خلاف «القوات» وباسيل يستفحل... وعون خارج الصراع

تأكيدات رئاسية أن الحكومة الجديدة لن تعزل أحداً

جعجع - باسيل
جعجع - باسيل
TT

خلاف «القوات» وباسيل يستفحل... وعون خارج الصراع

جعجع - باسيل
جعجع - باسيل

تتسع مساحة الخلاف بين حزب «القوات اللبنانية» برئاسة سمير جعجع، و«التيار الوطني الحر» برئاسة وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة جبران باسيل، بعدما رفع الأخير سقف المواجهة السياسية مع «القوات»، على خلفية مطالبتها بزيادة حصتها الوزارية في الحكومة العتيدة، انسجاماً مع حجمها النيابي الذي أفرزته الانتخابات، وحصدت فيها 16 نائباً حزبياً، ومعارضة باسيل الشرسة لهذا المطلب الذي يقضم من حصته المسيحية.
ومع ازدياد الشرخ بين باسيل وفريقه الوزاري من جهة، ووزراء ونواب «القوات اللبنانية» من جهة ثانية، تصرّ «القوات» على تحييد رئيس الجمهورية ميشال عون عن الصراع مع صهره جبران باسيل، وتعتبر أن مشروعها السياسي يتطابق مع مشروع العهد الذي يقود معركة مكافحة الفساد، وتعزيز المؤسسات وإدخال إصلاحات بنيوية على هيكلية الدولة، وفق تعبير أمين سرّ تكتل «الجمهورية القوية» (كتلة «القوات اللبنانية») النائب السابق فادي كرم الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأداء الذي مارسه وزراء (القوات اللبنانية) في الحكومة المنتهية ولايتها، من خلال محاربة الصفقات المشبوهة، والعمل على تقوية الدولة ومؤسساتها الرقابية، يترجم الدعم المطلق للعهد، ولشعار محاربة الفساد وبناء الدولة القوية»، مؤكداً أن «العناوين الإصلاحية التي يطرحها رئيس الجمهورية تميّزه عن التيار الوطني الحرّ، الذي بات همّه الأكبر تثبيت سلطته، وممارسة لعبة إحكام قبضته على مفاصل الدولة».
وفي ظلّ بروز مؤشرات توحي بأن مرحلة تأليف الحكومة مقبلة على مخاض عسير ومواجهة شرسة بين الكتل الكبرى، خصوصاً بين الثنائي المسيحي (القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ)، قللت مصادر رئيس الجمهورية من هذا الاحتمال، وأكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة الجديدة لن تعزل أحداً»، مشيرة إلى أن القوات اللبنانية «ليست مستهدفة إطلاقاً، والرئيس عون، كما الرئيس سعد الحريري، يحرصان على معالجة هواجس الجميع، وعندما نصل إلى مرحلة البحث الجدي في التأليف ستذلل كل العقبات»، ولفتت إلى أن «اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية والدكتور جعجع تطرق إلى الهواجس التي تنتاب (القوات اللبنانية) وسبل معالجتها».
وشكلت الحملات الإعلامية المتبادلة بين «القوات» و«التيار الحر» أكبر تهديد لتفاهم معراب، الذي وقّع بينهما مطلع عام 2016، وأنهى عقوداً من الصراع السياسي والعسكري، بعدما أعلن جعجع دعمه ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، لكن مصادر القصر الجمهوري أكدت أن الرئيس عون «متمسك ببقاء تفاهم معراب، والمحافظة عليه»، ورأت أن «التباين القائم بين (القوات) و(التيار الحرّ) لن يؤثر على علاقة الرئيس عون بالدكتور جعجع، وأي من القوى السياسية الأخرى»، معتبرة أن «التباين السياسي أمر طبيعي في الحياة الديمقراطية، ومن المناسب معالجته من أجل مصلحة الجميع والبلد، لكن هذا التباين لن يتحول إلى خلاف يقوّض التفاهمات الوطنية».
خلاف باسيل لا يقتصر على منافسه المسيحي فحسب، إذ تبرز ملامح معركة جديدة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، على خلفية مطالبة وزير الخارجية بأن تكون وزارة المال من حصته، وهي تمثّل التفافاً مبكراً على بري الذي يتمسّك بهذه الحقيبة، إلا أن رئيس البرلمان لا يبدو مهتماً بفتح معركة مع باسيل، طالما أن تفاهمه مع رئيس الجمهورية قوي وثابت، وبالتالي فهو غير معني بمواقف وزير الخارجية، طالما أن الأخير ليس هو المرجع المختص لمناقشة ملف الحكومة، بل رئيسا الجمهورية والحكومة، ميشال عون وسعد الحريري.
ورغم الروابط العائلية والسياسية القوية التي تجمع عون بصهره جبران باسيل، فإن ذلك لا يلغي رهان الآخرين على مقاربة عون للقضايا الحساسة من منظار وطني لا عائلي، حيث شدد النائب السابق فادي كرم على أن «رئيس الجمهورية سيبقى الحكم بين الجميع، وهو محظوظ بأنه لا توجد كتلة نيابية أو وزارية في موقع الخصومة معه، فما بالك بـ(القوات اللبنانية) التي تواصل دعمها مسيرة الرئيس، وتحمّل مسؤولياتها في إنجاح العهد، وهذا ما يبرر المنافسة بيننا وبين (التيار الوطني الحرّ)، والتمسك بالعلاقة مع الرئيس عون، خصوصاً أنه لم يصدر من الأخير أي موقف سلبي ضدّ (القوات) وكتلتها النيابية».
ومع ارتفاع وتيرة التراشق الإعلامي، والتحذير من محاولات استهدافها، تبدو «القوات اللبنانية» مطمئنة إلى موقعها داخل التركيبة الحكومية الجديدة، وأعلن فادي كرم أن القوات «تراهن على حكمة الرئيس المكلّف سعد الحريري، ومعرفته الأكيدة بأن مصلحة البلد تكمن في تمثيل كل الكتل في الحكومة بشكل فعّال، لا أن يستأثر فريق واحد بالحكومة، ويحاول الإمساك بالسلطة»، ورأى أن «الحديث عن حكومة وحدة وطنية يعني شراكة حقيقية، وليس تبعية»، وقال إن «دفعنا خارج الحكومة ليس إلا محاولة فاشلة لن يقبل بها رئيس الحكومة، ولا رئيس الجمهورية المعني بوحدة البلد».

