محكمة مصرية تتنحى عن محاكمة مرشد الإخوان وآخرين في «أحداث المقطم» للمرة الثانية

مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع والقيادي سعد الكتاتني (يمين) خلال ظهورهما في جلسة محاكمتهما الأولى بقضية «مكتب الإرشاد» في القاهرة أمس (رويترز)
مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع والقيادي سعد الكتاتني (يمين) خلال ظهورهما في جلسة محاكمتهما الأولى بقضية «مكتب الإرشاد» في القاهرة أمس (رويترز)
TT

محكمة مصرية تتنحى عن محاكمة مرشد الإخوان وآخرين في «أحداث المقطم» للمرة الثانية

مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع والقيادي سعد الكتاتني (يمين) خلال ظهورهما في جلسة محاكمتهما الأولى بقضية «مكتب الإرشاد» في القاهرة أمس (رويترز)
مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع والقيادي سعد الكتاتني (يمين) خلال ظهورهما في جلسة محاكمتهما الأولى بقضية «مكتب الإرشاد» في القاهرة أمس (رويترز)

قررت محكمة جنايات القاهرة أمس التنحي عن نظر محاكمة 17 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، من بينهم المرشد العام الدكتور محمد بديع، في قضية اتهامهم بالقتل العمد والتحريض عليه بحق المتظاهرين السلميين أمام مكتب الإرشاد فيما عرف بـ«أحداث المقطم»، استشعارا منها بـ«الحرج». وتعد هذه هي المرة الثانية التي يتنحى فيها القضاة عن نظر تلك القضية.
وفيما ذكرت مصادر قضائية أن قرار المحكمة بالتنحي جاء «بعد فشل هيئة المحكمة في تهدئة المتهمين وإقناعهم بالتزام الصمت خلال الجلسة، التي شهدت حالة من الهرج والمرج». قال المستشار ماهر البحيري، رئيس المحكمة الدستورية السابق، لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار التنحي هو أمر خاص جدا بالمحكمة تتخذه وفقا لتقديرها للأمور»، مشيرا إلى أن «ما يفعله متهمو جماعة الإخوان من شغب خلال جلسات محاكماتهم هو استمرار لحالة الفوضى والمظاهرات التي يثيرها مناصروهم في الشارع والجامعات من أجل إرباك الدولة».
ورجح البحيري أن تكون «الأدوات القانونية لدى القاضي، والتي جرى وضعها في ظروف عادية لكي تمكنه من تنظيم الجلسة، لا تناسب هذا الوضع الاستثنائي والشغب الزائد عن الحد، بالإضافة إلى أجواء البلد المشحونة».
ويحاكم في القضية كل من محمد بديع مرشد عام الإخوان، ونائبيه محمد خيرت الشاطر ومحمد رشاد بيومي، و رئيس البرلمان السابق محمد سعد الكتاتني، ومحمد مهدي عاكف المرشد العام السابق للإخوان، وأسامة ياسين وزير الشباب السابق، ومحمد البلتاجي عضو مجلس الشعب السابق، وعصام العريان عضو مجلس الشورى السابق، بالإضافة إلى أيمن هدهد مستشار مرسي السابق، وأحمد شوشة، وحسام أبو بكر الصديق، ومحمود الزناتي، وعبد الرحيم محمد، ورضا فهمي، ومصطفى عبد العظيم البشلاوي، ومحمد عبد العظيم البشلاوي، وعاطف عبد الجليل السمري؛ وجميعهم من قيادات الإخوان.
وتعود وقائع الأحداث إلى الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في محيط مكتب الإرشاد بحي المقطم، غرب القاهرة، إبان مظاهرات 30 يونيو (حزيران) الماضي، والتي أسفرت عن سقوط نحو 12 قتيلا.
ونسبت النيابة العامة إلى بعض المتهمين تهم القتل عمدا مع سبق الإصرار، وحيازة مفرقعات وأسلحة نارية. كما نسبت لبديع والشاطر ورشاد البيومي الاشتراك بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة في القتل والشروع في القتل.
