الأمن العام ينتظر معلومات من جهات خارجية للبت بمصير «المجنسين الجدد»

الأساقفة الموارنة يطالبون بـ«التصحيح»

TT

الأمن العام ينتظر معلومات من جهات خارجية للبت بمصير «المجنسين الجدد»

لا يزال الأمن العام اللبناني يدقق بأسماء أكثر من 430 شخصاً شملهم مرسوم التجنيس الذي صدر أخيراً قبل أن يتم تجميده من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتأكد مما إذا كان كل هؤلاء يستوفون الشروط اللازمة للحصول على الجنسية اللبنانية، أم لا، خصوصاً بعد تداول أسماء كثيرة أثيرت حولها «شبهات أمنية وقضائية».
ويلتزم الجهاز الأمني الذي كان من المفترض أن تحول إليه الأسماء قبل إصدار المرسوم، الصمت المطبق في التعامل مع هذا الملف، فيما تنكب لجنة أوكلت لها مهمة التدقيق بالهويات على العمل، وهي تنتظر، بحسب مصادر مطلعة على الملف، بعض المعلومات التي طلبتها من جهات وأجهزة أجنبية لإصدار توصيات رسمية تُرفع إلى الرئيس عون الذي يعود إليه في نهاية المطاف اتخاذ القرار المناسب بما يتعلق بمصير هذا المرسوم.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنه حتى الساعة هناك 33 اسماً أدرجها الأمن العام على لائحة ستتضمن كل الأسماء الواجب أن تتم إعادة النظر بإمكانية منحها الجنسية من قبل الجهات المعنية، لافتة إلى أن هناك كذلك 90 اسماً لا ينطبق عليهم شرط الإقامة في لبنان، باعتبار أن أحد شروط منح الجنسية اللبنانية يوجب أن يكون الشخص أقام ما مجمله 5 سنوات على الأراضي اللبنانية، وهي الحالة التي لا تنطبق على كثير من «المجنسين الجدد». وأوضحت المصادر أن الأمن العام لم يصل حتى الساعة إلى خلاصة مفادها وجوب شطب عدد معين من الأسماء التي لا تستوفي الشروط كلياً، إنما ستنحصر توصياته بوجوب إعادة النظر ومراجعة طلبات بعض الأشخاص للحصول على الجنسية. وأضافت المصادر: «اللجنة المعنية في الأمن العام تنتظر بعض المعلومات والوثائق من دول خارجية لتبني على الشيء مقتضاه».
من جهتها، تؤكد مصادر مطلعة على أجواء الرئيس عون أنه لا يزال ينتظر التقرير الذي سيصدر عن الأمن العام لاتخاذ الإجراءات المناسبة، لافتة إلى أن ما يحكى عن 40 اسماً قد يتم شطبها، كلام غير دقيق باعتبار أن هذا العدد قد يكون أكبر أو أقل وهو مرتبط بانتهاء التحقيقات. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «عندما طلب الرئيس عون ممن يمتلك معلومات تثبت أن بعض من وردت أسماؤهم لا يستحقون الجنسية، أن يتقدم للإدلاء بها، فذلك كان بمثابة تمهيد لأي إجراء يمكن اتخاذه في حال ثبُت في تحقيقات الأمن العام أن هناك شبهات أمنية أو قضائية معينة، أما الآلية التي ستُعتمد إن كان لجهة إلغاء المرسوم أو شطب الأسماء التي لا تستوفي الشروط فذلك يتقرر بعد صدور تقرير الأمن العام».
وبعد الطعن الذي تقدم به الحزب «التقدمي الاشتراكي» الأسبوع الماضي بسبب ما قال إنه «غياب للشفافية وعدم اتضاح المعايير التي تم على أساسها منح الجنسية اللبنانية لـ400 شخص بشكل تهريبي»، أشارت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الطعن لن يصل إلى أي مكان على الأرجح، باعتبار أن القوانين توجب أن يكون المتقدم بالطعن متضرراً من المرسوم، وهذه ليست حال «التقدمي الاشتراكي» أو أي فريق سياسي آخر ينتقد المرسوم.
ويوم أمس، طالب أساقفة الكنيسة المارونية بعد اجتماعهم في بكركي بتصحيح مرسوم التجنيس، مناشدين رئيس الجمهورية مطالبة المسؤولين المعنيّين بتطبيق قرار مجلس شورى الدولة المتعلق بوجوب سحب الجنسية من بعض الذين شملهم مرسوم التجنيس في عام 1994.
وشدد رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن على وجوب عدم التشكيك بمصداقية الرئيس عون الحريص على انتظام عمل المؤسسات والمؤتمن الأول على الدستور، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعدما كلف الأمن العام إعادة النظر بالأسماء الواردة في المرسوم، فهو لن يتردد عن القيام باللازم وإن اقتضى ذلك شطب بعض الأسماء وتصحيح المغالطات التي وردت في القائمة». وقال: «ما دام هناك مجال لتصحيح الخطأ فليس هناك من خطأ قد ارتكب بعد».
من جهته، أكد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور: «إننا ما زلنا كسائر اللبنانيين ننتظر أجوبة المسؤولين عن مآل التحقيقات في مرسوم التجنيس ذائع الصيت»، لافتاً إلى أن «محاولات طمس الحقائق أو حرف الأنظار التي يقوم بها بعض السياسيين لن تنجح في تمييع القضية وتثبيت الخطأ الذي حصل، والذي لا يكون التراجع عنه شكلياً، بل تراجع عملي بإلغاء المرسوم والاعتذار من الشعب اللبناني وخصوصاً من المستحقين الذين أهملوا». وقال: «كما نطالب بمعاقبة من استباحوا القانون والحقوق عبر مرسوم العار هذا».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».