حذّر جبران باسيل، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ورئيس «التيار الوطني الحر»، من تداعيات شروط تطبيق القانون السوري رقم 10 الذي سبق أن أصدره النظام السوري، لكنه أثنى في الوقت عينه على أهميته لعودة النازحين إلى سوريا. وجاء هذا الموقف عبر رسالتين أرسلهما إلى كل من وزير الخارجية السوري وليد المعلم وإلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وكان عدد من المسؤولين اللبنانيين قد نبّهوا من هذا القرار الذي صدر في بداية شهر أبريل (نيسان) الماضي والرامي إلى وضع مخطط تنظيمي عام في المناطق التي هدّمت بفعل الحرب السورية، داعيا السوريين إلى تسجيل أملاكهم خلال شهر واحد وإلا ستقوم الدولة بمصادرتها. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري قد قال عن هذا الإجراء: «هذا القانون يقول للنازحين ابقوا في لبنان».
في رسالته التي وجهها إلى المعلم أكد باسيل على «أهمية القانون في تشجيع الكثير من النازحين السوريين على العودة إلى مناطقهم»، إلا أنه عبّر عن خشية لبنان من أن تعيق شروط تطبيق هذا القانون عودة عدد غير قليل من هؤلاء النازحين إلى مناطقهم»، داعيا مفوضية شؤون اللاجئين إلى حض النازحين لإجراء ما يلزم ليثبت النازحون ملكياتهم والعودة إلى سوريا، وحملها في الوقت عينه مسؤولية عدم تشجيع النازحين للعودة، في الرسالة التي وجّهها إلى أمين عام الأمم المتحدة.
ما يستحق الذكر أن قضية التواصل مع النظام السوري بشأن قضية النازحين لطالما شكّلت محور خلاف بين الأفرقاء اللبنانيين بين من يرفض التطبيع معه ومن يدعو إلى التنسيق معه في هذه القضية. وفي هذا الإطار، قال معين المرعبي وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال لـ«الشرق الأوسط» معلقاً على موقف وزير الخارجية: «فليتحمل باسيل تبعات ما قام به ونحن لم ولن نعترف بنظام فاقد للشرعية»، مذكرا بأنها ليست المرة الأولى التي يتواصل بها باسيل مع المعلم، حيث سبق له أن التقاه في نيويورك عام 2017.
وفي رسالتيه أعلن باسيل «أن السلطات في لبنان تعتزم العمل بشكل فوري وحازم لاعتماد سياسة لبنانية مترافقة مع إجراءات عملية تؤدي إلى تأمين العودة المرغوبة للنازحين السوريين وتشجيعها». وفي حين رفضت مصادر وزارة الخارجية إعطاء المزيد من التفاصيل حول الإجراءات التي تحدث عنها باسيل، مشيرة إلى أنه سيتم الإعلان عنها في وقت لاحق، حمّل المرعبي الوزير باسيل مسؤولية عدم إقرار خطة للاجئين في اللجنة الوزارية التي كانت مخصصة للبحث في هذا الملف. ورأى المرعبي أن هذا القانون هو تهجير قسري ومقصود للنازحين الذين يتخوف عدد كبير منهم من الذهاب إلى سوريا بعدما تركوها خوفا من القصف والملاحقة، وهي الظروف التي لا تزال قائمة في بلدهم. وأردف: «لمسنا تخوفا كبيرا لدى هؤلاء من خسارة كل ما يملكون إذا مضى النظام قدما في هذا القرار». ولفت إلى أنه كان أول من حذر من خطورة هذا القانون وتداعياته على لبنان والدول الأوروبية وطرحها في اللقاءات التي عقدها خلال مؤتمر بروكسل للنازحين الأخير.
باسيل أوضح أيضاً في رسالته إلى المعلم «أن إجراءات الإعلان والنشر المتعلقة بالمراسيم التطبيقية للقانون رقم 10 ومهلة الثلاثين يوما التي تليها والمعطاة لمالكي العقارات للإدلاء بما يثبت ملكيتهم، غير كافية لإعلام أصحاب العلاقة من النازحين خلال الوقت المناسب»، محذرا من أن يتسبب هذا الأمر في خسارة أملاكهم ويحرمهم من حوافز العودة. وجدد تمسك لبنان بحقه المكرس دستوريا بمنع التوطين وعلى موقفه المبدئي من ضرورة عودة النازحين الآمنة والكريمة إلى المناطق الممكنة داخل سوريا مع احترام عدم الإعادة القسرية وعدم ربط العودة بأي أمر آخر، مثل الحل السياسي».
أما في رسالته إلى غوتيريش، فدعا باسيل الأمم المتحدة إلى «إجراء ما يلزم لحماية حق النازحين السوريين في الحفاظ على أملاكهم وإلى التواصل والتنسيق مع السلطات السورية لهذه الغاية». وحث المنظمة الدولية على «تحمل مسؤولياتها كاملة لناحية إبلاغ كل السوريين في لبنان بهذا القانون وحضهم على إجراء ما يلزم لإثبات ملكياتهم وعلى العودة إلى سوريا». وقال وزير الخارجية «إن لبنان يواجه صعوبات جمة تحول دون إمكان إبلاغ النازحين السوريين بهذا القانون، بسبب النتائج السلبية للسياسة العقيمة التي جرى اعتمادها من قبل منظمات الأمم المتحدة العاملة في مجال النازحين السوريين في لبنان، والتي تقوم على حجب المعلومات التي تطلبها الحكومة اللبنانية من هذه المنظمات وغياب الشفافية المطلوبة، وعلى تعقيد عملية التواصل الفعالة مع عموم النازحين السوريين، إضافة إلى غياب قاعدة معلومات واضحة عنهم وعن أماكن وجودهم».
وفي هذا الإطار، دعا باسيل الأمم المتحدة إلى «إجراء مراجعة سريعة وشاملة لسياستها حيال النازحين»، وانتقد «التأثير السلبي المستمر الذي تسببه سياسة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لناحية تخويف النازحين الراغبين بالعودة إلى المناطق التي توقفت فيها العمليات القتالية في سوريا»، داعيا إياها إلى «الامتناع الحازم عن كل ما من شأنه إثارة هذا الخوف لديهم».
على صعيد آخر، كان الائتلاف الوطني السوري قد حذّر بدوره من تبعات القانون رقم 10، واعتبر رئيسه عبد الرحمن مصطفى أنه يشكل خدمة كبيرة للمشروع الإيراني للتغلغل داخل سوريا، معتبرا أنه يقضي بمصادرة منازل وأملاك مئات آلاف المدنيين المهجرين قسراً داخل سوريا وفي دول اللجوء، ويحرمهم من حقهم في العودة لمنازلهم التي هجروا منها بعد الحصار والعمليات العسكرية من النظام والميليشيات الإرهابية الإيرانية.
باسيل: شروط القانون السوري رقم 10 قد تعيق عودة النازحين
أعلن في رسالتين للمعلم وغوتيريش أن لبنان «سيقوم بإجراءات فورية»
باسيل: شروط القانون السوري رقم 10 قد تعيق عودة النازحين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة