وزير الدولة الجزائري ينهي مشاوراته مع سياسيين بشأن مقترحات تعديل الدستور

ينهي أحمد أويحيى، وزير الدولة الجزائري، نهاية الأسبوع الحالي، لقاءاته مع الأحزاب والشخصيات السياسية والجمعيات بشأن مقترحات تعديل الدستور، التي أعدها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ورجح مصدر حكومي إجراء استفتاء حول هذه المسودة، قبل نهاية العام الحالي، بعد عرضها على البرلمان للتصويت.
وذكر المصدر ذاته، الذي رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن بوتفليقة سيحافظ على الوثيقة المعروضة على الطبقة السياسية والمجتمع المدني، من دون إجراء تغيير لافت، على أساس أنها حظيت بموافقة غالبية الذين شاركوا في «الاستشارة الدستورية» التي انطلقت في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، والتي عرفت مقاطعة كل أطياف المعارضة، أحزابا وشخصيات، باستثناء جبهة «القوى الاشتراكية»، الذي يعد الحزب الأقدم في المعارضة، رغم أنه سبق أن أعلن أنه لن يشارك في لقاءات أويحيى. وعد مراقبون حضور قيادة «القوى الاشتراكية» في اجتماعات وزير الدولة، بمثابة «هدية للنظام» و«تزكية لمسعى تعديل الدستور».
وأفاد المصدر ذاته أن بعض مقترحات الأحزاب بخصوص الدستور الجديد لم تلق قبولا لدى الرئيس، وأهمها تغيير طبيعة النظام من رئاسي بصلاحيات واسعة، إلى برلماني يمنح فيه للحزب الفائز بالأغلبية حق تشكيل الحكومة، على عكس ما هو معمول به حاليا، إذ إن الرئيس هو من يختار الوزير الأول (رئيس الوزراء) ويعزله، كما يختار أعضاء الحكومة ويعزلهم. ورفض الرئيس، حسب المصدر ذاته، طلب عدد من الأحزاب تغيير تسمية «وزير أول» إلى «رئيس حكومة».
وأضاف المصدر أنه يتوقع إجراء استفتاء على تعديل الدستور في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعد أن يعرضه الرئيس على غرفتي البرلمان للتصويت، وهو إجراء يفرضه الدستور.
وتسيطر أحزاب قريبة من السلطة على البرلمان، لذلك يتوقع أن تلقى وثيقة الدستور الجديد تأييدا واسعا.
وتتضمن الوثيقة ما يفيد بأن الدستور الجديد «سيحدث فصلا حقيقيا بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، وسيعزز من رقابة البرلمان على الحكومة، وسيوسع من هوامش الحقوق والحريات لفائدة المواطنين، ويقوي مكانة المعارضة». وقال أويحيى، في تصريحات سابقة، إن ذلك هو ما تطالب به المعارضة، واستغرب سبب رفضها المشاركة في إثراء التعديل الدستوري.
وبحسب مراقبين، يعد إبقاء المقترحات الدستورية على حالها من طرف بوتفليقة، دليلا على رفض التغيير، على اعتبار أنه ما دام الرئيس هو وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو من يعين مسؤولي القضاء على رأس كل الهيئات القضائية، وهو من اختار العربي ولد خليفة رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، وهو من يعين رئيس «المجلس الدستوري» والولاة (ممثلي الحكومة على المستوى المحلي)، وغيرها من الصلاحيات والسلطات، فهذا يعني أن لا شيء سيتغير في نظام الحكم.
وبهذا الخصوص قال البرلماني والقيادي الإسلامي الأخضر بن خلاف في اتصال به: «نحن المعارضة ليس لدينا أدنى شك في أن تعديل الدستور، لن يحمل أي جديد على صعيد الديمقراطية والتداول على السلطة. فالرئيس أراد إلهاء الجزائريين بمشروع لإيهامهم بأنه يتجاوب مع تطلعات المجتمع، وهذا غير صحيح وسيظهر زيفه قريبا».
وصرح بوتفليقة في منتصف مايو (أيار) الماضي، بأن مقترحاته مفتوحة على كل الآراء، وأنه لن يتردد في مراجعتها، وعد مراجعة الدستور «محطة مهمة في حياة الأمة»، داعيا «الشخصيات والأحزاب السياسية والمنظمات إلى أن تسهم في هذه الورشة ذات البعد الوطني، والتي أرجو أن تفضي إلى مراجعة توافقية للدستور».
وأبرز شيء في وثيقة مراجعة الدستور، هو تعديل المادة 74 التي تتحدث عن الترشح للرئاسة، إذ إن بوتفليقة يقترح الحد من الترشح لأكثر من ولايتين (خمس سنوات في الولاية). واللافت أن دستور 1996 تضمن هذا التدبير، لكن بوتفليقة نفسه ألغاه في 2008 بموجب تعديل دستوري، وفتح لنفسه باب الترشح لولاية ثالثة.