مواجهة جديدة في غزة تثير مخاوف من انهيار الهدنة

الجيش الإسرائيلي يطلق مناورات في محيط القطاع... وحرائق الطائرات الورقية توقف قطارات

طائرة إسرائيلية تحاول إخماد حرائق اشتعلت قرب الحدود مع غزة (رويترز)
طائرة إسرائيلية تحاول إخماد حرائق اشتعلت قرب الحدود مع غزة (رويترز)
TT

مواجهة جديدة في غزة تثير مخاوف من انهيار الهدنة

طائرة إسرائيلية تحاول إخماد حرائق اشتعلت قرب الحدود مع غزة (رويترز)
طائرة إسرائيلية تحاول إخماد حرائق اشتعلت قرب الحدود مع غزة (رويترز)

أشعلت مواجهة جديدة بين مسلحين فلسطينيين في قطاع غزة والجيش الإسرائيلي، مخاوف من انهيار الهدنة الأخيرة، التي دخلت حيز التنفيذ قبل أيام قليلة فقط، بعد أوسع تصعيد بين الطرفين منذ حرب 2014.
وهاجم مسلحون فلسطينيون تجمعات ومستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة بقذائف صاروخية عدة، وردت إسرائيل بقصف مكثف على مواقع تابعة لحركة حماس في ليلة ساخنة أخرى. وفوجئ الإسرائيليون ليلة الأحد بسماع صافرات الإنذار، بعد أيام من إعلان هدنة جديدة، ما اضطر الآلاف منهم للنزول إلى الملاجئ.
وأطلق مسلحون مع موعد الإفطار صاروخين باتجاه بلدات إسرائيلية؛ الأول أسقطته القبة الحديدية، ولم يصل الثاني إلى هدفه. وبعد منتصف الليل، أطلق المسلحون 4 قذائف أخرى. الأولى أطلقت بعيد الساعة 12:30 ليلاً، تجاه «سديروت»، والثانية بعد نحو ساعة تجاه منطقة إشكول، ولاحقاً تجاه منطقتي «شاعر هنيغف» و«حوف أشكلون»، وفي نحو الساعة 3:20 دقيقة باتجاه «شاعر هنيغف» و«سدوت هنيغف». وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض 3 من القذائف الصاروخية الأخيرة، وإن الرابعة لم تصل إلى هدفها. وحمل «حماس» وحدها المسؤولية عن جميع الأحداث التي تقع في قطاع غزة وما ينبع منها.
وأكد جيش الاحتلال أنه شن هجومين على مواقع لحماس رداً على الهجمات الصاروخية؛ الأول ليلة الأحد والثاني بعد الفجر. وقال ناطق باسم الجيش إن الغارات التي شنها سلاح الجو، طالت 10 أهداف في 3 مجمعات تابعة لحركة حماس في قطاع غزة، وإن من بين الأهداف التي تمت مهاجمتها، كان هناك موقعان لتصنيع الأسلحة وتخزينها، ومجمع عسكري تابع للقوة البحرية لحركة حماس، شمال قطاع غزة.
والهجوم على حماس وتحميلها المسؤولية، جاء على الرغم من أنها لم تعلن مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ، بخلاف التصعيد الذي حصل الأسبوع الماضي وتبنته وحركة الجهاد.
وبعد التصعيد القصير، أطلق الجيش مناورات عسكرية واسعة في المناطق الجنوبية بالقرب من حدود القطاع.
وقالت مصادره إن سلاح الجو سيشارك في هذه المناورات انطلاقاً من جميع قواعده العسكرية. وأبلغ الجيش السكان في محيط غزة بأنهم سيشعرون بحركة كبيرة لقوات الجيش. لكنه أكد أن المناورات التي ستستمر حتى الأربعاء، خطط لها مسبقاً، وتأتي في إطار رفع قدرات الجيش وجاهزيته لأي سيناريوهات محتملة.
وجاء هذا التصعيد بعد أيام فقط من اتفاق رعته مصر بالعودة إلى اتفاق 2014 لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
ومنع التدخل المصري حرباً وشيكة على قطاع غزة، الذي يشهد بشكل شبه يومي، مواجهات عنيفة على حدوده.
وتصاعدت في الأسابيع الأخيرة حدة المواجهات التي انطلقت في 30 مارس (آذار) الماضي، مخلفة 127 قتيلاً فلسطينياً وأكثر من 6 آلاف جريح. واشتبك فلسطينيون مع الجيش الإسرائيلي يومي الجمعة والسبت، ونجحوا أمس (الأحد)، في حرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الإسرائيلية عبر إرسال مزيد من الطائرات الورقية.
ونشبت حرائق كبيرة أمس، في 3 كيبوتسات إسرائيلية مجاورة للحدود، في «شعار هنيغف» و«نير عام» و«كفار عزة». وامتدت الحرائق إلى الحد الذي دفع سلطة القطارات في إسرائيل، إلى وقف خط سير القطار في المسافة الواقعة بين عسقلان ونتيفوت. وكذلك غلق الطريق رقم 34 من الشمال إلى الجنوب. وقد هرعت طواقم إطفاء إسرائيلية كبيرة في محاولة للسيطرة على الحرائق.
وجاءت حرائق أمس بعد يوم من اشتعال حريق كبير في المحميات الطبيعية، قرب منطقة كارميا القريبة من الحدود مع القطاع.
وخلقت هذه الحرائق، التي تسببها طائرات ورقية ابتدعها المتظاهرون الفلسطينيون، صداعاً دائماً لإسرائيل.
وكان شبان ملثمون أعلنوا، قبل أسابيع قليلة، تشكيل «وحدة الطائرات الورقية» التي تحمل «زجاجات حارقة» (المولوتوف)، والتي تعهدت بمواصلة إطلاق أعداد كبيرة منها. وإدخال الطائرات الورقية استهدف، بحسب الشبان، إشغال القناصين الإسرائيليين على حدود قطاع غزة، وإرباكهم وشلهم عن مواجهة هذا السلاح البدائي.
وعادة يطلق شبان صغار طائرات ورقية بحسب اتجاه الريح، ويترقبون أن تتجاوز الحدود ثم يسقطونها.
ولم تتمكن إسرائيل حتى اليوم، من إيجاد آلية لمواجهة هذه الطائرات الورقية، التي تسببت في إحراق آلاف الدونمات من المحاصيل الزراعية.
وفي وقت لاحق، أوعز رئیس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لرئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات، ببدء العمل على حسم تعويضات للبلدات المتاخمة لقطاع غزة، التي تكبدت خسائر جراء الحرائق، من أموال الضرائب المستحقة التي تتلقاها السلطة الفلسطينية، وفقا لبيان صادر عن مكتب نتنياهو.
 



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.