تبرئة نائب رئيس الكونغو السابق من جرائم حرب

جان بيير بيمبا
جان بيير بيمبا
TT

تبرئة نائب رئيس الكونغو السابق من جرائم حرب

جان بيير بيمبا
جان بيير بيمبا

أسقطت المحكمة الجنائية الدولية إدانة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق جان بيير بيمبا، نائب الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية وواحد من بين أربعة أشخاص فقط أدانتهم المحكمة على مدى أعوام عملها البالغة 16 عاماً، كما كان الأعلى منصباً بينهم. الحكم القضائي اعتُبر ضربة كبرى لممثلي الادعاء، وقد يغير أيضاً الوضع السياسي في البلاد. وقال لامبرت ميندي، المتحدث باسم الحكومة الكونغولية، إن من حق بيمبا العودة لبلاده إذا أفرج عنه.
وقالت القاضية كريستين فان دين ويجنجارت: إن بيمبا، الذي كان يوماً زعيم حزب المعارضة الرئيسي في الكونغو، لا يمكن أن يتحمل مسؤولية جرائم ارتكبتها قوات تحت سيطرته في أفريقيا الوسطى في 2002 و2003، أرسلت لدعم رئيسها آنذاك انج فيليكس باتاسيه. قرارها الجمعة يسقط حكماً صدر بحقه بالسجن 18 عاماً.
وقالت عندما نطقت بالحكم مساء الجمعة، إن القضاة الذين حاكموه لم يأخذوا في الاعتبار جهوده لوقف الجرائم بمجرد معرفته بها، وهي الجرائم التي ارتكبتها حركة تحرير الكونغو، وكان من الصعب عليه التحكم في أفعال تلك القوات عن بعد.
وتم القبض على بيمبا في بلجيكا في عام 2008 ووجهت إليه تهمة القتل والاغتصاب والنهب في جمهورية أفريقيا الوسطى خلال شغله منصب القائد الأعلى لحركة تحرير الكونغو خلال انقلاب في 2003 – 2002، وتمت تبرئته بعد أن وجدت محكمة الاستئناف مع اعتراضات من قاضيين اثنين، أن الحكم السابق أدانه بالخطأ عن أعمال إجرامية كانت خارج نطاق التهم الموجهة إليه. وقالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، إن قرار الاستئناف بإسقاط الإدانة «مؤسف ومقلق». وقالت: إن القضاة لم ينكروا أن قوات بيمبا ارتكبت أفعالاً وحشية «نتج منها معاناة فظيعة في جمهورية أفريقيا الوسطى». وأنكر بيمبا التهم المنسوبة إليه، لكن حكم عليه بالسجن لمدة 18 عاماً عام 2016 بعد إدانته في جميع التهم؛ لأن المحكمة رأت أنه كان على علم أن قواته ارتكبت أو على وشك ارتكاب جرائم، وأنه لم يردعها أو يعاقبها.

وقال سولومون ساكو، رئيس قسم العدالة الدولية في منظمة العفو الدولية، إن القرار كان بمثابة «ضربة كبيرة للكثير من ضحايا الحرب ضد النساء التي شنت في جمهورية أفريقيا الوسطى من خلال حملة مروعة من الاغتصاب والعنف الجنسي».
وأضاف قائلاً، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية: «لقد شارك 5229 من الناجين من فظائع بيمبا في إجراءات المحكمة الجنائية الدولية - بالنسبة لهؤلاء الأفراد الشجعان، وكذلك الآلاف من الضحايا الآخرين في جمهورية أفريقيا الوسطى، سيستمر السعي وراء الحقيقة والعدالة والتعويضات».



إلى أين يتجه المشهد السياسي في السنغال؟

جانب من الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في دكار أمس (أ.ب)
جانب من الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في دكار أمس (أ.ب)
TT

إلى أين يتجه المشهد السياسي في السنغال؟

جانب من الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في دكار أمس (أ.ب)
جانب من الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين في دكار أمس (أ.ب)

يزداد المشهد السياسي السنغالي غموضاً وتوتراً وعنفاً بعد حكم قضائي جديد صدر في حق المعارض السنغالي البارز عثمان سونكو، من المرجح أن يقوّض أهليته للترشح للرئاسة. وتبع الحكم احتجاجات واشتباكات عنيفة بين أنصار سونكو وقوات الأمن، أدت إلى قتل عدد من الأشخاص. وتوقع خبراء انزلاق البلاد إلى مزيد من التوتر والعنف حال استبعاد سونكو من الترشح.

وقتل نحو 9 أشخاص خلال الاحتجاجات بعد أن حكمت محكمة جنائية على سونكو، المرشح لانتخابات الرئاسة في 2024، بالسجن عامين نافذين بتهمة «إفساد الشباب»، وبرّأته من اتهامات باغتصاب فتاة تعمل في مركز تجميل. وتهمة «إفساد الشباب»، جريمة جنائية في السنغال يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.

أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين بدكار أمس (أ.ب)

ولم تصدر المحكمة قراراً باعتقال سونكو، وقالت إن ذلك أمر من اختصاص النائب العام. وكان سونكو سيجرّد من حقوقه الانتخابية حال أدين غيابياً بجريمة الاغتصاب. ووفق أحد محامي سونكو، فإن موكله لم يحاكم في ارتكابه جريمة، بل حُكم عليه في «جنحة». ومع ذلك، يبدو أن إعادة تصنيف الوقائع كـ«جنحة» ما زالت بموجب قانون الانتخابات تهدّد أهلية سونكو وقدرته على الترشح للرئاسة في 2024، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن محامٍ آخر من فريق الدفاع عنه. وتذهب بعض الآراء القانونية إلى أن سونكو ليس من حقه استئناف الحكم؛ لأنه كان غائباً عن المحاكمة.

