مساهمات عربية في فينيسيا... بين العمران الشاهق في الإمارات وجماليات {الروبابيكيا} في مصر

تصورات لدور العمارة في بناء المجتمعات

TT

مساهمات عربية في فينيسيا... بين العمران الشاهق في الإمارات وجماليات {الروبابيكيا} في مصر

مشاركات الدول العربية في بينالي فينيسيا للعمارة حملت أفكارا حول المدن العربية والتمدد العمراني والمساحات العامة واستخدامها بشكل أمثل وغيرها. وفي وسط الزخم المقدم من مختلف أنحاء العالم تميزت المشاركات العربية بأسلوب تقديم محترف وبأفكار جادة حول دور العمارة في بناء المجتمعات وتأثيرها أيضا سواء كان ذلك إيجابيا أو سلبيا.
الإمارات... ما خلف العمران الشاهق
من جناح الإمارات العربية المتحدة والذي يحمل عنوان «الحياة ما وراء العمران الشاهق» أبدأ وأتبع القيم الفني للمعرض الدكتور خالد العوضي وهو باحث وأستاذ جامعي إماراتي مختص في التنمية الحضرية المستدامة، في جولة قصيرة على المعرض. يستعرض د.العوضي معي أهم معالم الجناح ويبدأ بالإشارة إلى أن الجناح الإماراتي يستكشف التقاطع ما بين المكان الفعلي وبين العمارة والحياة اليومية قائلا بأن العرض يحاول تفسير كيف يتفاعل الناس مع المكان حولهم. يشير أيضا إلى أن الجناح يقدم لجمهور عالمي نظرة مختلفة للإمارات العربية المتحدة فهي ليست فقط «امتدادا عمرانيا ضخما ومباني شاهقة أيقونية، بل هناك الكثير من القصص غير المروية عن الإمارات».
ويسلط المعرض الضوء على الروابط الممتدة بين البيئة العمرانية والحياة اليومية البسيطة في دولة الإمارات عبر سلسلة من الصور والرسومات الفنية والخرائط والمجسمات ثلاثية الأبعاد.
ولفهم المحيط الطبيعي والمعماري يشير د.العوضي إلى أن المعرض مقسم لأربعة أجزاء. الجانب الأول يركز على الأحياء السكنية والثاني يدور حول شبكة الطرق والطرقات «السكك»، يدرس الجناح أيضا المربعات السكنية وأخيرا المحيط الطبيعي. يقول العوضي: «نستكشف الأحياء السكنية التي بنيت في الستينات والسبعينات» ويؤكد أنها مختلفة من حيث التعامل مع فكرة المساحة.
يفتح معرض الجناح الوطني نافذة أمام زواره ليتعرفوا على بساطة المظاهر الحياتية والمشهد العمراني في المجتمعات الحضرية غير المعروفة في دولة الإمارات. كما يسلط الضوء على المناطق الكامنة وراء الأبنية الشاهقة والمشهد المعماري الضخم والمعتاد في دولة الإمارات.
يضيف د.العوضي أن المعرض يعد فرصة لاستكشاف هذه المناطق المتواضعة ذات السمات الاجتماعية، بداية من السكك ووصولاً إلى الأحياء السكنية، مشيرا إلى أن هذه المجتمعات النابضة بالحيوية تشكل البداية نحو رسم ملامح المدن وهذا ما يؤكده المعرض باعتبار ذلك ركنا هاما في وتيرة الحياة اليومية داخل دولة الإمارات.
لبنان... ما تبقى
الجناح اللبناني اختار التعبير عن «المكان الباقي» ويسلط الضوء على مصير الأراضي الخالية في حوض نهر بيروت امتداداً من قمم جبل الكنَيسة حتى البحر الأبيض المتوسط، وكذلك على أهمية هذه المساحات ودورها في تحديث وتدعيم وتطوير الامتداد العمراني.
وحسب البيان التوضيحي للمعرض فإن حركة الإعمار المستمرة وغير المنتظمة غمرت لبنان بغلالة من الاقتصاد المعتمد على العقار وبالتالي تحول المكان الفعلي المتبقي إلى «مساحة غير مبنية». ويضيف البيان «من أجل ذلك ينبغي لنا أن نحصر المكان المتبقي، المكان الذي يحمل أحلامنا وتوقعاتنا». يبحث المشروع في شروط فن العمارة من خلال تقييم قاعدته الأرض، وتحدّياتها الرئيسيّة: هشاشة، قلّة الموارد، مضاربة عقارية.
ومن خلال خريطة ضخمة ثلاثية الأبعاد تتناوب الإضاءة الملونة لتحديد أجزائها، وهو جانب جمالي للمعرض نجح في جذب اهتمام الزوار بشكل كبير، يطرح الجناح فكرة إيجاد منظور مغاير لحصر المناطق غير المبنية.
كما يضم الجناح مجموعة صور فوتوغرافية حديثة تنقل وجهة نظر ستة مصورين تم اختيارهم بالتشاور مع أساتذة العمارة في جامعة سيدة اللويزة والأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة وجامعة الروح القدس.
البحرين... خطبة الجمعة
عند الدخول لجناح مملكة البحرين نجد أنفسنا أمام بناء ضخم فارغ من الداخل، تحجز الجدران المحيطة به المساحة في وسطه ولكن يمكننا الدخول لها من الجانب. على الجوانب خارج الإطار تتبقى مساحات صغيرة تحولت إلى ممرات، وفي أحد تلك الممرات نجد مجموعة من المنابر الخشبية الصغيرة التي يستخدمها بعض الزوار للجلوس عليها، ولكن ما الذي يريد الجناح نقله للزائر؟ يحمل الجناح الذي نظمته هيئة البحرين للثقافة والآثار عنوان «خطبة الجمعة» ويحاول تقديم دراسة معمّقة حول الشعائر الدينية التي اعتمدت على فن الخطابة، كخطبة الجمعة أو الخطبة بشكل عام، ودورها تاريخيا في تشكيل الحياة الاجتماعية والرأي العام وتأثيرها على المساحات العمرانية المشتركة ما بين الناس في المجتمعات المسلمة. ويقدّم الجناح في مركزه فراغا يضم عملا تركيبيا صوتيا صممه جيوزيبّي إيلاسي وخايم علمي ويمكن للزائر فيه أن يختبر تجربة سماعية تعتمد على تسجيلات لخطب جمعة من البحرين.
تصميم الجناح كان للمهندسة نورة السايح من هيئة البحرين للثقافة والآثار، ونورا عكّاوي المهندسة المعمارية التي تعمل بين نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية وعمّان بالمملكة الأردنية الهاشمية.
مصر... الجمال من {الروبابيكيا}
الجناح المصري يتميز هذا العام بتقديمه عرضا مميزا على الناحية الجمالية أولا وثانيا باستخدام الفيديو والتركيب الجمالي لمختلف القطع المنزلية والأثاثات التي تعتمد عليها المساحات التجارية العشوائية والتي رمز لها ببائع الروبابيكيا (المقتنيات القديمة) في فيلم الفيديو القصير والمؤثر. الجميل أيضا مشاهدة الفيلم جلوسا على مقاعد مرنة مغطاة بقماش «الخيش» الذي يتواءم بمهارة مع مفردات العرض الأخرى. يتعامل العرض مع فكرة التجارة العشوائية والأسواق المنتشرة في المناطق السكنية ويهدف إلى إعادة تطوير وتأهيل تلك المساحات والتي غالباً ما تكون في وضعية سيئة وغير قانونيه. وفي إطار تصور حلول لهذه الظاهرة يركز الجناح المصري على الأماكن المفتوحة وكيفية استغلالها. قام على تصميم وتنفيذ الجناح فريق عمل شاب مكون من المعماريين إسلام المشتولي ومعاذ أبو زيد وكريم موسى والإيطالي كريستيانو لوكيتي.



استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

في خطوة لاستعادة التراث الحضاري المصري، عبر تنشيط وإحياء الحرف اليدوية والتقليدية، افتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الدورة السادسة لمعرض «تراثنا»، الخميس، التي تضم نحو ألف مشروع من الحرف اليدوية والتراثية، بالإضافة إلى جناح دولي، تشارك فيه دول السعودية والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والهند وباكستان ولاتفيا.

المعرض الذي يستمر حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضم معروضات من الجمعيات الأهلية، من مختلف محافظات مصر، والمؤسسات الدولية شركاء التنمية، بهدف «إعادة إحياء الحرف اليدوية والصناعات التقليدية والتراثية، بما يُعزز من فرص تطورها؛ لكونها تُبرز التراث الحضاري المصري بشكل معاصر، يلبي أذواق قاعدة كبيرة من الشغوفين بهذا الفن داخل مصر وخارجها، كما تُسهم في تحسين معيشة كثير من الأسر المُنتجة»، وفق تصريحات لرئيس الوزراء المصري على هامش الافتتاح، كما جاء في بيان نشره مجلس الوزراء، الخميس.

رئيس الوزراء المصري يتفقد أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

ووفق تصريحات صحافية للرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باسل رحمي، يقدم المعرض مجموعة من الفنون المصرية المُتفردة، مثل: السجاد والكليم اليدوي، والمنسوجات، والتلّى، ومفروشات أخميم، والإكسسوار الحريمي، والحرف النحاسية والزجاجية، وأعمال التطريز، والخيامية، والصدف، والتابلوهات، والخزف، والجلود، ومنتجات الأخشاب، والخوص، والأثاث، إلى جانب الملابس التراثية، والمكرميات، وأعمال الرسم على الحرير، والبامبو، ومنتجات سيناء، وغيرها.

منتجات متنوعة في أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

وعرض جناح هيئة التراث السعودية، منتجات عددٍ من أمهر الحرفيين المتخصصين في الصناعات اليدوية التقليدية، كما عرض جناح غرفة رأس الخيمة، منتجات محلية تراثية، وكذلك جناح الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الجمهورية التونسية.

وأعلن رحمي عن توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة دول، من بينها الهند، لتبادل الخبرات والتنسيق في المعارض المشتركة؛ بهدف نشر الصناعات اليدوية والعمل على تسويقها داخل مصر وخارجها، مؤكداً على عقد بروتوكول تعاون مع شركة ميناء القاهرة الدولي؛ لتوفير منصات تسويقية تحت العلامة التجارية «تراثنا» داخل صالات مطار القاهرة الدولي، وإتاحة مساحات جاذبة لجمهور المسافرين والزوار لعرض وبيع منتجات الحرفيين المصريين اليدوية والتراثية.

معرض «تراثنا» يضم كثيراً من المنتجات المصنوعة يدوياً (رئاسة مجلس الوزراء)

كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين جهاز تنمية المشروعات، والشركة المسؤولة عن تشغيل المتحف المصري الكبير، وكذلك الشركة المسؤولة عن تنظيم عمليات إنتاج وعرض المنتجات الحرفية داخل متجر الهدايا الرسمي بالمتحف لدعم وتأهيل أصحاب الحرف اليدوية والتراثية وتطوير منتجاتهم، تمهيداً لعرضها بعدد من المتاجر في مناطق سياحية مختلفة داخل وخارج البلاد، في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.