أخيرا.. حذاء يجمع الأناقة بالراحة ويتكلم لغة الموضة
تصاميم تجمع «الرياضي» بـ«الراقي» من «ديور»
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
أخيرا.. حذاء يجمع الأناقة بالراحة ويتكلم لغة الموضة
ربما تكون نيويورك هي العاصمة التي عانقت كل ما هو «سبور» في أسابيع الموضة الجاهزة لتتبعها باقي عواصم الموضة، وربما تكون دار «شانيل» هي أول من أدخلت الأحذية الرياضية إلى عروض الأزياء الراقية لتثير لغطا كبيرا بين مستنكر لها ومعجب بها، لكن دار «ديور» طرحت أجمل ما يمكن أن تلبسه المرأة مع بنطلون جينز أو حتى فستان طويل من دون أن يتعارض الرياضي مع الأنيق. تشرح الدار أن هذه «الأحذية مستقبلية بقدر ما هي (كوتور)»، مضيفة أنها وجدت صعوبة في تصنيفها، لكن نظرة واحدة إليها، تجعل دقات قلب أي امرأة مواكبة للموضة تتسارع، لتصنفها مباشرة على أنها شبابية، وحيوية، وأنيقة ومريحة. وهذه عناصر قلما اجتمعت في حذاء لافت يراعي متطلبات الموضة، التي يأتي على رأسها شد الأنظار والإعجاب. وإذا كانت بعض النساء لم يفهمن ما كان كارل لاغرفيلد يريد أن يقوله عندما قدم تشكيلة «هوت كوتير» مع أحذية رياضية في الموسم الماضي، فإن راف سيمونز، مصمم دار «ديور»، استعمل تعويذته الرومانسية البسيطة ونجح في أن يشرح لهن الأمر بالألوان والتطريزات الغنية. فالأزهار أضفت على كل نسخة من الحذاء، بغض النظر عن لونه، مظهرا أنثويا إلى حد الرومانسية. والنتيجة أنه بإمكان أي امرأة الآن أن تعانق الأسلوب «السبور» أحد أهم توجهات الموضة الحالية من دون تردد أو تخوف على أناقتها.
آشي أول خليجي ينضم إلى «هوت كوتور»https://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4368561-%D8%A2%D8%B4%D9%8A-%D8%A3%D9%88%D9%84-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D9%8A%D9%86%D8%B6%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%C2%AB%D9%87%D9%88%D8%AA-%D9%83%D9%88%D8%AA%D9%88%D8%B1%C2%BB
المصمم محمد آشي يحيي الحضور بعد عرضه لـ«ربيع وصيف 23»... (محمد آشي)
بات المصمم السعودي العالمي محمد آشي أول خليجي ينضم إلى البرنامج الرسمي للفيدرالية الفرنسية لـ«هوت كوتور»، بعد 18 عاما على مسيرته في عالم التصميم والأزياء.
ركز في حديث له مع «الشرق الأوسط»، على ذكرياته في المهنة، وخصوصاً كيف كانت النظرة لمُبدعي المنطقة العربية مجحفة. وقال: «أنا نفسي لم أتخيل في فترة من الفترات أن يكون سعودي ضمن فريق عملي. عندما التحقت بالاستوديو الخاص بي في باريس متدربة شابة في العام الماضي، فاجأتني بمهنيتها وانضباطها، وهو ما لم أكن أتوقعه من أي شخص في مقتبل العُمر بغض النظر عن الجنسية».
محمد آشي من جيل عاش حقبة الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي. درس في الولايات المتحدة ثم انتقل إلى باريس ليصقل موهبته. لكن في بيروت التي انتقل إليها بعد فترة قصيرة سجل بأسلوبه الهندسي والفني اسمه بين الكبار في مجال الأزياء. الآن هو عضو في هيئة الأزياء السعودية ليدعم مبدعي بلده من الشباب، وفي الوقت ذاته يرد الجميل. لم ينس أنه رغم ابتعاده عن بلده لسنوات ورغبته في الحفاظ على خصوصيته، لكيلا يوضع في خانة نمطية من صُنع الغرب «أن بنات بلدي كُن أكبر داعم لي طوال مسيرتي، فخمسون في المائة من زبوناتي كن سعوديات».
محمد آشي لـ«الشرق الأوسط»: السعودية تشهد «انفجاراً» إبداعياً مثيراًhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4367951-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A2%D8%B4%D9%8A-%D9%84%D9%80%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D9%87%D8%AF-%C2%AB%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D9%8B%C2%BB-%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%8B
محمد آشي لـ«الشرق الأوسط»: السعودية تشهد «انفجاراً» إبداعياً مثيراً
المصمم السعودي محمد آشي (خاص)
لم يكن محمد آشي الذي حاورني عبر «زووم» منذ أكثر من شهر، هو نفسه الذي قابلته في عام 2015. تغيير كبير جدّ عليه. لا وجهه أو صوته تغيرا، ولا حتى ضحكته العفوية التي يصل رنينها إلى القلب كلما شاكسته بسؤال يرد عليه بمهارة مبارز أو شراسة مدافع على مرماه. فاجأني هذه المرة بتغنِّيه بـ«سعوديته».
عندما أصارحه بملاحظتي وأذكره بلقائنا السابق، يرد بسرعة وبحماس: «من الطبيعي أن أتغير... ألا ترين أن معجزة حصلت في زمن لم نكن نؤمن فيه بالمعجزات؟ نعم كنت في بداياتي متحفظاً بهذا الشأن ولم أتبرع بالإعلان عن جنسيتي، لكن ليس لأني لم أكن أفتخر بها، لا أبداً كنت فقط مدفوعاً برغبة تسكن أي مصمم في بداياته في أن أفرض نفسي في الساحة العالمية، ثم لا تنسي أن النظرة العامة إلى المصممين العرب آنذاك لم تكن تُشجع على فتح هذا الباب والخوض فيه».
المصمم محمد آشي يحيي الحضور بعد عرضه لـ«ربيع وصيف 23»... (محمد آشي)
18 عاماً مرت على بدايته تُوّجت هذا العام بانضمامه إلى البرنامج الرسمي للفيدرالية الفرنسية لـ«هوت كوتور» كأول مصمم خليجي. لا يخفي أن 18 عاماً رقم مهم في مسيرة أي مصمم أزياء. ليس لأن الموضة من القطاعات التي تقوم على مفهوم التغيير السريع بالأساس، بل لأن المصمم عموماً ابن بيئته. يتأثر بما يجري من حوله من تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإنسانية، وآشي أكد أنه فعلاً ابن بيئته. يتذكر كيف كانت النظرة إلى مُبدعي المنطقة العربية ككل مجحفة.
«أنا نفسي لم أتخيل في فترة من الفترات أن يكون سعودي ضمن فريق عملي. عندما التحقت بالاستوديو الخاص بي في باريس متدربة شابة في العام الماضي، فاجأتني بمهنيتها وانضباطها، وهو ما لم أكن أتوقعه من أي شخص في مقتبل العُمر بغض النظر عن الجنسية. الآن أنا متأكد أكثر من أي وقت مضى أنه عندما يكون لديك بلد يتمتع بكل المقومات المادية والثقافية والتراثية والفنية، فإن كل ما نحتاجه هو التحرر من القيود».
رغم أنه عاش في الغرب وتشبع بأسلوب «بالنسياجا» فإن هناك دائماً ما يشده إلى جذوره (محمد آشي)
يصف لي مدى الذهول والانبهار اللذين غمراه عندما زار السعودية بعد غياب أربع سنوات: «لأني لم أعش التغييرات بشكل تدريجي، احتجت لبعض الوقت لكي أتقلم مع الوضع الجديد». يضيف ضاحكاً: «كانت أجمل صدمة ثقافية يمكن أن يتلقاها الإنسان. لم أصدّق أن هذا هو بلدي الذي تركته منذ أربع سنوات فقط. إرثه وغناه الثقافي وتقاليده الجميلة لم تختف. كانت تتجلى على الوجوه والواجهات، على حد سواء، لكن كانت هناك ديناميكية لم أر لها مثيلاً في أي مكان من العالم».
محمد آشي من جيل عاش حقبة الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي. درس في الولايات المتحدة الأميركية ثم انتقل إلى باريس ليصقل موهبته. لكن في بيروت التي انتقل إليها بعد فترة قصيرة سجل بأسلوبه الهندسي والفني اسمه بين الكبار في مجال الأزياء. الآن هو عضو في هيئة الأزياء السعودية لكي يدعم مبدعي بلده من الشباب، وفي الوقت ذاته يرد الجميل. لم ينس أنه بالرغم من ابتعاده عن بلده لسنوات ورغبته في الحفاظ على خصوصيته لكي لا يوضع في خانة نمطية من صُنع الغرب «أن بنات بلدي كُن أكبر داعم لي طوال مسيرتي، فخمسون في المائة من زبوناتي كن سعوديات».
اسمه يتردد هذه الأيام بشكل مكثّف، نظراً لأنه أول مصمم خليجي تضمه الفيدرالية الفرنسية لـ«هوت كوتور» لبرنامجها الرسمي، وأيضاً لمشاركته في مهرجان «كان» السينمائي بإطلالات شدت الأنفاس، ومؤخراً في عرس ولي عهد الأردن بفستان تألقت فيه أخت العريس إيمان العبد الله وكان من الاختيارات الموفقة جداً.
