وجهان لـ«مباراة البكاء» في نهائي دوري أبطال أوروبا

هل تحمل انتقادات سكولز لبكاء كاريوس وكارباخال وصلاح الكثير من القسوة؟

كاريوس يبكي  بعد خروج ليفربول (أ.ف.ب) - محمد صلاح يبكي لخروجه مصاباً من نهائي دوري الأبطال (رويترز)
كاريوس يبكي بعد خروج ليفربول (أ.ف.ب) - محمد صلاح يبكي لخروجه مصاباً من نهائي دوري الأبطال (رويترز)
TT

وجهان لـ«مباراة البكاء» في نهائي دوري أبطال أوروبا

كاريوس يبكي  بعد خروج ليفربول (أ.ف.ب) - محمد صلاح يبكي لخروجه مصاباً من نهائي دوري الأبطال (رويترز)
كاريوس يبكي بعد خروج ليفربول (أ.ف.ب) - محمد صلاح يبكي لخروجه مصاباً من نهائي دوري الأبطال (رويترز)

مر أسبوع على المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا التي كانت رائعة على الكثير من المستويات، ومن المفترض أن الدموع التي أذرفت في تلك المباراة قد جفت الآن، رغم أن صدى الانتقادات التي وجهها نجم مانشستر يونايتد السابق بول سكولز لكل من لوريس كاريوس ومحمد صلاح وداني كارباخال لبكائهم خلال تلك المباراة ما زالت لها ردود أفعال.
لقد غادر صلاح نجم ليفربول وكارباخال مدافع ريال مدريد الملعب وهما يبكيان بسبب الإصابة التي لحقت بهما والتي جعلتهما غير قادرين على استكمال المباراة، بل وأثارت الكثير من الشكوك حول مشاركتهما في نهائيات كأس العالم القادمة بروسيا. وقد تأكدت مشاركة كارباخال في المونديال، في حين ما زالت الشكوك تحوم حول لحاق صلاح بمباريات المنتخب المصري الذي تأهل لكأس العالم للمرة الأولى منذ 28 عاما.
أما لوكاس كاريوس حارس ليفربول فإنه لم ينضم من الأساس لقائمة المنتخب الألماني المشاركة في كأس العالم وسيقضي بمفرده صيفا طويلا ومحبطا بسبب تسببه في هدفين من الأهداف الثلاثة التي سكنت شباكه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد.
وقد انهار كاريوس بعد صافرة النهاية، وكان من الصعب ألا تتعاطف معه والدموع تنهمر من عينيه ويطلب السماح من جمهور ليفربول بسبب الأخطاء الكارثية التي ارتكبها. وبينما بدا الكثيرون من الجمهور متعاطفين مع كاريوس، كانت وسائل التواصل الاجتماعي توجه الانتقادات للحارس الألماني وتبدو أقل تسامحا.
لقد تعرض كاريوس لحملة سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أدائه الكارثي، كما استحوذ على عناوين بعض الصحف البريطانية الصادرة في اليوم التالي وصوره وهو مرتكزا على يديه وركبتيه.
لقد تمنى كاريوس أن يعود به الزمن إلى الوراء أملا في ألا يمر بالتجربة المؤلمة التي عاشها حيث تسببت أخطاؤه في هزيمة ليفربول أمام ريال مدريد 1 - 3.
وقال كاريوس: «أضعت على فريقي المباراة... لو كان بإمكاني العودة بالزمن لفعلت... أعتذر لفريقي، وأعرف أنني تسببت في هزيمته».
لذا كان انخراط كاريوس في البكاء لدى إطلاق الحكم صافرة نهاية المباراة يبدو طبيعيا واعتذاره لزملائه ولجماهير ليفربول الحاضرة في ملعب كييف كان مؤثرا.
أما صلاح فقد كان ليفربول يضع عليه آمالا كبيرة في النهائي الأوروبي، وكذلك منتخب مصر في نهائيات كأس العالم، لذا الشعور بأنه قد يفقد فرصة التتويج مع فريقك وكذلك الذهاب إلى روسيا شيء يدعو للحزن والبكاء.
وقال سكولز حول رأيه في اللاعبين الذين يبكون داخل الملعب: «يمكنني أن أتفهم بكاء كاريوس، لأنه شعر بالانهيار بسبب ما حدث، لكن الإصابة جزء من اللعبة. لو عدت إلى الوراء ورأيت شخصاً ما يبكي على أرض الملعب، فهذا يدل على حجم الضغوط الواقعة عليه، أما الآن فقد اختلفت اللعبة وأصبح اللاعبون حساسين ويغضبون بسهولة».
