وزير ألماني يحذر من خطورة «أطفال داعش» العائدين

TT

وزير ألماني يحذر من خطورة «أطفال داعش» العائدين

حذر هيربت رويل، وزير داخلية ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، من المخاطر الناجمة عن عودة «أطفال داعش» من مناطق القتال في سوريا والعراق إلى ألمانيا.
وقال الوزير على هامش مؤتمر أمني للوزارة في مدينة أيسن، أمس، إن هؤلاء الأطفال تطرّفوا كثيراً في أحضان «داعش» في سوريا والعراق، مشيرا إلى 75 ألمانياً عائداً من القتال في مناطق «داعش» بينهم 8 نساء و18 طفلاً من مختلف الفئات العمرية.
وأضاف الوزير أن هناك ثغرات أمنية في ألمانيا لغياب استراتيجية واضحة للتعامل مع «أطفال داعش» الذين لم يبلغوا 14 سنة. ويمكن لدائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة) أن تحفظ بيانات تفصيلية جداً حول «الداعشيين» البالغين، ولكنها غير مخوّلة لحفظ بيانات حول الأطفال والقاصرين. وأكد رويل أنه يرى أن «أطفال داعش» يشكلون مشكلة كبيرة لدائرة حماية الدستور، ودعا إلى إعادة النظر في قانون مكافحة الإرهاب الذي يسمح بجمع البيانات ومراقبة الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 14 سنة. وأشار إلى أن ولاية بافاريا لا تعرف حدوداً في السن وتفرض الرقابة على الجميع، وأن الأوان قد حان في الولايات الأخرى لإعادة النظر في موقفها من «أطفال داعش».
وكانت النيابة الألمانية العامة قد تحدثت منذ أكثر من سنة عن عدم وجود أدلة ثابتة على مشاركة كل العائدين من سوريا والعراق، خصوصاً النساء منهم، في القتال أو في دعم جرائم «داعش». واعتبرت المحكمة الاتحادية أن العيش في مناطق «داعش» أو العيش في بيت الزوجية مع داعشي، لا يكفي لاعتقال العائدات من مناطق التنظيم الإرهابي.
وتحيل المحاكم الألمانية الأطفال والقاصرين إلى دائرة رعاية الشباب عند ثبوت تهمة الإرهاب على أحد أفراد العائلة، لكن الطفل يبقى في أحضان العائلة عند عدم وجود أدلة. وسبق للمحكمة أن منحت حق رعاية طفل عمره سنتين إلى جده الألماني، ونقلته إلى ألمانيا، بعد تعذر الإفراج عن الأم في سجن عراقي.
وكان رويل، الذي رافقه رئيس دائرة حماية الدستور في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا بوركهارد فراير، عقد مؤتمراً صحافياً في أيسن بمناسبة انعقاد المؤتمر الأمني، دعا فيه إلى عدم التخلي عن حالة الإنذار في مواجهة الإرهاب رغم الخسائر التي لحقت بالتنظيم في سوريا والعراق.
وتحدث فراير عن 3000 متشدد يعيش في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، التي تعتبر الأكبر من ناحية السكان بنحو 20 مليوناً. وتصنف دائرة حماية الدستور 823 منهم كمتطرف مستعد لممارسة العنف، ونحو 250 في قائمة «الخطرين» الذين يمكن أن ينفذوا أو يساعدوا في تنفيذ أعمال إرهابية.
وقال فراير إن ولاية الراين الشمالي فيستفاليا تحولت من طريقة مراقبة الأفراد المتشددين ككل، إلى مرحلة مراقبة كل متشدد على حدة. وأرجع ذلك لعودة إرهابيين من مناطق القتال، الذين تدربوا على القتال وعلى تنفيذ العمليات الإرهابية بمفردهم.
وحذر فراير من سهولة الوقوع في التطرف، وخصوصاً بين الشباب، بتأثير مباشر من التنظيمات المتطرفة في ألمانيا أو بتأثير الإنترنت. وأردف رئيس الدائرة الأمنية أن «التطرف أصبح في هذا الأيام يحصل خلال ثلاثة أشهر، وليس خلال ثلاث سنوات». كما أشار فراير إلى 16 شخصا «خطراً» في سجون الترحيلات في الولاية، منهم 6 «خطرين» قد يجري تسفيرهم إلى بلدانهم في أقرب وقت. وأكد أن الولاية تبذل وسعها لترحيل التونسي المتهم بالإرهاب المدعو «سامي أ.» الذي تتهمه النيابة العامة بالعلاقة بتنظيم القاعدة الإرهابي، وبكونه الحارس الشخصي السابق لزعيم التنظيم أسامة بن لادن في أفغانستان. ومعروف أن صعوبة ترحيل سامي أ. تتعلق بحصول زوجته وأطفاله على الجنسية الألمانية خلال فترة إقامته الطويلة في ألمانيا، التي استقر بها سنة 1997.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.