأنه توجد بحوزتها أسلحة نووية، وألا تجري تجارب نووية، وألا تهدد باستخدام هذا السلاح. وفي المقابل، تتعهد واشنطن بعدم الضغط عليها للتوقيع على ميثاق حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT). وقد استمرت هذه التفاهمات في الإدارات الأميركية التي أعقبت نيكسون من دون حاجة لتجديدها. لكن بنيامين نتنياهو، عندما تولى دورته الأولى في رئاسة الحكومة، طلب من الرئيس بيل كلينتون التوقيع على الوثيقة مجددا، وذلك مقابل موافقة نتنياهو على إخلاء مناطق في إطار اتفاق «واي ريفر» (إعادة الانتشار في الخليل). واستجاب كلينتون للطلب، ووقع على الوثيقة في ولاية نتنياهو وخلفه إيهود باراك. كما وقع عليها الرئيس جورج بوش في أعقاب كلينتون.
وكتب الصحافي آدم أنتوس، في «نيويوركر» عن تفاصيل الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة للتوقيع على الوثيقة في عهد الرئيس باراك أوباما، والرئيس الحالي ترامب. وبحسبه، فإنه مع دخول أوباما البيت الأبيض، عام 2009، تعامل معه نتنياهو بتشكك. وبعد انتخابه، وخطاب أوباما في براغ الذي قال فيه إن «الولايات المتحدة تلتزم بتحقيق السلام والأمن في عالم خال من الأسلحة النووية»، جن جنون نتنياهو. وفهم مستشارو أوباما حالة الهستيريا التي عاشها نتنياهو، لخشيته من محاولة أوباما نزع أسلحة إسرائيل النووية. ولذلك وقع أوباما على نسخة جديدة من رسالة التفاهمات.
وبعد وقت قصير من أداء ترمب اليمين الدستورية، في 13 فبراير (شباط) عام 2017، وصل وفد إسرائيلي إلى البيت الأبيض، وطلب التباحث في عدة موضوعات مع طاقم الإدارة الجديد. وكانت مذكرة التفاهمات بشأن الترسانة النووية الإسرائيلية على رأس القائمة. وقد كانت الأجواء متوترة في أعقاب الطلب الإسرائيلي، حيث حاول السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، الحصول على توقيع ترامب على مذكرة التفاهمات، باعتبار أنها حاجة ملحة. ورغم رغبة ترمب في إرضاء نتنياهو، بحسب التقديرات، فإن الأميركيين شعروا بأن الإسرائيليين يضغطون عليهم للتوقيع على المذكرة التي لم يكونوا يعلمون بوجودها من قبل. وتذمر كبار المسؤولين في البيت الأبيض من أن ديرمر كان يتصرف كأنه مالك البيت الأبيض، ونقل عن أحد المسؤولين الأميركيين قوله للإسرائيليين بغضب: «هذا البيت لنا». وأشارت تقارير إلى أن الحديث عن صهر ومستشار الرئيس، جاريد كوشنر، الذي صرخ بوجه ديرمر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.