جبيل تستضيف معرض «أنقذوا أرواحنا» في «يوم اللاجئ العالمي»

كان عمره 15 سنة عندما لفتت انتباهه قضية اللاجئين السوريين، فقرر أن يتناول معاناتهم على طريقته. فالفنان التلميذ أكيليس سوراس تأثر بمنظر غير مألوف شاهده في جزيرة ليسبوس اليونانية حيث تمّ تجميع نحو 45 ألف سترة نجاة كان يستخدمها اللاجئون السوريون للوصول إليها، عبر رحلات بحرية خطرة قاموا بها مرغمين للهروب من نيران الحرب في بلادهم. وانطلاقا من هذه المشهدية، تحركت لديه غريزته الابتكارية فشيد بعدد منها (35 سترة نجاة) خيمة على شكل كوخ اسكيمو (Igloo) تقف على 6 أعمدة بلاستيكية، مطلقا عليها اسم «أنقذوا أرواحنا» (Save our souls) للإشارة إلى المخاطر التي يتعرض لها اللاجئون السوريون.
هذه الخيمة كانت بمثابة رمزية أراد من خلالها سوراس رفع مستوى الوعي لدى الشعوب الأخرى. ويقول في هذا الصدد: «لا يمكن أن يكون اللاجئون والمشردون والأشخاص الأقل حظاً بعيدين عن الأذهان بعد اليوم. فهذه المشكلة تندرج في لائحة القضايا العالمية التي تؤثر علينا جميعاً ويجب أن نحاول حلها من أجل الجميع».
جال سوراس بخيمته هذه على 15 بلداً أوروبياً وأميركياً؛ بينها برشلونة ولندن وميلانو وتورونتو ونيويورك وبانكوك ولوس أنجليس... وغيرها، وها هي اليوم تحط رحالها في لبنان وبالتحديد في متحف «مقام» للفن التشكيلي في مدينة جبيل بمناسبة «يوم اللاجئ العالمي» الذي يوافق 16 يونيو (حزيران).
وتأتي هذه الخيمة التي تعد من نوع فنون الـ«إنستلايشن» ضمن الأعمال الفنية المعروضة في المتحف المذكور للسينمائية جوسلين صعب. فصاحب المتحف سيزار نمور أراد دمج المعرضين معاً ليشكلا نداء إنسانيا موجها للعالم أجمع، لا سيما أن أعمال صعب المعروضة هي فيديوهات صورتها في مخيمات فلسطينية وسورية تنقل فيها الظروف الحياتية التي يعيشون فيها.
«إننا فخورون باستضافة هذه القطعة الفنية العالمية التي لاقت شهرة واسعة في بلاد العالم، وترجمت ببساطتها المعاناة والمخاطر التي يعيشها اللاجئ السوري خلال بحثه عن بر الأمان»؛ يوضح سيزار نمور في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويضيف: «على الرغم من بساطة فكرة الفنان سوراس، فإنها تحمل في طياتها معاني إنسانية كثيرة فنستقبلها في جبيل مدينة السلام التي صدّرت الأبجدية إلى العالم».
يفتح المعرض أبوابه حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وينظمه المتحف المذكور بالتعاون مع «مؤسسة اللاجئ» في لبنان. كما يتضمن المتحف، ومساحته 4 آلاف متر مربع، معرضا دائما لأكثر من 115 فناناً لبنانياً من خلال لوحاتهم الـ350، وهي من نوع الفنون التشكيلية، وغالبيتها منحوتات ليوسف الحويك (أول نحات في لبنان)، والإخوة بصبوص، ورودي رحمة... وغيرهم.
ويعد لبنان أول بلد عربي يستقبل خيمة «أنقذوا أرواحنا» لليوناني أكيليس سوراس.
يذكر أن الفنان اليوناني ولد في لندن، كما تنقل بين نيويورك وبرشلونة وأثينا. حاليا يتابع سوراس تحصيله الدراسي للحصول على شهادة البكالوريا الدولية. وعن قطعته الفنية هذه يقول: «عندما تحمل السترة في يدك وأنت تشتم رائحة البحر، تنظر إلى الأشياء من خلال منظور مختلف، وستدرك أن كل سترة تمثل حياة إنسان».