ويأتي الحكم بعد حكم آخر بالسجن ستة أشهر مع وقف التنفيذ، صدر قبل أسابيع في قضية قذف وتشهير ضد وزير السياحة السنغالي، وهو الحكم الذي بدوره أثار جدلاً حول تقويض أهلية سونكو للترشح.

وسابقاً هذا الأسبوع، شهدت البلاد اشتباكات بين أنصار سونكو وقوات الأمن مرتبطة بمحاكمته، ثم عودته من جنوب البلاد إلى داكار (الجمعة). وتمكّن سونكو من حشد جموع من أنصاره في ما عُرف بـ«موكب الحرية»، لكنه أُوقف الأحد الماضي، وأعيد قسراً إلى منزله في العاصمة، حيث بقي وسط انتشار كثيف للشرطة التي تصدّت منذ ذلك الحين بالغاز المسيل للدموع أو حتى الاعتقال لأي محاولة للاقتراب منه. والثلاثاء الماضي، أعلن سونكو أنه «محتجز»، ودعا السنغاليين إلى التظاهر «بكثافة».

سيارات محترقة غداة مواجهات عنيفة في دكار أمس (إ.ب.أ)

وعثمان سونكو هو سياسي سنغالي ومؤسس «حزب الوطنيين» (باستيف) المعارض. ويروّج سونكو لنفسه على أنه «ضد الفساد»، ويتبنى مشروعاً سياسياً يتمحور حول التوجه إلى «الاستقلال الوطني ومناهضة فرنسا»، الحليف التقليدي للسنغال، وهو ما يجد صدى لدى الأوساط المدنية والشبابية والطلابية على نطاق واسع. ويتّهم سونكو وأنصاره الحكومة بـ«استخدام القضاء لمنعه من الترشح للرئاسة»، فيما يتهمه الحزب الرئاسي بـ«الرغبة في شل البلاد واستخدام الشوارع للإفلات من العدالة».

وكان سونكو، الذي حلّ ثالثاً في الانتخابات الرئاسية السابقة، قد أعلن سابقاً قراره «عدم التعاون مع القضاء» دون ضمانات لسلامته، مشيراً لـ«تعرضه لمحاولة اغتيال في أثناء طريقه إلى المحكمة في مارس (آذار) الماضي». واتهم رئيس البلاد ماكي سال بـ«التورط في المحاولة».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال المحلل السنغالي تيرنو بشير، إن الحكم «أثار غضب أنصار سونكو؛ لأنه يحرمه من الأهلية للترشح للانتخابات القادمة، حيث يمنعه من ممارسة حقوقه المدنية»، مشيراً إلى أن «الاحتجاجات الأخيرة شهدت عنفاً كبيراً وأضراراً مادية نتيجة استهداف المحتجين الممتلكات العامة وبعض مقار الشركات الأجنبية». وأضاف أنه بعد الحكم، «أصدر حزب سونكو بياناً وصف فيه الحكم بالجائر والمسيّس. ودعا الحزب أنصاره في جميع أنحاء البلاد للاحتجاج والمقاومة، كما أصدر أحد تكتلات المعارضة، ويُدعى (تحالف تحرير الشعب)، بياناً اتّهم فيه رئيس الجمهورية ماكي سال بـ«الخيانة العظمى»، وطالبه بالاستقالة فوراً، وطلب من الشعب السنغالي مواصلة المقاومة».

الرئيس السنغالي شارك في الحوار الوطني بدكار في 31 مايو (رويترز)

ولم يعلن الرئيس سال، الذي يتولى السلطة منذ 2012، عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، لكنه رفض الادّعاء بأن «ترشحه لولاية ثالثة أمر غير دستوري». وحشدت المعارضة السنغالية، الشهر الماضي، أكثر من 120 حزباً وجماعة سياسية ومنظمة مجتمع مدني، ووقّعوا ميثاق حركة (القوى الحية) «إف 24» ضد ترشحه المحتمل.

وتوقع توفيق بوقاعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، اتّساع دائرة المواجهة بين السلطة وسونكو وأنصاره، لافتاً إلى أن «هذه المواجهة ستمتد إلى كثير من المدن والقرى والمناطق المهمشة اقتصادياً واجتماعياً وإثنياً، التي تؤيد سونكو». وأكد بوقاعدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام السنغالي يخاطر بشدة بورقة مواجهة سونكو في الشارع بعد أن فشلوا في ترويضه سياسياً، حيث يضعون استقرار البلاد واقتصادها في رهان شائك، فيما تؤدي هذه المقاربة إلى زيادة شعبية سونكو». وتوقع بو قاعدة أن «تلجأ السلطة إلى تأجيل الانتخابات، وفرض قانون الطوارئ لأنها ستعاني من مأزق كبير وحقيقي حال استبعاد سونكو».


مواجهات بين شبان مسلمين والشرطة بعد صلاة الجمعة في إثيوبيا

مظاهرة لشبان في أديس أبابا من إثنية الأورومو (رويترز-أرشيفية)
مظاهرة لشبان في أديس أبابا من إثنية الأورومو (رويترز-أرشيفية)
TT

مواجهات بين شبان مسلمين والشرطة بعد صلاة الجمعة في إثيوبيا

مظاهرة لشبان في أديس أبابا من إثنية الأورومو (رويترز-أرشيفية)
مظاهرة لشبان في أديس أبابا من إثنية الأورومو (رويترز-أرشيفية)

اندلعت مواجهات بعد صلاة الجمعة قرب أكبر مسجد في أديس أبابا بين الشرطة ومصلين من الشبان الغاضبين من هدم المساجد في إطار مشروع حضري، بحسب مراسلي وكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت مظاهرة مماثلة الأسبوع الماضي انتهت بمقتل شخصين بعد صدامات في محيط مسجد أنوار، بحسب الشرطة التي أعلنت أيضاً إصابة 56 شخصاً واعتقال 114.

