ليبيا: مجلس الأمن يدعو لإجراء انتخابات سلمية وشاملة

المشري يجدد رغبته في بقاء عقيلة لبحث «حلول ناجحة»

TT

ليبيا: مجلس الأمن يدعو لإجراء انتخابات سلمية وشاملة

قال مجلس الأمن الدولي في بيان مساء أول من أمس، إنه «يضع في اعتباره أن الوضع السياسي والأمني الراهن في ليبيا غير مستدام، ويذكر بالنداء المدوي من قبل كل الليبيين لإجراء انتخابات موثوقة وشاملة وسلمية من أجل خلق ليبيا موحدة ومستقرة».
وكان المجلس قد حث جميع الدول الأعضاء على حث الليبيين جميعا على العمل البناء لضمان توافر الظروف الفنية والتشريعية، والسياسية والأمنية اللازمة للانتخابات الوطنية، ومن بين ذلك إجراء جولة جديدة لتسجيل الناخبين، إلى جانب توفير التمويل الكافي والترتيبات الأمنية، والتشريعات الانتخابية اللازمة، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة وتمثيل المرأة في العملية السياسية بشكل متساو وفعال، ومن بين ذلك مشاركتها وتمثيلها في العملية الانتخابية.
كما طالب بتحسين المناخ الملائم للانتخابات الوطنية بجميع السبل الممكنة، ومن بين ذلك العمل البناء على توحيد المؤسسات العسكرية والاقتصادية الليبية، إلى جانب تعزيز قوات الأمن الوطنية تحت سلطة حكومة مدنية.
وأشاد مجلس الأمن بالقوة الدافعة التي خلقها مؤتمر باريس الدولي، الذي استضافه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما أشاد بالتزام الأطراف بالعمل البناء مع الأمم المتحدة من أجل تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية موثوقة وسلمية، واحترام نتائج هذه الانتخابات.
وعلاوة على ذلك، رحب مجلس الأمن باعتراف الأطراف بأهمية تطوير أساس دستوري للانتخابات، مجددا دعمه لغسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة في إطار المشاورات التي يجريها مع السلطات الليبية حول الدستور، وتحديد جدول زمني لاعتماده، مؤكدا التزام المشاركين في مؤتمر باريس بتنظيم مؤتمر سياسي شامل لمتابعة تنفيذ إعلان باريس.
وقبل إقرار نص البيان، أعرب السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر أمام الإعلام عن ارتياحه لدعم مجلس الأمن «بالإجماع» إعلان باريس، مؤكدا «أنه يتبنى الجدول الزمني» المحدد «بحلول نهاية السنة» لانتخابات رئاسية وتشريعية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسي دولة من أعضاء مجلس الأمن أنه «إذا لم تجر الانتخابات في الموعد المقرر فلن تكون هذه نهاية الآلية»، لافتا إلى أنه سبق أن فشلت محاولات بشأن الملف الليبي.
ورأى الدبلوماسي الغربي أنه يعود للمبعوث الأممي أن يحمل الليبيين على تجسيد تعهداتهم، مشيرا إلى أنه ليس هناك في الوقت الحاضر خطة لأي عقوبات في حال عدم تطبيق الالتزامات.
في غضون ذلك، وجه خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، في العاصمة الليبية طرابلس رسالة أمس إلى المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، أبلغه فيها أنه سيترأس وفدا يضم 30 عضوا عن كل الدوائر الانتخابية لزيارة مدينة طبرق، حيث مقر البرلمان بأقصى الشرق، بغية الوصول لما وصفه بـ«توافقات وحلول عملية ناجحة».
يأتي ذلك فيما طالب الهلال الأحمر الليبي أهالي مدينة درنة شرق البلاد، بعدم مغادرة بيوتهم لحين إيجاد ممر آمن لهم من مناطق العمليات العسكرية، التي يشنها الجيش للقضاء على «الإرهابيين»، وذلك تزامنا مع دعوة دولية لفتح ممر آمن لخروجهم من منطقة النزاع، مشيرا إلى أنه «سيتم الإعلان عن أماكن الممرات الآمنة لخروج العائلات العالقة في مواقع الاشتباكات قريباً».
وطبقا للقائد الميداني بقوات الجيش الوطني سعيد ونيس، فإن القوات تمكنت من بسط سيطرتها على مواقع ومناطق جديدة في درنة، فيما يجري حاليا تمشيطها وتطهيرها.
واعترف مجلس شورى «مجاهدي درنة» بأن ميلشياته خسرت المبادرة، وتحولت إلى موقع الدفاع بعد مرور نحو أسبوعين على إطلاق المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، عملية تحرير درنة، آخر معاقل الجماعات المتطرفة في شرق البلاد.
وبعدما كان المجلس يتباهى بسيطرته الكاملة على المدينة، قال في بيان نقلته وكالة تابعة له أمس، إن مقاومته انحصرت في نقاط محددة، قبل أن يؤكد سيطرة الجيش على وسط المدينة.
من جهة ثانية، قالت قوة العمليات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة السراج إنها هاجمت أوكارا لعصابات محلية، بعد مقتل أحد عناصرها قبل يومين، وأوضحت أنه بعد عملية عسكرية شاملة من 5 محاور قامت بها، بالاشتراك، قوات أخرى، استعادت السيطرة على الطريق الساحلي، بعد هروب أبو جعفر المكنى بـ«الصبورطو»، ومن معه.
وأوضحت أنه تم إطلاق عملية لمداهمة أوكار عصابات الخطف والإجرام في قرقوزة والطينة والماية، انتقاما لمصرع أحد عناصرها أول من أمس، في هجوم غادر قبل ساعات وهو يؤمن الطريق الساحلية، قبل أن تتعهد بتنظيف المنطقة ممن وصفتهم بالمجرمين والعصابات.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم