هجوم على مركز لـ«الخوذ البيضاء» شمال سوريا

بعد انفجار في إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد انفجار في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

هجوم على مركز لـ«الخوذ البيضاء» شمال سوريا

بعد انفجار في إدلب أمس (أ.ف.ب)
بعد انفجار في إدلب أمس (أ.ف.ب)

أعلنت منظمة «الخوذ البيضاء» مقتل 5 من عناصرها في هجوم نفذه مسلحون مجهولون، السبت، على أحد مراكزها في محافظة حلب، في وقت يشهد الشمال السوري مؤخراً تصاعداً في عمليات القتل والاغتيال، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأوردت منظمة «الخوذ البيضاء»، (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة)، على حسابها بموقع «تويتر»، أن «مجموعة مسلحة مجهولة داهمت مركز الدفاع المدني في بلدة تل حديا (مركز الحاضر) في ريف حلب الجنوبي، وأطلقت النار مباشرة على متطوعينا، قتلت خمسة منهم وأصيب اثنان آخران بجروح».
وأكد «المرصد السوري» الحصيلة ذاتها، لافتاً إلى أن المنطقة حيث يوجد المركز تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) وفصائل إسلامية أخرى.
وقال مدير مركز الحاضر أحمد الحميش لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المجموعة «هاجمت مركز الحاضر قرابة الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وقتلت خمسة من العناصر المناوبين بعدما عصبت عيونهم، فيما أصيب اثنان آخران بجروح، وتمكن عنصران آخران من الهرب».
ولم يتم التعرف على ملامح المسلحين، وفق الحميش، «إذ كانوا ملثمين، وفروا بعدما سرقوا بعض العتاد وآلية للمركز ومولدات كهربائية».
ولم تتوفر معلومات حول سبب القتل، إن كان بدافع السرقة أم لأغراض سياسية.
ومنذ بدء عملهم الفعلي في سوريا في العام 2013، نشط متطوعو الدفاع المدني البالغ عددهم حالياً نحو 3700 في إنقاذ المدنيين العالقين تحت الأنقاض أو المحاصرين بين جبهات المعارك في مناطق عدة. وغالباً ما استهدفت مراكزهم بالغارات والقصف من قبل قوات النظام، ما تسبب بمقتل أكثر من مائتين منهم وإصابة المئات بجروح.
ومن النادر أن تتعرض مراكز المنظمة لاعتداءات مماثلة. وسبق أن قتل سبعة من عناصر الدفاع المدني في أغسطس (آب) برصاص مجهولين تسللوا إلى مركزهم في مدينة سرمين في محافظة إدلب (شمال غرب).
وتتعرض المنظمة لانتقادات حادة من جهات عدة، خصوصاً من النظام السوري وحليفته روسيا، اللذين يعتبرانها مرتبطة بتنظيم القاعدة، وتعمل على تنفيذ «أجندات» غربية.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «لا يمكن عزل هذا الحادث عن عمليات الاغتيال والقتل التي تكثفت وتيرتها في الأسابيع الأخيرة في مناطق سيطرة (هيئة تحرير الشام) في محافظة إدلب وريفي حلب الجنوبي وحماة الشمالي المجاورين».
وأحصى «المرصد» مقتل 20 مقاتلاً على الأقل خلال آخر 48 ساعة، في المناطق الثلاث جراء هذه العمليات التي ترتبط، وفق عبد الرحمن، بمجملها بـ«الخلافات بين الفصائل المقاتلة في إطار الصراع على النفوذ».
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» على الجزء الأكبر من إدلب وعلى مناطق جنوب حلب وشمال حماة، حيث توجد أيضاً فصائل إسلامية، من أبرزها «حركة نور الدين الزنكي» و«هيئة أحرار الشام» المنضوية في إطار «ائتلاف هيئة تحرير سوريا». وخاض الطرفان مؤخراً جولات من الاقتتال في إطار الصراع على تقاسم النفوذ.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.