الأميرة إيمان عبد الله في فستان من تصميمه نال كثيراً من الثناء والاستحسان (رويترز)
الآن يعود إلى مسقط رأسه، حيث سيفتتح محلاً رئيسياً في الرياض، ويساهم في بناء مستقبل الموضة في بلد «يشهد انفجاراً في عدد المواهب»، حسب تعبيره. فقد أصبح وجهاً مألوفاً فيها ليس كمصمم فحسب، بل كمؤثر وفاعل بحكم عضويته الاستشارية في هيئة الأزياء. عندما أُلمح له أن مهمته صعبة بالنظر إلى عدد المصممين، حتى بعد أن تمَت غربلتهم إلى «100 براند سعودي»، يدافع قائلاً: «طبيعي أن تتلقى الهيئة هذا العدد الهائل من الطلبات، لا تتصورين عدد المواهب التي حُرمت طويلاً من أي وسيلة تُمكِنها من التعبير عن قدراتها. والمقصود هنا ليس الموضة وعالم التصميم فحسب، بل شتى الفنون والمجالات من الموسيقى إلى الطهي وغيرهما، وأنا متأكد أن هناك عدداً كبيراً آخر لم نسمع منهم بعد».
هذا الانفجار الإبداعي بنظره ردة فعل طبيعية للانفتاح الذي تشهده المملكة. فـ«رؤية 2030» غيّرت الكثير من المفاهيم، بما فيها التخلص من التابوهات التي كانت تتعلق بتصميم الأزياء.
يتذكر كيف أنه استمات في السبعينات لكي يُقنع عائلته بدخول مجال التصميم. كان هناك رفض وشد وجذب. «الآن لا يواجه هؤلاء قيوداً أو ردود أفعال مماثلة، لأن احتراف تصميم الأزياء لم يعد مشيناً للرجل تحديداً أو تقليلاً من قيمته، كما لم يعد يُنظر إلى ابن البلد كمجرد خياط. فصفة مصمم أزياء كانت إلى عهد قريب قُصراً على من يعملون في بيوت أزياء عالمية. الآن أصبح الباب مفتوحاً لأي شخص يتوسم في نفسه الموهبة أن يحقق فيه مكانة مميزة تدر عليه وعلى اقتصاد البلد إيرادات لا بأس بها».
لكن هذا لا يعني أن التحديات لم تعد قائمة، بل العكس فإن البقاء للأقوى فقط، لأن إلغاء القيود وتوفر دعم الأهل والمجتمع ألغوا أي مبررات يمكن أن يتحجج بها المصمم. «المرحلة الحالية هي أرضية للاختبار والتجارب، بعضها سيصيب، وبعضها سيخيب، لكن في كل الأحوال يبقى هذا (الانفجار الإبداعي) مكسباً للمنطقة ومرحلة طبيعية لا بد وأن تؤدي إلى مرحلة الاحتراف في حال تم التعامل معها بجدية وشغف».
يستشهد هنا بساحة الموضة في لبنان خلال السبعينات، التي لم يكن فيها سوى إيلي صعب، مصمماً وصل إلى العالمية، لكن «لننظر الآن إلى لبنان كم عدد المصممين اللبنانيين العالميين فيه؟... العشرات. إيلي صعب لم يجد الطريق مفروشاً بالورود لكنه ساعد في تعبيده أو على الأقل إعطاء الأمل لغيره بأن الأمر ممكن. وهذا ما يحصل في السعودية حالياً. نعم هناك بعض الحالمين، وهؤلاء موجودون في كل مكان، في لندن وباريس ونيويورك وغيرها، لأن الحُلم من حق الجميع، وهنا يأتي دور هيئة الأزياء ومهمتها الأساسية في انتقاء من تتوسم فيهم الموهبة والنفس الطويل». ثم يستطرد مدافعاً عن فورة الشباب قائلاً: «كنت مثل هؤلاء في يوم من الأيام، أحلم بالنجاح وكانت طموحاتي كبيرة جداً». يتابع ضاحكاً: «وربما غير معقولة، فأنا كنت أحلم أن أصبح بالنسياجا ثاني... تخيلي».
لا بد من الإشارة هنا إلى أن قصة محمد آشي مع كريستوبال بالنسياجا مثيرة وملهمة. فهذا الأخير من أدخله إلى عالم الأزياء وحبّبه فيه. كان ذلك بعد أن شاهد، وبمحض الصدفة، فيلماً وثائقياً بثته محطة الـ«بي بي سي» عن كريستوبال بالنسياجا ضمن سلسلة «العالم السري للهوت كوتور». انبهر بما رآه. أعاد مشاهدة الفيلم أكثر من 20 مرة، وفي كل مرة كانت قناعته تزيد بأن هذا هو العالم الذي يريد أن يخوض غماره ويعيش فيه: «كنت مبهوراً بأناقة زبوناته، أسلوب حياتهن المرفه وتقديرهن لكل قطعة بحيث يتعاملن معها وكأنها تحفة فنية».
تأثير «بالنسياجا» من ناحية الابتكار والإبداع في التفاصيل يسكنه دائماً (محمد آشي)
كان الفيلم نقطة التحول في حياته. أثر على مسيرته كما على نظرته وأسلوبه في التصميم. قبل ذلك، كان كأي مصمم شاب يتلمَس طريقه، يتابع ما يقدمه باقي المصممين الكبار ليعمل مثلهم. الوثائقي فتح عينيه على معنى أن تكون مُبدعاً ومبتكراً بالمعنى الصحيح. يتذكر هذه البداية فلا يقسو على نفسه أو ينتقدها، فقط يزيد تعاطفه مع المصممين الشباب. «أرى أنه لا بأس من المرور من هذه التجربة شرط أن يصقل المصمم موهبته بالدراسة والمثابرة. فحتى الجراح لا يكتسب المهارة بين ليلة وضحاها. من هذا المنظور أنا جد متفائل أنه ستكون لدينا في السعودية، وفي القريب أسماء متألقة على المستوى العالمي». يضيف ضاحكاً: «خوفي أنهم سينافسونني».
وحتى عندما أشير إلى أن بعضهم ربما لا يزال يميل إلى التصاميم التراثية، يرد سريعاً وكأنه كان يتوقع هذه الملاحظة «هذا أيضاً طبيعي لأنهم يتكئون على ما يعرفونه جيداً ويمنحهم الشعور بالأمان. أنا أيضاً مررت بالتجربة نفسها، مع العلم أني درست في معاهد عالمية، وتخرجت منها وعشت في الغرب. عندما دخلت مجال الأزياء أول مرة، صمَمت قفاطين عربية لأنها كانت لا تزال تسكن خيالي ووجداني وتربطني بجذوري. مع الوقت تطورت نظرتي وأسلوبي. وأرى أن هذه بداية يمر منها كل من يأتي من بيئة تتمتع بإرث ثقافي وتاريخي قوي. أنا متأكد أن التطور آت بفضل الإمكانات المتوفرة لهم والمحاولات الجادة لتأسيس بنية تحتية».
بيد أنه بالرغم من احترامه للجذور والموروثات الثقافية، يرفض الاستكانة إليها كلياً. نعم قد تكون عكازاً مفيداً في أول المشوار، لكن لا يجب الاعتماد عليها في كل المراحل.
من عرضه لـ«ربيع وصيف 2023»
تشكيلته الأخيرة كانت تفوح منها رائحة نوستالجيا خفيفة للماضي، يشرحها قائلاً: «هي كذلك فعلاً من ناحية فكرتها فقط، كوني استلهمت شاعريتها من رواية عن الحب والحنين لفيرجينيا وولف، حوّرتها هنا لتحكي قصة عاشقين من عالمين متناقضين. واحد يعيش في باريس والثاني في المريخ. أما من ناحية الأزياء، فإن كل ما فيها يصرخ بروح العصر والعملية التي يتطلبها الانتقال من مكان إلى آخر بسهولة وأناقة، بدءاً من الخطوط إلى الأقمشة».
لأن تشكيلته رحلة من باريس إلى المريخ فقد أخذت الأقمشة شكلاً جديداً (محمد آشي)
أكثر ما يلفت الاهتمام في هذه التشكيلة أنه وبعد أن عوّدنا على الأحجام الهندسية والتفاصيل المبطنة بين الثنيات والطيات، يتبنى فيها أسلوباً تغلب عليه تصاميم قريبة من الجسم. تُحدده تارة وتعانقه تارة أخرى. يقول إنه كان تغييراً مفروضاً عليه بعد انتقاله إلى باريس منذ حوالي 6 سنوات تقريباً، حيث كان لا بد من مواكبة متطلبات السوق حتى يضمن استمراريته في عالم تعصف به رياح التغيير. فزبونات كريستوبال بالنسياجا في الخمسينات مختلفات تماماً عن زبونات اليوم «كما أن إعجابنا بإطلالات ماري أنطوانيت من القرن الثامن عشر أو تسريحاتها لا تعني أن المرأة تريد أن تتبناها في حياتها المعاصرة. نعم لم يخطر ببالي من قبل تصميم فستان محدد على الجسم. كنت دائماً أريد أن أرى المرأة ملفوفة بأمتار من الأقمشة المترفة تتمايل فيها الطيات والطبقات المتعددة، لكن زمننا لم يعد يتطلب كل هذه التفاصيل، وجيل (زي) يريد تصاميم أنيقة تحمل بصمات مميزة وفي الوقت ذاته عملية».
