تونس: المعارضة تطلب تصويتاً على ثقة البرلمان بالحكومة

TT

تونس: المعارضة تطلب تصويتاً على ثقة البرلمان بالحكومة

دعت مجموعة من القوى التونسية المعارضة إلى تصويت في البرلمان على الثقة بحكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد، «للوقوف على حقيقة تنفيذها الأولويات التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية». ورهنت قبولها باستمرار الحكومة بهذا التصويت، بعد فشل الأطراف السياسية والاجتماعية في التوافق على برنامج لإنقاذ البلاد من الأزمة الحادة التي تشهدها.
وشملت قائمة القوى المطالبة بمساءلة الحكومة أمام البرلمان، أطرافاً سياسية واجتماعية عدة، بينها «الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال)، و«حركة الشعب»، و«تحالف الجبهة الشعبية» (يضم 11 حزباً سياسياً أغلبها من اليسار)، و«الحزب الجمهوري» بزعامة عصام الشابي، و«حركة تونس أولاً» بزعامة رضا بلحاج القيادي السابق في «نداء تونس».
واعتبرت «حركة الشعب» (حزب قومي معارض) أن الحكومة الحالية ورئيسها يمثلان «خطراً حقيقياً على أمن البلاد واستقرارها ومستقبل أبنائها». وحملت رئيس الجمهورية وأحزاب الائتلاف الحاكم و«التوافق المغشوش» بين «نداء تونس» و«حركة النهضة»، مسؤولية «ما تتعرض له البلاد وشعبها من تدمير مُمنهج».
ودعت هذه الأطراف إلى «تحمّل مسؤولياتها أمام التونسيين والالتزام بوعودها التي قطعتها على نفسها خلال الحملات الانتخابية المتكررة». وطالبت أيضاً بطرح الثقة في حكومة الشاهد أمام مجلس نواب الشعب «باعتباره السّلطة المؤهلة دستورياً للحكم بنجاحها أو فشلها، واتهمت رئيس الحكومة بتسليم مقاليد البلاد لصندوق النقد الدولي والجهات المالية المانحة والالتزام بتوصياتها التي ستؤدي إلى مزيد من تفقير الشعب وتهدد البلاد بعدم الاستقرار، كما هو الحال في كل التجارب».
وقال رئيس «حركة الشعب» زهير المغزاوي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا بد من الاعتراف بوجود أزمة حكم عميقة ومتشعبة في تونس، ما يهدد استقرار البلاد وأمنها». واقترح لتجاوز هذه الأزمة «ضرورة حسم الأمر أمام أعضاء البرلمان الذي منح الحكومة في السابق ثقته، وعلى رئيس الحكومة أن يقنع المجلس بصواب المسار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعتمده لإخراج البلاد من أزمتها المزمنة».
وطرحت مسألة تجديد الثقة في حكومة الشاهد ضمن الحلول التي يمكن اعتمادها لتجاوز الخلاف الحاد حول مصير الشاهد وحكومته، وبإمكان 73 من أعضاء البرلمان (الثلث) أن يوقعوا عريضة سحب ثقة تجبر رئيس الحكومة على تجديد الثقة في حكومته والخضوع للتصويت بالأغلبية المطلقة (109 أعضاء).
وعلّق الرئيس التونسي جلسات النقاش حول «وثيقة قرطاج2» منذ 28 مايو (أيار) الماضي إثر استفحال الخلافات حول النقطة 64 من أولويات الحكومة، وهي متعلقة بمصير حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها يوسف الشاهد.
وفي مقابل دعوة «حركة الشعب» إلى عرض مسألة الثقة في حكومة الشاهد أمام البرلمان، اعتبر رئيس مجلس شورى «حركة النهضة» عبد الكريم الهاروني، أن تغيير الحكومة «لا يعد من الأولويات في هذه الفترة». وأكد حرص حزبه على إنهاء هذه المسألة في أقرب وقت لضمان الاستقرار السياسي وتهيئة البلاد للدخول في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وأضاف أن مسألة التعديل الوزاري لم تطرح بعد بصفة رسمية، «وهي تتطلب كثيراً من التشاور بين الأحزاب الموقعة على وثيقة قرطاج»، على حد تعبيره.
وتدعم «حركة النهضة» اقتراح إجراء تعديل وزاري محدود وضخ دماء جديدة في تركيبة الحكومة من دون المساس برئيسها. وتتوافق في هذا مع أطراف اجتماعية عدة، بينها «الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة» (نقابة رجال الأعمال) و«اتحاد الفلاحين» (نقابة الفلاحين)، فيما يتمسك كل من «اتحاد الشغل» (نقابة العمال) وحزب «نداء تونس» بزعامة حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، بضرورة التخلي عن الشاهد.
إلى ذلك، عبرت رئيسة «الحزب الدستوري الحرّ» المعارض، عبير موسى، عن معارضتها «نيات التلاعب بموعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة». وقالت إنها «محطة انتخابية لا يمكن أن تخضع لمصالح فئة معيّنة أو أطراف بعينها». ودعت في اجتماع سياسي نظمته في مدينة المنستير (وسط شرقي تونس) الجميع إلى «الالتزام بهذه الشرعية». وكانت مجلة «جون أفريك» الفرنسية أشارت إلى إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التونسية من 2019 إلى 2021 لتمكين الرئيس التونسي الحالي من مواصلة رئاسته البلاد لمدة سنتين إضافيتين.
وفيما يخص التعديل الوزاري الكلي أو الجزئي، قالت موسى إن «الأهم من ذلك هو تغيير المنظومة السياسية ونظام الحكم الحالي الذي لا يضمن سلطة قرار الدولة وقوتها وسلطة المؤسسات ولا يسمح لتونس بالخروج من أزمتها الاقتصادية ولا الاجتماعية».



حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

حملة في صنعاء لابتزاز مُصنِّعي الأكياس البلاستيكية

عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أحد مصانع الأكياس البلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

لم تكد الجماعة الحوثية تنتهي من استهداف مصانع الدواء، والمياه المعدنية، والعصائر والمشروبات الغازية، حتى بدأت في صنعاء تنفيذ حملة ميدانية لاستهداف مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية، ضمن مساعيها المستمرة للتضييق على اليمنيين، وجباية مزيد من الأموال تحت مسميات غير قانونية.

أفصحت مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إطلاق جماعة الحوثي حملة واسعة طالت بالتعسف والابتزاز والإغلاق عدداً من مصانع ومعامل الأكياس البلاستيكية في صنعاء، بذريعة تسجيل مخالفات وعدم الالتزام بالتعليمات.

عنصر حوثي أثناء إغلاقه مصنع أكياس بلاستيكية في صنعاء (إعلام حوثي)

وأغلقت الحملة، التي أشرفت عليها ما تسمى «الهيئة العامة لحماية البيئة» الخاضعة للجماعة، أكثر من 5 مصانع أكياس بلاستيكية في مديرية معين بصنعاء، مع الاستمرار في استهداف ما تبقى من المصانع ببقية المناطق والتي يزيد عددها على 48 مصنعاً ومعملاً.

وكانت حملات الجباية الحوثية دفعت الكثير من مُلاك الشركات والمصانع والتجار وأصحاب المهن المتوسطة والأصغر إلى التهديد بإغلاق متاجرهم ووقف أنشطتهم التجارية، احتجاجاً على السلوك الانقلابي الذي يطالهم في كل مرة لنهب أموالهم تحت ذرائع واهية.

وتحدث شهود في صنعاء عن مداهمة مشرفين حوثيين مسنودين بدوريات أمنية عدة منشآت تعمل بصناعة الأكياس البلاستيكية بصنعاء، حيث مارسوا أساليب استفزازية وابتزازية ضد مُلاك المصانع والعاملين فيها، بحجة وجود مخالفات.

وأقر الانقلابيون عبر وسائل إعلامهم بإغلاق 5 مصانع أكياس بلاستيكية، قبل أن يقوموا بأخذ ما أسموها عينات من الأكياس للتأكد من مدى مطابقتها للاشتراطات.

دفع إتاوات

في حين تَزْعُم الجماعة الحوثية بأن حملتها الاستهدافية لمصانع البلاستيك تأتي للحفاظ على البيئة من التلوث، يتحدث عدنان، اسم مستعار لمالك مصنع استهدفته الجماعة، عن أن عناصرها وافقوا بعد ساعات من إغلاق مصنعه على السماح بإعادة فتحه مقابل دفع مبلغ مالي.

ويؤكد عدنان أن الاستهداف الحوثي لمصنعه ليس له أي علاقة بالبيئة والتلوث، ويقول إن ذلك يندرج ضمن الأساليب والطرق التي اعتادت الجماعة على ابتكارها لتبرير جرائم الاقتحام والإغلاق.

معمل لتصنيع الأكياس البلاستيكية استهدفه الحوثيون بحملات الجباية (فيسبوك)

ويشير إلى أن الجماعة لا تتحدث عن إيجاد حلول لأي مخالفات أو اختلالات تزعم اكتشافها في المصانع، بل تركز بالدرجة الأولى على دفع الإتاوات مقابل إعادة فتح ما قامت بإغلاقه من تلك المصانع.

وعلى وقع تلك الانتهاكات وحملات التنكيل الحوثية المتواصلة، ندد ناشطون اقتصاديون في صنعاء بالتعسف الجديد ضد مُلاك المنشآت الصناعية الرامي إلى استكمال إحلال الجماعة طبقة تجار جديدة من عناصرها.

وحذر الناشطون من التضييق المستمر للجماعة ضد من تبقى من العاملين بمختلف القطاعات التجارية والصناعية والحرفية في صنعاء وبقية المناطق المختطفة، وهو ما سيفاقم معاناة اليمنيين ويزيد أسعار مختلف السلع والمنتجات بما فيها الأساسية.

وسبق لجماعة الحوثي أن ضاعفت خلال السنوات الماضية حجم الإتاوات والجبايات المفروضة على مُلاك المصانع والشركات، وسنَّت تشريعات غير قانونية رفعت بموجبها الرسوم الضريبية والجمركية والزكوية؛ بغية تغطية نفقات حروبها من جانب، بالإضافة إلى تكوين ثروات لقادتها ومشرفيها.