السودان يضع خطة لوقف تهريب الذهب والأحجار الكريمة

مشروع منطقة صناعية للتعدين في البحر الأحمر

TT

السودان يضع خطة لوقف تهريب الذهب والأحجار الكريمة

تعهد وزير المعادن السوداني الجديد بالقضاء على عمليات تهريب الذهب المستمرة منذ خمس سنوات، والتي تهدر جانبا من إنتاج البلاد السنوي البالغ 107 أطنان.
وأعلن الوزير الفريق شرطة، محمد أحمد علي، عن شروعهم في اتخاذ إجراءات فورية للحد من منع وتهريب الذهب، سواء في صورته المستخلصة أو الخام.
وقال الوزير في تصريحات صحافية، إنه طلب اجتماعا عاجلا مع شرطة تأمين التعدين والأمن الاقتصادي وأمن المعادن، لوضع خطة عاجلة لمنع تهريب الذهب.
وبينما أعرب مراقبون ومحللون اقتصاديون عن أملهم في أن تنجح الإجراءات المرتقبة للحد من تهريب الذهب، قالوا إن واحدة من أسباب تفاقم الظاهرة، هو قرار بنك السودان المركزي في بداية العام الجاري باحتكاره لعمليات شراء وتصدير الذهب، وهو القرار الذي أصدره «المركزي السوداني»، بهدف جذب مزيد من السيولة داخل الجهاز المصرفي، والسيطرة على النقد الأجنبي، وضمان وجوده داخل أنظمة الدولة وبنوكها.
ويشير المراقبون إلى أن قرار «المركزي السوداني» زاد من عمليات التهريب؛ حيث كان يشتري جرام الذهب بسعر يقل عن سعره في السوق، كما أن منافذ بنك السودان لشراء المعدن النفيس لم تكن كافية، مقارنة بحجم وانتشار مناطق التعدين في البلاد.
ولم تنجح إجراءات الحكومة السودانية في منع المواطنين والشركات من حمل كميات كبيرة من الذهب في حالة السفر للخارج، تفاديا لعمليات التهريب الواسعة، إذ ما زالت عمليات التهريب عبر مطار الخرطوم مستمرة، ويستخدم المهربون أساليب متنوعة، مثل حمله مع النساء المسافرات، أو تأجير نساء للتزين به وتسفيرهن للخارج، خاصة مدينة دبي. ورغم قرار الرئيس السوداني، عمر البشير، بأن تؤول عمليات شراء الذهب من الشركات لبنك السودان المركزي، بدلا من القطاع الخاص، الذي كان يسمح له بتداول وشراء الذهب من السوق المحلية وتصديره، فإن القرار لم ينفذ بالشكل المطلوب، مما ساهم في تفاقم الظاهرة.
إلى ذلك، بيّن وزير المعادن الجديد، خلال اجتماع مجلس وزير المعادن الشهري، بأنه سيقوم بالطواف على كل مناطق التعدين في ربوع البلاد المختلفة خلال الفترة المقبلة، لرصد الإنتاج وكيف تتم عمليات التهريب من مناطق التعدين دون المرور بالقنوات الرسمية.
وفي الوقت ذاته تعهد الوزير بالسعي مع أذرع الوزارة المختلفة للعمل على زيادة الإنتاج السنوي من الذهب والمعادن الأخرى، لزيادة إيرادات الخزينة العامة.
وكشف عن مشروع لإنشاء منطقة صناعية للتعدين في شمال ولاية البحر الأحمر بشرق البلاد، داعيا الشركات التابعة للوزارة للاستثمار في المعادن الأخرى، وليس الذهب وحده، وذلك لزيادة الإنتاج والإنتاجية.
من جهته، كشف المدير العام للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية، محمد أبو فاطمة، خلال تقديمه التقرير الفني للهيئة للربع الأول من العام الحالي، عن توقيع (6) اتفاقيات امتياز للتعدين عن الذهب والمعادن المصاحبة، إلى جانب منح (94) رخصة بحث عام عن الذهب، و(6) رخص بحث مطلق عن المعادن، و11 عقدا لشركات مخلفات التعدين، وثمانية عقود تعدين معظمها للذهب.
وأشار أبو فاطمة إلى استمرار بعثات الاستكشاف التي تسيرها الهيئة لتدعيم قاعدة المعلومات الجيولوجية، والتي تسهم في جذب المستثمرين؛ حيث بلغت تلك البعثات 14 بعثة، موضحا أن الهيئة أكملت تجهيز 3847 عينة للمعادن، وتم تحليل 3013 عينة في المعمل الكيميائي، كما استطاعت خلال الربع الأول من العام الجاري تحديث الخريطة الجيولوجية بنسبة 100 في المائة.
ووفقا لما قالته مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن وزارة المعادن بصدد اتخاذ إجراءات لمنع تصدير المعادن في صورتها الخام، والانتقال نحو إضفاء قيمة مضافة لها وتصنيعها.
وضمن حراكها الواسع لرفع مساهمة التعدين في الدفع باقتصاد البلاد، والتي تجاوزت العام الماضي 10 في المائة من الناتج المحلي للبلاد، بما يعادل 4 مليارات دولار، طرحت وزارة التعدين أمام المشاركين في المؤتمر العالمي للتعدين والموارد الطبيعية، الذي عقد بداية العام الجاري في مدينة مالبورن بأستراليا، عشرات الفرص الاستثمارية لموارد البلاد المعدنية.
ويشكل التعدين التقليدي بواسطة الأهالي نحو 90 في المائة من إنتاج البلاد، وبلغ عدد المعدنيين الأهالي نحو مليون معدني من جميع أنحاء السودان، ينتشرون في 12 ولاية في السودان، الأمر الذي أسهم إيجابا في زيادة الإيرادات من هذا القطاع لخزينة الدولة.
وتعمل وزارة المعادن حاليا على تنظيم أسواق التعدين التقليدي البالغ عددها نحو 75 سوقا، وذلك عبر التخطيط الهندسي لها، إلى جانب حفر آبار ارتوازية وإنشاء وحدات علاجية وإسعافات للتقليل من حجم الوفيات بهذا القطاع، جراء انهيارات آبار التعدين. كذلك قررت الوزارة عدم فرض رسوم على المعدنيين التقليديين، والشركات والمستثمرين في التعدين حتى لا يهربوا لدول أخرى.
يذكر أن وزارة المعادن السودانية أبرمت في فبراير (شباط) الماضي مذكرة تفاهم مع شركتين سويسرية وأسترالية، لإنشاء مصفاة جديدة للذهب وتطوير المصفاة القائمة.
ويعتزم السودان إنشاء بورصة للذهب في النصف الثاني من هذا العام، وتم رفع المشروع لمجلس الوزراء لإجازته خلال الفترة المقبلة.



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.