بلبلة بعد إرجاء خروج عباس من المستشفى... وطبيبه يطمئن

توقعات بمغادرته اليوم بعد التأكد من تمام شفائه

TT

بلبلة بعد إرجاء خروج عباس من المستشفى... وطبيبه يطمئن

تأجل أمس خروج الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، من المستشفى في رام الله، من دون إعطاء أي تفاصيل أو أسباب؛ ما خلق نوعاً من البلبلة، قبل أن يؤكد طبيبه أن صحته تشهد تحسناً كبيراً.
وكان يفترض أن يغادر عباس المستشفى أمس، في الثانية بعد الظهر، وفق دعوة من الرئاسة الفلسطينية لوسائل الإعلام من أجل توثيق وتغطية اللحظة، لكنها عادت وأعلنت في بيان مقتضب: «إنه تم تأجيل خروج الرئيس من المستشفى»، من دون إعطاء مزيد من المعلومات.
وأدخل الرئيس عباس (82 عاماً) إلى المستشفى الاستشاري في رام الله، الأسبوع الماضي، إثر إصابته بالتهاب رئوي حاد، أُعقب بالتهاب في الأذن الوسطى.
وكانت تلك هي المرة الثالثة التي يزور فيها عباس المستشفى في غضون أسبوع. وأدخل الرئيس الفلسطيني الثلاثاء قبل الماضي، وخضع لجراحة صغيرة في الأذن الوسطى، ثم خرج بعد ذلك بساعات، لكنه أعيد إلى المستشفى يوم الجمعة، ثم عاد بعد يومين وبقي هناك.
وأثار دخول عباس المتكرر إلى المستشفى القلق، خصوصاً مع بقائه مدة أطول مما أعلن. لكن المدير الطبي للمستشفى الاستشاري سعيد سراحنة، أعلن أمس، أن صحة عباس تشهد تحسناً مستمراً وسريعاً، «حيث أظهرت نتائج الفحوص، أنها تعود إلى معدلاتها الطبيعية تدريجياً».
وقال سراحنة: «إن الطاقم الطبي المشرف على علاج الرئيس يتابع نتائج هذه الفحوصات يوميا، لتحديد موعد خروجه من المستشفى».
ولم يعط الطبيب موعداً مفترضاً لخروج عباس، لكن مسؤولين توقعوا أن يجري ذلك اليوم (الاثنين).
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن الأطباء طلبوا منه (الرئيس) البقاء يوماً إضافياً للاطمئنان والتأكد من شفائه بنسب 100 في المائة.
وتحسن عباس كثيراً في الأيام القليلة الماضية، والتقى مسؤولين فلسطينيين وآخرين من الخارج، وكان يتلقى تحديثات مستمرة حول الوضع السياسي الداخلي وفي العالم.
وظهر عباس سابقاً وهو يتمشى في أحد أروقة المستشفى.
ولم يمنع بث تصريحات مطمئنة حول صحة عباس، استمرار الاجتهادات المتعلقة بمستقبل السلطة الفلسطينية.
وأكثر ما يثير القلق في رام الله ودول قريبة، أنه لا يوجد خليفة معروف لعباس، في حين يوجد خلاف سياسي وقانوني كبير بين «فتح» و«حماس» حول المجلس التشريعي المعطل، الذي يفترض لو أنه على رأس عمله، لكان حل مشكلة أي فراغ رئاسي.
وينص القانون الفلسطيني الأساسي، على أن يتولى رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني رئاسة السلطة، بشكل مؤقت، لمدة لا تتجاوز 60 يوماً إلى حين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وتقول «حماس»، إن رئيس المجلس التشريعي عبد العزيز الدويك، وهو حمساوي وحاز منصبه بعدما فازت «حماس» بالانتخابات التشريعية عام 2006، هو الذي يفترض أن يحل محل عباس، لكن حركة فتح تعتبر المجلس برمته بحكم المعطل، ولا تعترف برئاسة المجلس الأخيرة، باعتباره يحتاج إلى دعوة من عباس لانعقاده، ومن ثم انتخاب هيئة رئاسية جديدة.
ويعد المجلس الآن بحكم غير القائم.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس الوطني بصفته مرجعية السلطة، وينوب عن التشريعي، سيقرر في حالة أي مفاجآت.
وأضافت المصادر: «في حالة أي غياب قهري للرئيس سيتولى رئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون، المهمة إلى حين إجراء انتخابات، باعتبار المجلس الوطني أعلى مرجعية تشريعية للفلسطينيين، ويضم المجلس التشريعي».
وطالبت حركة حماس المعارضة لعباس، القيام بـ«مبادرات وقرارات محسوبة»، في ظل تزايد الحديث عن تراجع صحة عباس.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق: «إن تراجع الحالة الصحية للرئيس يستوجب القيام بمبادرات وقرارات محسوبة، حتى لا نتفاجأ جميعاً بأمر يُربك الحالة، ويعمّق الشرخ الداخلي في (فتح)، وكذلك القاعدة الشعبية؛ ما يؤثّر سلباً على مجمل قضيتنا الوطنية».
وتمنّى القيادي في «حماس» الشفاء التام والعاجل للرئيس.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم