هجوم جنبلاط على عون يتفاعل ويهدد بنسف علاقتهما

«الاشتراكي» يحذّر من محاولة الانقلاب على «الطائف»

عون وجنبلاط في لقاء سابق في بيروت
عون وجنبلاط في لقاء سابق في بيروت
TT

هجوم جنبلاط على عون يتفاعل ويهدد بنسف علاقتهما

عون وجنبلاط في لقاء سابق في بيروت
عون وجنبلاط في لقاء سابق في بيروت

بلغت العلاقة بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، مرحلة غير مسبوقة من التوتر والسجال عالي النبرة، إثر الهجوم الذي شنّه الأخير على عون، واعتبر فيه أن «(العهد) فاشل من اللحظة الأولى». وتوحي المواقف الحادّة للطرفين التي تلت تغريدة جنبلاط النارية، بصعوبة ترميم التصدعات الكبيرة التي أصابت علاقتهما، وتطرح أسئلة عن مدى تأثيرها على مسار تشكيل الحكومة، بعد الإيجابيات التي طبعت الأيام الأخيرة من المشاورات.
ولم تهدأ عاصفة الردود العونية على الزعيم الدرزي، والردود المضادة لنواب وكوادر الحزب الاشتراكي، إذ اعتبر النائب آلان عون عضو تكتل «لبنان القوي»، أن هذا «الموقف المفاجئ، هو نتيجة طبيعية لتقلبات جنبلاط المعتادة وغير المفهومة، وهل هو مرتبط بمسألة تشكيل الحكومة أو بزيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، وتسليف موقفه لطرف خارجي؟». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف جنبلاط «يناقض ما قاله بعد لقاء رئيس الجمهورية خلال الاستشارات النيابية، ويشكّل انقلاباً واضحاً يعكس حقيقة ما يجول في باطنه وخلفيته»، معتبراً أنه «مهما احتدم الخلاف بين (الحزب الاشتراكي) و(التيار الوطني الحرّ) فهذا لا يبرر هذا الاعتداء على رئيس الجمهورية وهدم العلاقة».
وتمرّ علاقة عون - جنبلاط بتقلّبات دائمة، وهي ترجمت بتحفّظ الزعيم الدرزي على انتخاب عون رئيساً للجمهورية، نظراً لخلافهما الجذري حول الخيارات السياسية ومعالجة الملفات الداخلية، حيث أوضح مفوض الإعلام في الحزب الاشتراكي رامي الريس لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف جنبلاط «ليس مفاجئاً للمراقبين، إذ سبق ووجه انتقادات لـ(العهد) وفريقه السياسي». ورأى أن «تجاوزات هذا الفريق باتت فاقعة جداً، بدءاً بملف الكهرباء إلى فضيحة ملف التجنيس، وصولاً إلى قضية النازحين السوريين». وحذّر الريس من «تجاوزات (العهد) الخطيرة لاتفاق الطائف، بدليل تصريحات نواب ووزراء (التيار الوطني الحر)، التي تقول إن الرئيس القوي بدّل بممارساته نصوص (الطائف)»، معتبراً أن «المساس بـ(الطائف) يؤسس لإشكالات كبيرة ستؤدي إلى الإخلال بالتوازنات». وأعطى المسؤول الاشتراكي أمثلة على هذه التجاوزات «مثل تدجين المؤسسات وتعيين الأزلام والمحاسيب في الدولة، وتحطيم كل شعارات الإصلاح والتغيير». وقال: «الغريب أن (العهد) لا يضع حداً لهذا الفساد ولا يضع حداً لمن يمارسه».
ويسود فريق رئيس الجمهورية اعتقاد أن جنبلاط يؤسس لاصطفافات جديدة، إذ «لا يجد مبرراً لفتح النار على رئيس البلاد»، ويشير النائب آلان عون إلى أن «تحفظات جنبلاط على تشكيل الحكومة أو ملف النازحين السوريين ليست دافعاً لهجوم، يطرح علامات استفهام حول تموضع سياسي جديد»، مذكراً بأن «هذا الأسلوب لن يفلح في الضغط على الرئيس عون ولن يؤدي إلى تغيير مواقفه»، لافتاً إلى أن «الهجوم الجارح وغير النقدي يظهر أن هناك من يريد كسر العلاقة ويجازف بهدم كل جسور التواصل مع رئيس الجمهورية».
ولا يجد النائب آلان عون نفسه في موقع السجال مع جنبلاط وفريقه، لأن «الاعتداء يأتي من طرف واحد، خصوصاً أن جنبلاط لا يدع مجالاً للحرص على الحدّ الأدنى من العلاقة»، وهو يرى أن الهجوم الجنبلاطي «أبعد من الخلاف على توزير النائب طلال أرسلان في الحكومة الجديدة، خصوصاً أن هذه المسألة مطروحة للنقاش، ولم يكن توزير أرسلان موجهاً ضدّه، بل يأتي في سياق الحرص على تمثيل الجميع في الحكومة».
وتثير المواقف المنتقدة لرئيس الجمهورية حساسية بالغة لدى «التيار الحرّ» الذي يرأسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، ويواجه أي انتقاد له بقوّة، بدليل التصريحات العنيفة لنواب ووزراء «التيار» التي صدرت ضدّ جنبلاط، وهنا يذكر مفوض الإعلام في «الحزب الاشتراكي» رامي الريس بأن «لبنان يحكمه نظام ديمقراطي، حتى إشعار آخر، وكل طرف له الحق بإبداء الرأي حيال سياسة (العهد)». ونبه إلى أن «الردود الانفعالية التي صدرت عن نواب ووزراء (التيار الحرّ)، خالية من أي رأي سياسي، بل حملت موجة من السباب والشتائم، وهذا يكرس ما نقوله عن (العهد)». وتابع: «نحن لا نريد معاداة (العهد)، وتعطيل دوره، بل نريد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ومحاربة الفساد، ولا نرغب أن يكون السجال مدخلاً لتعطيل (العهد) والحكومة».
من جهته، اعتبر وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال بيار رفول، أن وصف جنبلاط «عهد» الرئيس عون بالفشل، هو «دليل يأس من نجاح (العهد)». وقال في تصريح «عندما يقول جنبلاط إن (العهد) فاشل، فذلك مردّه أن (العهد) أوقف السطو على لبنان ومد اليد على حقوق الآخرين، وجنبلاط في موقفه هذا قطع الأمل، وبخاصة بعد عودته إلى حجمه في الانتخابات وفق القانون النسبي، الذي حرّر كل اللبنانيين». وطمأن رفول إلى أن مواقف جنبلاط «لن تؤدي إلى انقسام فنحن والدروز إخوة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.