روبرت داوني جونيور ممثل وجد في شخصية «آيرون مان» فرصته الثانية

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يلجأ إلى ابتكار المواقف خلال التصوير عندما يصيبه الملل

كما يبدو في فيلمه الحالي «ذا أفنجرز: حرب أبدية»
كما يبدو في فيلمه الحالي «ذا أفنجرز: حرب أبدية»
TT

روبرت داوني جونيور ممثل وجد في شخصية «آيرون مان» فرصته الثانية

كما يبدو في فيلمه الحالي «ذا أفنجرز: حرب أبدية»
كما يبدو في فيلمه الحالي «ذا أفنجرز: حرب أبدية»

لا أحد يفكر هذه الأيام في منح روبرت داوني جونيور جائزة سينمائية عن «إتقان» دوره في «آيرون مان»: الشخصية التي ارتدى بذلتها الحديدية قبل عشر سنوات. ففي عام 2008 لعب أول مرّة دور توني ستارك، المليونير الخبير بتقنيات الأسلحة والمغامر الذي يعيش بلا قلب طبيعي ويًُقبل على المغامرة ضد أعداء الوطن. بمجرد ارتدائه تلك البذلة المليئة بالقدرات التقنية المعقدة ينقلب إلى محارب فريد يستطيع أن يطير في الفضاء ويقارع الأشقياء مهما كانت قدراتهم ويسهم في إنقاذ الأرض، أو الكون كما الحال في آخر ما يُعرض له من أفلام.
يقول في جلسة في فندق «فور سيزونز» بلوس أنجيلس: «بالنسبة إليّ ما زلت أشعر بالمتعة الفائقة عندما أمثّل هذه الشخصية». ويضيف، «أحدهم قال لي قبل أيام: لا بد أنك تعبت من هذا الدور، فأجبته: لا تفترض. لم أتعب بعد».
منذ عام 2008 قام داوني بالدور ثماني مرات: ثلاث مرات في ثلاثة أفلام من سلسلة «آيرون مان»، وثلاث مرات في ثلاثة أفلام من سلسلة «ذا أفنجرز»، ومرّتين في «سبايدر - مان»، ومرّة في «كابتن أميركا».
من باب الدقة ظهر أيضاً في مشهد عابر من «العملاق الفائق» (The Incredible Hulk)سنة 2008، لكن من دون ذكر اسمه في بطاقة الفيلم الفنية. هذا ما يجعل العدد يصل إلى تسعة.
«لا أريد أن أتباهى حين أقول إن شخصية هذا الرجل (توني ستارك) الذي يتحوّل إلى آيرون مان تمثل بالنسبة إليّ وجوداً يشغلني عن التفكير في سواه. ربما يبدو تمثيل الشخصية للغير نوعاً من العمل المتواصل الذي لا يخلو من التكرار. لكني لا أرضى له أن يكون كذلك. لا أستطيع أن أدخل الدور كما لو أنني منفّذ أنتمي إلى عقد مبرم فقط. هذا لا يعد تمثيلاً بل شغلاً يدوياً أو ربما ليس شغلاً بالمرّة»، يقول داوني.

