مصر تفتح باب الاستثمار في خدمات المتحف الكبير

القطع الأثرية ومخازن الترميم مسؤولية وزارة الآثار وحدها

جانب من أعمال البناء في المتحف المصري الكبير (أ.ف.ب)
جانب من أعمال البناء في المتحف المصري الكبير (أ.ف.ب)
TT

مصر تفتح باب الاستثمار في خدمات المتحف الكبير

جانب من أعمال البناء في المتحف المصري الكبير (أ.ف.ب)
جانب من أعمال البناء في المتحف المصري الكبير (أ.ف.ب)

أعلنت مصر في مؤتمر صحافي، أمس (الأحد)، عن إجراءات التأهيل المسبق لإدارة وتشغيل خدمات المتحف المصري الكبير، ووجهت الدعوة للشركات المحلية والعالمية لتقديم أوراقها لإدارة وتشغيل مجموعة من المشروعات والخدمات داخل المتحف، في حين تكتفي وزارة الآثار المصرية بالإشراف على إدارة القطع الأثرية وقاعات العرض المتحفي ومخازن الآثار.
وقالت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي في المؤتمر الصحافي الذي حضره سفراء من مختلف دول العالم، إنّ الوزارة «وضعت المتحف على الخريطة الاستثمارية، وتسعى إلى تحويل المنطقة المحيطة به إلى منطقة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي».
وأضافت نصر: «إنه في إطار الرغبة والحرص على مشاركة القطاع الخاص في المشروعات الكبرى، ستُتاح الفرصة للشركات العالمية المتخصصة لإدارة الخدمات داخل المتحف، بما يساهم في تحقيق عائد وإدارة أفضل». وتسعى مصر إلى تحويل المتحف إلى مجمع ثقافي وسياحي وترفيهي يضم جميع الخدمات، من خلال طرح مجموعة من المجالات للاستثمار داخل المتحف، من بينها مركز للمؤتمرات يتّسع لنحو ألف شخص وسينما ومطاعم مطلة على الأهرامات، ومنطقة مفتوحة للمطاعم والكافتيريات ومحال تجارية ومكتبات ومركز لتعليم الحرف والفنون التقليدية ومبنى متعدد الأغراض وحدائق وساحات للأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية والترفيهية.
وأوضح الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، أنّ «مجمع المتحف يتضمن متحفاً للطفل ومراكز للترميم وصيانة وتخزين الآثار، وقاعات عرض متحفية على أعلى مستوى، إضافة إلى مجموعة من المحال التجارية و10 مطاعم، منها اثنان مطلان على أهرامات الجيزة، وقاعة للمؤتمرات تسع ألف شخص وصالة عرض سينمائي تسع 500 فرد، ومركز لتعليم الحرف التراثية والفنون التقليدية، ومكتبات ومساحات لإقامة الفعاليات، ومبنى متعدد الأغراض».
وقال العناني إن «وزارة الآثار ستتولى وحدها إدارة كل ما يتعلق بالقطع الأثرية من معامل ومراكز ترميم ومخازن للآثار وقاعات العرض المتحفي ومسؤولية تأمينها». وأطلق العناني «اللوغو» الجديد للمتحف المصري الكبير الذي سيُستخدم في الحملة الترويجية للمتحف.