من يسمع محمد آشي يتأكد أنه لا يشبه باقي المصممين. ومن يرى أسلوبه يعرف أنه كما ترك عطره على الساحة العالمية لا بد وأنه سينشر عبقه في بلده الأم. تتأكد أيضاً أن هالته التي نسجها بخيوط الحب والتعاطف مع الغير لا يضاهيها سوى قدرته على قراءة تغيرات العصر ومواكبتها من دون تسرّع أو اندفاع.
في الموقع الأثري شالة بالرباط، نظَّمت مؤسسة التطريز للمصممة المغربية فضيلة الكادي، عرضاً أفريقياً للأزياء. جاء العرض بمناسبة اختتام الاحتفالات بالرباط عاصمةً للثقافة الأفريقية، تحت شعار «الموضة في العاصمة» بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والاتصال ومدينة الرباط. اختيار موقع العرض الأثري، شالة بالعاصمة المغربية، بكل ما يمثِله من رمزية ودلالات تاريخية وجغرافيا، كان خياراً مناسباً، حيث شكّل خلفية مهيبة لعرض استهدف رحلة إلى أعماق أفريقيا السمراء.
والنتيجة أنها كانت ليلة أناقة راقية بامتياز جمعت التنوع بخيوط طرزتها أنامل محترفة تجسدت في تشكيلة وافرة من الأزياء للنساء والرجال على حدٍ سواء. كانت ألوان أفريقيا الدافئة القاسم المشترك بينها.
تزاوج الأصالة والمعاصرة أعطى العرض نكهة عالمية (أ.ف.ب)
120 زياً كان عدد القطع، التي تم عرضها. كلها اتسمت بلمسات إبداعية فنية تجمع بين الأصالة والمعاصرة والبساطة والأناقة في إطار ترفيهي هادف جعل الـ120 قطعة تمر أمام العين بسلاسة لم تُثر في أي لحظة من اللحظات الملل أو التململ.
افتتح العرض على إيقاع موسيقى صحرواية أصيلة، بدت وكأنها تنبعث مباشرة من قلبها الدافئ وتراثها الغني. كل ما فيها من ألوان وطبعات وتفاصيل وخطوط كانت تبعث في الأوصال هذا الإحساس بالدفء. طبعاً كان للموسيقى الحسَانية وقعها على النفس وتحريكها للعواطف.
الأقمشة والألوان استوحيت من دفء وشاعرية القارة السمراء (تصوير: كريستيان مامون)
كان واضحاً أن المصممة فضيلة الكادي أرادت أن تعكس تشكيلتها انفتاحاً على العصر من دون أن تتجاهل أهمية ما خلَفه الأجداد من إرث غني. استوحتها من قلب الطبيعة والتربة وشعاع الشمس وسواد الليل وضوء القمر وضمَنتها قصصاً من التاريخ وعبق الثقافات التي توالت على القارة الأفريقية وتركت أثرها عليها. عوض أن تحكيها أو تُسجلها بالقلم استعملت التطريز. وحتى تثير المشاعر وتؤكد أن الموضة جزء لا يتجزأ من باقي الفنون والثقافات، استهلت فضيلة عرضها بظهور شابة سمراء تمثل أفريقيا، وهي ترتدي زياً مستوحى من البذلة العسكرية، تبعتها ثلاث نسوة يصدحن بغناء أصيل باللهجة الحسانية (الصحراوية)، وهن يرتدين زيهن الصحراوي المعروف بالتفافه على الجسم والرأس وألوانه المميزة. ثم بدأ العرض وتوالت الإطلالات التي شارك فيها عارضون وعارضات من المغرب وأفريقيا السمراء إلى جانب أوربيين. فهذا أولاً وأخيراً عرض يحتفل بثقافات العالم.
جمعت فضيلة في تشكيلتها الأصالة المغربية بخطوط معاصرة (تصوير: كريستيان مامون)
إطلالات متنوعة اختزلت حياة متنوعة في كل تجلياتها. بعضها يحتفي بالحياة العادية في أفريقيا، وبعضها يعكس تطلعات الشباب لملامسة حياة الغرب من خلال تصاميم تتماشى مع الموضة العالمية.
لم تنسَ فضيلة في أي لحظة من اللحظات أن المناسبة احتفال بالموضة كثقافة، ومن هذا المنظور حرصت أن يكون عرضها تجسيداً للتعايش من جهة ولنمط عيش أفريقي غني بالذاكرة والألوان من جهة ثانية، ثمَّنت فيه أيضاً الصنعة التقليدية وأنواع التطريز المغربي والزخرفة التي تتفنن فيها أيادي صناع تقليديين.
يعد هذا العرض الأول من نوعه للمصممة الكادي في المغرب، بعد أن سبق لها المشاركة في عروض خارج المغرب.
وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا سعيدة بتنظيم هذا العرض لأول مرة في الرباط، خصوصاً أنه نظم في الموقع الأثري شالة، الذي يمثل لي رمزية كبرى ودلالات. فهو الموقع الذي يعلو الرباط في موقع استراتيجي وتاريخي ويطل على سلا، مدينة طفولتي. هذا الموقع الذي عاصر حضارات المغرب العريقة واكتشف فيه موقع للرومان. هذا المكان يمثل لي ثلاثة أبعاد حرصت على تقدميها في العرض: البعد التاريخي العريق، والبعد المعاصر والبعد الزمني الخالد الذي سيدوم عبر الزمن».
وكانت فضيلة الكادي قدمت أنشطة أخرى بالمناسبة عن إبداعات «المِعلمين»، أي الحرفيين في فن التطريز، خاصة وأنها أسست منذ أزيد من خمس سنوات مؤسسة لتعليم فن التطريز المغربي بمدينة سلا، حفاظاً على الموروث الحرفي التقليدي، حيث تم تكريم ثلاثة حرفيين رواد في هذا الفن، وهم المعلم عبد العالي الحوصلي، الذي يعد من أهم الحرفيين في الصنعة التقليدية على أصولها القديمة، والمعلمة خديجة حمراس، وهي من الحرفيات المتمرسات في فن التطريز وحياكة الزرابي منذ أزيد من 40 عاماً، كما أنها متخصصة في «الطرز» الرباطي و«الطرز» بالجواهر، واختارت التطوع لتعليم الفتيات، وأيضاً المعلمة مريم صادق المتمرسة في فن «الطرز» الرباطي، وتعمل أيضاً في مجال التصميم والخياطة، وهو النشاط الذي افتتحت به المصممة ومؤسستها احتفالية اختتام برامج الرباط عاصمة الثقافة الأفريقية.
تزاوج الأصالة والمعاصرة أعطت العرض نكهة عالمية (أ.ف.ب)
ينتهي العرض وأنت تُدرك أنه لم يكن عن الأزياء وحدها، ولا أنه كان تتويجاً لمسار مصممة مغربية متميزة عبَّرت عن هويتها وانتمائها الأفريقي وأبرزت قدرات إبداعية تنخرط في عالم الموضة العالمية فحسب، بل كان أيضاً احتفاءً بالثقافة الأفريقية والأصالة المغربية، وتثميناً للعاصمة الرباط، التي ستسلم المشعل لغيرها بعد عام حافل.
هنا التاودي لـ«الشرق الأوسط»: عمرو دياب تميمة حظي والممثل أمير المصري زادني ثقةhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4366086-%D9%87%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D9%80%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7%C2%BB-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D9%88-%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%A8-%D8%AA%D9%85%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%AD%D8%B8%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%AB%D9%84-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1
هنا التاودي لـ«الشرق الأوسط»: عمرو دياب تميمة حظي والممثل أمير المصري زادني ثقة
وسط عالم اُنتزعت حدوده الثقافية بعدما سيطر كل ما هو افتراضي على جميع تفاصيله، ثمة من يتوق إلى تعزيز التفرد بعلامات محلية تعيد تقديم إرث السابقين من تاريخ وفن وثقافة بصياغة عصرية لجيل الألفية. ومن قلب هذا السباق برزت أعمال مصممة الحُلي المصرية هنا التاودي، التي تقول إن تجارب مصرية ناجحة شجعتها لخوض المنافسة «وهي علامات استطاعت دخول المنافسة متكئة على تاريخ وثقافة أقدم الحضارات بنجاح»، حسب قولها. دليلها «عزة فهمي وعلامة أختين التي اعتمدتها نجمات هوليوود. فهما من التجارب الملهمة لمصممة شابة مثلي في أول الطريق».
القصة بدأت بطفلة في الخامسة تلعب بحبات الخرز والورود والخيط، غير أن النتيجة جاءت لافتة بقطعة حُلي تقول إن ثمة موهبة تتشكل. تتذكر التاودي: «لم أكن مثل أقراني أحب اللعب بالعرائس. كنت أستعيض عنها بالخرز والخيط وأقضي ساعات في تشكيل قطعة حُلي ترسم أحلامي». وتتابع: «سارت سنواتي في مسارين، شغفي بتصميم الحُلي وحبي لاكتشاف العالم من خلال الهندسة».
اعتمدت على الفضة والنحاس والأصداف الملونة لتخاطب شريحة كبرى (خاص)
اتجهت التاودي إلى دراسة هندسة البترول في الجامعة الأميركية بالقاهرة، وتقول: «قضية مصادر الطاقة باتت من أبرز ما يهدد العالم، أشعر بمسؤولية تجاه قضايا الكوكب».