تهديد جاد

مع هذا العدد في أربعة مسلسلات سينمائية متوازية كان من الطبيعي إلى حد بعيد لا أن يصبح روبرت داوني جونيور أحد أهم وأكبر نجوم السينما الأميركية فقط، بل أن يعيد لنفسه المكانة التي احتلها قبل متاعبه الشخصية في التسعينات ومطلع القرن الحالي، تلك التي لم يعد يسمح للصحافيين بسؤاله عنها.
العمل والمزيد منه كان الرد على تلك المرحلة التي شهدت إدمانه المستمر المخدرات والقبض عليه متلبساً ودخوله السجن والخروج منه عاطلاً عن العمل حتى سنة 2005 عندما منحه المنتج جووَل سيلفر فرصة العمل على فيلم بوليسي عنوانه «Kiss Kiss Bang Bang» من إخراج شاين بلاك وعرضه مهرجان «كان» حينها خارج المسابقة.
المنتج الذي وقف وراء الكثير من المشاريع الناجحة آنذاك كان له شرط واحد: «نعم، قال لي ستمثل دور البطولة وسوف يكون فيلم عودتك إلى المهنة التي تحب، لكني سأرميك من هذه النافذة، وأشار إلى نافذة مكتبه في الطابق العاشر على ما أعتقد، إذا أسأت التصرّف».
تحذير المنتج لداوني لم يكن عبثياً ولو أنه لم يعنِ أنه سيرتكب جريمة قتل لو اكتشف أن الممثل عاد إلى إدمانه بل سيكتفي بطرده من الفيلم ما سيجعل قدرة داوني على إيجاد عمل آخر احتمالاً بعيداً جداً. آنذاك كانت لسيلفر سطوة كبيرة كونه واحداً من أنشط وأكثر المنتجين نجاحاً. ومن ناحية أخرى كانت شركات التأمين امتنعت عن تأمين الممثل داوني بسبب سوابقه. أيُّ إخلال بالنظام الجديد كان سيدفع الممثل بعيداً جداً عن مراميه الفنية وربما إلى الأبد.
لكن على الرغم من هذا التهديد وجدّيّته، كان لا بد لروبرت داوني أن يعتمد على نفسه أولاً لكي يخرج من الدائرة التي وقع فيها. أن يبقى المدمن بمنأى عن العودة إلى إدمانه ونكث وعوده لنفسه قبل سواه من أصعب ما يمكن أن يواجهه من قرارات.
على ذلك، وجد الممثل نفسه أمام عهد جديد وهو الذي عرف التمثيل منذ سنة 1970 عندما كان في الخامسة من العمر وظهر في فيلم من إخراج أبيه روبرت داوني سنيور عنوانه «باوند».
في العشرين من العمر، عاد برغبة مندفعة للتمثيل المحترف. هو في دور مساند في فيلم مايكل أبتد التشويقي «فيرست بورن» ثم في سلسلة من الأفلام الكوميدية الشبابية (من بينها فيلم آخر من إخراج والده هو «أميركا»، 1986)، قبل أن يفوز بأول دور بطولة في فيلم رئيسي هو «فنان الحيلة» (The Pick‪ - ‬up Artist) سنة 1987، ليفوز بعد خمس سنوات و11 فيلماً آخر ببطولة «تشابلن» الذي وفّر له فرصة الفوز بـ«أوسكار أفضل ممثل».
على الرغم من متاعبه بعد ذلك، فإنه واصل العمل بلا توقف يذكر: ثلاثة أفلام سنة 1994، وثلاثة أخرى في كل سنة لاحقة حتى عام 1996، حين ظهر في فيلم واحد عنوانه «منطقة الخطر» (Danger Zone)، ثم عاد إلى منواله المتكاثر وصولاً لسنة 2005 التي برهن فيها على أن متاعبه هي جزء من الماضي.

