ليبيا: مقتل 4 إرهابيين بغارة جوية أميركية على مزرعة

دعوات أميركية وغربية للفرقاء السياسيين لـ{عدم التبذير وإساءة استخدام السلطة»

TT

ليبيا: مقتل 4 إرهابيين بغارة جوية أميركية على مزرعة

لقي أمس أربعة أشخاص على الأقل مصرعهم، في غارة جوية شنتها طائرة أميركية على ضواحي مدينة بني وليد، جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس.
وقالت مصادر محلية وبعض سكان المنطقة، إن الغارة، التي وقعت بعد منتصف ليلة أول من أمس، استهدفت سيارة كانت تقل العناصر الأربعة الذين يعتقد أنهم من عناصر تنظيم داعش، ما أدى إلى مقتلهم على الفور. وأعلنت القيادة العسكرية (أفريكوم) أن الجيش الأميركي هو الذي نفذ الغارة الجوية.
وأظهرت لقطات «فيديو» بثها نشطاء محليون صورة لسيارة مدمرة تماماً إثر القصف الجوي، بينما بدت آثار دماء في المكان عينه. وقالت الغرفة الأمنية المشتركة في بني وليد إن الغارة استهدفت مزرعة بمنطقة شميخ، وأدت إلى مصرع ستة أشخاص، أحدهم يعد من أبرز المتورطين في عمليات غير قانونية لتهريب البشر واللاجئين غير الشرعيين، يدعى موسى محمد دياب، وشهرته «أبو ستة».
ورجح مسؤول أمني أن تكون طائرات أميركية من دون طيار، هي المسؤولة عن هذا الغارة، بينما لم ينفِ الجيش الوطني هذه المعلومات، وبعد ذلك صدر إعلان القيادة العامة بتبني العملية..
وأضاف المسؤول أن سلاح الجو التابع للجيش ليست لديه القدرة على تنفيذ ضربات جوية ليلية دقيقة في الأودية، مشيراً بذلك إلى وادي كمكوم غير المأهول بالسكان، الذي يبعد نحو 140 كيلومتراً جنوب بني وليد.
وفي وقت يواصل فيه الجيش الوطني التقدم في درنة لتطهيرها من المتطرفين بعد سيطرة قواته، التي اجتاحت المدينة من الطرق الساحلية الشرقية والغربية على منطقتي شيحة وباب طبرق، بالإضافة إلى الميناء البحري الرئيسي بالمدينة، أعلنت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للقيادة العامة للجيش، أمس، عن «تحرير حي أمبخ في مدينة درنة».
إلى ذلك، حث سفراء أميركا والدول الغربية المعنية بليبيا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، المسؤولين الليبيين على «الحد من التبذير وسوء استخدام السلطة». وأضافوا في بيان أصدروه مساء أول من أمس، عقب اجتماع استضافته تونس وضم بعض الشخصيات والمسؤولين الليبيين، أن الانتخابات التي يخطط المجتمع الدولي لإجرائها قبل نهاية العام الجاري في ليبيا، يجب أن تنتج قادة يمكنهم الحفاظ على ثروات البلاد.
واعتبر السفراء أنه مع الانتهاء من وضع الميزانية الوطنية الموحدة لليبيا للعام الحالي، فإن المؤسسات الحيوية الأكثر أهمية في حياة الليبيين اليومية أصبح بمقدورها الحصول على التمويل، بما في ذلك المدارس والجامعات والمراكز الصحية، والعيادات والخدمات البلدية، مثل المياه والكهرباء.
ورأى البيان أن الخطوة التالية ستكون ضمان صرف مخصصات الميزانية بشكل ثابت، وبشفافية كاملة، حتى يتسنّى للشعب الليبي الحصول على الخدمات الضرورية التي يستحقها. كما حث البيان المؤسسات والمجتمعات المحلية على التآزر وتوحيد الجهود لحماية موارد ليبيا الطبيعية، وتوزيع ثروتها بشكل عادل على المجتمعات المحلية، التي لديها مطالب مشروعة للحصول على البنية التحتية والخدمات الأساسية.
وقال في هذا السياق: «مع الانتخابات التي لاحت في الأفق، سيكون بإمكان الشعب الليبي الإدلاء بصوته والتصويت للقادة، الذين بمقدورهم أن يكونوا قيمين جيدين على ثروة ليبيا»، داعيا جميع القادة السياسيين والوزراء والمسؤولين الحكوميين في ليبيا إلى الإدارة العادلة، وزيادة الشفافية، وتقليص الهدر والفساد، وعدم إساءة استخدام السلطة. كما طالب البيان بضرورة توحيد المؤسسات في ليبيا، بما فيها المصرف المركزي، لتنفيذ التغييرات التي تحتاجها البلاد بكفاءة.
بدوره قال أحمد معيتيق، نائب فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، الذي حضر اللقاء، إنه تم عقد الجلسة الثامنة للحوار الاقتصادي الليبي في مدينة تونس، بين ممثلي حكومته ومجلسي النواب والأعلى للدولة، ومصرف ليبيا المركزي، وبمشاركة الدول الصديقة المهتمة بالاستقرار السياسي والاقتصادي في ليبيا، للتفاهم على البدء الفعلي خلال بضعة أسابيع قادمة في تطبيق أولويات الإصلاح التي تم التوصل إليها.
من جهته، قال الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، خلال حديثه في اجتماعات تونس للحوار حول اقتصاد ليبيا: «إن هناك اتفاقاً بين المشاركين على معالجة الاختلالات الاقتصادية العميقة الجذور. وقد تم التوصل إلى سلسلة من الإصلاحات، يتعلق أكثرها أهمية بدعم الوقود وسعر الصرف».
وأضاف الكبير أنه «سيتم اتخاذ خطوات فعلية بعد انتهاء شهر رمضان في منتصف الشهر الجاري، وبعد ذلك بنحو ستة أسابيع ستكون قرارات التنفيذ جاهزة... ونأمل أن يكون ذلك قفزة إلى الأمام لليبيا، ويساهم في رفع المعاناة عن الليبيين قدر الإمكان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم