سكان منطقة حدودية متنازع عليها يرفضون قرار إثيوبيا تسليمها لإريتريا

قوات إثيوبية في مدينة بادمي الحدودية المتنازع عليها التي وافق رئيس الوزراء على تسليمها إلى اريتريا (أ.ف.ب)
قوات إثيوبية في مدينة بادمي الحدودية المتنازع عليها التي وافق رئيس الوزراء على تسليمها إلى اريتريا (أ.ف.ب)
TT

سكان منطقة حدودية متنازع عليها يرفضون قرار إثيوبيا تسليمها لإريتريا

قوات إثيوبية في مدينة بادمي الحدودية المتنازع عليها التي وافق رئيس الوزراء على تسليمها إلى اريتريا (أ.ف.ب)
قوات إثيوبية في مدينة بادمي الحدودية المتنازع عليها التي وافق رئيس الوزراء على تسليمها إلى اريتريا (أ.ف.ب)

تطبيع العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، أصبح جزءاً من البرنامج السياسي لرئيس وزراء إثيوبيا الجديد آبي أحمد، الذي تسلم السلطة في أبريل (نيسان) الماضي، وقام من الوقت ذلك بعدد من الإصلاحات الداخلية، مثل إطلاق السجناء السياسيين، وإجراء بعض التغييرات في المناصب العسكرية والأمنية الكبرى. وكانت الموافقة على ترسيم الحدود مع إريتريا بين مجموعة من الإصلاحات التي أعلنها آبي (42 عاماً) لدى تسلمه مهامه، بعد مظاهرات معادية للحكومة واضطرابات سياسية أدت إلى تسريع نهاية سلفه.
ويعد رفع قانون الطوارئ أبرز تغيير يتم حتى الآن تحت إدارة رئيس الوزراء آبي، الذي تحدث بصراحة حول الحاجة للإصلاح. وقام بالإفراج عن سجناء سياسيين، بالإضافة إلى فتح حوار مع جماعات معارضة منذ أن تولى مقاليد السلطة. وكان قد تم فرض حالة الطوارئ في منتصف فبراير (شباط) الماضي عقب وقوع مظاهرات مناهضة للحكومة في منطقتي أوروميا وأمهره. وقد صوتت أغلبية أعضاء برلمان إثيوبيا لصالح رفع حالة الطوارئ. وأشار قبل أيام فيتسوم إريجا، كبير مستشاري رئيس الوزراء، إلى أنه تم استعادة القانون والنظام. كما استبدل آبي أحمد قائد القوات المسلحة ورئيس المخابرات.
وشكل إعلانه الأسبوع الماضي أن إثيوبيا ستحترم القرار حول ترسيم الحدود في 2002، انقلاباً في السياسة التي تطبقها إثيوبيا منذ سنوات، ويلبي مطلباً تريده إريتريا منذ فترة طويلة، ويفتح الطريق لتطبيع العلاقات بين البلدين.
يريد رئيس الوزراء آبي أحمد أن ينهي عقوداً من النزاع مع إريتريا المجاورة، لكن تحقيق هذا الهدف يحتم عليه أولاً أن يقنع بذلك سكان مدينة بادمي الحدودية التي يتنازعها البلدان. وكانت هذه المدينة، المؤلفة من شبكة من المقاهي والفنادق الصغيرة، تسيطر عليها إثيوبيا، لكن لجنة من الأمم المتحدة منحتها إلى إريتريا، في صلب النزاع بين إثيوبيا وإريتريا من 1998 إلى 2000.
ويريد سكان بادمي أن تبقى إثيوبية على الرغم من تصريحات آبي الذي يؤكد أنه سيسلمها إلى إريتريا، محاولاً بذلك إنهاء الحرب الباردة بين البلدين. وبارتياب، قال المسؤول الإداري المحلي تيلاهون جيبريميدين لوكالة الصحافة الفرنسية «لن نعطي أرضاً باسم السلام». لكنه يعني أيضاً أن الـ18 ألف إثيوبي الذين يعيشون في بادمي يمكن أن يجدوا أنفسهم تحت هيمنة عدوهم السابق. والقلق الذي تسبب به قرار آبي، قد تُرجم إلى مظاهرة احتجاج في شوارع المدينة الاثنين. وطالبت «جبهة تحرير شعب التيغري» التي تتولى إدارة بادمي بعقد اجتماع طارئ للتحالف الحاكم في إثيوبيا حول هذا الملف.
