أدى الصراع السوري، المستمر منذ منتصف شهر مارس (آذار) 2011، إلى مقتل عدد كبير من المدنيين والمقاتلين المحسوبين على المعارضة السورية والفصائل المنضمة إليهم من جهة، والجنود النظاميين والعناصر الموالية لهم من جهة ثانية.
وكان لافتا خلال الأسابيع الأخيرة، ارتفاع حصيلة قتلى حزب الله اللبناني والإعلان عن مقتل عناصر قيادية في صفوفه بسوريا، في وقت تعلن فيه كتائب المعارضة بين الحين والآخر مقتل قياديين في صفوفها على جبهات القتال، كان آخرهم قائد «لواء التوحيد»، عبد القادر صالح، في حلب.
في لبنان، لا إحصاءات رسمية تظهر عدد قتلى حزب الله في سوريا ولا يعلن حزب الله أي إحصاءات، وهو لا يذكر أنهم قتلوا في سوريا، مكتفيا في بيانات النعي التي ينشرها بإعلان «استشهادهم» أثناء أداء «واجبهم القيادي»، من دون أن يحدد مكان أو زمان مقتلهم. لكن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وفي إطلالته عشية إحياء مسيرة عاشوراء، منتصف الشهر الماضي، قال إن عدد «شهداء» حزب الله منذ بداية أحداث سوريا «لم يصل إلى رقم 250 شهيدا»، لافتا: «إننا تكبدنا خسائر في سوريا أقل مما كنا نتوقع»، علما بأن الحزب شيع أكثر من عشرة مقاتلين منذ ذلك التاريخ.
وتنقل صفحات سورية معارضة، بشكل دائم، أرقاما كبيرة عن خسائر حزب الله في سوريا ووقوع عدد من عناصره أسرى بيد فصائل المعارضة العسكرية من دون تقديم أي إثباتات عملية، علما بأن نصر الله نفى في إطلالته وقوع أي أسير حي بيد «الجيش الحر». ونشر موقع «كلنا شركاء»، المقرب من المعارضة السورية، قبل يومين، حلقة أولى من صور نحو ألف قتيل من حزب الله قال إنهم قضوا في سوريا «في مناطق متفرقة، من حلب شمالا إلى درعا جنوبا، مرورا بالقصير والقلمون ودمشق والغوطة»، لافتا إلى أن بينهم «العشرات من القادة الميدانيين الفاعلين في الحزب».
في المقابل، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، بداية الشهر الحالي، الخسائر البشرية في سوريا منذ بدء النزاع فيها، مؤكدا توثيقه مقتل 232 مقاتلا من حزب الله و265 مقاتلا شيعيا. وأفاد بمقتل 31 ألف مقاتل نظامي، وأكثر من 19 ألف عنصر من اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني والشبيحة والمخبرين الموالين.
وبرز اسم حزب الله في القتال بسوريا، تحت راية الدفاع عن مقام السيدة زينب قرب دمشق، وتؤكد تقارير مشاركة المئات من عناصره في سوريا. وبدت هذه المشاركة أكثر وضوحا وعلانية في معارك القصير بريف حمص، بعدها منطقة حدودية تتداخل فيها قرى لبنانية ذات غالبية شيعية بقرى سورية، ليشارك بعد ذلك في معارك القلمون الاستراتيجية، على حدود لبنان الشرقية، دعما للنظام السوري من أجل الحفاظ على الطريق الدولية التي تربط دمشق بالساحل السوري.
وكان حزب الله شيع عددا من عناصره، أكدت تقارير إعلامية أنهم كانوا يشغلون مراكز قيادية، من دون أن تتوافر معطيات كثيرة عنهم. ومن أبرز هؤلاء، القائد الميداني باسل حمادة الذي قتل خلال معارك حمص في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، والقائد الميداني فادي الجزار الذي قتل خلال معارك القصير في شهر مايو (أيار) الماضي 2013.
وفي السادس عشر من نوفمبر الماضي، شيع حزب الله القائد الميداني علي شبيب، وأفادت تقارير إعلامية بأن الأخير كان قائد عمليات حزب الله في منطقة السيدة زينب، بينما ذكر موقع لبناني إخباري، مقرب من الحزب، أن شبيب كان معروفا باسم «أبو تراب الرويس». وفي الثامن عشر من الشهر ذاته، شيع الحزب وأهالي بلدة جبشيت القائد الميداني حسن مرعي، من دون أن تتضح ماهية مسؤولياته.