وكشفت النيابة العامة في تحقيقاتها عن توافر الأدلة على ارتكاب المتهمين لجرائم القتل والشروع في قتل بعض المواطنين من المتظاهرين السلميين أمام مقر مكتب الإرشاد بالمقطم، وحيازة مفرقعات وأسلحة بقصد استعمالها في أنشطة تخل بالأمن العام والمساس بالسلام الاجتماعي.
ويعد قرار تنحي المحكمة في القضية أمس هو الثاني من نوعه، حيث سبق للدائرة (18) بمحكمة جنايات جنوب القاهرة أن تنحت عن نظر محاكمة المتهمين في القضية في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وشهدت الجلسة أمس (التي لم تستغرق سوى نحو ثلاث دقائق فقط) حالة من الفوضى العارمة والهرج والمرج داخل قاعة محكمة جنايات القاهرة التي عقدت بمقر معهد أمناء الشرطة بـ«طرة»، حيث أصيب المتهمون بحالة هياج عصبي داخل قفص الاتهام واستمروا في الصياح وترديد الهتافات المسيئة للقضاء والقوات المسلحة وساندهم في ذلك ذووهم الذين سمحت لهم المحكمة بحضور الجلسة.
وكانت المحكمة، برئاسة المستشار مصطفى سلامة محمد، قد اعتلت المنصة وأثبتت حضور المتهمين بمحضر الجلسة، ثم سمحت لممثل النيابة العامة بتلاوة أمر الإحالة وما يتضمنه من اتهامات بحق المتهمين جميعها. ولم يتسن لممثل النيابة سوى قراءة بضعة سطور قليلة من أمر الإحالة، على ضوء قيام المتهمين يتزعمهم القيادي في الجماعة محمد البلتاجي بالصياح بصوت عال وترديد هتافات من داخل قفص الاتهام، على نحو حال دون استكمال سماع أمر الإحالة، وهو ما اضطرت معه المحكمة إلى رفع الجلسة.
وردد المتهمون هتافات متعددة مناهضة للقوات المسلحة وقائدها العام وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، حيث وصفه محمد بديع بأنه «خائن للعهد مع الله ومع الرئيس الشرعي محمد مرسي». كما قام المتهمون جميعا من داخل قفص الاتهام بالاستشهاد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تحمل دلالات وإشارات «التعرض للظلم والصبر على الابتلاء ومقاومة الظالمين، وقرب موعد الانتصار عليهم».. ولوحوا من داخل القفص بإشارة «رابعة»، وفقا لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط».
واستغل المتهمون وجود كاميرات الفضائيات ومندوبي وممثلي الصحف ووسائل الإعلام، للتعبير عن تعرضهم للظلم والعدوان داخل محبسهم، وإرسال رسائل إلى أعضاء الجماعة وقاعدتها خارج المحكمة بأنهم «صامدون ولم ينكسروا، وأن وجودهم في السجن لم يضعف من إرادتهم وعزيمتهم».
ومن جانبه، قام مرشد الجماعة محمد بديع، خلال الجلسة، بإلقاء خطبة استشهد فيها بالعديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ووضعها في سياق يحمل الاتهام للقوات المسلحة بالخيانة والانقلاب على السلطة الشرعية. في حين قام أفراد من أسر المتهمين من الرجال والسيدات المنتقبات باعتلاء مقاعد المحكمة والتلويح بإشارة «رابعة» وإطلاق هتافات مسيئة للإدارة الحالية. وإزاء ذلك، قامت المحكمة باستدعاء عدد من المحامين بهيئة الدفاع عن المتهمين، إلى داخل غرفة المداولة، حيث طلبت منهم إقناع المتهمين بالهدوء والالتزام بقواعد وإجراءات المحاكمة حتى يتسنى لها أن تباشر تحقيقها في القضية وتحقيق المحاكمة العادلة للمتهمين. وإثر هذا قام المحامون عقب خروجهم بالتحدث للمتهمين قرابة نصف الساعة، وإقناعهم بالهدوء لتتمكن المحكمة من نظر القضية.
وما أن عادت المحكمة لاعتلاء المنصة، حتى بادر محمد البلتاجي وأطلق هتاف «باطل باطل».. وهو ما اضطرت معه المحكمة للتنحي، بعدما أثبتت أنها منحت أكثر من فرصة لتهدئة الأوضاع؛ غير أن المتهمين لم يستجيبوا.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.