الحوثيون يضللون أتباعهم بانتصارات وهمية

حالة طوارئ غير معلنة في صنعاء وإب إثر مخاوف الميليشيات من انتفاضات شعبية

TT

الحوثيون يضللون أتباعهم بانتصارات وهمية

دفعت حالة الهلع المتصاعدة قادة الميليشيات الحوثية إلى فرض حالة الطوارئ غير المعلنة في محافظات صنعاء وإب وذمار والحديدة، بالتزامن مع حملات دهم واعتقالات بحق المناهضين في سياق مخاوف الجماعة من اندلاع انتفاضات شعبية تواكب العمليات العسكرية التي تطرق أبواب الحديدة.
وفيما تتواصل انهيارات الميليشيات الحوثية مع تضييق الخناق عليها من قبل القوات المشتركة عند الأطراف الجنوبية لمدينة الحديدة، وفي مراكز مديريات التحيتا وزبيد والجراحي وبيت الفقيه والدريهمي، لجأت الجماعة ووسائل إعلامها إلى تضليل أتباعهم بانتصارات وهمية ومزاعم عن عمليات تصد خارقة للقوات المشتركة المسنودة من تحالف دعم الشرعية.
ورغم محاولة الميليشيات التماسك الظاهري إلا أنها فرضت طوارئ غير معلنة في صنعاء والحديدة وإب وذمار وبقية المحافظات الخاضعة لها، بالتزامن مع تشديد الأمن والتدقيق في عمليات التفتيش والتحقق من الهوية، وتكثيف عدد النقاط الأمنية على الطرق الرئيسة وفي شوارع المدن، خوفا من اندلاع انتفاضات شعبية تواكب الهزائم التي تتكبدها في الساحل الغربي وصعدة.
وتضمنت الطوارئ الحوثية، قيام عناصر الميليشيات في صنعاء والحديدة وإب وذمار وتعز، بأعمال دهم للمنازل واختطاف للمعارضين، بخاصة في أوساط الموالين للرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح وقيادات حزبه (المؤتمر) من العسكريين والمدنيين، إذ أفادت مصادر حزبية وحقوقية لـ«الشرق الأوسط» بأن القمع الحوثي طاول خلال أسبوع عشرات الأشخاص، بينهم قياديون في حزب «المؤتمر» وعسكريون سابقون بتهمة التواطؤ والتنسيق مع قوات الشرعية والمقاومة الوطنية.
وفي الوقت الذي دأبت وسائل الإعلام الحوثية على الاعتراف اليومي باعتقال مواطنين، في مختلف المناطق الخاضعة للجماعة، زعمت الأربعاء، أن الميليشيات اعتقلت خلية وصفتها بالخطيرة مكونة من أربعة أشخاص في مديرية الدريهمي المتاخمة جنوبا لمدينة الحديدة.
وذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» إلى أن الأشخاص الأربعة المختطفين، تم رصدهم ومتابعتهم، قبل الاعتقال، زاعمة أنهم متورطون في مساندة القوات المشتركة والتحالف الداعم لها، إذ تمكنوا من تجنيد 20 شخصا للعمل معهم، في رصد تحركات الميليشيات وقيادتها وإعطاء معلومات عن مخازن الأسلحة.
إلى ذلك أفادت مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط» بأن عناصر الميليشيات الحوثية شددوا الرقابة على قيادات الحزب وعناصره، في سياق مخاوف لديهم من وجود تنسيق أمني وعسكري بين قيادات الحزب الخاضعين لهم وبين قوات المقاومة التي يقودها طارق صالح نجل شقيق الرئيس الراحل في جبهة الساحل الغربي، سواء من حيث الترتيب لتفجير الأوضاع شعبيا أو من خلال الدفع بعناصر الحزب إلى الالتحاق بمعسكرات المقاومة.
وذكرت المصادر أن قادة الميليشيات في صنعاء، طلبوا قبل أيام، من صادق أمين أبو راس الذي يتولى رئاسة جناح «مؤتمر صنعاء» خلفا لصالح، تحديد موقف واضح وصريح لقيادات الحزب من التحركات العسكرية التي يقودها طارق صالح في جبهة الساحل الغربي، وإصدار بيان رسمي للبراءة منه.
