استياء تركي من إطلاق اليونان سراح «عسكريين انقلابيين»

إردوغان يدعو ألمانيا إلى «ضبط» سلوك المستشار النمساوي ويصفه بـ«عديم الخبرة»

لافتة انتخابية للرئيس التركي وحزبه الحاكم فوق جسر غلطة في إسطنبول (رويترز)
لافتة انتخابية للرئيس التركي وحزبه الحاكم فوق جسر غلطة في إسطنبول (رويترز)
TT

استياء تركي من إطلاق اليونان سراح «عسكريين انقلابيين»

لافتة انتخابية للرئيس التركي وحزبه الحاكم فوق جسر غلطة في إسطنبول (رويترز)
لافتة انتخابية للرئيس التركي وحزبه الحاكم فوق جسر غلطة في إسطنبول (رويترز)

جددت تركيا استياءها من قرار القضاء اليوناني بإطلاق 8 عسكريين أتراك فروا إلى اليونان ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016، واتهمت اليونان بإيواء «إرهابيين يهددون أمنها».
وأكد نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، بكير بوزداغ، أمس، أن تركيا ستواصل ملاحقة عناصر ما سماها «منظمة فتح الله غولن الإرهابية»، (في إشارة إلى «حركة الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن المقيم في أميركا والذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب). وقال إن «تركيا مصممة على تسليم غولن إليها ومثوله أمام القضاء، وستستمر في ملاحقة أعضاء منظمته الإرهابية داخل تركيا وخارجها».
وأطلقت المحكمة العليا في اليونان الأسبوع الماضي سراح العسكريين الثمانية بعد انقضاء فترة الحبس الاحتياطي المسموح بها قانونا (18 شهرا)، وأغضب القرار أنقرة التي اتهمت اليونان بأنها تحولت إلى دولة حاضنة للإرهاب، ودفعت تركيا بمقاتلات «إف16» إلى المجال الجوي فوق بحر إيجه، كما سيرت دوريات من قواتها البحرية لمراقبة منطقة الحدود مع اليونان، فيما طالب الناتو البلدين الجارين بضبط النفس.
وأشار بوزداغ إلى أن حالة الطوارئ المفروضة في تركيا منذ محاولة الانقلاب سيتم طرحها للمناقشة بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي تجرى في 24 يونيو (حزيران) الحالي، لافتا إلى ما أعلنه الرئيس رجب طيب إردوغان الأسبوع الماضي بشأن إمكانية بحث إلغاء الطوارئ بعد الانتخابات. وقال إن حالة الطوارئ لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، فهي حالة مؤقتة، «وإنهاء هذه الحالة أمر يخضع لتقدير الحكومة». وقال بوزداغ، في تصريحات أمس، إن «حالة الطوارئ لم تفرض ضد الشعب، وإنما هي خطوة من أجل سرعة إخراج البلاد من الظروف الطارئة إلى الأحوال العادية».
وتطرق بوزداغ كذلك إلى قرار الحكومة النمساوية، الجمعة الماضي، بإغلاق عدد من المساجد وترحيل عدد من الأئمة الأتراك، ولفت إلى أنه «يوجد عداء واضح للإسلام وظلم للمسلمين، وأن الذين يفترض أن يتخذوا موقفا ضد هذا الإجراء، لم يقوموا بواجبهم». وأعرب بوزداغ، عن أسفه لأنه «لم تعبر دولة غير تركيا عن اعتراضها على هذا القرار، ولا رئيس غير الرئيس إردوغان». وعدّ أن «قرار المستشار النمساوي سباستيان كورتس والحكومة النمساوية، يقضي على الحرية الدينية وحرية الاعتقاد، وينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ويضع دولة القانون على الرف».
في السياق ذاته، واصل الرئيس رجب طيب إردوغان هجومه على كورتس واصفا إياه بأنه عديم الخبرة، وخاطبه قائلاً: «ما زلت شابا خبرتك ضعيفة، وعليك اكتساب الخبرة والتجربة، ولتعلم أن إغلاق المساجد وطرد الأئمة من النمسا قد يشعل فتيل صراع جديد بين الصليب والهلال، وتكون أنت المسؤول عن ذلك».
وعدّ إردوغان، في كلمة ألقاها خلال مشاركته في احتفال ديني بمناسبة ليلة القدر ليلة أول من أمس بمدينة إسطنبول، أن «الضغوط التي تُمارس على المسلمين في النمسا، ما هي إلا انعكاس لظاهرة العداء للمسلمين المنتشرة في القارة الأوروبية».