القاعدة والاستثناء
يؤمن داوني بأن «هوليوود» فسحة متسامحة. وربما كان على حق، لكن ليس هوليوود فقط، بل جمهور السينما الأميركية أينما كانوا. متاعبه السابقة لم تَحُلْ دون العودة إليه حال بدا أنه تجاوز محنه. وربما هذا هو سر نجاحه وسر نجاح فيلم «آيرون مان» فكل منهما يمثل الآخر خير تمثيل.
شخصية المليونير ستارك الذي يعيش بقلب مستعار هي، على الأرجح، رمز لشخصية داوني وهو، في ذلك الحين، يبحث عن بديل فعلي ينجز عبره ما وعد به نفسه من نجاح. الإيراد الكبير لذلك الفيلم (بسعر تذكرة يقل عن سعره اليوم) وصل إلى 585 مليون دولار.
حسب ما أورده المؤلف ف. سكوت فيتزجرالد على لسان بطله جاي غاتسبي، في روايته «غاتسبي العظيم» (التي تم نقلها للشاشة عدة مرات أفضلها سنة 1974 عندما مثلها روبرت ردفورد)، لا وجود في أميركا للفرصة الثانية. لكن حياة روبرت داوني خير دليل على أن الفرص تتوالى والحياة ليست قاعدة واحدة لا يمكن اختراقها. يقول لي:
«انظر. ليس هناك من قاعدة بلا استثناء وربما نجد أن الاستثناء مع الوقت هو الذي يتحوّل إلى القاعدة والقاعدة تصبح الاستثناء. لا أريد أن أتجاهل قيمة فيلم (آيرون مان) بالنسبة إليّ، لكني أعتقد أن كلاً منا (هو والشخصية) صنع الآخر بشكل متكافئ. هل منحني (آيرون مان) النجاح الذي أستحقه؟ بلا شك، لكني منحته الوجود الناجح الذي كان يبحث عنه على الشاشة العريضة».
والواقع أن شخصية «آيرون مان» تحمل وجهين، ككل شخصية أخرى: سوبرمان يتظاهر بأنه مصور صحافي خجول (أو هكذا تم اختيار دوره في أواخر سبعينات القرن الماضي) باسم كلارك كينت، بينما هو في الحقيقة الرجل الذي يستطيع إيقاف قطار سريع بقوة يديه الاثنتين. باتمان يعيش حياة مستقرة كرجل أعمال اسمه بروس واين لكنه ينقلب إلى مقاتل يرتدي السواد ويظهر ليلاً ليقاتل الجريمة وأشرارها.
راي ستارك - آيرون مان لا يخرج عن هذا النطاق منذ ولادته على صفحات مجلات «الكوميكس»، لكن -وفي حدود المتاح- نجد أن روبرت داوني في الدورين منح الشخصية المدنية حقها من التبلور كرجل مثقف في مجال العلم لديه رسالة حياة يترجمها إلى عمل متواصل كمخترع أسلحة متقدمة.
داوني، لفهم مفتاحه للشخصية، أقدم على تمثيل راي ستارك بلهفة صبي صغير أدخله والده محل ألعاب. حين مراقبته في هذا الدور قبل ارتداء الخوذة والبذلة الكاملة، يتمكن المشاهد من متابعة ممثل يمزج السخرية بالجد في كل مناسبة متاحة. تريد أن تصدقه وتمتنع لأنه يذكّرك دائماً بأنه يلعب الدور لكي يتسلى هو أولاً وأنت ثانياً.
«أفهم ما تقوله وهذا صحيح. عندي هي الطريقة الوحيدة لتقديم دور كهذا. وأصارحك، في بعض الحالات أبتكر اللفتات الصغيرة من دون سابق تصميم».
متى؟ أسأله، فيجيب:
«غالباً عندما يصيبني الملل خلال التصوير، وهذا يحدث إذا ما طلب المخرج تكرار اللقطة ذاتها مرات ومرات. عليّ أن أجد شيئاً مختلفاً في المرّة العاشرة عن المرات السابقة. وفي المرّة الخامسة عشر عن المرّة العاشرة».
بعد ثمانية أفلام مثّل فيها شخصية آيرون مان يبقى التحدي، كما يقول، في كيفية لعب الدور مزدوجاً على نحو متساوٍ.
«إنها ليست مسألة سهلة أن تمنح الشخصيتين وجوداً متساوياً. لا أحد سوف يمنحني (أوسكار) عن التمثيل تحت بذلة حديدية محاطاً بالخدع الحديثة. ولا أعتقد أنني أو سواي سنُمنح جوائز عن لعب الشخصية الحقيقية خارج البذلة والخوذة. لكن السعي للتوازن بينهما حقيقي عندي وهو التحدي الدائم كلما لعبت هذه الشخصية».

