الرواية الإماراتية الحديثة... التحولات الاجتماعية وأساليب السرد

الطائي يكتب عن نشأتها وتطورها منذ بداية السبعينات

علي أبو الريش
علي أبو الريش
TT

الرواية الإماراتية الحديثة... التحولات الاجتماعية وأساليب السرد

علي أبو الريش
علي أبو الريش

صدر عن «مكتبة الطليعة العلمية»، بعمّان، كتاب «أيقونة السرد: دراسات نقدية في الرواية الإماراتية الحديثة»، للدكتور ذياب فهد الطائي، الذي يتتبع فيه خمس روايات إماراتية، وهي على التوالي: «أميرة حي الجبل» 2014، لعلي أحمد الحميري، و«امرأة استثنائية» 2014، لعلي أبو الريش، و«لعلهُ أنت» 2010، لباسمة يونس، و«بين حين وآخر (حدّثتنا ميرة)» 2013، للميس فارس المرزوقي، و «ريحانة» 2003، لميسون صقر. ويتضمّن الكتاب مقدمة مُقتضبة، وخمس دراسات نقدية، وثبْت بالمصادر والمراجع، وقد خلا الكتاب من خلاصة البحث والنتائج التي توصّل إليها الباحث، وهي ضرورية جداً في هذا النمط من الدراسات النقدية.
ويرصد الباحث في هذه الدراسة أشكال التطور الحاصلة في الأدوات الفنية التي استعملها كُتّاب الرواية بعد عام 1971، وهو العام الذي ظهرت فيه «شاهندة»، وهي أول رواية إماراتية للكاتب راشد عبد الله النعيمي، كما يفحص اللغة الروائية، وأساليب السرد، والبنى الزمكانية، ونمّو الشخصيات، والتحولات الاجتماعية في الروايات الخمس المذكورة سلفاً.
وإذا ما استثنينا رواية «بين حين وآخر»، للميس المرزوقي، فإن الروايات الأربع برمتها تدور حول ثنائية العاشق والمعشوق، التي يغلب عليها الجانب العاطفي أو الرومانسي، بمعناه الأوسع. فرواية «أميرة حي الجبل»، لعلي الحميري، ترتكز على قصة حُب بين محمد وصفيّة، وتنتهي بالزواج، بعد أن تُسنَد إليه إمارة التحالف العشائري، ويعود إلى الدراسة والعشيرة. فهو طالب في المرحلة الثانوية، يعمل في منظمة سريّة مناهضة للوجود البريطاني في الإمارات.
ويتوصل الطائي في دراسته النقدية إلى أن الرواية تلتزم بالزمن الخطّي، وأنّ المكان مُتخيّل، وأن السارد لم يكن غير المؤلف نفسه، ويكفي أن نتوقف عند شخصية محمد التي حمّلها المؤلف أكثر مما تحتمل بكثير، بحيث جعله يتحدث عن إعجابه بكتاب «رأس المال» من الناحية النظرية، وصعوبة تطبيقه من الناحية العملية، وهو لم ينهِ المرحلة الإعدادية بعد.
ويصف الباحث هذه الرواية بالنص المغلق الذي يهيمن فيه الكاتب على الشخصيات، ولا يترك لها فرصة لالتقاط الأنفاس، لكن الكاتب سوف يرخي قبضته قليلاً حينما يسافر علي وأخته مع ابن عمهما إلى إنجلترا في تمهيده للجزء الثاني من الرواية، حيث ينتقل من النص المغلق إلى النص المفتوح الذي يتيح للقارئ المساهمة في مجريات الأحداث، أو البحث عن حلول للأسئلة الجوهرية التي تثيرها الرواية على مدار النص السردي.
يدقق الطائي في شخصية صفيّة، ويرى أنها شخصية تابعة لبطل الرواية وتدور في فَلَكه، على العكس من شخصية «زينب» المرأة المتميزة، والفاعلة، التي تعرف ماذا تريد. لا تتحدث الرواية، من وجهة نظر الباحث، عن التاريخ، وإنما توظّفه لمصلحة النص السردي. كما يتوقف الباحث عن أسئلة السرد وطرائقه التي تحدد شكل الرواية وأسلوبها الفني.