بين «بريمة» الاكتشافات البترولية والأحجار الكريمة والصدف تشكل مسار المصممة المصرية وانتقلت من مرحلة الهواية إلى إطلاق علامة مصرية في 2020. وسط ديناميكية نعيشها بشكل يومي واستحواذ الهواتف على أغلب النشاطات، شكلت الحياة النابضة مصدر إلهام لهنا التاودي، لتقدم تصاميم من الفضة والنحاس تتعانق مع الصدف بألوانه الساحرة، والأحجار الكريمة التي تمنح مقتنيها طاقة الحظ. تقول: «الطبيعة بسحرها وتقلبها هي مصدر الإلهام الذي أعتمد عليه، فلا تنتهي جلسة طويلة أمام البحر إلا بتصميم يعكس مشاعري».
تصاميم تمنح مقتنيها التألق وطاقة الحظ (خاص)
وعن المعادن التي تعتمدها تقول: «منذ البداية اخترت تطويع الفضة والنحاس، فهي معادن طبيعية لها سحرها، وفي الوقت عينه تكلفتها في متناول قطاع كبير من المستهلكين، مما يضمن إمكانية الاستمرار». وتضيف: «يكتمل التصميم بنقطة ارتكاز من الصدف أو الأحجار الكريمة، كل قطعة حسب قصتها، أعتبر أن كل إضافة تعكس سطراً في حكاية التصميم، وعيني في النهاية على خروج قطعة فريدة لا تشبه سوى صاحبها».
في رحلتها مع المعادن والأحجار اعتمدت التاودي على الاكتشاف والتجربة، وتقول: «صحيح أن تصميم الحُلي يتطلب أنامل حرفية، لذلك يتجه غالبية المصممين إلى التعلم، غير أنني اعتمدت على مهارات اكتسبتها خلال دراستي للهندسة، ومن التجربة والنجاح والإخفاق، تعلمت الجانب الحرفي من التصميم».
لأن الرجل زبون مُستبعد من سوق الحُلي، تشجعت التاودي أن تصنع شهرتها بجذبه قائلة: «كثير من الرجال يميلون إلى الحُلي، غير أن السوق لا تلبي حاجاتهم، والاختيارات أمامهم محدودة، ولأن علامتي بالأساس تعتمد على الفضة والنحاس لم يكن الأمر صعباً علي لمخاطبتهم بتصاميم تناسب المجتمع العربي وفي الوقت ذاته تختلف عما أقدمه للنساء».
كان ظهور عمرو دياب بتصاميمها نقطة تحول وتميمة حظ (خاص)
ورغم أن تجربة استهداف الرجل محدودة، فإنها حققت صيتاً، لا سيما بعد ظهور بعض نجوم الفن والمشاهير بها في بعض المناسبات، وكان له فعل السحر على علامتها. تقول التاودي إن «النجم عمرو دياب كان تميمة الحظ بالنسبة لي، إعجابه بتصاميمي شجعني على تقديم تصميم خاص مستوحى من شخصيته وأعماله، علماً أن نجوما كٌثر اعتمدوا قطعاً من علامتي مثل تامر حسني وأحمد حاتم وأمير المصري».
الحظ أيضاً كان وراء قرارها الخروج إلى العالمية. كان ذك عندما ظهر الممثل الشاب أمير المصري بتصاميمها في الخارج، وبعد عودته إلى لندن تواصل معي ليخبرني بأن القطعة جذبت أصدقاءه من الأجانب، «لأتشجع لخوض تجربة الخروج بالعلامة نحو العالمية».
بكل شوائبه... الزمرد يسحب البريق من الألماسhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4351921-%D8%A8%D9%83%D9%84-%D8%B4%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%A8%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%85%D8%B1%D8%AF-%D9%8A%D8%B3%D8%AD%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B3
«فان كليف» قدمت في جنيف مجموعة ساعات سرية كان الزمرد جزءاً مهماً فيها
ماذا لو لم تتدخل الملكة الراحلة إليزابيث الثانية لمنع ميغان ماركل، دوقة ساسيكس حالياً، من الحصول على تاج «فلاديمير» المرصع بالزمرد الذي كانت تُصر على الظهور به، عوض تاج الملكة ماري لوزنج المرصع بالألماس الأبيض؟ الجواب البديهي أن الصورة ستكون مختلفة تماماً عما تابعه الملايين حول العالم. ربما كانت أقل كلاسيكية وأكثر دفئاً، وهو ما كانت تريده ميغان ماركل.
دراما التاج في عام 2018 التي أدت إلى تدخل الملكة شخصياً لكبح جموح العروس والعريس على حد سواء، تداولتها الصحف ولا تزال تعود إليها كلما تطرق الموضوع إلى تصدع العلاقة بين قصر باكينغهام ودوقة ساسيكس. بيد أنه على الرغم من كل المآخذ على ماركل وشخصيتها، فإن الواضح أنها تتمتع برؤية خاصة عما يُلمِعها ويُزين إطلالاتها. الزمرد كان سيُضفي عليها الكثير من الدفء والخفة؛ لأنه كما تقول عالمة الأحجار الكريمة، إيلينا باساجليا، من شركة «جيمفيلدز»، أكبر منتج للزمرد على مستوى العالم: «يتمتع بلون متوهج يوحي بالمرح سواء تم دمجه بالألماس أو ارتداؤه وحده».
وهذا يعني أنه كان سيخلق صورة أيقونية مُتخففة من أثقال كلاسيكية الألماس. وسواء كان الأمر رغبة ميغان في إضفاء بعض اللون على إطلالتها أو التخفف من رسمية طقوس المناسبة والبلاط البريطاني، فإن الواضح أن هذا الحجر الثمين اكتسب شعبية كبيرة في أوساط العرائس في السنوات الأخيرة. والأهم من هذا، لم يعد الافتتان به مقصوراً على المرأة العربية، التي عشقته منذ قرون.
فقد امتد سحره إلى المرأة الغربية حسب ما تؤكده مبيعات خواتم الخطوبة والزواج المرصعة بالزمرد عوض الألماس، إلى حد بات يُقلق «الاتحاد الدولي لمصنعي الألماس»، ودفع أعضاءه للتحذير من أنه قد يتسبب في تقليص سوق الألماس بنسبة 20 في المائة خلال العقدين المقبلين. ومع ذلك يتفقون مع خبراء الأحجار على أنه من بين أندر وأجمل الأحجار الكريمة، وأنه أكثر ندرة من الألماس بعشرين مرة. شركة «جيمفيلدز»، هي الأخرى سجلت ارتفاعاً في أسعاره بلغ ستة أضعاف في الأعوام الأربعة الماضية.
الأميرة يوجيني في تاج كوكوشنيك الذي صممته دار «بوشرون» (أ.ب)
وإذا كان الإقبال عليه قد عمَّ في الآونة الأخيرة كل الطبقات، فإنه كان دائماً من الأحجار المفضلة لدى الطبقات الأرستقراطية والمالكة. الأميرة يوجيني مثلاً ارتدت في حفل زفافها تاج كوكوشنيك الذي صممته دار «بوشرون» لمارغريت غريفيل في عام 1921. حجم الزمردة التي تتوسطه وحدها يبلغ 93.7 قيراط. وفي عام 1922 ظهرت الأميرة ماري الإنجليزية وهي ترتدي خاتم خطوبة من الزمرد، من دون أن ننسى التاج الذي صممه الأمير ألبرت لزوجته الملكة فكتوريا ودمج فيه الألماس والزمرد تعبيراً عن حبه لها.
ويبدو أنه كان من الهدايا المهمة في تلك الفترة؛ إذ أهدى نابليون بونابرت في عام 1806 ابنة زوجته، طاقماً مرصعاً بمزيج من حجر الزمرد والألماس احتفالاً بزواجها. كما اختار نابليون الثالث الأخضر ليكون اللون الإمبراطوري، ما أدى إلى زيادة الاهتمام بالجوهرة خلال العقدين الأخيرين من حكمه. لم يقتصر الأمر على النساء، وإنما أسر ألباب الكثير من الرجال كذلك. عام 1928، وصل المهراجا باتيالا إلى بلاس فاندوم في باريس مع حاشيته محملين بسبعة صناديق ممتلئة بالزمرد والألماس قدمها إلى دار «بوشرون» لكي تُرصع بها تيجاناً وقلادات.
ما تطرحه دور مجوهرات عالمية مثل «شوبار» و«بياجيه» و«بوشرون» و«ديفيد موريس» و«كارتييه» وغيرها، أيضاً يُشعل الإقبال على هذا الحجر ويزيد من جماله، لا سيما عندما تكون خلفيته ذهبية. كل هذا يجعله استثماراً بعيد المدى، وهو ما تؤكده مبيعات المزادات العالمية في كل مكان وزمان. في عام 2011، مثلاً، باعت دار «كريستيز» في المزاد بروشاً من صنع دار «بولغري»، كان النجم ريتشارد بيرتون قد اشتراه كجزء من طاقم قدمه إلى النجمة إليزابيث تايلور. فأثناء عملهما معاً في فيلم «كليوباترا» في الستينات، اكتشف مدى حبها لهذا الحجر فأغدق عليها الكثير من المجوهرات المرصعة به. البروش بيع في مزاد «كريستيز» بمبلغ 6.5 مليون دولار، محطماً التقدير الأصلي البالغ 500 ألف دولار إلى 700 ألف دولار. كان يجمع جمال التصميم بصفاء وجودة الزمرد؛ إذ أخذ هذا الأخير شكل أجنحة متلألئة لخنفساء الجعران المصرية.