العودة

هذا المنوال من التوازن حاول داوني تنفيذه في سلسلة أخرى بدأت سنة 2009 عندما وافق على بطولة «شرلوك هولمز» ثم كررها في الجزء الثاني سنة 2011. لكن ما ينجح في «آيرون مان» وتوابعه لا ينجح كثيراً في سلسلة التحري البريطاني المعروف لعدم وجود شخصية أخرى مناهضة. شرلوك هولمز في كل الحالات هي شخصية واحدة لا تحتمل التغيير، لذلك ما يبقى عالقاً في البال هو روبرت داوني مقدّماً لتفسيره الشخصي لشرلوك هولمز ضد كل ما هو معروف عن أذكى تحريِّي العالم.
في مقابلة أخرى سابقة مع داوني تناولنا هذا الموضوع ودافع عنه بالقول إنه لا توجد مشكلة في إعادة ابتكار شخصية هي أساساً مبتكرة. قال: «هي ليست شخصية تشابلن. لم أمثّل شخصية من لحم ودم، لذلك يرجع الأمر إليَّ وإلى صانعي الفيلم بالنسبة إلى كيفية تناولنا شرلوك هولمز. ربما ليست على النحو الذي تعوّد عليه المعجبون الأوفياء لهولمز، لكن ذلك ليس مشكلة عندي. حان الوقت للتجديد».
الآن ينظر الناقد إلى تحديات أخرى مر بها روبرت داوني في السنوات الأخيرة. قبل أربع سنوات خلع شخصية آيرون مان وارتدى شخصية محامٍ سيدافع عن أبيه القاضي (روبرت دوفال) في قضية مرفوعة ضده. الفيلم، وعنوانه «القاضي» أُريدَ له أن يتحدث عن علاقة مهزوزة بين أب وابنه. هذا الأخير قضى ردحاً طويلاً من النجاح في مهنته بحيث لم تعد العلاقة العائلية مهمّة بالنسبة إليه إلى أن يعود إلى بلدة أبيه ويترافع عنه.
الفيلم، وقد أخرجه ديفيد دبكين (وما زال آخر فيلم له) حمل مضموناً ولم يحمل إجادة تنفيذ. لكنه كان دراما واقعية التناول وخالية من صور البطولة. فوق ذلك فشلت في تحقيق النجاح على الرغم من اسم داوني الكبير.
هل يرى أن هذا الفشل، حتى وإن كان جزئياً، هو نتيجة حتمية للنجاح في أدوار تنتمي إلى النوع الترفيهي والفانتازي؟
«هذا تفسير قابل للاحتمال جداً. لا يزال إيماني بهذا الفيلم كبيراً. بالنسبة إليّ كان نوعاً من الخلاص من تمثيل المسلسلات. لا تفهمني خطأً. أحبها وما زلت أحبها بعد كل هذه السنين، لكن من حين لآخر يأتيك سيناريو مختلف لا علاقة له بما بات يومياتك العادية، تشعر بأنك بحاجة إلى قبوله، وهذا ما حدث».
ولن يمنع فشل «القاضي» من عودة داوني إلى الأفلام غير الفانتازية. داوني انتهى من تمثيل بطولة «ويك - إند كله نجوم» (All Star Week‪ - ‬End) الذي هو الفيلم الأول للممثل جايمي فوكس مخرجاً. بعده يقود بطولة «رحلة دكتور دوليتل»، ثم مجموعة من الأفلام التي يقدم عليها داوني منتجاً.
هل يخطط للتقليل من التمثيل والإكثار من الإنتاج؟
«لا. سأخلط بين الناحيتين. سأمثل ببعض ما سأقوم بإنتاجه وسأكتفي بالإنتاج وحده في أفلام أخرى. لا أحب القرارات النهائية. هذا كله يمكن أن يتغير في أي وقت، لكن يبدو لي أن الإنتاج هو استمرار سليم لحياة الممثل الناجح».


مقالات ذات صلة

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.