وعلى الرغم من الشهرة الأدبية الكبيرة التي حققها علي أبو الريش، فإنه لم يسلم من مشرط الجرّاح، فقد كشف لنا الخلل في بناء شخصية «جوعان بن ناصر»، الذي ترك حبيبته «عفراء»، وغادر قرية «الرمس» إلى أبوظبي ليصبح صحافياً، ويُظهر براعة في العمل الصحافي من دون التمهيد لموهبته الصحافية، أو ولعه بالقراءة، ثم يتعرّف على المحررة سعاد، وتنشأ بينهما قصة حب لم تكتمل، إذ يُصاب «جوعان» بالفشل الكُلوي لكنه يرفض زرع كُلية جديدة، رغم أن سعاد قد أبدت استعدادها للتبرّع بكُليتها، فيموت «جوعان» متأثراً بمرضه، بينما تقفل سعاد راجعة إلى بيروت، بعد أن فقدت الإنسان الذي أحبّته ووجدت ضالتها فيه.
يناقش الطائي سؤال السرد في هذه الرواية، ويكشف لنا بالتفاتة نقدية حصيفة أن الموت المبكر لجوعان يُعتبر كسراً متعمداً لشخصية البطل الذي يبقى حياً لأطول مدة زمنية ممكنة، كما يتناول الباحث سؤال الهُوية بوصفها كينونة وجودية، وليس هُوية مرحلة تاريخية محددة. أما بصدد المكان الذي عُوّم بروايتي الحميري وباسمة يونس، فإنه يتجلّى في مدينتي الرمس وأبوظبي، ويُشعِر المتلقي بأنه يقرأ نصاً محلياً أصيلاً، حتى وإن كانت الرواية برمتها هي من نتاج المؤلف وخياله المعرفي المجنّح الذي لا ينسجم مع الواقع بالضرورة.
لم يشأ الباحث أن يتناول الروايات الثلاث المتبقية من دون تمهيد آخر يخصّ «الرواية النسوية في الإمارات»، حيث أخبرنا بأنّ عدد الروائيات الإماراتيات قد بلغ 23 روائية، تبدأ بباسمة يونس التي أنجزت رواية «ملائكة وشياطين» عام 1990، وتنتهي بلولوة المنصوري التي أصدرت رواية «آخر نساء لنجة» عام 2013، لكنه لم يذكر لنا عدد الروائيين الإماراتيين، وإنما اكتفي بعدد الروايات التي كتبها الرجال، وهي 60 رواية في مقابل 40 رواية نسوية، وسبب هذا الفرق الكبير أنّ علي أبو الريش قد أنجز لوحده 17 رواية!
ويشخِّص الباحث بدقة أن باسمة يونس، التي أنجزت رواية «لعلهُ أنت» عام 2010، متأثرة بالأدب الروسي الذي عمّق إحساسها بالواقعية، فدَرَجت عليها من دون أن تغفل بصمتها الخاصة. ولا شكّ في أن عنوان الرواية ماكر، ومُستفِّز، لأنها تلمِّح للقارئ قائلة: «ربما أنت مَنْ سأتحدث عنه». وعلى الرغم من تعدد شخصيات هذه الرواية، فإن بطليها مريم وهلال هما محور النص، حيث يحبان بعضهما بعضاً، وسوف يموتان في اليوم ذاته، ليثيرا السؤال الآتي: لماذا مات البطلان في اليوم نفسه؟ لتأتي الإجابة المراوغة: «لم يحدث شيء من هذا، لكن لعلّه حدث، ولعله يحدث ذات يوم».
ثم يتطرق الباحث إلى اللغة والبناء وأسلوب السرد، فيصف جملتها بالشفافة والقصيرة التي لا تُعنى بالتفاصيل الصغيرة. أما بنيتها، فهي مغلقة تهيمن فيها الكاتبة نفسها، بينما تتوزع أساليب السرد على أسلوب الراوي والمونولوغ الداخلي. وبقي أن نشير إلى أن شخصية البطلة قوية، ومتماسكة، ولا تنصاع لرغبات الأهل.
ويتوصل الباحث إلى أن رواية «بين حين وآخر»، للميس المرزوقي، هي «كتابة جديدة»، خالية من الحبكة، وبسيطة في لغتها، وأن الكاتبة كانت محايدة جداً حينما تركت الساردة تروي لنا مذكرات «ميرة» عن الحيّ والطفولة والمدرسة. ويبدو أن الروائية قد وظفت روايات مهمة في نصها السردي، وهي: «ألف ليلة وليلة»، و«جوستين» لماركيز دو ساد، و«11 دقيقة» لبابلو كويلو، و«المسرّات والأوجاع» لفؤاد التكرلي، وعكست ما ينسجم مع تفكيرها في هذه النصوص الإشكالية المعروفة عربياً وعالمياً.
ثم يتناول الباحث رواية «ريحانة» لميسون صقر، التي يصفها بالنص المفتوح الذي لا تهيمن فيه المؤلفة، كما يعتبر الرواية مكانية بامتياز، يتسيّد فيها السارد الموضوعي.



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».