أما سبب إقبال العرائس عليه في الآونة الأخيرة بالذات؛ فلأنه مختلف عن الألماس ويضفي إليهن التميز. والأهم من هذا أنه لا يتعارض مع بياض الإطلالة التي ترسمها أي عروس في مخيلتها. بالعكس يضفي على صفائها وجمالها عُمقاً ودفئاً. وعلى عكس الألماس؛ إذ يلعب الصفاء دوراً مهماً في تقييمه وقيمته، من المتوقع وجود شوائب في الزمرد الطبيعي بنسبة 99 في المائة تقريباً، بحيث لا تُشبه الواحدة الأخرى. «في حالة وُجد من دون شوائب، فمن المحتمل أن يكون اصطناعياً»، حسب قول جيريمي موريس من دار «ديفيد موريس»؛ لأنه من النادر جداً حسب قوله أن تصادف زمرداً لم تتم معالجته بالزيوت ومواد أخرى لتحسين صفائه. ويشير جيريمي أنه يرفض أن يقوم بذلك ويفضل هذا الحجر بشكله الطبيعي؛ لأن جماله يكمن في ذلك الاختلاط الذي يوجد بداخله.
رحلة تاريخية
إلى جانب توهج لونه وقيمته، اعتقد العديد من الشعوب عبر مختلف الثقافات والحقب الزمنية أنه حجر يتميز بقوى غير عادية. صحيح أن بعض هذه المعتقدات تُغذيها الأساطير وقصص الخيال، إلا أنها لا تخلو من الصحة أحياناً أخرى. على سبيل المثال، اعتقد الرومان أنه يُنعش روح كل من يرتديه، وكتب بليني الأكبر أن التحديق فيه يمكن أن يهدئ العيون المرهقة للعاملين في قطع الأحجار.
نفس الأمر ذكره أرسطو في كتاباته، قائلاً إنه يريح العين. أما الإمبراطور الروماني نيرون، فيقال إنه كان يتابع المصارعين وهم يتقاتلون من خلال الزمرد الشفاف الكبير، لاعتقاده أن هذا يهدئه. هذا الارتباط بصحة العيون جعل الزمرد في عصر أبقراط يُسحق إلى بودرة ليستخدم كغسول لتهدئتها. أما أباطرة المغول، فخلقوا رابطة قوية بين الزمرد والقدسية الدينية.
كما اشتهر شاه جهان، الحاكم الذي بنى «تاج محل»، بعشقه الشديد له إلى درجة أنه أمر بنقش نصوص مقدسة عليه، ليرتديه كتعويذة توفر له الحماية. ويمكن مشاهدة بعض هذه الأحجار المقدسة، المسماة بالزمرد المغولي، في متاحف المجوهرات والحلي حتى اليوم. حتى شعوب الإنكا والأزتيك أبدت تقديراً له وصل إلى حد التقديس. مصر القديمة أيضاً عرفته وقدرته؛ فقد عُرف منذ عهد كليوباترا، وكان يرمز إلى الخصوبة وولادة جديدة. وغالباً ما كانت تُدفن حلي الزمرد مع المومياوات لترمز إلى الشباب الأبدي.
دار «شانيل» تستثمر في معمل جديد بإيطالياhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4351861-%D8%AF%D8%A7%D8%B1-%C2%AB%D8%B4%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%84%C2%BB-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7
«لوماري» من المشاغل التي تنضوي تحت جناح «شانيل» (تصوير: أليكس مارنا)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
دار «شانيل» تستثمر في معمل جديد بإيطاليا
«لوماري» من المشاغل التي تنضوي تحت جناح «شانيل» (تصوير: أليكس مارنا)
دار «شانيل» مستمرة في دعم الشركات والورشات الحرفية أينما كانت. مستمرة أيضاً في البحث عن حرف تزيد من بريقها ورُقيِها. فها هي تضم إليها مؤخراً معمل «لانيفيشيو كارياغي» المتخصص في غزل صوف الكشمير لينضم إلى عدد كبير من المعامل والمصانع الحرفية التي تنضوي تحتها، وتتباين بين غزل الصوف والكشمير إلى صياغة الورود والأزهار من الأورغنزا والحرير وصناعة القبعات والقفازات والأزرار وغيرها. كلها أصبحت تضمن لـ«شانيل» الجودة ولهذه المعامل الاستمرارية. في مبناها الضخم «إم 19» الواقع في الجادة 19 بباريس، تجتمع حالياً العديد من الحرف التي كانت مترامية في أطراف باريس، بينما ظلت أخرى في إيطاليا واسكوتلندا، حيث يوجد معمل «باري» المتخصص في نسج الصوف وحياكته. تأسس في عام 1903 وأثار انتباه كارل لاغرفيد منذ الثمانينات قبل أن يضمه إلى الدار في عام 2012.
كذلك يُعتبر معمل «لانيفيشيو كارياغي» واحداً من أهم معامل غزل صوف الكشمير وأغلاه في العالم. أسسه أورييلو كارياغي في عام 1958. ولم يمر سوى وقت قصير حتى وصلت جودة نسيجه إلى كبريات بيوت الأزياء التي جعلته مطلباً لها. وقد سبق لـ«شانيل» أن تعاملت معه في عدة تشكيلات قبل أن تستحوذ على أسهم فيه بشكل رسمي في الأسبوع الماضي. برونيلو كوتشينيلي، رئيس مجلس إدارة «كازا دي موضة» وصاحب العلامة الشهيرة التي تحمل اسمه، لم يُخف سعادته بهذه الاتفاقية، لأنها حسب تصريحه تضمن استمرارية هذه الحرف وما تتضمنه من جودة ومفهوم «صُنع في إيطاليا».
وكانت دار «برونيلو كوتشينيلي» تملك حصة 43 في المائة من هذه الأسهم منذ شهر مارس (آذار) من عام 2022 لكنها بموجب اتفاقيتها الأخيرة تنازلت عن نسبة 18.5 في المائة للدار الفرنسية التي حصلت أيضاً على نسبة 6 في المائة من عائلة كارياغي. وستبقى الحصة الأكبر للعائلة المؤسسة وهي 51 في المائة من الأسهم. ويبدو أن شهية دار «شانيل» على الحرفية الإيطالية مفتوحة في الآونة الأخيرة، حيث استحوذت على مدبغتي «غاييرا» و«باييما» المتخصصتين في حياكة الصوف.
كارولين شوفوليه رئيسة «شوبار» وظفت ذكاءها في خلق شراكات مهمة مثل مهرجان «كان» السينمائي (أ.ب)
إلى عهد قريب، كان عالم الساعات عصياً على المرأة. أقفاله كانت موصدة في وجهها، ودورها فيه كان هامشياً، يقتصر إما على الاستهلاك أو الإنتاج في معامل تحتاج إلى أناملها الناعمة لتنفيذ تفاصيل دقيقة. حالات قليلة كنّ فيها صاحبات قرار أو في مراكز عالية، وهذه غالباً عندما تكون وريثة مثل نايلة حايك، التي تتولى منصب رئيس تنفيذي في «هاري وينستون»، إلى جانب أنها عضو مجلس إدارة في مجموعة «سواتش» التي أسسها والدها الراحل نيكولا حايك، وياسمين أوديمار التي وصفت نفسها في أحد اللقاءات بأنها «حامية الدار» وكارولين شوفوليه من دار «شوبار».
كارولين شوفوليه رئيسة «شوبار» تنتمي إلى أسرة تعاملت مع الأحجار الكريمة منذ عقود (أ.ب)
اختراق أبواب الموضة والأزياء كان أسهل بكثير بالمقارنة... بدليل أن عدد الرئيسات فيها أكبر. هناك مثلاً فرنسيسكا بيليتيني التي تقود دار «سان لوران» بنجاح منذ 2013، ولينا ناير التي التحقت بدار «شانيل» في بداية عام 2022، وهلم جرا من الأسماء والأدوار المؤثرة في «بالنسياغا» وغيرها.
لكن اللافت في الآونة الأخيرة أن أقفال شركات الساعات العريقة بدأت تلين. هناك حالياً أكثر من خمس سيدات في منصب رئيس تنفيذي أو مدير مجلس إدارة أو رئيس قسم الابتكار والإنتاج لشركات مهمة، مثل «كارتييه» و«بياجيه» و«شوبار» و«جيجير لوكولتر» و«بوشرون» وأخيراً وليس آخراً «أوديمار بيغه».
فقد أعلنت هذه الأخيرة في الأسبوع الماضي أن رئيسها التنفيذي الحالي فرنسوا هنري بنهامياس سيُسلِم المشعل، وبعد ما يقرب من 30 عاماً، لإيلاريا ريستا.