وتتضمن إجراءات التأهيل المسبق لإدارة وتشغيل خدمات المتحف الكبير دعوة الشركات أو التحالفات للتّعاقد لإدارة وتشغيل خدمات المتحف، شرط توافر سابقة أعمال في إدارة المتاحف، أو المؤسسات الثقافية والتجارية والسياحية الكبرى، وكذلك مجالات الاستثمار والتطوير والتشغيل والصيانة، إضافة إلى توافر القدرات والإمكانات والخبرات السابقة لإدارة وتشغيل مشروعات مشابهة طبقاً لمعايير الجودة العالمية، كما يجب أن تكون الكفاءات المقدمة في مجملها ذات صلة بمعالم ومنشآت كبرى، ويمكن الحصول على مستندات التأهيل من خلال الموقع الإلكتروني والخريطة الاستثمارية لوزارة الاستثمار والتعاون الدولي، «www.miic.gov.eg»، و«www.investinegypt.gov.eg»، وستُقيّم مستندات المتقدمين للتأهيل، طبقاً للقواعد والمعايير الدولية المعترف بها، ومن ضمنها لوائح هيئة التعاون الدولي اليابانية (JICA)، وستُعدّ قائمة مختصرة بأسماء الشركات أو التحالفات المؤهلة التي يقع عليها الاختيار، وإبلاغها في أغسطس (آب) المقبل، تمهيداً لاستكمال عملية الطرح.
وقال وزير الآثار المصري، إنّ «المتحف المصري الكبير هو الهرم الجديد في مصر»، واصفاً المتحف بأنّه «صرح ثقافي ومجتمعي»، إذ يعد من «أكبر متاحف العالم، وتبلغ مساحته 500 ألف متر مربع»، مشيراً إلى أنّ المتحف «سيضمّ 100 ألف قطعة، 50 ألفاً منها معروضة في قاعات العرض المتحفي، والباقي في المخازن المتحفية».
يقع المتحف المصري الكبير على أول طريق مصر إسكندرية الصحراوي، بالقرب من أهرامات الجيزة، على مساحة 117 فداناً، وبدأ إنشاؤه في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني الذي فكّر في إنشائه بسبب تكدس الآثار في المتحف المصري بالتحرير وعدم إمكانية عرضها بشكل لائق، حيث وضع حجر الأساس في عام 2002. ولاستكمال تكلفة المتحف التي كانت تبلغ في بداية المشروع نحو 550 مليون دولار، حصلت مصر على قرض ميسر من اليابان بقيمة 300 مليون دولار، وتعرقل تنفيذ المشروع بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، وزادت تكلفة المتحف، فتم زيادة القرض الياباني بنحو 450 مليون دولار. وتمثل المعروضات حضارة مصر القديمة منذ ما قبل التاريخ وحتى العصرين اليوناني والروماني، وتُعرض في قاعات عرض متحفي على مساحة 92 ألف متر مربع، وكان من المقرر افتتاحه جزئياً منتصف العام الحالي، ولكن يبدو أنّ الافتتاح تأجّل مرة أخرى.
وقال العناني إنّه «من المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع مع نهاية العام الحالي، تمهيداً لافتتاحه جزئياً في الربع الأول من العام المقبل، حيث ستعرض للمرة الأولى أكثر من 5 آلاف قطعة أثرية من كنوز مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، إضافة إلى التمثال الضّخم الشهير للملك رمسيس الثاني ببهو المدخل، و87 تمثالاً ملكياً، وعناصر معمارية ضخمة على الدرج العظيم، وصولاً إلى واجهة زجاجية مهيبة ارتفاعها 28 متراً تطلّ على أهرامات الجيزة».
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة المصرية، إنّ «مصر تسعى لتقديم تجربة مختلفة للسائح تعكس عظمة الحضارة المصرية في إطار أكثر حداثة وجاذبية، تماشياً مع متطلبات العصر والتقدم التكنولوجي»، وسيكون المتحف نموذجاً لامتزاج الأصالة بالحداثة.



موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
TT

موسوعة لتوثيق أعمال سعيد العدوي مؤسس جماعة التجريبيين بمصر

أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)
أعمال سعيد العدوي اتسمت بالتجريد والأفكار الشعبية (الشرق الأوسط)

تأتي موسوعة الفنان سعيد العدوي (1938-1973) لترصد مسيرة مؤسس جماعة التجريبيين المصريين وأحد أبرز فناني الحفر والجرافيك في النصف الثاني من القرن العشرين.

وتتضمن الموسوعة، حسب قول المشرف عليها والباحث في شؤون الحركة الفنية المصرية الدكتور حسام رشوان، المئات من أعمال العدوي ويومياته ومذكراته واسكتشاته، مدعومة بعدد كبير من الدراسات التي تم إعداد بعضها خصوصاً من أجل هذه الموسوعة، ومعها دراسات أخرى نشرها أصحابها في صحف ومجلات ومطبوعات خاصة بالفن في مصر والوطن العربي.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن مقدمة الدكتورة أمل نصر تتناول جميع المقالات، والزاوية التي نظر منها الناقد لأعمال العدوي موضع الدراسة، كما تقوم بقراءتها وتحليلها وبسط عناصرها أمام الباحثين ومحبي فنه».

موسوعة العدوي تضمنت اسكتشاته ورسوماته (الشرق الأوسط)

وتأتي موسوعة العدوي التي نشرتها مؤسسة «إيه آر جروب» التي يديرها الفنان أشرف رضا، في صورة مونوغراف جامع لكل أعماله، التي تعبق برائحة الماضي، وعالم الموشحات، وحلقات الذكر والمشعوذين، وعربات الكارو والحنطور، وتجمعات الموالد والأسواق والأضرحة، فضلاً عن لوحة «الجنازة» بعد رحيل عبد الناصر. وجمعت الموسوعة كل كراساته واسكتشاته بالكامل، ومذكراته الخاصة التي كتبها وتعتبر دراسات نفسية قام بكتابتها، وقد ساعدت هذه المذكرات النقاد والباحثين في فن العدوي على تناول أعماله بصورة مختلفة عن سابقيهم الذين تصدوا لفنه قبل ظهورها، وفق رشوان.

ولأعمال العدوي طابع خاص من الحروفيات والزخارف والرموز ابتكرها في إبداعاته وهي تخصه وحده، وتخرّج العدوي ضمن الدفعة الأولى في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1962، وأسس مع زميليه محمود عبد الله ومصطفى عبد المعطي جماعة التجريبيين. وتأتي الموسوعة باللغة العربية في قطع كبير بالألوان، تزيد على 600 صفحة، من تصميم وتجهيز وإنتاج طباعي «إيه آر جروب» للتصميم والطباعة والنشر.

الموسوعة ضمت العديد من الأعمال الفنية ودراسات عنها (الشرق الأوسط)

وتتضمن الموسوعة، وفق رشوان، دراستين جديدتين للدكتور مصطفى عيسى، ودراسة لكل من الدكتورة ريم حسن، وريم الرفاعي، والدكتورة أمل نصر، ودراسة للدكتورة ماري تيريز عبد المسيح باللغة الإنجليزية، وجميعها تم إعدادها خصوصاً للموسوعة، وهناك دراسات كانت موجودة بالفعل للدكتور أحمد مصطفى، وكان قد جهّزها للموسوعة لكن عندما أصدرت مجلة فنون عدداً خاصاً عن فن العدوي قام بنشرها ضمن الملف، وإلى جانب ذلك هناك بحث عن أعمال العدوي للراحلين الدكتور شاكر عبد الحميد والفنان عز الدين نجيب وأحمد فؤاد سليم ومعهم عدد كبير من النقاد والفنانين الذي اهتموا برائد التجريبيين المصري وأعماله.

والتحق سعيد العدوي بمدرسة الفنون بالإسكندرية سنة 1957، وقبلها بعام كان في كلية الفنون بالزمالك، وقضى خمس سنوات لدراسة الفن في عروس البحر المتوسط، أما الأعمال التي تتضمنها الموسوعة وتوثق لها فتغطي حتى عام 1973؛ تاريخ وفاته. وهناك عدد من رسوم الكاريكاتير كان قد رسمها وقت عمله بالصحافة، وهذه الأعمال اهتمت بها الموسوعة ولم تتجاهلها لأنها تكشف عن قدرات كبيرة للعدوي وسعيه للدخول في مجالات عديدة من الفنون التشكيلية، وفق كلام رشوان.

من أعمال العدوي (الشرق الأوسط)

ولفت إلى أن «تراث العدوي بكامله بات متاحاً من خلال الموسوعة للباحثين في فنه والمهتمين بأعماله وتاريخ الفن التشكيلي المصري، وقد توفر لدى كتّاب الموسوعة عدد مهول بالمئات من اللوحات الكراسات والاسكتشات، فأي ورقة كان يرسم عليها اعتبرناها وثيقة وعملاً فنياً تساعد في الكشف عن رؤية العدوي التشكيلية وعالمه الخَلَّاق».

ولا تعتمد الموسوعة فكرة التسلسل الزمني، لكنها توثق عبر المقالات كل الأعمال التي تناولتها، من هنا بنى رشوان رؤيته وهو يرسم الخطوط الرئيسية لفن العدوي على الدراسات البانورامية التي تشتغل بحرية كاملة على الأعمال دون التقيد بتاريخها.

وسبق أن أصدر الدكتور حسام رشوان، بالاشتراك مع الباحثة والناقدة الفرنسية فاليري هيس، موسوعة فنية عن رائد التصوير المصري محمود سعيد عن دار «سكيرا» الإيطالية عام 2017 بمناسبة مرور 120 عاماً على ميلاد محمود سعيد، وتضمنت الموسوعة في جزئها الأول أكثر من 500 لوحة و11 مقالاً ودراسة نقدية.