العراق: حكم بالسجن المؤبد على «داعشية} فرنسية

كانت تعلم أن زوجها سينضم إلى التنظيم الإرهابي

الفرنسية من أصل جزائري ميلينا بوغدير خلال إحدى جلسات محاكمتها (أ.ف.ب)
الفرنسية من أصل جزائري ميلينا بوغدير خلال إحدى جلسات محاكمتها (أ.ف.ب)
TT

العراق: حكم بالسجن المؤبد على «داعشية} فرنسية

الفرنسية من أصل جزائري ميلينا بوغدير خلال إحدى جلسات محاكمتها (أ.ف.ب)
الفرنسية من أصل جزائري ميلينا بوغدير خلال إحدى جلسات محاكمتها (أ.ف.ب)

أصدرت المحكمة الجنائية العراقية حكماً بالسجن المؤبد بحق الفرنسية من أصل جزائري ميلينا حسن بوغدير، بعد إدانتها بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش. وصدر الحكم بحق بوغدير بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي تصل عقوبته حتى الإعدام، بعد جلسة محاكمة سابقة في فبراير (شباط) الماضي.
وكان القضاء العراقي أصدر مؤخراً سلسلة من الأحكام، بما فيها الإعدام، بحق عشرات النساء «الداعشيات» من جنسيات مختلفة، من بينهن روسية وشيشيانية وأذرية، بالإضافة إلى صدور أحكام مماثلة بحق 16 امرأة تركية بتهمة الانتماء إلى تنظيم داعش.
وكانت الحكومة الفرنسية على لسان وزير خارجيتها أعلنت عدم تدخلها سياسياً من أجل التخفيف عن بوغدير. وقال جان إيف لودريان إن «بوغدير إرهابية من (داعش) قاتلت ضد العراق، لذلك يجب أن تحاكم في هذا البلد». وولدت بوغدير عام 1990، ولديها 4 أطفال هم: أسماء (8 سنوات)، وسليمان (6 سنوات)، وآسيا (4 سنوات ونصف السنة)، وزينب (سنتان)، حيث رحل ثلاثة منهم إلى فرنسا، فيما لا تزال الأخيرة معها بالسجن.
وكانت بوغدير اعتقلت خلال شهر فبراير العام الماضي في مدينة الموصل، وحُكم عليها بالسجن 7 أشهر حينها كي يتم ترحيلها فيما بعد إلى فرنسا، بتهمة الدخول غير المشروع إلى الأراضي العراقية. لكن محكمة التمييز العراقية نقضت الحكم وعدت أن الأمر «لم يكن دخولاً غير شرعي بسيطاً، إذ إنها كانت تعلم أن زوجها سينضم إلى تنظيم داعش، فتبعته».
ودخلت بوغدير العراق بعباءة سوداء مع سترة رمادية وحجاب بنفسجي في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015 عن طريق الحدود السورية، التي أمضت فيها 4 أيام بصحبة زوجها الذي عمل طباخاً، بحسب قولها. وفي 3 من مايو (أيار) الماضي، كانت أولى جولات محاكمة ميلينا بتهمة الإرهاب، حيث نفت علمها بمكان وجود زوجها الذي تركها لجلب الماء، على حد قولها. كما أنكرت اعتناقها أفكار «داعش»، وقالت إن «ما يجري لها هو حال الكثيرات من الزوجات (الداعشيات)».
من جانبها أكدت الدكتورة عبير الجلبي سكرتيرة هيئة رعاية الطفولة في العراق، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «ثلاثة من أطفال بوغدير تمت إعادتهم إلى بلدهم بعد الاتصال بالسفارة الجزائرية، حيث تمت الإجراءات الخاصة بذلك، بينما بقيت واحدة هي الآن في حوزة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في مكان خاص لغرض إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال الذين ينتسبون إلى أمهات (داعشيات)».
وكشفت الجلبي أن «وزارة العمل ممثلة بهيئة رعاية الطفولة وكذلك دائرة ذوي الاحتياجات الخاصة تحتفظ حالياً بنحو 70 طفلاً، غير أن هذا الرقم يزيد وينقص حسب ما يتم إعادته من هؤلاء الأطفال إلى دولهم، التي تتم عبر المخاطبات الرسمية، أو يزيد بسبب الحكم على نساء (داعشيات) جدد، حيث يتم عزل أطفالهن عنهن، لغرض إما إعادة التأهيل، ولكون سجون الكبار غير ملائمة لهم، أو لغرض إعادتهم إلى بلدانهم»، مبينة أن «الوزارة تقوم دائماً بمخاطبة السفارات الأجنبية، وكثيراً ما تأتي الموافقات بتسلم الأطفال الذين يعودون إلى تلك الدول ممن يحمل آباؤهم أو أمهاتهم جنسياتها، غير أن ذلك يتم عبر إجراءات قد تطول أحياناً، لأن تلك الدول تحرص على أن تتأكد بالفعل من عائدية الأب أو الأم إلى تلك الدولة».
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت عملية تأهيل هؤلاء الأطفال تحقق نسب نجاح معينة، قالت الجلبي إن «هناك استجابة رائعة من قبل هؤلاء الأطفال بشأن إعادة تأهيلهم، ورفضهم الأفكار المتطرفة، حيث يختلف الأمر بعد فترة عما كانوا يحملونه من أفكار وهم صغار، حين نستلمهم ونضعهم في أماكن إيواء خاصة».
وتشير تقديرات أمنية إلى وجود 509 أجانب، بينهم 300 تركي، محتجزين في العراق بتهمة الانتماء للتنظيم المتطرف مع 813 طفلاً. وكانت الحكومة العراقية أعلنت الشهر الماضي إخضاعها المتهمين الأجانب بالإرهاب إلى القوانين النافذة في البلاد، بما في ذلك النساء المتهمات بالإرهاب.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.