إيلاريا ريستا الرئيس التنفيذي الجديد لأوديمار بيغه (أوديمار بيغه)
أرسل هذا الأمر إشارة قوية بأن عهد المرأة في عالم الساعات والمجوهرات سيكون مثيراً. فانضمام ريستا وهي مواطنة سويسرية - إيطالية تقيم بالقرب من جنيف في سويسرا إلى شركة بحجم «أوديمار بيغه»، يأتي في وقت تشهد فيه هذه الصناعة تحديات عدة، وفي الوقت ذاته فُرصة ذهبية لمن يستطيع قراءة نبض الأسواق النامية تحديداً. والمرأة أكدت بحسها أنها قارئة جيدة، بفضل تمتعها بذكاء عاطفي، إلى جانب مهاراتها الإدارية. في عام 2015 حصلت سابينا بيلي على منصب رئيس تنفيذي في دار «بوميلاتو» للمجوهرات. في العام نفسه، عُيّنت هيلين بولي ديكين رئيساً تنفيذياً لدار «بوشرون»، وفي عام 2018 تبوأت كاثرين رينييه المنصب ذاته في شركة «جيجير لوكولتر»، بينما عَيّنت دار «ريبوسي» للمجوهرات أنا دي فيرجيرون رئيساً تنفيذياً لها في عام 2020.
كاترين رينييه، الرئيس التنفيذي لجيجر- لوكولتر (خاص)
لكن ربما يكون المثير في تعيين ريستا هو أنها، مثل كاثرين رينييه في «جيجير لوكولتر» ستتولى قيادة شركة ارتبط اسمها بالساعات أكثر. في تصريحها، برّرت «أوديمار بيغه» الأمر بقولها إن سيرتها الذاتية غنية. فهي تتمتع بخبرة 26 عاماً في إدارة أقسام رئيسية لشركات مرموقة. آخرها منصب رئيس شركة العطور والمكوّنات العطرية العالمية «فيرمنتك (Firmenich)». قبل انضمامها إلى «فيرمنتك»، عملت في شركة «بروكتر آند غاميل» لأكثر من عقدين من الزمن، حيث تولّت مناصب عليا في مقرّي الشركة الرئيسيَّين في أوروبا والولايات المتحدة. ومع ذلك فإن التحدي أمامها كبير، كذلك حجم التوقعات. فهي تخلف بنهامياس الذي أصبح بمثابة وجه الشركة وسفيرها بحكم وجوده فيها لثلاثة عقود. يُذكر اسمها فيتبادر اسمه على البال والعكس. إضافة إلى هذا، فهو سيُسلمها مقاليدها وهي في قمة عنفوانها، بالنظر إلى ما حققه لها من نجاحات فنية وتجارية على حد سواء. ففي السنوات الخمس الماضية زادت مبيعاتها بأكثر من الضعف، لتتجاوز ملياري فرنك سويسري (2.2 مليار دولار) في عام 2022.
مهرجان «كان» السينمائي في دورته الـ76 يشهد «غزوة عربية»https://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4341591-%D9%85%D9%87%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%86-%C2%AB%D9%83%D8%A7%D9%86%C2%BB-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%8076-%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%AF-%C2%AB%D8%BA%D8%B2%D9%88%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9%C2%BB
الممثلة السعودية ميلا الزهراني ومجوهرات من «بوشرون» (من بوشرون)
TT
TT
مهرجان «كان» السينمائي في دورته الـ76 يشهد «غزوة عربية»
الممثلة السعودية ميلا الزهراني ومجوهرات من «بوشرون» (من بوشرون)
لا يزال مهرجان كان في دورته الـ76 مستمراً، والصور التي تطالعنا على شاشات التلفزيون أو تنشرها الوكالات تُثلج الصدور. من إطلالة العارضة السعودية أميرة الزهير في حفل الافتتاح بفستان من المصمم رامي قاضي، إلى النجمة والعارضة السعودية ميلا الزهراني في مجوهرات من دار بوشرون والممثلة الكويتية ليلى عبد الله في مجوهرات «ميسيكا» وهلم جرا من الوجوه التي لم تعكس أناقة متناهية فحسب، بل كانت وجوهاً تُبشِر بأن التغيير الإيجابي أصبح واقعاً ملموساً ومعترفاً به على الصعيد العالمي.
أمر تشهد عليه أيضاً مشاركة سبعة مخرجين من أصول عربية و9 أفلام، إلى جانب الصور، التي تظهر فيها النجمات، بمن فيهن نجمات «السوشيال ميديا»، وهن يتخايلن على السجاد الأحمر بكامل أناقتهن في أزياء حرصن على أن تكون متوازنة بين المصممين العرب والأجانب. من هند صبري ومنى زكي وأمينة خليل إلى فاطمة البنوي وتارا عماد وأسيل عمران وغيرهن.
الصورة العامة تجعل المتابع يشعر أيضاً أن المهرجان تخلَص من التشويش الذي أثاره مشاهير السوشيال ميديا في العام الماضي حين زاحموا النجوم لالتقاط صورهم على السجاد الأحمر. كان أملهم إقناع متابعيهم بأنهم في مصاف النجوم، أحياناً على حساب العلامات التي استضافتهم.
فالعديد من هؤلاء كانوا ضيوف ماركات مجوهرات عالمية، انتبهت أن الثقافة العامة تغيرت وبالتالي كان عليها أن تغيّر من استراتيجياتها لترقى بصورتها. «ميسيكا باريس» أكدت أنها انتقت نجمات السوشيال ميديا بعناية أكبر، كما ركزت على نجمات سينمائيات مثل ليلى عبد الله وأمينة خليل ومايا دياب. نجمات لهن وزن وجمهور.
كذلك «بوشرون» و«شوبار» و«ديور» اختارت وجوهاً لها تأثير إيجابي إما على الموضة أو السينما. فهذا العام كان عن السينما أولاً وأخيراً، حسبما أكدته الإعلامية ريا أبي راشد التي كانت ولا تزال وجهاً مألوفاً في المهرجان بحكم عملها وشغفها بالفن السابع على حد سواء.
الإعلامية ريا أبي راشد من الوجوه المألوفة في المهرجان منذ سنوات بحكم عملها وشغفها بالسينما (غيتي)
يأتي صوتها عبر الهاتف سعيداً وكأنها تُغني: «أنا في غاية السعادة أننا عُدنا هذا العام للاحتفال بالفن وحب السينما. الأضواء الآن مركزة على المؤثرين في عملية الإبداع، مثل جوني ديب وكايت بلانشيت وغيرهما من النجوم، بغض النظر عما إذا كنا من المعجبين بهم أم لا، المهم أننا نُقدر أعمالهم ونستمتع بها». ولا تخفي ريا أن الأجواء مختلفة هذا العام: «الجميل في المهرجان هذا العام أيضاً اهتمامه بتمكين وفتح المجال أمام الشباب من الفنانين الصاعدين، وهنا تحضرني أسماء مثل تارا عماد وميلا الزهراني، إلى جانب احتفاله بفنانات لهن باع في مجالاتهن مثل هند صبري وكوثر بن هنية ومنى زكي وأخريات». بيد أن هذا لا يعني أن «هناك غياباً تاماً لمن يُلقبون بنجوم (السوشيال ميديا) والمتطلعين لسرقة الأضواء. فهم لا يزالون متواجدين، لكن بأعداد أقل من العام الماضي، وفي غالب الأحيان ظلوا مُحيدين وعلى الهامش».
وبما أن المهرجان الفرنسي، مثله مثل حفل الأوسكار وغيره من الفعاليات العالمية أصبح منصة مهمة للموضة، لا بد من الإشارة إلى أن الحضور العربي في هذا المجال أيضاً كان قوياً. أسماء عربية مبدعة سجلت حضورها فيها، مثل زهير مراد ورامي قاضي ومحمد آشي وطوني ورد ونيكولا جبران.
لكن ربما يكون إيلي صعب هو أقوى الحاضرين، إذا كان حجم التغطيات العالمية هو المقياس، والفضل هنا يعود إلى تألق كاثرين زيتا جونز وابنتها كاري في إطلالتين مثيرتين في حفل افتتاح المهرجان. الأول من خط الـ«هوت كوتور» لربيع وصيف 2022 بالأحمر الأقحواني ومن حرير الموسلين والأورغنزا، والثاني من تشكيلته الجاهزة لربيع وصيف 2023، باللون الأبيض من الدانتيل.
«المسرح العظيم للحضارات»... معرض يربط الماضي بالمستقبلhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4341516-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%C2%BB-%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D9%8A%D8%B1%D8%A8%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84
«المسرح العظيم للحضارات»... معرض يربط الماضي بالمستقبل
منحوتة Movimento in piena aria e nel profondo تُجسِد منحنى مزدوج يشير إلى المساحات السماوية والأرضية الكبيرة (فندي)
منذ زمن، عاهدت دار «فندي» الإيطالية نفسها ومدينة روما أن تفتح أبواب مقرها الرئيسي «قصر بالازو ديلا سيفيلتا إيطاليانا» للفن والفنانين. وظلت وفية للعهد. استقبلت في عام 2017 أعمال الفنان جيسوبي بينوني، الذي ينتمي إلى حركة آرتي بوفيرا - «الفن الفقير» التي ظهرت في ستينات القرن الماضي، وفي عام 2020 وخلال الجائحة، نظمت حفلاً موسيقياً في الهواء الطلق بالتعاون مع «أكاديمية سانتا تشيشيليا الوطنية»، التي تأسست في 1585.
ومؤخرا حوَلت مقرها إلى متحف فني مفتوح للعامة تستعرض فيه أعمال الإيطالي المخضرم أرنالدو بومودورو. فنان تربطها به علاقة تعود إلى عام 2013 عندما حوّلت مساحة كان يشغلها الفنان لعرض أعماله في شارع سولاري Via Solari من 2005 إلى 2012 إلى مقرها الرئيسي في ميلانو.