ودعا إردوغان دول القارة الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، إلى «ضبط» تصرفات المستشار النمساوي، مشيراً إلى أن المسألة قد تأخذ أبعادا أخرى في حال عدم انضباطه. وتابع: «نحن أيضا لدينا آليات وخطوات يمكننا أن نقدم عليها، وفي النمسا يوجد نحو 250 ألف من إخوتنا، ولن نسمح بتعرضهم للظلم».
وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة في 24 يونيو الحالي، عبر بوزداغ عن ثقته بفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم بعدد مقاعد يفوق الأغلبية المطلقة في البرلمان المقبل، وفوز الرئيس رجب طيب إردوغان بالرئاسة من الجولة الأولى. في السياق ذاته، كشف رئيس حزب «السعادة» التركي المرشح للرئاسة تمال كرم الله أوغلو أن سبب إحجام الرئيس السابق عبد الله غل، عن منصب الرئاسة منافسا للرئيس إردوغان، هو رغبته بالدخول منافسا وحيدا أو مرشحا توافقيا لأحزاب المعارضة، إلا أن عدم تحقق ذلك الشرط دفعه إلى عدم الترشح.
وقال إنه كان ينظر إلى ترشح غل للرئاسة على أنه أمر جيد، مضيفا: «لم أكن أرغب في أي منصب من المناصب، لكن في حال تكليفي بأي وظيفة أو موقع، فلا أجد التهرب من هذه المسؤولية قرارا صحيحا، ورغبت في ترشيح غل لمنصب الرئاسة، وأنا من طرح فكرة ترشيحه للانتخابات، وذهبت إليه. وقال لي إنه في حال دعمي مرشحا وحيدا لأحزاب المعارضة فسأفكر في الموضوع، ولعدم تحقيق ذلك، امتنع عن الترشح».
كان كرم الله أوغلو أجرى سلسلة لقاءات عقب إعلان إردوغان تقديم موعد الانتخابات، مع رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، ورئيسة حزب «الجيد» ميرال أكشينار، في محاولة للتوافق على مرشح منافس لإردوغان، إلا أن رفض أكشينار الانسحاب من الترشح للرئاسة أفشل مساعي المعارضة للتوافق على مرشح واحد.
من جانبها، كشفت أكشينار عن تلقيها عرضا من الرئيس رجب طيب إردوغان لقبول منصب نائب رئيس الوزراء، عقب الانتخابات البرلمانية المبكرة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وقام بإرسال متين كولونك، النائب عن ولاية إسطنبول، للتوسط في عرض منصب نائب رئيس الوزراء. وأضافت أنها رفضت العرض، موضحة أنها لا يمكن أن تشارك في «تحالف الشعب» الذي يجمع حزبي العدالة والتنمية و«الحركة القومية» الذي انشقت عنه. ووصفت أكشينار في تصريحات صحافية أمس تحالف الحزبين بـ«الزواج القسري».
وتزداد حدة التنافس مع قرب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بين مرشحي الأحزاب التركية، في محاولة لكسب أكبر قدر من أصوات الناخبين. وتعهد الرئيس المشارك لـ«حزب الشعوب الديمقراطي» المرشح لمنصب الرئاسة صلاح الدين دميرطاش، (المحتجز بتهم تتعلق بالإرهاب تصل أحكامها إلى 142 عاما) بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية حال إثبات إردوغان صحة اتهامه له بالوقوف خلف مقتل 53 مواطنا في المظاهرات التي صاحبت أحداث كوباني (عين العرب) عام 2014.
وقال دميرطاش في تغريدة أمس على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، من سجن أدرنة الذي يقبع فيه غرب تركيا، عبر محاميه: «يا إردوغان سأمنحك أكبر فرصة في تاريخ السياسة التركية، بالرد على هذه التغريدة، وإثبات ضلوعي في مقتل 53 مواطنا، عندها سأقوم بالانسحاب من الترشح لمنصب الرئاسة». وكان إردوغان انتقد زيارة منافسه مرشح حزب الشعب الجمهوري محرم إينجه للرئاسة لدميرطاش في السجن، ووصفها بأنها وقوف إلى جانب الإرهاب. ويتهم إردوغان خصمه دميرطاش بأنه مسؤول عن وفاة عشرات الأشخاص في مظاهرات تحولت إلى حمام دم في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، حين فرضت القوات التركية حصارا على عدد من المناطق بشرق تركيا تسكنها غالبية من الأكراد.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.