«الوفد» يقود مساعي لتصدر صفوف المعارضة في مصر

تربيطات لتدشين ائتلاف مستقل في البرلمان واستعدادات للمحليات

مقر حزب «الوفد» في حي الدقي («الشرق الأوسط»)
مقر حزب «الوفد» في حي الدقي («الشرق الأوسط»)
TT

«الوفد» يقود مساعي لتصدر صفوف المعارضة في مصر

مقر حزب «الوفد» في حي الدقي («الشرق الأوسط»)
مقر حزب «الوفد» في حي الدقي («الشرق الأوسط»)

يسعى حزب «الوفد» أكبر الأحزاب الليبرالية بمصر، لتصدر المشهد السياسي، والبحث عن مركز متقدم في صفوف المعارضة، وذلك عبر تعزيز التعاون مع الحكومة والاستعداد لانتخابات المحليات في ربوع البلاد، وتشكيل ائتلاف واسع يمثل المعارضة المستقلة في مجلس النواب (البرلمان).
وقالت مصادر وفدية، إن «الحزب سيكون شريكاً أساسياً في الحياة السياسية خلال الفترة القادمة». وأكدت المصادر أهمية وجود أحزاب قوية مستقبلاً في ظل وجود التزام دستوري بضرورة وجود تعددية حزبية، الأمر الذي يتطلب وجود أحزاب قادرة على قيادة المشهد.
و«الوفد» أحد أعرق الأحزاب المصرية، تأسس في عام 1918، وظل حزب الأغلبية حتى قيام ثورة 23 يوليو (تموز) 1952، التي ألغت النظام الملكي، وأعلنت الجمهورية، وحلت جميع الأحزاب السياسية... وتعود تسمية الحزب إلى «الوفد» الذي شكله الزعيم المصري الراحل سعد زغلول، وضم أيضاً عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأحمد لطفي السيد ومكرم عبيد وآخرين، وذلك للمطالبة باستقلال مصر الواقعة تحت الاحتلال البريطاني آنذاك.
وعاد «الوفد» لنشاطه السياسي عام 1978 في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات، الذي سمح بالتعددية الحزبية، تحت اسم «حزب الوفد الجديد». ومن أبرز رموز الحزب، بخلاف سعد زغلول في العهد الملكي، عبد الخالق ثروت رئيس وزراء مصر الأسبق، ومصطفى النحاس زعيم الحزب ورئيس وزراء مصر لفترات طويلة، وفؤاد سراج الدين الذي تولى كثيراً من الوزارات من بينها المالية والداخلية، ثم اختير رئيساً للحزب بعد عودته للحياة السياسية.
وفاز المستشار بهاء أبو شقة، رئيس حزب «الوفد»، برئاسة بيت الأمة (أي حزب «الوفد») في مارس (آذار) الماضي، عقب نهاية ولاية رئيس الحزب السابق الدكتور السيد البدوي، الذي قضى دورتين منذ عام 2010، كل دورة مدتها 4 سنوات.
وقال مراقبون إن «الرئيس الجديد لـ(الوفد) لمّ الشمل داخل الحزب، وأنهى الخلافات التي دبت في الحزب منذ سنوات لبناء حزب قوي وكوادر للشباب والمرأة، ما شكّل خطوة نحو استعادة دوره التاريخي في صدارة الحياة السياسية المصرية».
من جانبها، ذكرت المصادر الوفدية أن «الحزب خسر بقيادته السابقة فرصاً كثيرة لتصدر المشهد في مصر؛ لكن رئيس الحزب الحالي المستشار أبو شقة عكف على وضع خطة لترتيب أوضاع (الوفد)، وبالفعل ضم شخصيات سياسية بارزة وعامة إلى صفوفه، فضلاً عن سعيه إلى قيادة تكتل ليبرالي في الانتخابات المحلية والبرلمانية المقبلة».