والجمعة، قال صحافيو وكالة الصحافة الفرنسية إن شرطة مكافحة الشغب انتشرت بالقرب من المسجد. وحضر رجال أمن من الحرس الجمهوري وهي وحدة نخبة مسؤولة عن حماية المؤسسات وشخصيات الحكومة.

وبعد الصلاة، بدأ المصلون بالخروج من المسجد بهدوء عندما بدأ شبان بالهتاف «الله أكبر»، بحسب مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية هناك.

وبعدها، سُمع إطلاق النار وبدأ الناس يركضون مذعورين ثم بدأ الشبان بإلقاء الحجارة على الشرطة التي ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع.

ورأى مراسل آخر الشرطة وهي تطلق الغاز المسيل للدموع وطلقات باتجاه الشبان الذين كانوا يقومون برشق عناصرها بالحجارة.

ولم يكن بالإمكان معرفة إن كانت الطلقات حية أم بلاستيكية أم فارغة. ولم يرَ صحافيو وكالة الصحافة الفرنسية وقوع أي إصابات فورية.

وأكد أمير، الذي جاء لأداء صلاة الجمعة: «كنا نعلم تقريباً ما الذي سيحدث بعد الصلاة. اعتُقل المئات من إخواننا وأخواتنا الأسبوع الماضي... الناس غاضبون من تدمير مساجدنا».

وأطلقت السلطات الفيدرالية ومنطقة أوروميا، العام الماضي، مشروعاً مثيراً للجدل يسمى «شيغر سيتي» يقضي بدمج 6 بلدات تحيط بالعاصمة في قوس غربي واسع.

وفي هذا الإطار، تدمر السلطات، منذ أشهر، عدداً من المباني والمنازل والمساجد التي تعتبرها مبنية بشكل غير قانوني.

ويدين معارضو المشروع هذه العمليات التي يعتبرونها تمييزية وتستند برأيهم إلى معايير عرقية (ضد السكان الذين لا ينتمون إلى إثنية الأورومو) ودينية (استهداف مساجد).


9 قتلى خلال احتجاجات شعبية في السنغال

جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)
جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)
TT

9 قتلى خلال احتجاجات شعبية في السنغال

جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)
جندي سنغالي يقف أمام سيارة محترقة بدكار (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات السنغالية أن 9 أشخاص قتلوا في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أسابيع، ولكنها تصاعدت أكثر الخميس، بعد صدور حكم بالسجن في حق المعارض عثمان سونكو، وهو مرشح للانتخابات الرئاسية المرتقبة مطلع العام المقبل (2024)، ولكن هذا الحكم سيمنعه من خوض الانتخابات.

وكان عثمان سونكو (48 عاماً) موضع شكوى تقدمت بها شابة تعملُ في صالون تجميل تدعى آدي سار، اتهمته بأنه اغتصبها وهددها بالقتل، حين كان يرتاد الصالون عام 2020، وهي القضية التي وصلت إلى القضاء عام 2021. وحين استدعت المحكمة سونكو خرج أنصاره في مظاهرات أودت بحياة أكثر من 20 شخصاً.

ولكن الغرفة الجنائية أصدرت، الخميس الماضي، حكمها في القضية، حين برأت سونكو من تهمتي «الاغتصاب» و«التهديد بالقتل»، ولكنها أدانته بتهمة «إفساد الشباب»، وهي جنحة تتعلق بتشجيع شخص تحت سن الحادية والعشرين على «الفجور»، لتحكم عليه بالسجن عامين نافذين مع غرامة 600 ألف فرنك غرب أفريقي (يعادل ألف دولار).

احتجاجات دامية

أشخاص يطفئون حريقاً في أحد شوارع العاصمة السنغالية (رويترز)

وفرضت المحكمة على سونكو، الذي رفض حضور الجلسات، البقاء في بيته تحت «إقامة جبرية»، لتندلع موجة مظاهرات في عدد من المدن السنغالية، يقودها في الأغلب شباب غاضبون من سجن زعيمهم، ولكنهم غاضبون أكثر من الأوضاع الاقتصادية والسياسية بشكل عام.

وانخرط المحتجون في موجة تخريب واسعة، فنهب كثير من المحلات التجارية والمنشآت العامة والخاصة، كما أغلقت الطرق وأضرمت النار في السيارات، وسقط عدد من الجرحى في صفوف عناصر الشرطة. وتركزت أعمال التخريب بشكل أكبر في مدينتي دكار العاصمة، وزيغنشور في الجنوب، التي ينحدر منها سونكو.

وفي أول حصيلة رسمية، أعلن وزير الداخلية السنغالي أنطوان ديومي، في رسالة مقتضبة بثها التلفزيون الوطني، ليل الخميس إلى الجمعة، أن 9 أشخاص على الأقل قتلوا في «أعمال عنف مؤسفة أدت إلى تدمير ممتلكات عامة وخاصة».

تعليق منصات التواصل الاجتماعي

جانب من الدمار الذي سببته المواجهات في العاصمة السنغالية (رويترز)

ونشرت السلطات السنغالية وحدات من القوات المسلحة في شوارع العاصمة دكار، كما قيّدت الوصول إلى بعض تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقعي «فيسبوك» و«تويتر» وتطبيق التراسل الفوري «واتساب»، فيما بدت شوارع دكار الجمعة، شبه خالية من أي حركة، مع بقاء آثار العنف بادية للعيان.

وقال وزير الداخلية إنهم بالفعل فرضوا قيوداً على الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي، وأضاف: «بعدما لاحظنا انتشار رسائل كراهية وتخريب، قررت دولة السنغال بكامل سيادتها تعليق استخدام بعض التطبيقات الرقمية مؤقتاً».