وبحسب ما ذكرته المصادر نفسها، وعد أبو راس قادة الميليشيات بطرح الأمر خلال اجتماع مع كبار قادة الحزب في صنعاء، واتخاذ موقف بشأنه، غير أن الاجتماع لم ينعقد حتى اللحظة، وهو ما زاد من شكوك الجماعة الحوثية في وجود تنسيق سري بين هذه القيادات ونجل شقيق الرئيس السابق.
وكان قادة «المؤتمر» الخاضعين للميليشيات في صنعاء، أبلغوا الجماعة أخيرا تعليقهم للشراكة معها في حكومة الانقلاب، بسبب تهميشهم وإقصائهم من المناصب، وهو الأمر الذي أدى توتر الأوضاع بين الطرفين، وسط تهديدات حوثية بحل الحزب واجتثاثه والتنكيل بمن بقي من قياداته.
وفي الوقت الذي أثارت المعارك التي تقترب من تحرير الحديدة ومينائها، رعب الجماعة الحوثية ودفعتها إلى استنفار السجناء والأطفال والقبائل نحو الساحل الغربي، أكد لـ«الشرق الأوسط» عدد من أساتذة جامعة صنعاء، أن رئيس الجامعة المعين من الميليشيات ويدعى أحمد دغار، يمارس ضغوطا على أساتذة الجامعة من أجل دفعهم للالتحاق بالقتال في صفوف الجماعة في جبهة الساحل الغربي.
وقالت المصادر الأكاديمية إن الدغار طلب من الأساتذة والموظفين في الجامعة سرعة الاستعداد للتوجه إلى جبهات القتال، في مسعى منه لإثبات ولائه للجماعة الحوثية، بخاصة بعد أن تصاعد الخلاف أخيرا بينه وبين وزير التعليم العالي في حكومة الانقلاب المحسوب على المؤتمر الشعبي، حسين حازب، وقيام الأخير بتوقيفه عن العمل، إثر اتهامه بالفساد المالي. وكانت الميليشيات الحوثية عملت منذ الانقلاب على تجريف التعليم الجامعي من خلال فرض مناهج طائفية مستمدة من الملازم الخمينية، وعبر تعيين رؤساء للجامعات وعمداء للكليات من عناصرها، وعلى وجه الخصوص ممن ينتمون إلى سلالة زعيمها الحوثي.
وفي محافظة إب، استنفرت الجماعة الحوثية قياداتها الأمنيين والعسكريين لاجتماع موسع برئاسة المحافظ الخاضع لها عبد الواحد صلاح، وأفادت مصادر مطلعة بأن الاجتماع تم تكريسه، لمناقشة البحث عن مجندين جدد في ظل إحجام القبائل عن الاستجابة للميليشيات، ولاتخاذ إجراءات أمنية مشددة، خوفا من اندلاع انتفاضة في المحافظة تطيح الوجود الحوثي.
وتساور الجماعة الحوثية مخاوف حقيقية من خسارة وجودها في محافظة إب، في أول هبة منسقة ضدها، وذلك لجهة عدم وجود حاضن شعبي لها، وهو ما جعل هذه المخاوف تتصاعد مع اقتراب القوات المشتركة من الأطراف الغربية للمحافظة التي تتاخم الحديدة من جهة الغرب.
بخاصة مع اقتراب طلائع قوات الشرعية والمقاومة الوطنية من الأطراف الغربية لمحافظة إب، حيث مديريات العدين المتاخمة للساحل الغربي.
وعلى صعيد متصل بأعمال التحشيد الحوثية لجبهات القتال في الساحل الغربي، أكدت مصادر محلية في مديرية جبل رأس الواقعة بين إب والحديدة، أن طيران تحالف دعم الشرعية أفشل أغلب محاولات الميليشيات لاستقدام التعزيزات عبر هذه الطريق، وهو ما أجبرها للتوقف عن استخدام العربات في نقل التعزيزات والدفع بعناصرها مشيا على الأقدام باتجاه الجراحي.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.