وفي 25 نوفمبر الماضي، شيع حزب الله وبلدة البازورية، (جنوب لبنان)، القائد الميداني علي إسكندر. وذكرت تقارير أنه كان يتولى مسؤولية قيادة العمليات العسكرية بمنطقة الغوطة الشرقية في سوريا، وهو من أبرز مقاتلي الحزب، واختاره السيد نصر الله ليكون مشرفا على العمليات العسكرية بريف دمشق.
وفي 28 من الشهر ذاته، أفيد بمقتل ابن شقيق وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسين الحاج حسن، البالغ من العمر 20 سنة. وفي اليوم ذاته، أعلنت صفحة «صقور الضاحية» على موقع «فيس بوك» ما وصفته بـ«أول عملية استشهادية للحزب في سوريا»، من دون إعلان أي تأكيد أو نفي رسمي من جانب حزب الله. وأوردت الصفحة، التي تبث أخبار الحزب إلى جانب أخبار أخرى، صورة للشاب صلاح يوسف، وخبرا جاء فيه أنه «خلال معارك الغوطة، جرت محاصرة مجموعة من حزب الله داخل أحد المباني من عناصر القاعدة («جبهة النصرة» و«داعش») فوضع الاستشهادي صلاح يوسف حزاما ناسفا، وتسلل بين صفوف التكفيريين مفجرا نفسه، موقعا عشرات القتلى والجرحى، فاتحا ثغرة سمحت لمجموعته بالخروج من المبنى المحاصر والمبادرة بالهجوم واستكمال المهمة».
وفي الثامن من الشهر الحالي، شيع حزب الله القائد الميداني علي حسين بزي، المتحدر من بلدة بنت جبيل الجنوبية. وذكرت صحيفة «وورلد تريبيون» الأميركية في عددها الصادر أمس أن بزي يعد من أبرز قادة الحزب العسكريين، وقتل على مقربة من الحدود السورية - اللبنانية. ونقلت عن مصادر قولها إنه «كان مسؤولا عن القطاع الغربي في سوريا ويقاتل ضد الجماعات المسلحة في القلمون القريبة من الحدود اللبنانية».
في موازاة ذلك، نعت فصائل المعارضة السورية عددا كبيرا من مقاتليها، ومن بينهم قادة ميدانيون بارزون. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان وفي إحصاءاته الأخيرة بداية الشهر الحالي، أفاد بمقتل 6261 من مقاتلي المعارضة، غالبيتهم من جنسيات غير سورية، إضافة إلى أكثر من ألفي جندي منشق.
ويعد قائد «لواء التوحيد» في حلب عبد القادر الصالح، الملقب بـ«حجي مارع»، من أبرز القيادات العسكرية التي فقدها الجيش السوري الحر، 17 نوفمبر الماضي، وذلك بعد أيام على إصابته البالغة من جراء غارة استهدفت مبنى كان موجودا فيه بحلب. وتعرض الصالح لأكثر من محاولة اغتيال، ووضع النظام السوري مكافئة مالية قدرها 200 ألف دولار لمن يعتقله أو يقتله.
وتزامن مقتل الصالح مع الإعلان عن مقتل قائد عمليات «الجيش الحر» في قارا العقيد المنشق سليم بركات في معارك مع الجيش السوري. كما أكدت مصادر عسكرية مقتل العقيد المنشق فواز محمد عز الدين، وهو قائد ميداني في «الجيش الحر» ببلدة النبك في القلمون.
وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن «الجيش الحر» في درعا مقتل المقدم ياسر العبود، أحد أبرز القادة الميدانيين في المنطقة الجنوبية، خلال اشتباكات مع القوات النظامية. وأفاد المكتب الإعلامي للمجلس العسكري بسوريا، بأن «العبود، قائد لواء الفلوجة - حوران، والمعروف بـ(أبو عمار)، قتل في معركة ضد قوات النظام، وهو رئيس غرفة العمليات في محافظة درعا». ويعد العبود من أوائل الضباط المنشقين عن نظام الرئيس بشار الأسد.
وفي الحادي عشر من شهر يوليو (تموز) الماضي، قتل عناصر في «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» عضو المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر كمال حمامي، الملقب «بأبي باسل اللاذقاني»، في ريف اللاذقية، علما بأنه كان يعد واحدا من أبرز قادة «الجيش الحر» في اللاذقية.
ثلاثة ملايين لاجئ سوري تحت رحمة عاصفة «أليكسا»
ثلاثة ملايين لاجئ سوري تحت رحمة عاصفة «أليكسا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة