«اتفاق حفظ ماء الوجه» في الائتلاف الألماني الحاكم

زيهوفر منح ميركل مهلة للتوصل إلى سياسة أوروبية موحدة حيال اللاجئين

المستشارة أنجيلا ميركل في مقر حزبها في برلين. قالت إنها ستبذل مساعيها خلال الأسبوعين المقبلين للتوصل إلى سياسة أوروبية مشتركة في الموقف من اللاجئين (إ.ب.أ)
المستشارة أنجيلا ميركل في مقر حزبها في برلين. قالت إنها ستبذل مساعيها خلال الأسبوعين المقبلين للتوصل إلى سياسة أوروبية مشتركة في الموقف من اللاجئين (إ.ب.أ)
TT

«اتفاق حفظ ماء الوجه» في الائتلاف الألماني الحاكم

المستشارة أنجيلا ميركل في مقر حزبها في برلين. قالت إنها ستبذل مساعيها خلال الأسبوعين المقبلين للتوصل إلى سياسة أوروبية مشتركة في الموقف من اللاجئين (إ.ب.أ)
المستشارة أنجيلا ميركل في مقر حزبها في برلين. قالت إنها ستبذل مساعيها خلال الأسبوعين المقبلين للتوصل إلى سياسة أوروبية مشتركة في الموقف من اللاجئين (إ.ب.أ)

