«تمثيلية استخباراتية» تنقذ حياة صحافي روسي معارض في أوكرانيا

في تطورات شبيهة بسيناريو فيلم استخبارات هوليوودي، قادت الاستخبارات الأوكرانية تمثيلية ناجحة لإحباط محاولة قتل صحافي روسي مناهض للكرملين على أراضيها.
وبعد إعلان اغتيال الصحافي اركادي بابتشنكو في أوكرانيا مساء أول من أمس، ظهر هذا الجندي الروسي السابق الذي أصبح مراسلا حربيا أمام الكاميرات بعد ظهر أمس بشكل مفاجئ، وقال إنه شارك في خدعة مقتله في إطار «عملية خاصة» خُطط لها قبل شهرين.
إثر ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن ظهوره حيا «نبأ رائع». لكنها أدانت على «تويتر» الهدف «الدعائي»» من وراء الخدعة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. كما أدانت منظمة «مراسلون بلا حدود» اختلاق عملية قتل بابتشنكو، ووصفتها بأنها عمل «مثير للشفقة». وقال كريستوف ديلوار، رئيس المنظمة المدافعة عن حرية الإعلام في باريس، إنه بينما يشعر بالارتياح لأن بابتشنكو على قيد الحياة، فإنه «من المثير للشفقة والمؤسف أن الشرطة الأوكرانية تلاعبت بالحقيقة، أيا كان دافعها... من أجل خدعة».
وأمام دهشة زملائه الذين صفقوا لدى مشاهدته، قال بابتشنكو: «أود حقا أن أشكر أجهزة الأمن الأوكرانية لإنقاذ حياتي. أود أن أعتذر من زوجتي عن الجحيم الذي عاشته طوال يومين». وأكدت قوات الأمن الأوكرانية أنها اعتقلت «مدبر» عملية الاغتيال. وقال رئيس جهاز الأمن الأوكراني، فاسيل غريتساك، للصحافيين إنه «بفضل هذه العملية، تمكنا من إحباط مؤامرة وتوثيق التحضيرات لهذه الجريمة من قبل الأجهزة الخاصة الروسية». وتابع: «لقد اعتقلنا معد هذه الجريمة قبل ثلاث ساعات في كييف»، مضيفا أن هذا الرجل تلقى 40 ألف دولار من «أجهزة الاستخبارات الروسية» لتدبير اغتيال الصحافي.
ومساء الثلاثاء، أعلنت الشرطة أن الصحافي، البالغ من العمر 41 عاما، قتل بعدة رصاصات في الظهر لدى وصوله إلى شقته في كييف. وعلى الفور، اتهم رئيس الوزراء الأوكراني فولوديمير غرويسمان «الماكينة التوتاليتارية الروسية». ونفت موسكو مسؤوليتها. ووصف مدير أجهزة الأمن الروسية ألكسندر بورتنيكوف هذه الاتهامات بأنها «عمل تحريضي»، و«لا أساس لها». ودان الكرملين «بشدة» الجريمة المفترضة، و«أمل في فتح تحقيق». وأضاف بابتشنكو أنه تعرض للتهديد، لأنه أدان دور روسيا في النزاع شرق أوكرانيا.
في 20 يوليو (تموز) 2016، قتل زميله الروسي - البيلاروسي بافيل شيريميت في انفجار قنبلة وضعت تحت سيارته في كييف في قضية لا تزال غامضة.
وشارك بابتشنكو في روسيا في الحربين ضد الشيشان كعسكري، قبل أن يصبح صحافيا ينتقد بشدة الكرملين. وروى الأحداث في هذه الجمهورية الروسية في القوقاز في كتاب باسم «لون الحرب». وقبل مغادرته موسكو، تعاون مع صحيفة «نوفايا غازيتا» وإذاعة «صدى موسكو».
وقام بتحقيقات في شرق أوكرانيا، حيث أوقع النزاع بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا أكثر من 10 آلاف قتيل منذ أربع سنوات. وهو يؤيد فرضية كييف والغرب بأن موسكو تدعم عسكريا المتمردين، رغم نفيها. وغادر الصحافي روسيا في فبراير (شباط) 2017، منددا بحملة «مضايقات». وعاش في الشيشان، ثم في إسرائيل، فكييف حيث يقدم منذ عام برنامجا تلفزيونيا.