- «القوات»: حملة «باسيلية» لتحجيمنا في الحكومة
رأى حزب «القوات اللبنانية» أمس، أن الحملة على القوات «تحت عنوان كاذب ومختلق هو التحريض على الجيش اللبناني»، تأتي «في سياق الحملة الباسيلية (نسبة إلى وزير الخارجية جبران باسيل) المعروفة بخلفياتها وأهدافها والرامية إلى شل (القوات اللبنانية) وتحجيمها في الحكومة».
كان السجال قد احتدم بين «القوات» وسفير لبنان في واشنطن غبريال عيسى بعد توجيه الأخير أصابع الاتهام إلى «القوات»، بسبب ما وصفها بـ«ضغوط تمارَس عبر الكونغرس لإعادة النظر بسياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه لبنان، وبشكل خاص تجاه الجيش اللبناني لعدم قيامه بنزع سلاح (حزب الله)».
وأكدت الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية» أن «القوات اللبنانية» سعت من خلال جميع سفراء الولايات المتحدة الذين تعاقبوا في لبنان، كما من خلال جميع المرجعيات في واشنطن وعواصم القرار الغربية والعربية للمطالبة بدعم الجيش اللبناني وتعزيزه وتسليحه وتقويته، وذلك انسجاماً مع توجه «القوات اللبنانية» الوطني بضرورة حصر السلاح بيد الجيش اللبناني وحده، وأن يكون القرار الاستراتيجي بيد الدولة اللبنانية من أجل قيام الدولة الفعلية والجمهورية القوية.
ورأت الدائرة الإعلامية «أن كل ما تقوم به وسائل الإعلام التابعة للوزير باسيل أو التي تدور في فلكه السياسي يدخل في سياق هدف أوحد وهو محاولة إقصاء القوات اللبنانية عن الحكومة الجديدة أو بأحسن الأحوال تحجيمها، ولو اقتضى الأمر اختلاق الروايات وفبركتها ونشر الشائعات والأكاذيب». ولفتت إلى أن «القوات اللبنانية» ستقوم برفع دعاوى افتراء ونشر أخبار كاذبة بحق (...) كل من يسهم في فبركات من هذا النوع.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.