عاصفة اعتراضات لبنانية على خطة عون «الإنقاذية»

«14 آذار» عدت مقترحاته دفعا إلى «تحديد الأحجام»

العماد ميشال عون
العماد ميشال عون
TT

عاصفة اعتراضات لبنانية على خطة عون «الإنقاذية»

العماد ميشال عون
العماد ميشال عون

أعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أمس مبادرة وصفها بـ«الإنقاذية»، اقترح بموجبها تعديل الدستور اللبناني بما يتيح انتخاب رئيس جديد مباشرة من الشعب وعلى دورتين، إضافة إلى إجراء انتخابات نيابية وفق قانون يسمح بأن تنتخب كل طائفة نوابها، وهو ما نص عليه مشروع قانون «اللقاء الأرثوذكسي» الذي تبناه عون قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي من دون أن يتمكن من إقراره بفعل تأييد حليفه، حزب الله، لخيار تمديد ولاية البرلمان خلال شهر يونيو (حزيران) 2013 لسنة وخمسة أشهر.
واستبق عون بمبادرته التي دعا إلى «مناقشتها بعيدا عن السجالات العقيمة، واعتماد مضمونها وفقا للأصول الديمقراطية والبرلمانية»، موعد جلسة ثامنة دعا إليها رئيس البرلمان نبيه بري غدا الأربعاء لانتخاب رئيس، خلفا للرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في 25 مايو (أيار)، من دون أن يتمكن الأفرقاء من انتخاب رئيس نتيجة شد الحبال بين فريقي 8 آذار و14 آذار، وتعثر أي منهما في فرض مرشحه بموازاة إعلان رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أنه لن يجير أصوات كتلته لأي من المرشحين البارزين عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع، مرشح «14 آذار»، متمسكاً بمرشحه النائب هنري حلو. وفي حين لن يختلف مصير جلسة الغد عن الجلسات السبعة الماضية، لاقت مبادرة عون ردوداً بالجملة من قوى «14 آذار»، التي اتهمته بالسعي إلى مزيد من التعطيل وقالت إن الأولوية في ظل الوضع الأمني الدقيق ينبغي أن تنصب على انتخاب رئيس قبل اقتراح صيغ آليات انتخاب مغايرة للصيغة البرلمانية المتبعة في لبنان.
وكان عون، أعلن في مؤتمر صحافي عقده أمس في دارته، مبادرة «إنقاذية» لمعالجة «الخلل الميثاقي الذي اعترى الاستحقاقات الرئاسية والنيابية، والمأزق السياسي الراهن والمرشح للتكرار». واقترح تفاديا لتكرار المشهد الحالي في كل انتخابات رئاسية «إجراء تعديل دستوري محدود يهدف إلى جعل انتخاب الرئيس الماروني مباشرا من الشعب، وعلى دورتين، أولى تأهيلية تجرى على مستوى الناخبين المسيحيين، وثانية تجرى على المستوى الوطني، وتكون محصورة بين الفائزين الأول والثاني في دورة الاقتراع التأهيلية، من أجل جعل الدور المسيحي وازنا في عملية الانتخاب، وتبديد الخشية من هيمنة الصوت المسلم عليها».
وفيما يتعلق بالانتخابات النيابية، وأمام تضاؤل المهل الفاصلة عن الانتخابات النيابية في ظل الشغور الرئاسي، اعتبر عون أنه «أصبح لزاما علينا الإسراع في إنجاز قانون الانتخابات النيابية، حتى لا تتكرر المآسي الدورية كل أربع سنوات». وأشار إلى أنه «بما أن الدستور يشكل مع وثيقة الوفاق الوطني النصوص الميثاقية، فعلى المشرع أن يلتزم وضع قانون انتخاب يتوافق مع المناصفة بين المسيحيين والمسلمين، ويؤمن صحة التمثيل لمختلف فئات الشعب اللبناني، ويحترم قواعد العيش المشترك بين مكوناته»، مؤكداً أن «أي قانون يحقق المناصفة الفعلية بين المسيحيين والمسلمين، لا يمكن التوصل إليه إلا من خلال انتخاب كل طائفة لنوابها في الندوة البرلمانية، وهذا ما يشكل العدالة المطلقة لجميع الطوائف، فيعزز الشعور بالطمأنينة فيما بينها ويؤمن الاستقرار».