وتعدّ السنغال واحدة من الدول القليلة في أفريقيا المعروفة بالاستقرار السياسي، إذ ظلت نموذجاً للتبادل السلمي على السلطة. فلم يسبق أن عاش هذا البلد أي انقلاب عسكري منذ استقلاله عام 1960 عن فرنسا، ولكنه رغم ذلك مرّ بكثير من الأزمات السياسية في تاريخه.

الحوار الوطني

الرئيس السنغالي شارك في الحوار الوطني بدكار في 31 مايو (رويترز)

ماكي صال الذي يحكم السنغال منذ 2012، ويقود نهضة اقتصادية كبيرة تحت شعار «السنغال الناهض»، علق على الأحداث الأخيرة بالقول إنه «سيحمي البلاد مهما كلف الثمن». وأضاف أن «هناك من اختاروا النيل من الجمهورية، ذلك خيارهم، ولكن أنا ملزم بمواجهتهم لحماية هذه البلاد».

وجاءت تصريحات ماكي صال، خلال افتتاح حوار وطني تشارك فيه أحزاب سياسية، وهو الحوار الذي يأتي تمهيداً للانتخابات الرئاسية التي ستنظم في شهر فبراير (شباط) من العام المقبل. ولكن صال استغل الفرصة ليرفض ما قال إنها «تهديدات يومية توجه إلى القضاة عبر الهاتف، وإحراق منازلهم»، مشيراً إلى أنه «لا بد من تطبيق القانون إذا كنا نريد لبلدنا أن يتقدم نحو الأمام».

ويشير الرئيس السنغالي إلى أنصار عثمان سونكو، الذين خرجوا إلى الشوارع بعد خطاب ألقاه الرجل من منزله، حيث يخضع للإقامة الجبرية، طلب منهم فيه الخروج إلى الشارع والتضامن معه.

ويعدّ أغلب أنصار سونكو، الذي حل في المرتبة الثالثة خلال الانتخابات الرئاسية الماضية (2019)، من فئة الشباب الذين يمرون بأوضاع اقتصادية صعبة، وذلك لأنهم يرون فيه شاباً مثلهم، ولأنه يحمل خطاباً يتحدث فيه دوماً عن السيادة الأفريقية، ومخاطر الاستعمار الفرنسي، وعما يسميه «مافيا الدولة» والشركات متعددة الجنسيات.

ويأتي هذا الصراع في وقت تستعد فيه السنغال لتصدير أول شحنة من الغاز الطبيعي، خلال الفصل الأخير من العام الحالي، من حقل مشترك مع جارتها الشمالية موريتانيا، وهو حقل «السلحفاة الكبير - آحميم» الذي تستغله شركة «بريتش بيتروليوم» البريطانية، ومن شأنه أن يعود على كل من البلدين بمليار دولار أميركي سنوياً.


تنزانيا تعلن انتهاء تفشي فيروس «ماربورغ» المميت

معدل الوفيات بـ«ماربورغ»  يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (رويترز)
معدل الوفيات بـ«ماربورغ» يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (رويترز)
TT

تنزانيا تعلن انتهاء تفشي فيروس «ماربورغ» المميت

معدل الوفيات بـ«ماربورغ»  يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (رويترز)
معدل الوفيات بـ«ماربورغ» يصل إلى 88 في المائة من الإصابات (رويترز)

أعلنت تنزانيا، اليوم الجمعة، انتهاء تفشي فيروس «ماربورغ» المميت، بحسب ما أفادت منظمة الصحة العالمية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وسُجّلت تسع حالات، ثمان منها مؤكدة وواحدة محتملة، وست حالات وفاة جراء تفشي الحمى النزفية التي أُعلن عنها أول مرة أواخر مارس (آذار)، بحسب بيان منظمة الصحة.

وكان ذلك أول تفش من نوعه في تنزانيا، الدولة الواقعة بشرق أفريقيا والبالغ عدد سكانها نحو 62 مليون نسمة.

وينتقل فيروس «ماربورغ» إلى الإنسان عن طريق خفافيش الفاكهة ويتفشى بين البشر عبر الاتصال المباشر بالسوائل الجسدية للمصابين أو بالأسطح والمواد. وهو من سلالة الفيروسات التي تشمل أيضا إيبولا الذي ضرب أفريقيا مرات عدة.

ويصل معدل الوفيات بـ«ماربورغ» إلى 88 في المائة من الإصابات، وفق منظمة الصحة العالمية.

وثبت شفاء آخر حالة مؤكدة بـ«ماربورغ» في تنزانيا في 19 أبريل (نيسان)، ما أطلق العد العكسي الإلزامي البالغ 42 يوما قبل الإعلان عن انتهاء تفشي الفيروس، بحسب المنظمة.

ولا توجد لقاحات له أو علاجات مضادة للمصابين تمت الموافقة عليها.


دول «بريكس» منفتحة على انضمام أعضاء جدد... وتدعو إلى «إعادة توازن» النظام العالمي

وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون (أ.ف.ب)
وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون (أ.ف.ب)
TT

دول «بريكس» منفتحة على انضمام أعضاء جدد... وتدعو إلى «إعادة توازن» النظام العالمي

وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون (أ.ف.ب)
وزراء خارجية دول «بريكس» خلال اجتماع في كيب تاون (أ.ف.ب)

أعلن دبلوماسيون كبار من دول «بريكس»، خلال محادثات في جنوب أفريقيا (الخميس)، أن المجموعة منفتحة على انضمام أعضاء جدد، في وقت تسعى فيه الكتلة إلى الحصول على صوت أقوى في الساحة الدولية.