كانت صفقة ودية وسلسة تم الاتفاق بموجبها أن يبقى واحد من أهم أعمال الفنان Ingresso nel Labirinto (مدخل المتاهة) مُتاحاً لكل من يرغب في الاستمتاع برؤيته. بل خصصت له «فندي» مدخلاً خاصاً.
يظهر «قصر بالازو ديلا سيفيلتا إيطاليانا» مهيباً بطوابقه الستة وارتفاعه عن مستوى الأرض، كذلك بنوافذه العالية وأقواسه المتعددة التي يحتضن بعضها تماثيل تجسد شخصيات أسطورية (فندي)
المعرض الذي تحتضنه هذه الأيام وإلى الأول من شهر أكتوبر المقبل، يحمل عنوان «المسرح العظيم للحضارات»، يُسلط الضوء على علاقة فنان اشتهر بقدرته الجريئة على دمج شتى أنواع الفنون المرئية والمسرحية واستعمال المواد الغريبة بأشكال ثلاثية الأبعاد ليُصبغ عليها مفهوماً حداثياً ومستقبلياً.
ونظراً لخصوبة بومودورو الإنتاجية، فقد ارتأى المعرض التركيز هنا على مسيرته من أواخر الخمسينات إلى اليوم، ليأتي على شكل سيرة ذاتية تحكيها 30 قطعة من منحوتاته البرونزية والطبشورية والوثائق والصور.
تجدر الإشارة إلى أن اختيار عنوان المعرض لم يكن اعتباطاً. فهو يشير إلى تلك العلاقة الحميمة التي تربط أعمال بومودورو بالمسرح كما بحضارات متنوعة، منها القديم ومنها الجديد الذي يصوغه غالباً من خياله الخصب أو يستعيره من التاريخ والأساطير اليونانية القديمة. وحتى يُضفي عليها رؤيته الخاصة يُدخل عليها التقنيات الحرفية الأفريقية والآسيوية التقليدية.
عمل أبدعه بومودورو في عام 1983 بعنوان Agamennone (تصوير: فاكلاف سيدي)
حتى رحلة اكتشاف المعرض تبدأ بحبكة مسرحية تتجلى عن بُعد، حيث يظهر «قصر بالازو ديلا سيفيلتا إيطاليانا» مهيباً بطوابقه الستة وارتفاعه عن مستوى الأرض، كذلك بواجهته اللافتة. فالنوافذ عالية والأقواس متعددة يحتضن بعضها تماثيل تجسد شخصيات أسطورية.
عندما تتسلق السلالم المتعددة وتصل إلى الساحة الخارجية، تتضح أحجام وتفاصيل لأربع منحوتات تتناقض بلونها البرونزي وأنماطها الهندسية والميكانيكية الحداثية مع لون المبنى الأبيض المائل إلى الرمادي الخفيف. رغم هذا التناقض تشعر بأن كل واحد منها اختيرت عن قصد لتتماهى مع المكان وتربط الماضي بالحاضر.
أحد الأعمال التي تستقبلك لدى وصولك إلى ساحة المبنى وتستحضر آلات ابتُكرت خصيصاً لسلسلة العروض المسرحية المستوحاة من أوريستيا لإيسخيلوس للفنان إيميليو إيسغرو (فندي)
يشرح أمين المعرض أندريا فيلياني: «من البداية أخذنا بعين الاعتبار المكان ومحيطه وتاريخه. انطلقنا من فكرة تصورنا فيها أن هذه القطع كانت جزءا من المبنى. ولأنه يحتوي أساسا على أعمال فنية وتماثيل، كان علينا أن نختار كل قطعة بدقة متناهية حتى تتناغم مع روح المكان».
عندما أسأل أندريا عما يجمع نحات وفنان مثل أرنالدو بومودورو ودار أزياء مثل «فندي»؟ يجيبني: «ثلاثة أشياء: الحرفية والمواد الطبيعية والحركة».
قد تختلف الأدوات بحيث يعتمد الفنان على الغرانيت والحجر الجيري وغيره من مواد النحت، بينما تعتمد «فندي» على الحرير والموسلين والفرو، «لكن النتيجة واحدة، وهي الحصول على قطع فنية مصنوعة بحرفية عالية وخفة تُخفي بداخلها وبين جوانبها تفاصيل دقيقة».
«روتاتيفا دي بابيلون» يتميز بشكل دائري يشير إلى فكرة الحركة الدورية والمستمرة التي تحدث في الزمان والمكان (فندي)
تلتقط كارلوتا مونتيبيلو المدير العام لمؤسسة أرنالدو بومودورو Fondazione Arnaldo Pomodoro طرف الحديث لتشير إلى أن الحركة يمكن أن تكون أكثر ما يربط أرنالدو وفندي في هذا الصدد. فـ«كل قطعة في المعرض تتميز بالحركة، مثل الزي الذي استعمل فيه بومودورو الرافيا بسخاء وابتكره لعرض مسرحي في عام 1983». وتستطرد أن أهمية هذا التعاون تكمن في أن «الموضة والفن يساهمان معا في تحديد الذوق وقراءة تطورات العصر وتسجيلها... كل بأدواته الخاصة. كما أنهما يتقاسمان تلك الرغبة في التجديد وخلق التوازن بين النسب، وطبعاً تحريك العاطفة وإحداث عنصر المفاجأة».
علاقة أرنالدو بومودورو بـ«فندي»، أو بالأحرى بالموضة عموماً ليست غريبة كما قد نتصور. فالمتتبع لتاريخ الفنان يكتشف علاقات وطيدة ربطته مع مصممي أزياء من أمثال كارلا فندي والراحل جياني فرساتشي وغيرهما. في عام 1989 مثلاً، وعندما طُلب منه تصميم أزياء مسرحية «كليوباترا» كان فرساتشي هو من ترجم رسماته من الورق إلى ملابس. يُعلق أندريا: «لا يمكن أن نتجاهل التداخل القوي بين الفن وتصميم الأزياء. كلما تمعنا فيهما وفهمنا عناصرهما يتضح لنا تداخلهما مع بعض والقواسم المشتركة بينهما. هناك دائماً عُمق سواء في استعمال الألوان أو الخامات والأشكال».
زي صممه الفنان لمسرحية «تراجيديا ديدو، ملكة قرطاج» في عام 1986 من الرافيا والبرونز ومواد أخرى (بيترو كاريري)
يتعزز هذا الإحساس بعد دخول البهو. هنا يتقابل على الجانبين عملين صممهما الفنان من الرافيا والنسيج ومواد نحت أخرى. واحد منهما كان جزءا من ملابس مسرحية «ديدو ملكة قرطاج» والثاني من أوبرا «أوديب الملك» لإيغور سترافينسكي. يُدخلك المنظر تلقائيا في حوار ممتع عن ماهية علاقة دار أزياء رومانية عريقة وفنان إيطالي مشهود له بوفرة الإنتاج والعطاء. فأرنالدو البالغ من العمر 96 هذا العام يوجد له حوالي 230 عمل فني في عواصم متناثرة من العالم بما في ذلك مدينة جدة بالسعودية.
وتشير كارلوتا مونتيبيلو أن هذه العلاقة أو بالأحرى الحوار الفني بين بومودورو و«فندي» بتجلى في كل عمل والمكان الذي وُضع فيه. فالقطع الأربع التي احتلت أركان الساحة الخارجية مثلا صاغها لمسرحية «أوريستيا - ثلاثية أسخيلوس» للمسرحي إيميليو إيسغرو في عام 1983. رغم حجمها الكبير تتميز بوزن خفيف لا يُعيق الحركة. وربما هذا ما يربطها بالموضة، ولو بخيوط رفيعة جداً.
إضافة إلى المنحوتات الأربع التي تستقبل الزائر ببهو المبنى، هناك العشرات من المنحوتات بالداخل، حوالي 30 في المجموع. كلها تستهدف تسليط الضوء على مسيرة غنية للفنان التسعيني. تُخبرني كارلوتا أنه إلى جانب تصميمه ملابس للمسرح صمم قطع مجوهرات. كما وضع بصماته على حقيبة «بيكابو» الأيقونية لدار «فندي». أخرجها من الوظيفي والعملي إلى الفني. فالمكان الأنسب لهذه القطعة بشكلها الفريد هو المتاحف.
الفنان أرنالدو بومودورو مع حقيبة Peekaboo التي ابتكرتها سيلفيا فنتوريني فندي عام 2008 وأضفى عليها هو تفاصيل أخرجتها من العملي إلى الفني (داريو وكارلوس تيتامانزي)
تخرج من المعرض وإحساس عميق بأنك قد شاهدت مسرحية متكاملة بطلها فنان تسعيني يتمتع بروح شابة ورؤية جريئة. أحداثها تقع في الحاضر حينا، وفي عوالم من الخيال تتأرجح بين الماضي والمستقبل أغلب الأحيان. لكن الجميل في كل هذا أن البطل له خيال خصب تجلى في أعمال تحولت إلى معالم ورموز ثقافية تُزين السفارات والفنادق وأيضا الساحات، وكأنه يريدنا أن نتنفَس الفن اينما توجهنا.
