عشرات النواب الخاسرين ينتظرون قرار المحكمة الاتحادية العراقية

تجميد مشاورات تشكيل «الكتلة الأكبر» في انتظار الحكم بشأن نتائج الانتخابات

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري خلال مشاركته في الانتخابات التشريعية الشهر الماضي (أ.ب)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري خلال مشاركته في الانتخابات التشريعية الشهر الماضي (أ.ب)
TT

عشرات النواب الخاسرين ينتظرون قرار المحكمة الاتحادية العراقية

رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري خلال مشاركته في الانتخابات التشريعية الشهر الماضي (أ.ب)
رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري خلال مشاركته في الانتخابات التشريعية الشهر الماضي (أ.ب)

ينتظر عشرات النواب الخاسرين، من بينهم شخصيات سياسية بارزة يتقدمهم رئيس البرلمان العراقي الدكتور سليم الجبوري، ونائبه الأول وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي همام حمودي، حكم المحكمة الاتحادية بشأن القرار الذي اتخذوه خلال الجلسة الاستثنائية بإلغاء جزئي للانتخابات التي جرت في 12 مايو (أيار) الماضي.
وبينما جمدت الكتل مشاوراتها بشأن تشكيل «الكتلة الأكبر» في انتظار قرار «الاتحادية»، أعلن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عدم وجود اعتراض لديه من حيث المبدأ على أي شخصية يمكن أن تأتي عبر التوافقات السياسية، وهو ما يعني عدم اعتراضه على تولي رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي ولاية ثانية.
إلى ذلك، أثارت الزيارة التي قام بها على التوالي كل من زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، ومن بعده بيومين زعيم التيار الصدري إلى الكويت بدعوة من حكومتها، جدلاً واسعاً، لا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن توقيت الزيارتين وتزامنهما مع مجريات الأحداث في العراق وما إذا كانت مسألة «الكتلة الأكبر» ستتشكل خارج العراق وعبر إرادة إقليمية - دولية. المتحدثان باسم زعيم التيار الصدري وتيار الحكمة نفيا أي صفة سياسية للزيارة تتعلق بالانتخابات ونتائجها بقدر ما هي محاولة من الحكيم والصدر لتعزيز العلاقات بين العراق والكويت.
وبينما شُغلت الأيام الأولى بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات الزعامات السياسية التي أجرت في ما بينها سلسلة من مفاوضات «جس النبض» بهدف الوصول إلى تفاهمات تقود إلى تشكيل الكتلة الأكبر، قال سياسي مستقل مقرب من إحدى الكتل لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، إن «النتائج الأولية لاجتماعات الكتل سواء كانت الاجتماعات بين الكتل داخل المكونات ذاتها، أي اجتماعات الكتل الشيعية بعضها مع بعض أو السنية أو الكردية بعضها مع بعض أو الاجتماعات بين الشيعة والسنة أو الشيعة والكرد أو بالعكس تكاد تنتهي إلى نتيجة واحدة وهي إعادة رسم المشهد على أساس التوافق ومن ثم المحاصصة المحسنة، إن صح التعبير، بمعنى أنها تقبل هذه المرة عزل كتلة من مكون وإضافة أخرى من مكون بدعوى الأغلبية السياسية». ويضيف السياسي المطلع أن «هناك ربما من بين زعامات الكتل من حاول العبور بالفعل إلى فضاء وطني أوسع عابر للقومية والطائفية لكن نتائج الانتخابات خذلت الجميع، حيث أعادت رسم المشهد نفسه تقريباً مع تغييرات جزئية بشأن الأحجام»، مبيناً أن «أحجام الكتل الشيعية بدت متقاربة من حيث النتائج وهو ما ينطبق على السنة والكرد بما لا يسمح باختراق حقيقي وهو ما يعني صعوبة تشكيل حكومة موالاة تقابلها جبهة معارضة لا سيما بعد الاعتراضات الهائلة على نتائج الانتخابات ودخول البلاد في منعطف خطير حتى الآن مما يتطلب العودة إلى التسويات من جديد».
إلى ذلك، وبانتظار قرار المحكمة الاتحادية بشأن دستورية أو لا دستورية قرارات البرلمان، لا يزال الجدل قائماً بشأن التزوير والطعون. وفي هذا السياق نفت وزارة الهجرة والمهجّرين الأنباء عن تسليمها مفوضية الانتخابات أي معلومات عن أسماء أفراد الجالية العراقية في الخارج. وعبّرت الوزارة في بيان لها عن «استغرابها من التصريحات التي أدلت بها مفوضية الانتخابات وما تناقلته وسائل الإعلام عن بعض السياسيين بأن الوزارة زودت المفوضية بأسماء أفراد الجالية العراقية في الخارج لغرض الانتخابات البرلمانية الأخيرة». وأضاف البيان أن «الوزارة لم تسلم المفوضية أي معلومات بهذا الخصوص فضلاً عن أنها لم يطلب منها ذلك».
من جانبه، أكد مسؤول الدائرة الانتخابية في الجبهة التركمانية أحمد رمزي، أن الصناديق الموجودة في كركوك والتي لم يتم فرزها حتى الآن يمكن أن تغير المعادلة في المحافظة. وقال رمزي في تصريح، أمس، إن «تلك الصناديق تعرضت في يوم التصويت لعطل تقني لذلك لم يتمكن الموظفون من العد والفرز ونُقلت الساعة 3 فجراً من يوم 13 مايو إلى مخازن المفوضية في منطقة العلوة في كركوك». وأشار إلى أن «الصناديق الآن تحت حماية قوات مكافحة الإرهاب في كركوك، ويُمنع الدخول إلى تلك المخازن إلا لموظفي المفوضية واللجان المختصة ومراقبي الكيانات فقط»، لافتاً إلى أن «تلك الصناديق هي لمناطق متعددة في كركوك ولا تخص منطقة معينة أو مكوناً معيناً».
وكانت مفوضية الانتخابات قد رفضت قرار البرلمان وأعلنت تمسكها بالنتائج خصوصاً بعد إعلان رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، طلب رأي المحكمة الاتحادية وهو ما عدّته قوى سياسية مخالَفة للدستور من قبل الرئيس. وقال حسن توران عضو البرلمان العراقي ونائب رئيس الجبهة التركمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس الجمهورية يتدخل حين يكون تدخله لصالحه حزبه الاتحاد الوطني الكردستاني، ومن حقنا أن نتساءل: أين كان رئيس الجمهورية حين حصل تزوير واسع النطاق في كركوك؟ ولماذا لم ينبس ببنت شفة حيال أمور كثيرة؟». وأضاف توران: «هل من واجب رئيس الجمهورية التدخل حين يدافع عن مصالح حزبه؟ وهل تبدو بعثة الأمم المتحدة في العراق أكثر قلقاً من رئيس الجمهورية حيال ما يجري في العراق؟»، موضحاً أن «القوى السياسية بدأت تشعر بأن رئاسة الجمهورية بدأت تفقد حياديتها».
لكن تحالف القوى العراقية أعلن تأييده لموقف رئيس الجمهورية، وقال في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «مفوضية الانتخابات استوفت جهودها وإجراءاتها وقالت رأيها الفني في الطعون، والكرة الآن في ساحة القضاء العادل وبلا شك فإن قراراته هي الفيصل والحكم». وثمَّن التحالف ما وصفه بـ«الدور الأبوي الذي تمارسه رئاسة الجمهورية ممثلةً في الرئيس فؤاد معصوم ودوره الحثيث للحفاظ على دستورية العملية السياسية واحترام سلطة القانون وفقاً لما رسمته أحكام الدستور العراقي النافذ».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.