مسؤول أميركي يؤكد صعوبة تطبيق خطة منبج

TT

مسؤول أميركي يؤكد صعوبة تطبيق خطة منبج

أكد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية أمس أن «خريطة الطريق» التي وضعتها الولايات المتحدة وتركيا حول منبج السورية من أجل تفادي حدوث صدام مسلح في المدينة، سيكون تطبيقها «معقداً» وطويلاً؛ إذ لا يزال ينبغي مناقشة كثير من التفاصيل. وفي إطار الاتفاق الذي أقره الاثنين وزيرا خارجية البلدين مايك بومبيو ومولود جاويش أوغلو، أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية المتحالفة مع واشنطن في مقاتلة تنظيم «داعش»، انسحابها أمس من منبج في شمال سوريا.
وقال المسؤول الأميركي للصحافيين إن الهدف من الاتفاق هو «الإيفاء بالالتزام الأميركي بنقل (وحدات حماية الشعب) الكردية إلى شرق نهر الفرات»، لكن المسألة تتعلق «بإطار سياسي أوسع ينبغي التفاوض حول تفاصيله»، مشيرا إلى أن تطبيقه سيتم «على مراحل تبعاً للتطورات الميدانية».
وسيطرت القوات الكردية على منبج بعد إخراج تنظيم داعش منها في 2016 وينتشر فيها عسكريون أميركيون يقدمون الدعم للمقاتلين الأكراد وهو ما يغضب أنقرة التي تعدهم «إرهابيين».
وبلغ التوتر بين أنقرة وواشنطن أوجه في فبراير (شباط) بعد الهجوم التركي في شمال غربي سوريا وسيطرة الجيش التركي على مدينة عفرين الكردية والتهديد بالتقدم باتجاه منبج. وشكلت مجموعة عمل أميركية - تركية توصلت إلى «خريطة الطريق» التي التزم بومبيو وجاويش أوغلو الاثنين بتطبيقها من أجل «ضمان الأمن والاستقرار في منبج» من دون أن يفصحا عن مضمونها.
وذكرت وكالة أنباء «الأناضول» التركية الحكومية الأسبوع الماضي أن الاتفاق ينص على عمليات تفقد عسكرية مشتركة بين الجانبين بعد 45 يوماً من تاريخ 4 يونيو (حزيران) في منبج، على أن تشكل بعد 60 يوماً من التاريخ نفسه إدارة محلية للمدينة تحل محل المجالس التي تديرها حاليا «وحدات حماية الشعب».
وأكد المسؤول الأميركي للصحافيين أنه سيتم «تشكيل دوريات مشتركة»، لكنه نفى وجود جدول زمني محدد. وقال: «نحن مصممون على العمل بأقصى سرعة ممكنة»، لكن التواريخ التي أشارت إليها وسائل الإعلام «لا تعبر عن شيء ملموس». وأضاف: «لن يكون الأمر سهلاً. التطبيق سيكون معقداً، (ولكن) الجميع سيستفيدون منه، لأنه سيؤمن استقرار منبج على المدى الطويل».
إلى ذلك، رحبت وزارة الخارجية الأميركية بإطلاق «قوات سوريا الديمقراطية» عملياتها ضد تنظيم داعش الإرهابي في مدينة الدشيشة شرق سوريا، المعروف بسمعته السيئة؛ حيث قام «داعش» بترويع الشعبين السوري والعراقي لسنوات كثيرة. وأشارت الخارجية في بيان أمس، إلى أنه تم التخطيط لهذه العمليات على مدى الأشهر الماضية، بالتنسيق مع القوات العراقية عبر الحدود، ومن خلال الدعم الدبلوماسي الأميركي، لضمان تضييق الحصار علي إرهابيي «داعش» وعدم منحهم فرصة للهرب.
وأضاف البيان أن الولايات المتحدة تركز حالياً على مرحلة ما بعد «داعش»، وما يتطلب ذلك من تقديم المساعدة اللازمة للحكومة العراقية، لتأمين حدودها بالكامل ضد «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية، ذلك وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي مع العراق. وأكدت الخارجية أن الولايات المتحدة ستعمل لضمان أن يكون لدى جميع العناصر المختلفة في شمال شرقي سوريا، بما في ذلك العرب والأكراد والمسيحيون والتركمان، الكلمة المناسبة في تحديد مستقبل سوريا، وفقاً للعملية السياسية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأضاف البيان: «القتال ضد (داعش) سيكون صعباً للغاية خلال الأيام القادمة؛ إلا أن هناك ثقة كاملة في شركائنا (قوات سوريا الديمقراطية) ونحن فخورون بالعمل معهم لتخليص سوريا من ويلات (داعش) والمساعدة في بناء مستقبل أفضل لجميع السوريين».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أكد أن هناك مزيداً من العمل الذي يتعين القيام به لاستكمال هزيمة «داعش»، وأنه ملتزم بإنهاء المهمة بأسرع ما يمكن، مع وضع الشروط التي من شأنها منع عودته. وطالبت وزارة الخارجية في بيانها أعضاء التحالف الدولي لهزيمة «داعش»، وشركاء أميركا الإقليمين والحلفاء، لتقاسم عبء جهود الاستقرار الجارية التي تعتبر حاسمة، للحفاظ على المكاسب العسكرية التي تحققت.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.