طائرات غزة الورقية «تسيطر» على الحدود وتثير هلع إسرائيل

تصنع من الأعواد والورق وتكلف نحو 3 دولارات ولا يجد الاحتلال لها حلاً

شبان يلعبون كرة القدم وآخرون يطلقون طائرة ورقية بألوان العلم الفلسطيني
شبان يلعبون كرة القدم وآخرون يطلقون طائرة ورقية بألوان العلم الفلسطيني
TT

طائرات غزة الورقية «تسيطر» على الحدود وتثير هلع إسرائيل

شبان يلعبون كرة القدم وآخرون يطلقون طائرة ورقية بألوان العلم الفلسطيني
شبان يلعبون كرة القدم وآخرون يطلقون طائرة ورقية بألوان العلم الفلسطيني

في إحدى الخيام التي ما زالت منصوبة منذ الخامس والعشرين من مارس (آذار) الماضي، على الحدو شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، يلتقي سبعة شبان بشكل شبه يومي، يعدون الطائرات الورقية المعروفة بـ«الأطباق»، بأحجام مختلفة، ثم يطلقونها مع متظاهرين نحو الجهة الأخرى المقابلة من الحدود.
ويجري تحميل الطائرات الورقية، في كثير من الأحيان، بزجاجات حارقة تسمى «مولوتوف»، أو أي مواد أخرى قابلة للاشتعال. لكن البعض حمل طائرات ورقية عشرات المناشير باللغتين العربية والعبرية موجهة للمستوطنين، تطالبهم بالرحيل عن الأراضي التي تؤكد المناشير أن الأرض فلسطينية، وأن من أرسل المناشير هم أصحاب الأرض الأصليين.
ولا تخفي الجهات الإسرائيلية التأثير الأمني للطائرات للورقة، وما تسببه من خسائر اقتصادية، مما دفع بعض الأوساط الإسرائيلية إلى اعتبارها «نوعا من الإرهاب»، وبأنها «حرب جديدة» يستخدمها الفلسطينيون في قطاع غزة، بهدف إحداث إرباك أمني واقتصادي للمستوطنين، الذين يقطنون في محيط القطاع، والذين تكبدوا خسائر مادية فادحة قدرت بملايين الشواقل جراء حرق محاصيلهم الزراعية.
ويقول شاب يرتدي قناع الهاكرز «الأنونيموس»، إن الطائرات الورقية هي «تعبير سلمي عن حقنا في التظاهر من أجل أن نحصل على حقوقنا في الحياة برفع الحصار عن قطاع غزة، والتأكيد على رفض الشعب الفلسطيني لكل الحلول التي تنتقص من حقوقه الوطنية».
ويقول منير الذي سألته «الشرق الأوسط» حول صناعة الطائرات الورقية وتكاليفها، إنه يعمل مع رفاقه في صنع الطائرات ويجهزها مع رفاق آخرين، باستخدام أعواد خشبية رفيعة، بوضع ما بين 3 إلى 5 أعواد في كل طائرة، أو أكثر وفقا لحجمها، الذي يتم تحديده وفقا لطول وحجم الأعواد الخشبية المستخدمة. ويجري ربط الأعواد مع بعضها البعض بـ«خيطان رفيعة» (تستخدم في حياكة الملابس) أو «حبال - خيطان أكثر سمكا». ثم تغطى بالورق لتصبح «طبقا». يصنع «ذيلا» ورقيا متوسط الطول أو طويلا للطائرة ويربط بالقسم السفلي. وكثيرا ما يستخدمون أوراقا ملونة في صناعة الطبق، غالبا ما تكون ألوان العلم الفلسطيني، أو تلون الأوراق إن كانت بيضاء بألوان العلم. وتكلف الطائرة الواحدة ما بين 6 و10 شواقل إسرائيلية، أي أقل من 3 دولارات.
تؤخذ قطعة قماش (ملابس مستعملة) صغيرة، وتبلل بكمية من البنزين أو أي مواد قابلة للاشتعال، وتربط في الذيل الورقي للطائرة، التي تكون مربوطة بـ«خيط أو حبل كبير» يتحكم به من يقوم بتسييرها لوقت محدود وفي منطقة آمنة، تجنبا لأي خطر. ثم تترك للهواء تأخذها في اتجاهاتها حيث تسقط في الجهة الأخرى من الحدود، في مناطق أغلبها مزروع بالقمح الذي يكون قابلا للاشتعال.
ويطلق الشبان يوميا من تلك المنطقة، ما بين 4 أو خمس طائرات يوميا.
ويقول شاب آخر، إن فكرة الحرائق، جاءت من مشاهدة صبية يتسللون، خلال المظاهرات، بتحليق طائرات ورقية في الهواء. ثم تطورت إلى تحميل المولوتوف إلى بالونات كبيرة معبأة بالغاز وتركها للريح تسقطها في الجهة الأخرى. وجرى أخيرا استبدال النايلون السريع الاشتعال بالورق في صناعة الطائرات، مما يساعد على زيادة مساحة النار.
وتعتبر الطائرات الورقية من أكثر الألعاب التي يحبذ الأطفال اللهو بها خلال عطلة الصيف، وخصوصا خلال وجودهم على شاطئ البحر مع عائلاتهم.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».