مساعي احتواء سجال {التيار} و{القوات} تسهل تشكيل الحكومة

حرص بين «التيار» و«القوات» على العلاقة الجيدة مع بعد اتفاق معراب («الشرق الأوسط»)
حرص بين «التيار» و«القوات» على العلاقة الجيدة مع بعد اتفاق معراب («الشرق الأوسط»)
TT

مساعي احتواء سجال {التيار} و{القوات} تسهل تشكيل الحكومة

حرص بين «التيار» و«القوات» على العلاقة الجيدة مع بعد اتفاق معراب («الشرق الأوسط»)
حرص بين «التيار» و«القوات» على العلاقة الجيدة مع بعد اتفاق معراب («الشرق الأوسط»)

مهّد الموقف الذي أطلقه رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل خلال الخلوة التي عقدها تكتل «لبنان القوي» مطلع الأسبوع في مدينة زحلة، والذي أكد فيه حرصه على المصالحة مع «القوات اللبنانية»، لدخول العلاقة بين الطرفين مرحلة جديدة من «اختبار النوايا» يتم خلالها العمل على احتواء السجالات التي بلغت مستويات غير مسبوقة في الأسابيع الماضية، ما قد يؤسس لتجدد الحوار بينهما وبالتالي لحل ما يُعرف بـ«العقدة المسيحية» التي قد تؤخر عملية تشكيل الحكومة.
واحتدمت الأزمة القواتية - العونية عشية الانتخابات النيابية مع اتهام باسيل رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بـ«رمي رصاص الاغتيال السياسي». ولم تهدأ النفوس بعد إتمام الاستحقاق النيابي باعتبار أن السجال بين الفريقين تواصل، متخذا هذه المرة طابع الصراع على الحصص الوزارية، مع تأكيد «القوات» إصرارها على الحصول على كتلة وزارية توازي الكتلة «العونية» وتصويبها على حصة رئيس الجمهورية، معتبرة أن حصته يجب أن تكون من حصة تكتل «لبنان القوي».
ولا يقتصر ما بات يُعرف بـ«العقدة المسيحية» على عدد المقاعد الحكومية التي يُطالب بها كل طرف، بل تعداها ليطال بشكل أساسي الصراع حول موقع نيابة رئاسة الحكومة الذي تطالب به «القوات»، والذي يُصر «التيار الوطني الحر» على وجوب أن يكون من حصة رئيس الجمهورية.
واعتبر النائب في تكتل «لبنان القوي» زياد أسود، أن الموقف الذي أطلقه الوزير باسيل مؤكدا تمسكه بالمصالحة مع «القوات»، «يشكل خطوة إلى الأمام ومبادرة من قبله تستوجب ملاقاتها بخطوة ثابتة وجدية من قبلهم للخروج من الدوامة التي ندور فيها»، لافتا إلى أن «المشوار ليس بعيدا أو صعبا لكنه يستلزم التفاهم على أسس معينة، أبرزها الكف عن التجني وتوجيه اتهامات عشوائية للتيار الوطني الحر بالفساد بهدف كسب التأييد الإعلامي». وقال أسود لـ«الشرق الأوسط»: «دعم العهد الذي يؤكدون عليه، ليس مجرد شعار، ونحن لا نعتقد أنهم حاليا جديون بذلك وبخاصة نظرا للطريقة التي يطرحون ويعالجون فيها بعض الملفات وآخرها مرسوم الجنسية». وإذ أكد أسود وجود إمكانية لعودة المياه إلى مجاريها وبالتحديد لفترة ما بعد تفاهم معراب، مشددا على حرص «التيار الوطني الحر» على العلاقة الجيدة مع «القوات»، أشار إلى أن «الاختلاف في وجهات النظر حول عدد من الملفات، وهو أمر طبيعي ومنطقي، لا يجب أن يتحول إلى أشكال نصل من خلال إلى نقطة اللاعودة أو لما قبل المصالحة».
من جهتها، أكدت مصادر قيادية قواتية ترحيبها بالموقف الأخير الذي صدر عن الوزير باسيل، لافتة إلى أنها «اعتادت أن تعيد إرسال الورود للطرف الذي يبادر إلى ذلك»، لافتة إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» هو الذي كان قد بادر إلى الهجوم ما استدعى هجوما مضادا. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن حاليا معنيون برد التحية العونية بتحية مماثلة، لكن ذلك لا يعني أننا نعرف إلى أين قد تصل الأمور بعد هذه الرسالة الإيجابية التي تلقيناها، وما إذا كان إحياء تفاهم معراب ممكنا في هذه المرحلة من خلال تجدد الحوار والتوصل لتفاهمات حول موضوع تشكيل الحكومة».
وأشارت المصادر القواتية إلى «نقطة أساسية يتوجب التوقف عندها تتعلق بحرص الطرفين في أشد مراحل الخلاف بينهما على عدم العودة لمرحلة ما قبل تفاهم معراب»، لافتة إلى أن «الفصل الأخير من الاشتباك مع الوزير باسيل كان الأكبر والأوسع، إن كان من حيث التعابير والمصطلحات المستخدمة أو من حيث سعي العونيين لنبش دفاتر الماضي»، وأضافت: «لكن كل هذا بقي ضمن ضوابط معينة، فلم نعد لمرحلة القطيعة السياسية، وهذا ما نحرص عليه من خلال سعينا لحصر الاشتباك السياسي حول ملف معين بهذا الملف من دون العمل على استحضار ما كان قبل 50 عاما».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.