ودعا وزراء خارجية «مجموعة الدول الخمس»، المؤلفة من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، إلى «إعادة توازن» النظام العالمي، وذلك خلال اجتماعهم في الكاب، في إطار مؤتمر يستمر يومين تطغى عليه تداعيات الحرب في أوكرانيا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال وزير الخارجية الهندي، سوبراهمانيام جايشانكار، خلال كلمة افتتاحية: «اجتماعنا يجب أن يبعث برسالة قوية مفادها بأن العالم متعدد الأقطاب، وأنه يعيد توازنه، وأن الطرق القديمة لا يمكنها معالجة الأوضاع الجديدة». وأضاف: «نحن رمز للتغيير، ويجب أن نتصرف على هذا الأساس».

أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى عزل موسكو إلى حد كبير على المسرح الدولي، ما دفعها إلى السعي لتوثيق العلاقات مع الصين وغيرها.

من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «أكثر من عشر دول»، يتردد أن من بينها السعودية، قد أبدت اهتمامها بالانضمام إلى مجموعة «بريكس».

وذكر لافروف أن القضية نوقشت مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود الموجود في الكاب.

بدوره قال نائب وزير الخارجية الصيني، ما تشاو تشو، إن بكين ترحب بالمتقدمين المحتملين. وأضاف في مؤتمر صحافي: «نتوقع انضمام مزيد من الدول إلى عائلتنا الكبيرة».

يأتي اجتماع دول مجموعة «بريكس»، الخميس، في الكاب قبل قمة لرؤساء الدول، مقررة في أغسطس (آب) تهيمن على تحضيراتها إمكانية حضور فلاديمير بوتين إلى جنوب أفريقيا، الدولة المضيفة للقمة.

وصدرت في حق بوتين مذكرة توقيف عن المحكمة الجنائية الدولية بتهمة «ترحيل» أطفال أوكرانيين في إطار هجوم موسكو على أوكرانيا.

نظرياً، وبصفتها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، يتوجب على جنوب أفريقيا اعتقال الرئيس الروسي إذا دخل أراضيها. لكن البلدين يقيمان علاقات وثيقة.

في هذا الصدد أكدت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور أن «دعوة وُجّهت إلى كل من رؤساء الدول الخمس».

وأضافت أن حكومة جنوب أفريقيا التي لم تتخذ موقفاً من مسألة احتمال اعتقال الرئيس الروسي، تدرس «الخيارات القانونية».

وأشارت باندور إلى أن القمة ستعقد في جوهانسبرغ، بعد أن ذكرت تقارير إعلامية أن الحكومة تدرس نقلها إلى مكان آخر للالتفاف على هذه القضية.

في الغضون هتف متظاهرون يحملون الأعلام الأوكرانية خارج الفندق الذي عُقد فيه الاجتماع: «أوقفوا بوتين! أوقفوا الحرب!» وحمل البعض لافتات تصوّر لافروف، كُتب عليها «قاتل أطفال» بحروف حُمر.

وقالت دزفينكا كاتشور (41 عاماً) عضو الرابطة الأوكرانية في جنوب أفريقيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «صعب أن نرى أن جنوب أفريقيا التي لديها موقف قوي لناحية حقوق الأطفال، تصافح شخصاً هو جزء من جرائم الحرب المنهجية هذه ضد الأطفال الأوكرانيين».

وأوضحت باندور أن وزراء الخارجية لم يناقشوا مسألة حضور بوتين، بل ركزت محادثاتهم على الاستخدام المحتمل لعملات بديلة للدولار الأميركي في التجارة الدولية، وعلى تعزيز «بنك التنمية الجديد»، المعروف أيضاً باسم بنك «بريكس».

وفي إشارة واضحة إلى الإجراءات الغربية ضد روسيا، قالت إنه تم البحث أيضاً في سبل «ضمان عدم وقوعنا ضحايا للعقوبات التي لها آثار ثانوية على الدول التي لا تنخرط في القضايا التي أدت إلى تلك العقوبات الأحادية».

وترفض بريتوريا إدانة موسكو منذ بدء الحرب على أوكرانيا، مؤكدة أنها تتخذ موقفاً محايداً، وتفضل الحوار لحل الأزمة، وهو ما يثير القلق على الساحة الدولية.

في أبريل (نيسان) قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا إن مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين تضع جنوب أفريقيا «في موقع صعب».

هذا الأسبوع منحت حكومة جنوب أفريقيا حصانة دبلوماسية للمسؤولين الذين حضروا قمة «بريكس»، قائلة إنه إجراء اعتيادي لتنظيم المؤتمرات الدولية.


تفشي الكوليرا مستمر في الكاميرون... والإصابات ترتفع لأكثر من 420

الكوليرا تسبب الإسهال الحاد والقيء (أ.ف.ب)
الكوليرا تسبب الإسهال الحاد والقيء (أ.ف.ب)
TT

تفشي الكوليرا مستمر في الكاميرون... والإصابات ترتفع لأكثر من 420

الكوليرا تسبب الإسهال الحاد والقيء (أ.ف.ب)
الكوليرا تسبب الإسهال الحاد والقيء (أ.ف.ب)

قال مسؤول بوزارة الصحة، أمس (الخميس)، إن 26 شخصاً آخرين لقوا حتفهم في تفشي الكوليرا المستمر في الكاميرون في الأسبوعين الماضيين، ليرتفع إجمالي عدد الوفيات إلى 426، وفقاً لوكالة «رويترز».

وأُعلن تفشي المرض في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وحدثت زيادة قوية في حالات الإصابة منذ أواخر مارس (آذار) من هذا العام بعد فترة انخفاض، وفقاً لـ«منظمة الصحة العالمية».

وأوضحت ليندا إسو، المسؤولة بوزارة الصحة في الكاميرون أن عدد حالات الإصابة المؤكدة في الكاميرون يبلغ الآن 1868.