يُذكر أن «الوفد» مرّ بالكثير من الانقسامات والأزمات منذ انتخابات نعمان جمعة رئيس الحزب الأسبق، لكنه نجح في استعادة جزء من بريقه مع ثورتي 25 يناير (كانون الثاني) 2011، و30 يونيو (حزيران) 2013، ووجود البدوي أحد الأعضاء المؤسسين لجبهة الإنقاذ الوطني؛ لكن خلال عامي 2017 و2018 شهد الحزب صراعات بين الدكتور فؤاد بدراوي، في ما سُمي بإصلاح «الوفد»، وبين السيد البدوي، أعقبت ذلك أزمة ترشح البدوي للانتخابات الرئاسية الماضية التي انتهت برفض هيئة الحزب العليا لترشحه.
من جهته، قال أبو شقة إن «الوفد» دائماً في تاريخه وفي ثوابته يقف ويساند الدولة الوطنية ويحمي الدولة والمواطن، كما أنه يدافع عن الدستور والديمقراطية وحقوق المواطن، مضيفاً: «لا يمكن أن نسمي أنفسنا حزب معارضة بمفهوم المعارضة، بمعنى أعارض لمجرد المعارضة؛ لكن حزب الوفد في الفترة القادمة سيكون عند ثوابته، بمعنى المعارضة الوطنية للخطأ الذي وقع فيه المسؤول... معارضة موضوعية وبناءة بتقديم حلول لهذا الخطأ، دون تجريح أو شتائم، وبإظهار أين الصواب».
وكان أبو شقة قد أعلن في وقت سابق، أن «الوفد» سوف يدفع بمرشح رئاسي في انتخابات 2022، وهو ما فتح الباب ليكون الحزب المعارض الأول في مصر... وخاض رئيس حزب «الوفد» الأسبق الدكتور نعمان جمعة الانتخابات الرئاسية المصرية في عام 2005، التي فاز بها الرئيس الأسبق حسني مبارك، وحل جمعة ثالثاً من 10 مرشحين.
في غضون ذلك، باتت الحياة السياسية المصرية على أعتاب الإعلان عن وجود ائتلاف معارض تحت قبة البرلمان في مواجهة ائتلاف «دعم مصر»... ومن المتوقع أن يكون السيناريو الأقرب للإعلان عن ائتلاف المعارضة من خلال «الوفد»، حيث يقود بهاء أبو شقة، وهو رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب (البرلمان)، مشاورات واسعة مع عدد من الأحزاب والقوى السياسية وكذلك النواب المستقلين في البرلمان لتشكيل ائتلاف واسع يمثل المعارضة المتزنة تحت القبة.
وأضافت المصادر الوفدية نفسها، أن انضمام حزب المحافظين بات محسوماً؛ إلا أن المشاورات مع حزب «المصريين الأحرار» لم تُحسم بعد، مؤكدةً أن المشاورات والجلسات مع عدد من الأحزاب والقوى السياسية مستمرة؛ إلا أنه لن يتم الإعلان عن تفاصيلها إلا في الوقت المناسب.
وقال مراقبون إن «ائتلاف دعم مصر» به ملامح كثيرة تشبه الحزب ولهم مواقف مشتركة في قضايا وطنية، وسوف ينجح في تكوين حزب بأعضائه. موضحين أن «الوفد» بواقع ممارسته السياسية سيلعب دور المعارضة، بمعنى أن يكون متوافقاً في القضايا الوطنية العريضة وفي مختلف البرامج التفصيلية والأولويات وتوزيع الموارد الموجودة.
وأكد المستشار ياسر الهضيبي، المتحدث باسم حزب «الوفد»، أن «حزبه طرح مبادرة بضرورة وجود حياة حزبية تضم 3 أو4 أحزاب فقط تمارس حياة سياسية، و(الوفد) يسعى لتكوين ائتلاف برلماني في مقابل (ائتلاف دعم مصر)، ليكون هناك طرف مؤيد يدافع عن وجهه نظر الحكومة، وطرف آخر ينتقد السياسات لو كانت خاطئة ويثني عليها لو كانت سليمة، حتى لا يكون معارضاً من أجل المعارضة، أو يكون ائتلافاً لتصدير المشكلات، وإنما يسعى لتصحيح السياسات بطرح حلول عملية وواقعية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».