ربما لم يوضع سكولز في موقف يشعر فيه بالإهانة والإذلال طوال مسيرته الكروية كلاعب بارز في فريق كبير كمانشستر يونايتد، لكنه سبق وأن واجه الكثير من المواقف الصعبة للغاية مثل غيابه عن المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا مع فريقه مانشستر يونايتد أمام بايرن ميونيخ عام 1999 والتي حقق فيها الفريق الإنجليزي الفوز في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء. وعندما سئل سكولز عما إذا كان قد بكى عندما حصل على البطاقة الصفراء في الدور قبل النهائي للبطولة والذي كان يعني غيابه عن المباراة النهائية، رد قائلا: «لا، وما الذي كان سيفعله البكاء؟ لم يكن البكاء ليلغي البطاقة الصفراء التي حصلت عليها».
وعلى الرغم من أنه ينبغي أن نحترم وجهة نظر سكولز، فإن هذا يجعلنا نتساءل: لماذا إذن يبكي المشيعون في الجنازات إذا كانوا يعرفون جيدا أن دموعهم لن تعيد الموتى إلى الحياة مرة أخرى؟
وسيحبط سكولز عندما يعرف أنني أنا شخصيا أبكي لأتفه الأسباب وفي ظروف سخيفة ومحرجة لا يمكن تخيلها. هل يمكنه أن يتخيل أنني أبكي وأنا أشاهد مسلسل «الجيران» أو «نيبورز» الأسترالي؟ هل يعرف أنني بكيت في جنازات أناس لا أعرفهم؟ أنا أيضا أبكي بانتظام وأنا أشاهد الأفلام السينمائية، كما أبكي عندما أسمع عن انفصال شخصين أو مرض شخص أحبه، وأبكي عندما أعرف أن شخصا عزيزا قد استعاد عافيته وشفي من المرض، وأبكي عندما أسمع عن الظلم العالمي. أنا أبكي أيضا بانتظام في حفلات الزفاف، وبكيت ذات مرة عندما رأيت سيارة تحترق!
وفي تناقض صارخ، يبدو بول سكولز أكثر صرامة مني ومن أمثالي وأكثر قدرة على السيطرة على مشاعره وعدم إظهار حزنه أمام الآخرين، وهذا أمر جيد.
وفي مقالة مهمة ومثيرة للقلق حول الاكتئاب وحاجتنا الملحة إلى الاعتراف به، والتي نشرت على موقع «فوتبول 365» على شبكة الإنترنت في الآونة الأخيرة، أشار جون نيكلسون إلى أنه من المقبول تماماً أن يكون المرء ضعيفاً، وقال «إنه جزء من كونك إنسانا، وليس إشارة على فشلك من حيث النوع أو الجنس. إن عدم قدرتك على التحمل في بعض الأحيان وبكاءك بسبب ألم في روحك لا ينقص من كونك رجلا على الإطلاق».
وعلى الرغم من أنه ليس من العدل أن نشير إلى أن سكولز كان ينتقد صلاح أو كاريوس أو كارباخال بسبب التعبير عن شعورهم بالألم خلال مواجهة نهائي أبطال أوروبا، فإن وجهة النظر التي عبر عنها سكولز هي بلا شك جزء من ثقافة كرة القدم على نطاق أوسع، حيث يتم التعامل مع هذه الانفعالات العاطفية بسخرية مستمرة وغير عادلة. وفي الحقيقة، يجب تغيير هذه النظرة.
وفي الفيلم الوثائقي «جيل 1992» أو «ذا كلاس أوف 1992»، تحدث سكولز وبعض زملائه السابقين في فريق مانشستر يونايتد باستفاضة عن ثقافة البلطجة التي كانت سائدة في النادي عندما كانوا متدربين. وتحدثوا بالتفصيل عن الوقت الذي أغلق فيه الباب على سكولز وهو مراهق داخل غرفة لغسيل وتجفيف الملابس، وهي التجربة التي أصابته بالصدمة بل وجعلته يعاني من نوبة ربو.
ويشك المرء في أن سكولز كان على وشك البكاء في هذا الموقف الصعب، حتى لو لم يُفتح باب المجفف ويتم مساعدته على التقاط أنفاسه. وعلى الرغم من شعور سكولز بالحيرة من بكاء اللاعبين الذين أصبحوا حساسين بصورة أكبر في الوقت الحالي، فمن الصعب ألا تشعر بأن وراء هذا المظهر الخارجي الفظ لسكولز هناك روح تتعاطف مع الآخرين وتستحق الثناء.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».