وقد تسبب الكوليرا الإسهال الحاد والقيء والهزال، وتنتقل بشكل رئيسي عن طريق الطعام أو الماء الملوَّثين. وقد تودي بحياة المرء في غضون ساعات إذا لم يتم علاجها.

الكوليرا تنتقل عن طريق الطعام أو الماء الملوثين (رويترز)

وأشارت «منظمة الصحة العالمية» في تقرير صدر أمس إلى أن 14 دولة أفريقية أبلغت عن حالات إصابة منذ بداية عام 2023. وقالت إنها تشعر بالقلق بشكل خاص لأن بلداناً كثيرة سجلت معدلات وفيات أعلى بالنسبة للإصابات مقارنة بالسنوات السابقة.

وأوضحت وزارة الصحة في تقرير الحالة الذي اطلعت عليه «رويترز» في الكاميرون أن «أكثر من 79 في المائة من الحالات تصل إلى المرافق الصحية في حالة متوسطة أو خطيرة»، مما يزيد من فرص وفاتها.


بوركينا فاسو تعلن مقتل 50 مسلحاً بهجوم استهدف قافلة

تعرضت قافلة تحمل مواد غذائية كانت تتحرك بمرافقة عسكرية، إلى كمين (رويترز)
تعرضت قافلة تحمل مواد غذائية كانت تتحرك بمرافقة عسكرية، إلى كمين (رويترز)
TT

بوركينا فاسو تعلن مقتل 50 مسلحاً بهجوم استهدف قافلة

تعرضت قافلة تحمل مواد غذائية كانت تتحرك بمرافقة عسكرية، إلى كمين (رويترز)
تعرضت قافلة تحمل مواد غذائية كانت تتحرك بمرافقة عسكرية، إلى كمين (رويترز)

أفادت القوات المسلَّحة في بوركينا فاسو، اليوم الخميس، بمقتل مدنييْن و50 مسلحاً على الأقل، في شمال البلاد، لدى تعرض قافلة تحمل مواد غذائية كانت تتحرك بمرافقة عسكرية، إلى كمين.

وأوضح مصدر أن الحادث وقع، يوم الأربعاء، قرب تيبو في مقاطعة لوروم المحاذية لمالي، عندما هاجم نحو 100 مسلَّح قافلة الشاحنات، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وذكرت القوات المسلَّحة، في بيان، أن وحدتين عسكريتين كانتا تُرافقان القافلة نفّذتا هجوماً مضاداً أدى إلى «تحييد» 50 مهاجماً على الأقل، وقُتل مدنيان كانا ضمن القافلة أيضاً.

وقال رئيس الوزراء في بوركينا فاسو، أبولينير كيليم دي تامبيلا، يوم الثلاثاء، للبرلمان، إن السلطات «لن تتفاوض قط؛ لا على سلامة أراضي بوركينا فاسو، ولا سيادتها». وأضاف أن «المفاوضات الوحيدة التي تُعدّ ذات معنى مع هذه العصابات المسلَّحة هي تلك الجارية في ساحة المعركة».

وتُواجه الدولة، الواقعة في منطقة الساحل، تمرداً مسلحاً مستمراً منذ 7 سنوات بدأ في مالي المجاورة. وقُتل أكثر من 10 آلاف مدني وعسكري، وفق تقديرات المنظمات غير الحكومية، بينما فرّ أكثر من مليونيْ شخص بسبب الهجمات.

وقُتل نحو 40 شخصاً، نهاية الأسبوع، في هجومين قرب بوراسو.


جنوب السودان يندد بتمديد الأمم المتحدة حظر الأسلحة ضده

بقايا ذخائر عنقودية من الحرب الأهلية بجنوب السودان (أ.ب)
بقايا ذخائر عنقودية من الحرب الأهلية بجنوب السودان (أ.ب)
TT

جنوب السودان يندد بتمديد الأمم المتحدة حظر الأسلحة ضده

بقايا ذخائر عنقودية من الحرب الأهلية بجنوب السودان (أ.ب)
بقايا ذخائر عنقودية من الحرب الأهلية بجنوب السودان (أ.ب)

ندد جنوب السودان بتمديد الأمم المتحدة حظر الأسلحة الساري منذ العام 2018 وعقوبات فردية مفروضة منذ 2015 عليه.

وعدت وزارة خارجية جنوب السودان، في بيان من جوبا مساء (الأربعاء) عقب صدور النص في نيويورك، أن «قرار مجلس الأمن الدولي مؤسف».

وشدد البيان على أن القرار «لا يأخذ في الاعتبار التقدم الكبير الذي أحرزته الحكومة» لتنفيذ اتفاق السلام الموقع في العام 2018.

ويُمدد القرار، الذي صاغته الولايات المتحدة وتم تبنيه بأغلبية عشرة أصوات وامتناع خمس دول عن التصويت، الحظر على الأسلحة لمدة عام، أي حتى 31 مايو (أيار) 2024.

ويُعرب القرار عن قلق من «استمرار تصعيد العنف وإطالة أمد الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية في جزء كبير من البلاد»، كما يدعو الأطراف المختلفة إلى «تجنب الانزلاق مرة أخرى في صراع عام»، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

غير أنّ النص يقدّم تخفيفاً يسمح بنقل معدّات عسكرية غير فتاكة تهدف إلى تنفيذ اتفاق السلام للعام 2018، والتي سُمح بها منذ عام، ليكون ذلك ممكنا من دون إشعار مسبق.

والدول الخمس التي امتنعت عن التصويت هي: الصين وروسيا وغانا والغابون وموزمبيق، وعدت الدول الأفريقية الثلاث أن هذه العقوبات جاءت بنتائج عكسية ولا تعكس التقدم الذي أحرزه جنوب السودان.

وأعرب جنوب السودان عن «امتنانه العميق للحكومات الصديقة» لدعمها في مواجهة هذا «التصويت غير العادل».