في مؤتمرين صحافيين عقدهما الحزب الديمقراطي المسيحي وشقيقه الصغير الاتحاد الاجتماعي المسيحي، في برلين وميونيخ على التوالي، تم الإعلان عن اتفاق يحفظ ماء الوجه للحزبين، بحسب وصف البرنامج الإخباري في قناة التلفزيون الألماني الأولى (أرد).
وجاء المؤتمران الصحافيان بعد مؤتمرين عقدتهما قيادتا الحزبين في العاصمة برلين والعاصمة المحلية ميونيخ يوم أمس الاثنين. ذكرت المستشارة أنجيلا ميركل في برلين أنها ستبذل مساعيها خلال الأسبوعين المقبلين، للتوصل إلى سياسة أوروبية مشتركة في الموقف من اللاجئين، وذلك في القمة الأوروبية التي تعقد مطلع شهر يوليو (تموز) المقبل. وأضافت أن ذلك لا يعني تسفير طالبي اللجوء «أوتوماتيكيا» في حالة عدم التوصل إلى اتفاق أوروبي.
وقال هورست زيهوفر، وزير الداخلية الاتحادي، والزعيم السابق للاتحاد الاجتماعي المسيحي، أنه يلتزم بعدم ترحيل اللاجئين المرفوضين على الحدود بانتظار أن تتوصل المستشارة الألمانية إلى سياسة موحدة تجاه اللاجئين في القمة الأوروبية المقبلة.
أكد كل منهما على أنه يحظى بدعم كامل في الموقف من قيادة حزبه. قال زيهوفر إن قيادة الحزب تتفق مع 62.5 نقطة من 63 نقطة (إجراء) للتحكم بقضية اللاجئين طرحها في خطته. وأكد أن ألمانيا لا تتحكم تماماً من قضية اللاجئين، وأنه لا بد من سد هذه الثغرة. ثم تمنى للمستشارة كل النجاح في مساعيها مع أوروبا. وعبر زيهوفر عن تمسكه بخطة التسفير الفوري للاجئين المرفوضين على الحدود بالقول إن ذلك لا بد أن يحصل بعد الأول من يوليو المقبل.
وأصدر الحزب الديمقراطي المسيحي بياناً حول الاجتماع جاء فيه أن عدم التوصل إلى اتفاق أوروبا في القمة المقبلة لا يعني التطبيق «الأوتوماتيكي» لسياسة تسفير طالبي اللجوء، وأنه لا بد من مواصلة الحوار حول الموضوع.
وبهذا ألزمت المستشارة الألمانية نفسها بمهمة أوروبية معقدة، لأنها لم تنجح في توحيد موقف أوروبا من اللاجئين رغم جهودها المحمومة منذ سنوات، وتحاول الآن التوصل إلى نتيجة خلال أسبوعين. وتقف بلدان أوروبا الشرقية بالضد من سياسة استقبال اللاجئين، وترفض تقسيمهم في حصص تقسم على كل دولة من دول الاتحاد. ولا أحد يعرف أي المهمتين أصعب، إقناع الاتحاد الاجتماعي المسيحي أم إقناع الاتحاد الأوروبي بسياستها تجاه اللاجئين؟
وبعد التقارير الصحافية التي تحدث عن «تقسيط» تطبيق خطة زيهوفر حيال اللاجئين، نفى زيهوفر نفسه هذه التكهنات. وتحدثت التقارير حينها عن اتفاق بين الحزبين على التسفير الفوري للاجئين من مرتكبي الجنايات، رغم أن شرطة الحدود تطبق هذه الفقرة منذ سنوات.
ومعروف أن الأزمة السياسية حول اللاجئين بين الحزبين الشقيقين، أو لنقل بين هورست زيهوفر وأنجيلا ميركل، لا تهدد بتفتيت عرى التحالف بين الحزبين، وإنما تهدد بانهيار التحالف الحاكم بقيادة المستشارة بين الاتحاد المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي. وسبق لقادة الحزب الأخير أن وضعوا التحالف البرليني الحاكم على كف عفريت عند رضوخ المستشارة لمطالب زيهوفر المتمثلة بخطته الجديدة للتحكم بالهجرة إلى ألمانيا.
ولهذا فإن التوصل إلى حل وسط مؤقت بين الطرفين يبعد شبح انهيار التحالف الكبير عن طرفي الاتحاد المسيحي، ويبعد شبح إعادة الانتخابات عن المستشارة المخضرمة، ويستبعد العودة إلى خيار حكومة أقلية برلمانية، أو إلى «تحالف جامايكا» مع حزب الخضر والحزب الليبرالي. ولا يبدو أي من هذه الحلول جذاباً بالنسبة للمستشارة التي تحاول إكمال دورة حكمها الحالية بأي ثمن.
ظهرت أولى بوادر الاتفاق بين زيهوفر وميركل في «لهجة زيهوفر المتسامحة» في مقال له في صحيفة «فرانكفورتر الجيماينه» عن الأزمة داخل الاتحاد المسيحي. قال زيهوفر إنه متفائل بالتوصل إلى نتيجة مع الأشقاء في الحزب الديمقراطي المسيحي، وأضاف أن الخلاف عميق ولكنه ليس عصياً على الحل. وكانت إشارة التراجع واضحة أيضاً في تلميحه في المقال إلى الأهمية الكبيرة للاتفاق أوروبياً على سياسة موحدة لاستقبال اللاجئين وتسفيرهم في القمة الأوروبية المقبلة. ومعروف أن المستشارة ميركل رفضت خطة زيهوفر الخاصة باللاجئين باعتبارها تختط لسياسة ألمانية منفردة لم يتم الاتفاق عليها في الاتحاد الأوروبي. وطلبت ميركل مهلة أسبوعين، أي حتى اجتماع القمة الأوروبية المقبل، كي تبلور موقفها من خطة وزير الداخلية.
والحقيقة أن موضوع اللاجئين لعب دوراً كبيراً في الحملات الانتخابية للأحزاب المحافظة طوال العقود الثلاثة السابقة، إلا أنه لم يجرؤ أي حزب على الاعتراف بذلك علنياً.
وهكذا أصبح الاتحاد الاجتماعي المسيحي أول حزب يقول، على لسان زعيمه السابق هورست زيهوفر، بأن حل قضية اللاجئين ستكون عصب الدعاية الانتخابية للحزب في الأشهر المقبلة.
ويعود التركيز في سياسة الحزب على التشدد مع اللاجئين إلى نسبة الأصوات العالية التي سرقها حزب البديل لألمانيا الشعبوي في الانتخابات العامة قبل ستة أشهر. وهي أصوات سرقها حزب البديل من الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا باعتماده سياسة الوقوف بالضد من سياسة الترحيب «الميركلية» باللاجئين. وسواء عرف قادة الاتحاد الاجتماعي المسيحي بمدى تقارب سياستهم الحالية حيال الأجانب مع سياسة الحزب البديل أم لم يعرفوا، فإن هذا التقارب أصبح واقعياً. وقد تضمن لهم هذه السياسة استعادة بعض الناخبين الذين خسروهم لصالح حزب البديل، إلا أنها تكشف مدى استعداد هذا الحزب للتخلي عن سياسة الوسط المحافظ الذي تفخر أنجيلا ميركل بتمثيله.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».