المغرب: زعماء الأغلبية يبحثون تطويق تداعيات «حملة المقاطعة»

توجه نحو رفع القدرة الشرائية للمواطنين وضبط أسعار المحروقات

TT

المغرب: زعماء الأغلبية يبحثون تطويق تداعيات «حملة المقاطعة»

قرر قادة أحزاب التحالف الحكومي في المغرب التحرك لتطويق تداعيات حملة المقاطعة الشعبية، والشروع في البحث عن حلول للرفع من القدرة الشرائية للمواطنين، والحد من ارتفاع أسعار المحروقات، فضلا عن تقوية التماسك بين مكونات التحالف.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده زعماء أحزاب الأغلبية الستة، مساء أول من أمس، بمقر إقامة رئيس الحكومة في الرباط، في ظل تزايد الانتقادات التي توجه للحكومة، التي يرأسها سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي رفض وصفها بأنها «ضعيفة».
وبينما لم يصدر أي بيان رسمي عن الاجتماع، قال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية والوزير السابق، في تصريحات صحافية إنه تقرر خلال الاجتماع التركيز على ثلاثة محاور ستشتغل عليها الحكومة، تتمثل في «التسريع بإبراز الملامح الأساسية للمشروع التنموي الجديد، الذي من شأنه أن يستجيب للرهانات المطروحة اليوم»، وإعطاء دفعة جديدة للحوار الاجتماعي مع النقابات، ثم «البحث عن الإجراءات الكفيلة بدعم القدرة الشرائية للمواطن».
وكانت الحكومة قد وعدت بالتفاعل بشكل إيجابي مع تقرير اللجنة الاستطلاعية البرلمانية حول شركات المحروقات
والتوصيات التي أصدرتها. كما أطلقت وزارة الشؤون العامة والحكامة دراسة من أجل الاستفادة من التجارب العالمية في عملية تحرير أسعار المحروقات وضبطها، إلا أنها لم تتبن بعد أي حلول في هذا القطاع من أجل تطويق تداعيات تحرير القطاع، الذي أدى إلى زيادة كبيرة في أرباح الشركات وتضرر المستهلك، حسب ما خلص إليه التقرير البرلماني.
وتعد شركة «أفريقيا» لتوزيع الوقود إحدى الشركات المستهدفة بالمقاطعة، وهي في ملكية عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الأمر الذي أثار جدلا واسعا حول عواقب التداخل بين السياسة والمال.
أما بخصوص الحوار مع النقابات فقد أكدت الحكومة تشبثها به، رغم رفض الاتحادات العمالية التوقيع على الاتفاق الثلاثي، الذي يضم الحكومة والنقابات واتحاد رجال الأعمال. فبينما تطالب النقابات برفع رواتب جميع الموظفين، اقترحت الحكومة في الاتفاق الذي عرضته على النقابات الزيادة في أجور الموظفين المرتبين في السلالم الدنيا مبلغا شهريا يقدر بـ300 درهم (30 دولاراً)، يصرف على ثلاث سنوات ابتداء من الأول من يوليو (تموز) المقبل، وذلك في خطوة لتقليص الهوة بين الحد الأدنى والأعلى لأجور الموظفين. كما اقترحت البدء في تنفيذ التعويض عن العمل في المناطق النائية بمبلغ 700 درهم (70 دولارا). والرفع من قيمة منحة الولادة من 150 درهماً حاليا إلى ألف درهم (100 دولار). إلا أن النقابات رفضت العرض.
يذكر أن اجتماع قادة أحزاب الأغلبية يأتي بعد أن وقعوا على ميثاق مشترك في 20 فبراير (شباط) الماضي، بعد أن كادت الخلافات تعصف بمكونات التحالف الحكومي إثر تصريحات عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة الأسبق، ضد الوزير أخنوش، حذر فيها من خطر الجمع بين المال والسلطة على استقرار البلاد.
وتعهدت أحزاب الأغلبية الستة (العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، والتقدم والاشتراكية)، بموجب الميثاق على «أنه في جميع الحالات تعمل الأحزاب المكونة للأغلبية على حل خلافاتها من داخل آليات الميثاق، وكذا الالتزام بمستوى عال من التنسيق والانسجام، والدفاع المشترك والتضامن في تحمل الأغلبية لكامل مسؤولياتها الدستورية والسياسية من أجل تدبير الشأن العام». كما التزمت «هيئة رئاسة الأغلبية»، التي يرأسها العثماني، وتضم في عضويتها الأمناء العامون لأحزاب الأغلبية، أو من ينوبون عنهم، إضافة إلى قيادي ثان من كل حزب، بأن تعقد اجتماعاتها مرة كل شهرين، وبصفة استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك بطلب من أحد مكونات الأغلبية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».