وحذرت سيلاسي جيبريمسكل (80 عاماً) التي أمضت القسم الأكبر من حياتها في بادمي من أن «الإريتريين يمكن أن يبدأوا العيش هنا بمجرد أن أرحل، لكن ليس قبل ذلك».
وكانت إريتريا الإقليم الإثيوبي السابق، أعلنت استقلالها في 1993، وحرمت بذلك إثيوبيا من منفذها الوحيد على البحر. وأصبحت مدينة بادمي بذلك تحت سيطرة إثيوبيا، لكن إريتريا احتجت على ذلك واحتلتها طوال تسعة أشهر، ما أدى إلى اندلاع حرب بين البلدين. ويذكر السكان أن تلك الحقبة كانت فترة تعذيب وعمليات ابتزاز وضرب.
يقول الشرطي فيساهي جيبريميدين، الذي عاش الفترة تلك، كما جاء في تحقيق وكالة الصحافة الفرنسية من المنطقة الحدودية بين البلدين، «لم نكن نعرف هل هم سيئون أم جيدون. لكن بعد اجتياحهم بادمي، اكتشفنا أنهم سيئون».
وأنهت معاهدة سلام موقعة في العام 2000 الحرب التي قتل فيها نحو ثمانين ألف شخص. لكن رفض إثيوبيا ترسيم الحدود أدى إلى استمرار العلاقات السيئة بين البلدين، وجعل من بادمي مدينة حدودية على حدود مقفلة.
وبقيت القوات الإثيوبية هذا الأسبوع في وضع استعداد لإطلاق النار على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من بادمي. وعلى غرار سكان المدينة، لا يعطي الجنود أي إشارة للمغادرة. وبتعجب قال تيلاهون إن «العصفور لن يغادر المنطقة، وكذلك الكائن البشري».
شجعت إثيوبيا استيطان السكان في بادمي بعد الحرب. وتمتلك المدينة مدرسة جديدة، لكنها تعطي الانطباع بأنها بعيدة من كل شيء، ومن عصر آخر، وبأنها عالقة في نهاية طريق، بعيدة من أي محلة، ومزروعة دائماً بأنقاض المنازل التي دمرت أثناء الحرب.
وتدفق باحثون عن الذهب في الفترة الأخيرة إلى بادمي، مما نشط عمل المقاهي. وباتت المشاجرات الناجمة عن استهلاك الجعة من سمات تلك الليالي. وينضم هؤلاء القادمون الجدد إلى محاربين قدامى لم يتأثروا كثيراً بحكم أصدره أجانب واعترف به سياسيون من العاصمة أديس أبابا البعيدة. وقال الجندي السابق ميكونين تاديسي جيتيبو «لأنهم جالسون هناك ويبيعون بلادنا، لكن هذه الأرض لنا». وإثيوبيا بلد فقير لكنها تشهد انتعاشاً كبيراً. ويسعى رئيس الوزراء إلى إدامة هذا النمو، فيما تواجه البلاد ديوناً باهظة ونقصاً في العملات الأجنبية.
ويمكن أن تشكل مشاريع آبي لتحرير القطاعات المهمة للاقتصاد دعماً للنمو. وكذلك يمكن أن يؤدي التخلي عن بادمي الذي يتيح الأمل بعلاقات أفضل مع إريتريا، والوصول إلى مرافئ جديدة على البحر الأحمر، إلى تشجيع التجارة. لكن مساعدة الاقتصاد الإثيوبي لا تهم بادمي كثيراً. ويتساءل تيلاهون: ماذا سيحصل بالمدفن الواقع على تخوم المدينة، حيث دفن عشرات الجنود الإثيوبيين، في مدافن مطلية بألوان علم بلادهم؟ وقال: «لا نعتقد أن إريتريا ستأخذ بادمي»، مشيراً إلى المدفن. وأضاف: «لكنهم إذا ما فعلوا ذلك، فإنهم يستطيعون أن يدفنونا هنا أيضاً».



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.