اللون البيج ينفض عنه غبار الكلاسيكيةhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D8%A9/4329986-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AC-%D9%8A%D9%86%D9%81%D8%B6-%D8%B9%D9%86%D9%87-%D8%BA%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9
ملكة بريطانيا الراحلة، إليزابيث الثانية، كانت تتجنبه. السبب حسبما صرحت به في إحدى المرات: «لأنه سيجعلني أضيع في الزحام ليصعب تمييزي من بين الآخرين».
دوقة ساسيكس، ميغان ماركل أيضاً أكدت أنها حتى لا تثير الأنظار خلال الفترة التي قضتها ضمن المؤسسة البريطانية كانت تختاره على مضض من بين بقية الألوان حتى تُرضي البلاط البريطاني، ولا تسرق الأضواء من بقية أفراد العائلة.
الأيام أكدت عدم صحة رأيها، كما أكدت مدى الظلم الذي أُلحق باللون البيج على مدى سنوات. فلا هو لون بارد وممل، ولا هو لون من لا تُحب أن تثير الأنظار. ملكة الأردن، رانيا العبد الله أكدت هذا الأمر باختيارها فستاناً بهذا اللون من دار «ديور» حضرت به حفل زفاف ابنتها إيمان. كل ما فيه كان راقياً. حتى هدوؤه كان يصرخ بالذوق الرفيع.
أدخلت عليه "لورو بيانا" ألوانا أكسبته حيوية (خاص)
عرض إيلي صعب من خط الـ«هوت كوتور» أيضاً فنّد كل التهم التي ألحقت به. قدَّم عرضاً دسماً تتراقص فيه ألوان تفتح الشهية بتطريزاتها وبريقها، إلا أن فستاناً يصطبغ باللون البيج كان أكثر ما أثار الإعجاب وجرى تداوله على صفحات المجلات وشبكات التواصل. وكأن هذا لا يكفي قدم للرجل مجموعة من القطع المسائية تتدرج من البيج الكريمي إلى البيج المائل للبني.
صحيح أن السنوات الأخيرة شهدت اكتساح ألوان قوس قزح لعالم الموضة. كلما كانت صارخة كان هذا هو غاية المنى؛ لأن الـ«إنستغرام» يتطلب ذلك لكي تبرز الصورة أحسن، وهو أمر عرفه حتى إيفان سان لوران وكريستيان ديور في أوج نجاحهما.
لو عدنا بأنظارنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن ظاهرة المزج بين الألوان الصارخة والنقشات المتضاربة كانت ثورة في السبعينات، لكنها على الأقل كانت فنية.
من عرض "جيورجيو أرماني" (خاص)
ومع ظهور «ستريت ستايل» اكتسبت المزيد من القوة؛ فهذه الموجة التي بدأتها مجموعة من فتيات المجتمع وعاشقات الموضة أردن تحدي المتعارف عليه وإملاءات الموضة بخلق أسلوب يُعبر عنهن، لقيت صدى في الشارع.
كانت الظاهرة بمثابة نسمة صيف حرَّكت المياه الراكدة خارج قاعات عروض الأزياء لتدخلها من أوسع الأبواب، كما أنها ألهمت المصممين، وخلقت مصدر دخل جديداً للمصورين الذين أصبح همهم الأول أن يتمركزوا خارج قاعات العرض انتظاراً لوصول هذه الشريحة من عاشقات الموضة.
كل هذا أثر على اللون البيج، وجعله يتوارى في الألفية؛ حتى إن جيورجيو أرماني الذي احتضنه في السبعينات والثمانينات وجعله ماركة مسجلة ترتبط بأسلوبه، ابتعد عنه لفترة.
من عرض "فندي" (خاص)
لكن ساحة الموضة تعرف تغيرات جديدة هذه الأيام. وكما خف وهج كل ما هو غريب ومُبهرج، خف تأثير بعض الإنفلونسرز.
في خضم هذه التحركات والتغيرات، انتعش ما أصبح يعرف بالموضة الراقية بهدوء، وبدأت الألوان الترابية وعلى رأسها البيج أو الجملي تستعيد اعتبارها.
بيوت أزياء كثيرة تبنت درجاته بحماس لهذا الصيف. ربما تكون «بيربري» و«ماكس مارا» أكثر من ترتبط هذه الدرجات بهم إلى حد قول إنه بإمكانهما تقديم دروس عن جمالياته، إلى جانب «دي رو» و«سان لوران» و«برونيللي كوتشينيللي».
الجميل فيها أن درجاته الترابية لم تعد تقتصر على فساتين السهرة أو النهار فحسب، بل دخلت أيضاً ملابس الشارع من خلال «تي - شيرتات» تقدر أسعارها بأكثر من 500 دولار أميركي وجاكيتات «سبور» وبنطلونات واسعة للجنسين وبدلات رسمية أيضاً.
كونها بأسعار عالية وتحمل توقيعات عالمية مثل «جاكوموس» و«برونيللي كوتشينيلي» أسهم في تسويقها لشريحة من الزبائن، تريد أزياءً راقية لكن غير صارخة باللوغوهات أو الألوان؛ فالتوجه الذي يميل إليه الغالبية هذا العام هو الأناقة الهادئة، أناقة يبدو فيها صاحبها كما لو أنه لم يُعر انتباهاً لأناقته أو يبذل جهداً.
حسبما قال أوليفر دانيفولك، مؤسس العلامة السويدية «روباتو»: «إنها طريقة جديدة للأناقة من دون أي مبالغات أو جهد».
ما أجمع عليه الكثير من المصممين هو أن لون البيج استثمار بعيد المدى؛ لهذا تسابقوا على طرحه بخامات مترفة حتى يكون عموداً فقرياً في خزانة أي رجل أو امرأة.
من جيورجيو أرماني و«زينيا» إلى «بيربري» و«ماكس مارا»... وهلم جراً من الأسماء التي نفضت عنه غبار الزمن، عاد واثقاً تتخلله نغمات حنين إلى الماضي، وهي نغمة تكررت في الكثير من العروض وبأشكال مختلفة.
المصمم الأميركي تود سنايدر، علَق على هذا اللون قائلاً: «الناس ملّت من الأزياء المريحة للغاية، وتريد أن تتبنى أسلوباً أكثر أناقة واهتماماً بالمظهر. بعضها يلتفت إلى حقبة الثمانينات، وبالنسبة للرجل يتطلع إلى صورة ريتشارد غير في فيلم «أميركان جيغولو».
صورة ريتشارد غير كما رسمها المصمم جيورجيو أرماني في الفيلم أثارت خيال الكثير من المصممين لموسم الصيف المقبل؛ فقد ظهرت خطوطها في تشكيلة «هيرميس» كما في تشكيلة «زينيا» و«ذي رو». المصمم تود سنايدر الذي غلبت على تشكيلته ألوان ترابية وحيادية، أكد أنه استلهمها من قطعة سجاد مغربي قديمة «تميزت بخيوط تمازجت فيها ألوان التراب بشكل رائع حملتني إلى مدينة طنجة في الخمسينات من القرن الماضي. كلما تأملتها، طاردتني صورة رجل أميركي في الخارج يتبنَى أسلوباً كلاسيكياً ممزوجاً بأسلوب بوهيمي منطلق».
من تشكيلة "برونيلو كوتشينيلي"
الطريف أن تخاطُر الأفكار الذي كان بين المصممين لم يكن عادياً أو مُتوقعاً؛ إذ إنه لم يقتصر على الأزياء الرجالي فحسب، بل امتد إلى الأزياء النسائية أيضاً، إلى حد أن المصممين أنفسهم تفاجأوا حسب قول سنايدر: «كان من المتوقع أن يكون هذا التوجه خجولاً، لكنه فاجأ الجميع بانتشاره السريع».
وهذا يعني أن اللون البيج يعيش حياة ثانية علينا الاستفادة منها بالاستمتاع بها حسب تعليقه؛ فهو مناسب لزمن ينادي فيه الجميع بالاستدامة بمفهومها الواسع وأيضاً بمفهومها المطالب باستعمال القطعة عدة مرات.
اللون البيج بدرجاته المتنوعة أكد أنه أساس مهم لأي خزانة مستدامة؛ فهو كلاسيكي من جهة ومحايد من جهة ثانية، وهذا يعني أنه من السهل تنسيقه مع عدة ألوان أخرى أو اللعب على نفس درجاته في إطلالة واحدة من الرأس إلى أخمص القدمين.
ومن جهته أكد المصمم جاكوميس أن «اللعب بالألوان الترابية أسهل بكثير من اللعب بالألوان الصارخة. كما أنها تُشكل عملية بسيطة لبناء خزانة متكاملة على المدى البعيد».
من هذا المنظور تبنّى المصمم في تشكيلته لهذا الصيف ألوان البيج، وغيّر من الدرجات الحيادية أسوة بـ«زينيا» و«سان لوران» و«لورو بيانا» و«جيفنشي».
المصممة إلسا سكاباريللي قالت في أحد تصريحاتها إن «الموضة في أوقات الأزمات تزيد من جرعة الغرابة». لكن ما نراه الآن هو العكس؛ فهناك ترويض لهذه الغرابة، ورغبة في الهدوء حتى تمر العاصفة بسلام، سواء تعلق الأمر بالقصات أو الألوان، ثم إن الواضح أن كلاً من الرجل والمرأة شبعا من موضة فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي، وباتا يحنان إلى كل ما هو راقٍ في المقابل. ألوان مثل الأبيض والبيج جاءت بمثابة مضاد لموجة الألوان الصارخة.