تونس: «النهضة» تتصدر النتائج الرسمية للانتخابات البلدية

الفئات الشابة تحقق مفاجأة بحصولها على 37 % من المقاعد

TT

تونس: «النهضة» تتصدر النتائج الرسمية للانتخابات البلدية

كشف محمد التليلي المنصري، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية، أمس، عن النتائج النهائية والرسمية للانتخابات البلدية التي جرت في السادس من مايو (أيار) الماضي، مؤكدا حصول حركة النهضة على المرتبة الأولى بين الأحزاب السياسية المشاركة بـ2193 مقعدا، فيما حلت حركة نداء تونس في المرتبة الثانية بـ1600 مقعد. أما تحالف الجبهة الشعبية اليساري فقد حصل على 261 مقعدا، يليه حزب التيار الديمقراطي بـ205 مقاعد. بينما حل حزب حركة مشروع تونس في المرتبة الخامسة بـ124 مقعدا، وحصلت حركة الشعب على 100 مقعد. أما حزب آفاق تونس فلم يحقق سوى 93 مقعدا.
ويقدر العدد الإجمالي للمقاعد البلدية، التي تنافست على عضويتها نحو 2074 قائمة انتخابية، بنحو 6949 مقعدا بلديا، يمثلون 350 بلدية تونسية.
وأوضح المنصري خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة التونسية، أن القوائم المستقلة تمكنت من تحقيق مفاجأة مهمة في الانتخابات البلدية الأخيرة، وذلك بحصولها على 2373 مقعدا بلديا. كما شهدت صعودا مهما للفئات الشابة، حيث حصلت الفئة العمرية الأقل من 35 سنة على 37 في المائة من المقاعد في الدوائر البلدية للانتخابات البلدية، وهو ما يؤكد عودة اهتمام الشباب التونسي بالعمل على المستوى المحلي، على حد تعبير المنصري.
وتسعى الأحزاب الفائزة في الانتخابات البلدية، ومن بينها حركة النهضة، إلى تأكيد هيمنتها السياسية على البلديات، كونها تمثل الآلية الأهم في الحكم المحلي، الذي يؤثر بصفة مباشرة على معظم القرارات السياسية على المستوى المركزي. كما تسعى حركة النهضة إلى مواصلة توافقها السياسي مع حزب النداء، الذي حل بعدها في المرتبة الثانية. غير أن بعض القيادات في حزب النداء تسعى إلى فك الارتباط مع حركة النهضة، بحجة تضرر الحزب من التوافق السياسي المنبثق عن انتخابات 2014.
وكانت المحكمة الإدارية قد أعلنت عن رفض 12 طعنا في نتائج الانتخابات البلدية، وهي آخر الطعون التي استوفت مختلف مراحل التقاضي، وهو ما مكن هيئة الانتخابات من إعلان النتائج النهائية في غضون يومين من تاريخ توصلها بآخر حكم صادر عن المحكمة المذكورة. كما سبق لمجموعة من الأحزاب أن وجهت اتهامات إلى القيادات السياسية، خاصة في حزب النداء، بمحاولة تعطيل المسار السياسي، من خلال اشتراط إعفاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد من مهامه، للموافقة على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة خلال الفترة المقبلة. وقالت المصادر نفسها إن الهدف من هذا التعطيل هو التأكيد على عدم وجود استقرار سياسي في البلاد، ما يسمح للرئيس الحالي الباجي قائد السبسي بتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة السنة المقبلة لمدة سنتين، لتصبح في 2021.
على صعيد متصل، كشف التقرير الذي أعده مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول طلب إعفاء رئيسها محمد التليلي المنصري من مهامه، عن وجود عشرة أخطاء فادحة ارتكبها المنصري خلال الفترة التي تولى فيها منصب رئاسة الهيئة. وتقدم أعضاء هيئة الانتخابات بطلب رسمي إلى البرلمان في 3 من يونيو (حزيران) الحالي لإعفاء المنصري من مهامه.
ومن بين هذه الأخطاء، حسب التقرير، عدم نشر قرارات الهيئة، ومصادقتها على النتائج النهائية للدوائر البلدية التي لم ترد بها أي طعون في الآجال القانونية، ما أدى إلى تأخير تنصيب المجالس البلدية المنتخبة في أكثر من 325 بلدية، وهو ما يعدّ خرقا واضحا للقانون، وتقاعسا عن القيام بواجباته، وعن تنفيذ قرار مجلس هيئة الانتخابات، وكذلك التصريح بالنتائج النهائية للانتخابات الجزئية البرلمانية بألمانيا في جلسة، ونشرها في الجريدة الرسمية دون مصادقة مجلس الهيئة، وافتعال محضر جلسة وهمية بخطّ الرئيس للمصادقة على القرار، علاوة على مجموعة من الأخطاء الإدارية، تهم ملفات التفاوض حول صفقات مالية مع عدة مؤسسات حكومية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم