طالت شظايا الخوف من الإرهاب سُنة الاعتكاف المفضلة في شهر رمضان؛ وذلك عقب مطالبات برلمانية وسياسية وحزبية، بضرورة إحكام السيطرة على المساجد ومراقبتها، لمنع تسلل أصحاب الأفكار المتطرفة من الجماعات الإرهابية بين المصلين المعتكفين بها خلال الشهر الفضيل.
وجددت الأوقاف المصرية، وهي المسؤولة عن المساجد، تأكيدها ضبط وتنظيم الاعتكاف بالمساجد، وكذلك إدارة كتاتيب حفظ القرآن الكريم، والإشراف الكامل على إجراء الدروس الدينية وأداء صلاة التراويح بالمساجد في رمضان، مؤكدة أن المساجد للعبادة فقط وليس للسياسة، وأنها سوف تتصدى لأي تجاوزات.
بينما قال مراقبون، إن «هناك تخوفات من تسرب أصحاب الأفكار المتشددة إلى المساجد من جديد خلال الاعتكاف، ونشر الفكر المتطرف من جديد، وبخاصة في المساجد البعيدة عن الأنظار التي تسيطر عليها بعض جماعات الإسلام السياسي في البلاد». وتؤكد الأوقاف أنها تسعى دائماً إلى الحفاظ على أداء الشعائر الدينية في رمضان، وعدم استغلالها سياسياً أو طائفياً من قبل الجماعات المتطرفة أو المتشددة، على حد قولها. وقال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، إن «هناك سيطرة كاملة على المساجد محل الاعتكاف، ولن يسمح بالخطابة أو الإمامة لغير المصرح لهم من الأوقاف بأداء دروس الاعتكاف».
وتضع وزارة الأوقاف شروطاً للاعتكاف بالمساجد لعدم استخدامها من قبل المتشددين، من أهمها، أن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد جغرافيا المعروفين لإدارة المسجد، وأن يقوم المشرف على الاعتكاف بتسجيل الراغبين في الاعتكاف وفق سعة المكان، وأن يكون الاعتكاف في المساجد الكبيرة وتحت إشراف أئمة الأوقاف بعيداً عن الزوايا والمصليات... وأن أي مسجد يخالف ذلك سوف تعتبره الوزارة مخالفاً، وتعده اجتماعاً خارج إطار القانون، ويتم وفق ذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين».
واعتمدت الأوقاف 3470 مسجداً للاعتكاف على مستوى ربوع مصر خلال شهر رمضان هذا العام، وقال مصدر بالأوقاف، إنه «سوف يتم التأكيد على كل مُصلٍ إظهار بطاقة هويته (البطاقة الشخصية) خلال الاعتكاف، وبخاصة للشخصيات المعروف بتشددها وبفكرها المتطرف في المنطقة المحيطة بالمسجد، أو التي يشك فيها مسؤولو المسجد». وخاضت السلطات المصرية معارك سابقة لإحكام سيطرتها على منابر المساجد منذ عزل جماعة «الإخوان» التي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً عن السلطة في عام 2013، وفرضت سيطرتها على المساجد التابعة لجمعيات «الإسلاميين» المُجمدة أرصدتهم من قبل الحكومة، ومنعت أي جهة غير الأوقاف من جمع أموال التبرعات داخل المساجد أو في محيطها، كما وحدت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة لعدم الخوض في أمور سياسية وحزبية. ويؤكد مراقبون أن «المساجد غير التابعة للأوقاف، وكذا بعض الزوايا، التي ما زالت تتبع تيارات الإسلام السياسي، لا تلتزم بتعليمات الأوقاف في الاعتكاف، ولا أحد يعرف ما يدور داخلها خلال مدة الاعتكاف».
ودخل البرلمان على خط أزمة الاعتكاف بالمساجد، وطالب عدد كبير من النواب وزارة الأوقاف بضرورة إحكام السيطرة على المساجد خلال الاعتكاف، وقال الدكتور عمر حمروش، أمين سر لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب (البرلمان)، إن «وزارة الأوقاف تمكنت خلال السنوات الماضية من السيطرة على عدد كبير من المساجد لمنع انتشار أصحاب الأفكار المتطرفة من اعتلاء المنابر، وبخاصة في شهر رمضان»، لافتاً إلى أنها «وضعت شروطاً مهمة هذه العام ولا بد من الالتزام بها».
بينما قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا بد من تشديد الرقابة والمتابعة على المساجد خلال أيام الاعتكاف والحفاظ على القرارات المتعلقة بالأوقاف، ومنع أي تجاوزات تحدث في أي تسلل من الجماعات الإرهابية إلى المساجد، والالتزام بأئمة الأوقاف وخطبائها المصرح لهم في ذلك»، مطالباً من يعتكف بالمساجد بضرورة إبلاغ مسؤول وزارة الأوقاف إذا شعر بأي أنشطة أو أحاديث في السياسة داخل أرواقه المساجد.