وكانت لجنة الخبراء التي شكلها مجلس الأمن قد أفادت في تقريرها الأخير الصادر في أبريل (نيسان) الماضي، باستيراد آليات عسكرية عدته «انتهاكاً للحظر».

وشهد هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 12 مليون شخص، منذ العام 2013 إلى العام 2018، حربا أهلية دامية بين أنصار سلفا كير ورياك مشار، أودت بـ380 ألف شخص. ورغم اتفاق السلام، ما زال العنف مستمراً في جنوب السودان، وتم إحصاء 2.3 مليون نازح داخلياً في أبريل (نيسان)، وفقاً لأرقام مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا).


ما مصير الانتقال السياسي في بوركينا فاسو؟

قوات أمنية من بوركينا فاسو أثناء تدريبات (أ.ف.ب)
قوات أمنية من بوركينا فاسو أثناء تدريبات (أ.ف.ب)
TT

ما مصير الانتقال السياسي في بوركينا فاسو؟

قوات أمنية من بوركينا فاسو أثناء تدريبات (أ.ف.ب)
قوات أمنية من بوركينا فاسو أثناء تدريبات (أ.ف.ب)

حذرت حكومة بوركينا فاسو من «عدم إمكانية إجراء انتخابات» في ظل استمرار الهجمات الإرهابية وتمدد الاقتتال. ويرى خبراء أن «ربط السلطة العسكرية عملية الانتقال السياسي بالوضع الأمني المتدهور، يضع تلك العملية في دائرة الشكوك»، مؤكدين أن «الجماعات الإرهابية تستفيد من غياب دولة القانون والمؤسسات في ظل الحكومات الانقلابية».

وتقود بوركينا فاسو، التي شهدت انقلابين عسكريين عام 2022، سلطة انتقالية عسكرية بقيادة الكابتن إبراهيم تراوري منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. ويتعين على الجيش إعادة السلطة للمدنيين في يوليو (تموز) 2024، بعد إجراء انتخابات رئاسية.

وبعد مقتل نحو 40 شخصاً هذا الأسبوع، أعلن رئيس الوزراء في بوركينا فاسو، أبولينير كيليم دي تامبيلا، (الثلاثاء)، أنه «لا يمكن إجراء انتخابات في غياب الأمن». وأضاف أمام الجمعية التشريعية الانتقالية «إذا كنتم تملكون عصا سحرية يمكنها أن توفر لنا الأمن في أسرع وقت ممكن، فسوف ننظم الانتخابات». وأضاف: «إذا نظمنا انتخابات حالياً بينما يتعذر الوصول إلى جزء من الأراضي، فسنقول إن مَن سيُنتخب انتُخب بشكل سيئ».

ويرى سيدي المختار ولد سيدي، المحلل الموريتاني المختص في الشؤون الأفريقية، أن تصريحات رئيس الوزراء الأخيرة تقول بوضوح إن «السلطة الانتقالية تربط مصير العملية السياسية برمتها بالوضع الأمني في البلاد، وكل المؤشرات تقول إنها غير قادرة على السيطرة الأمنية، ما يزيد الشكوك حول استعدادها الفعلي للاضطلاع بعملية الانتقال السياسي».

والهجومان الأخيران نفّذهما مسلّحون يُشتبه في أنّهم تابعون لجماعات متطرفة وقُتل خلالها أفراد من الجيش وأفراد مدنيون متعاونون معه، حسبما أفادت مصادر أمنية ومحلية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، (الثلاثاء). ومنذ أسابيع عدة، تتضاعف الهجمات العنيفة في أنحاء مختلفة من البلاد، وفي المجموع قُتل أكثر من 100 شخص في هجمات في مايو (أيار) الماضي.

يقول أحمد سلطان، الخبير المصري في قضايا الجماعات المتطرفة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الهجمات المكثفة الأخيرة، تظهر عدم قدرة السلطات على مواجهة تنظيم (داعش) وجماعة (نصرة الإسلام والمسلمين) التابعة لـ(القاعدة)، وإن البلاد أصبحت برميل بارود متفجر، وساحة عمل نموذجية للجماعات المسلحة».

وفي تصريحاته، جدد دي تامبيلا كذلك، رغبة الحكومة في زيادة المتطوعين المدنيين في الجيش، كما أكد «عدم إمكانية حصول مفاوضات» مع «جحافل الإرهابيين». وأطلقت السلطة العسكرية الحاكمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حملة لتجنيد 50 ألف متطوع للقتال ضد «الجماعات الإرهابية»، ونجحت الحملة في «تجنيد 90 ألف مواطن».

والشهر الماضي، قالت السلطات إنها بدأت تحقيقاً في «مذبحة» وقعت بقرية الكرمة شمال البلاد، وأثارت الواقعة دعوات لإجراء مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحقيقاً فيها. وقُتل نحو 136 شخصاً، بينهم نساء وأطفال في هذا الهجوم، الذي وقع في 20 أبريل (نيسان)، واتَّهم فيه مواطنون قوات الجيش والمتعاونين المدنيين معه بالمسؤولية عنه، لكنّ مسؤولين قالوا إن «مرتكبي المذبحة إرهابيون ارتدوا ملابس العسكريين».

وقال سلطان إن «الهجمات المنسقة والمتزامنة وحجم خسائر الجيش الكبير تعكس تقدماً في تكتيكات الجماعات، كما تعكس فوضى السلاح وتهديد الخلافات الإثنية والعرقية بانزلاق الوضع إلى ما هو أخطر عليها وعلى المنطقة».

ويعتقد سلطان بأن بوركينا فاسو تعتبر الآن نقطة تمركز وانطلاق للجماعات الإرهابية في منطقة الساحل كلها، مؤكداً أن «الجماعات الإرهابية تستفيد من الفوضى الأمنية والسياسية التي تخلفها الانقلابات والسلطات المؤقتة في ظل غياب تام لسلطة القانون والدستور».

بدوره يقول ولد سيدي لـ«الشرق الأوسط» إن «غياب الأمن في البلاد وعدم جدية وقدرة السلطة على تبني عملية انتقال سياسي واضح المعالم أمور ستصعب مهمة إحلال الاستقرار في منطقة الساحل التي تعاني، وقد تنتقل موجات العنف هذه إلى دول غرب أفريقيا التي كانت تنعم بالاستقرار مثل توغو وبنين وكوت ديفوار».

وخلّفت أعمال العنف منذ 7 أعوام أكثر من 10 آلاف قتيل من مدنيين وعسكريين، وفق منظمات غير حكومية، وأجبرت أكثر من مليوني شخص على النزوح.


هل تنشئ موسكو قاعدة عسكرية «دائمة» في أفريقيا الوسطى؟

جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)
TT

هل تنشئ موسكو قاعدة عسكرية «دائمة» في أفريقيا الوسطى؟

جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)
جنود فرنسيون من البعثة اللوجيستية في مطار بانغي قبل مغادرة أفريقيا الوسطى (أ.ف.ب)

أعرب سفير جمهورية أفريقيا الوسطى لدى روسيا، ليون دودونو بوناغازا، الاثنين، عن «رغبة مواطني بلاده بوجود قاعدة عسكرية روسية في بلاده»، فيما رجح خبراء حدوث ذلك، ورأوه تطوراً نوعياً في سياق التنافس الاستراتيجي الدولي على دول القارة السمراء.

وقال السفير بوناغازا الاثنين خلال مقابلة صحافية: «نحن بحاجة إلى قاعدة عسكرية روسية يمكن أن يوجد فيها ما بين خمسة إلى عشرة آلاف جندي». وفي تصريحات نقلتها وكالة سبوتنيك الرسمية الروسية، الاثنين، أكد وزير الدفاع في جمهورية أفريقيا الوسطى، كلود رامو بيرو، أن «المفاوضات مع موسكو حول بناء قاعدة عسكرية في بلاده، جارية، ولم يتم تحديد موعد افتتاح القاعدة بعد».

ورأى العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن «الحديث عن قاعدة عسكرية في أفريقيا الوسطى، يعكس تطوراً نوعياً في العلاقات والتعاون العسكري بين البلدين»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن إنشاء القاعدة بقرار سيادي رسمي منسق مع السلطات الرسمية في روسيا أمر يتجاوز فكرة حضور روسيا هناك عبر مجموعة فاغنر. وتوقع أن «تستغل روسيا ذلك الإعلان وتلبي الدعوة في سياق مساعيها لزيادة نفوذها في القارة ومجابهة الضغوط الأميركية للحد منه».

وأشار إلى أنه «حال موافقة السلطات من الجانبين، سيكون ذلك متماشيا مع قواعد السيادة التي ينص عليها القانون الدولي».

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلنت هيئة الأركان العامة الفرنسية، خروج آخر جندي فرنسي من أفريقيا الوسطى. وكانت باريس أعلنت قبلها تعليق تعاونها العسكري مع البلاد بعد تعزيز التعاون العسكري بين بانغي وموسكو.

في المقابل، تدعي السلطات في بانغي، أن روسيا ساعدت بلادهم في استعادة 90 في المائة من أراضيها التي كانت بقبضة الجماعات المسلحة.

وكان تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية صدر في فبراير (شباط) الماضي، قال إن واشنطن عرضت على بانغي تدريب جيشها وزيادة المساعدات الإنسانية لها، مقابل طرد عناصر مجموعة فاغنر العسكرية الروسية من البلاد. وأضاف التقرير أن رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين أرشانج تواديرا، تلقى مذكرة من الإدارة الأميركية في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2022، توضح له «الفوائد التي قد يجنيها من الانفصال عن (فاغنر) والعواقب التي يمكن أن يتكبدها ببقائه على تحالف معها».

وقررت واشنطن منذ يناير (كانون الثاني) الماضي تشديد عقوباتها المفروضة على مجموعة «فاغنر» الروسية، بعد أن صنفتها وزارة الخزانة الأميركية «منظمة إجرامية كبيرة عابرة للحدود». وقالت إن المجموعة منخرطة في أنشطة إجرامية خطيرة في أفريقيا الوسطى ومالي.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» يقول العباس الوردي، أستاذ العلاقات الدولية المغربي والمدير العام للمجلة الأفريقية للسياسات العامة، إن «روسيا لديها الإمكانات المادية والبشرية لإنشاء مثل تلك القاعدة، لا سيما في ظل رؤيتها لأفريقيا شريكا وحليفا مهما في العالم الجديد متعدد الأقطاب».

ورأى أن تصريحات مسؤولي بانغي تعكس عدم استقبال محاولات أميركا والغرب من النظام في بانغي بـ«إشارات إيجابية». ولفت الوردي إلى أنه لو «أنشئت تلك القاعدة فلن تكون الأخيرة، ومن الممكن تكرار السيناريو في دول حليفة لموسكو مثل مالي وبوركينا فاسو».

وهاجم رئيس أفريقيا الوسطى، فاوستين أركانج تواديرا، في الآونة الأخيرة الدول الغربية، متهماً إياها بـ«الإبقاء على حالة عدم الاستقرار السياسي في بلاده من أجل نهب ثروات البلاد ومنع تنميتها». كما انتقد «الحصار غير العادل وغير الشرعي المفروض على تجارة الماس وعلى الأسلحة المخصصة للقوات المسلحة في بلاده»، إضافة إلى «حملاتِ التضليل والشيطنة التي تشنّها بعض وسائل الإعلام الأجنبية من أجل ثني المستثمرين». على حد تعبيره.