قانونياً، لا يمكن تعديل نظام انتخاب الرئيس إلا بموجب تعديل دستوري. ويقول المرجع الدستوري الوزير السابق إدمون رزق لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام اللبناني برلماني وليس رئاسيا، وفي الأنظمة البرلمانية المجلس هو من ينتخب الرئيس»، لافتاً إلى أن هذا النظام «ذو خصوصية لأنه (تعددي موحد)، بسبب طبيعة الشراكة بين 18 طائفة ينتمي إليها الشعب اللبناني».
وعلى الرغم من اعتباره أن «تمكين الشعب من انتخاب رئيس الجمهورية هو طرحنا المزمن»، لكنه يرى أن من شأن ذلك أن «يصطدم بواقع مزدوج من الطائفية ومستوى الممارسة الديمقراطية»، وإن كان يعتبر أنه «لا يمكن عند كل مفترق أن نلجأ إلى تغيير النظام، خصوصا بعد تجربة 1988 ووثيقة الوفاق الوطني، التي يجب تطبيقها نصاً وروحاً».
ويرى رزق أن «الواقع اللبناني الراهن يطرح إشكالية بالنسبة لتطبيق انتخاب الرئيس من الشعب، وقد بدأ ذلك عمليا منذ افتعال الشغور في رئاسة الجمهورية سنة 1988 لأسباب سياسية حزبية داخل الطائفة المارونية وليس بمبادرة أي طائفة أخرى». ويقول إن «أي طرح لتخطي انتخاب رئيس للحفاظ على هيكلية الجمهورية، يبدو استبعاداً للأولوية المطلقة والملحة لانتخاب رئيس فوراً، حرصاً على إحياء المؤسسات التي دخلت مرحلة التعطيل، مما يحتم المبادرة إلى انتخاب رئيس»، مشدداً على أنه «يجب التركيز بالأولوية على انتخاب رئيس لأن المراوحة في الوضع القائم والتلكؤ في إنجاز الانتخاب قد يؤدي إلى استحالة تعويم الكيان».
وفي حين يصر مقربون من عون على اعتبار مبادرته «إنقاذية»، ويصفها النائب في كتلته وليد خوري إن وصول بأنها «جريئة»، يرى نواب في قوى «14 آذار» أن الأولوية في الفترة الراهنة هي لانتخاب رئيس. وفي هذا السياق، يوضح النائب عن كتلة المستقبل جمال الجراح، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «لبنان يعاني في الوقت الراهن من موجة التفجيرات واضطراب أمني، وبالتالي المطلوب التفكير بمؤسساتنا الدستورية وملء الشغور الرئاسي بأسرع وقت، لما في ذلك من حماية للمؤسسات الأمنية والاستقرار اللبناني».
وفي سياق متصل، تسأل مصادر مسيحية في قوى «14 آذار»، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يمكن أن ننتخب رئيساً من الشعب والصوت الشيعي أسير السلاح»، في إشارة إلى سلاح حزب الله، مضيفة: «لو أيد (رئيس الحكومة الأسبق) رئيس تيار المستقبل سعد الحريري وصول عون إلى الرئاسة هل كان ليبادر إلى تغيير اتفاق الطائف وطرح ما يخالف الميثاقية والوحدة الوطنية».
وفي السياق ذاته، اعتبر منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد أن «العنوان الذي يحاول عون إثباته هو: «أنا الأقوى ولذا يجب أن أكون رئيسا للجمهورية»، معربا عن اعتقاده بأن «فتح معركة تحديد الأحجام على الساحة المسيحية بظل التحولات التي تشهدها المنطقة لا تتناسب مع طبيعة المعركة التي تخاض في المنطقة حولنا».
من ناحيته، رأى المجلس السياسي لحزب الكتائب بعد اجتماعه أمس إن «التعديلات الدستورية المقترحة (من قبل عون) تقتضي أن يكون مجلس النواب في عقد عادي وهو ليس كذلك اليوم، كما تستدعي توفر غالبية الثلثين في مجلس الوزراء لإقرار مشروع التعديلات وفي مجلس النواب، لإقرار القانون»، لافتا إلى أن «الخروج من الأزمة لا يعني الخروج بطرح تعجيزي يرمى بوجه اصطفاف عمودي حاد، مما يعني استفحال الأزمة وتفاقم الشغور».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).