«بيت الشعر في المغرب» يستضيف عبد العزيز الطاهري بالغرفة المضيئة

أسس «ناس الغيوان» و«جيل جيلالة» وأعطى الكثير للمسرح والغناء

ملصق أمسية الشاعر مولاي -  عبد العزيز الطاهري
ملصق أمسية الشاعر مولاي - عبد العزيز الطاهري
TT

«بيت الشعر في المغرب» يستضيف عبد العزيز الطاهري بالغرفة المضيئة

ملصق أمسية الشاعر مولاي -  عبد العزيز الطاهري
ملصق أمسية الشاعر مولاي - عبد العزيز الطاهري

في احتفالية حميمية سادها جو من التفاعل المباشر المطبوع بالحنين إلى الزمن الجميل للفن الأصيل، نظّم «بيت الشعر في المغرب» أمسية للشاعر مولاي عبد العزيز الطاهري؛ بحضور عدد من محبيه وأصدقائه، ترددت خلالها أصداء أغنيات مجموعتي «ناس الغيوان» و«جيل جيلالة»، لكون المحتفى به من بين مؤسسي هذه الظاهرة الغنائية في عقد السبعينات من القرن الماضي.
في البداية، أوضح مراد القادري، رئيس «بيت الشعر في المغرب»، أنّ هذا اللقاء الذي احتضنه رواق «باب الرواح»، يندرج في سلسلة فعاليات الدورة الثالثة لـ«ملتقيات الرباط للفوتوغرافيا» التي تنظّمها الجمعية المغربية للفن الفوتوغرافي في مدينة الرباط من 10 مايو (أيار) الحالي إلى 30 يونيو (حزيران) المقبل، ضمن برنامج «في الغرفة المضيئة».
واستعرض القادري في كلمة الافتتاح مسار الفنان مولاي عبد العزيز الطاهري، سواء كزجال غنائي أو ككاتب ومؤلف ومسرحي كان له دور كبير في البصم على تجربة متميزة في السبعينات لجيل كان يطمح للتعبير عن التمسك بهويته المغربية، وقد استطاع أن ينجح في هذا المسعى ضمن بعد كوني وإنساني. وقال القادري إن الطاهري تكرس في أذهان الجمهور كشاعر وعضو في مجموعتي «ناس الغيوان» و«جيل جيلالة»، وهو يشكل قيمة شعرية، بعد أن أغنى القصيدة الموجهة للغناء، وأعطى الكثير للممارسة المسرحية، واستطاع الوصول إلى وجدان الناس.
وعند الحديث عن تجربته، أبرز الطاهري اهتمامه بالبحث في فن الملحون كرافد من روافد التراث المغربي، وأشار إلى انصرافه منذ مدة إلى الاشتغال على أغنية «العيطة» الشعبية، مشيراً إلى أنّه كتب قصيدة عنها، استحضر فيها بطريقة شعرية رموز هذا النمط الغنائي، أهداها إلى الشاعر حسن نجمي الذي سبق له إنجاز بحث دكتوراه في الموضوع.
ومن منطلق تشبعه بروح الفريق، أكد أنه يؤمن بالعمل الجماعي، وبهذه الروح تم تأسيس مجموعة «ناس الغيوان»، مضيفاً أنه كان دائماً من دعاة العمل الجماعي الذي يجد نفسه فيه.
وبحسه الفكاهي الذي يتّصف به أهل مدينة مراكش (جنوب المغرب)، باعتباره ينحدر منها، وأمضى فيها مراحل طفولته وصباه، أضفى الطاهري على اللقاء لمسات من المرح من خلال بعض التلميحات أو التعليقات التي كانت تتخلل تقديمه لباقة من قصائد زجلية لامست قضايا متنوعة، عاطفية واجتماعية وعربية وإنسانية، كانت تقابل بالتصفيق. ومن ضمن هذه الكتابات قصيدة مفعمة بالدّلالات والأبعاد، ويحكي فيها كشاعر بأسلوبه المميز في السرد عن «ثورة الحروف» ضده، وإعلانها «العصيان المدني» عليه، في نوع من التحدي.
واستحضاراً لما يعرفه الوضع العربي حالياً من توترات، خصوصاً في فلسطين، ألقى قصيدة مؤثرة عن قطاع غزة، كان قد كتبها عنها خلال فترة ولاية باراك أوباما، عبّر فيها عن تعاطفه معها، وعن سلبية المجتمع الدولي إزاء الاستيطان والتعسف الإسرائيلي.
آخر قصيدة ألقاها الطاهري في أمسيته، قال إنه يهديها للجميع، وهي عن مدينة مراكش، تغنّى فيها بمعالمها وحضارتها وتاريخها وعمرانها وأمجادها وأهلها وناسها، بدا خلالها وكأنّه يستعرض في ذهنه صورها وأطيافها و«ألوان الفن» فيها. شارك في تنشيط الفقرة الموسيقية الفنانان كريم فنيش والمعلم عبد القادر، بعزف مقطوعات من رصيد مجموعتي «ناس الغيوان» و«جيل جيلالة»، وسرعان ما اندمج معهما في الغناء الشاعر المحتفى به، خصوصاً في أغنية «آه ياوين» التي ردّدها أيضاً الحاضرون، وأغلبهم من المثقفين والفنانين، بطريقة توحي كأنّها سُجلت بالأمس فقط، لكونها ما زالت تسكن ذاكرتهم.
قبل اختتام اللقاء، تناوب على المنصة بعض رفاق درب الطاهري، وقد أجمعوا كلهم في شهاداتهم على قيمته كفنان ومبدع ترك بصماته في العديد من المحطات والأعمال الفنية.
أوّل المتدخلين كان المخرج المسرحي عبد الواحد عوزري الذي اعترف أنّه من الصعب جداً اختزال حياة الطاهري الزاخرة بالعطاء، في مجموعتي «ناس الغيوان» و«جيل جيلالة»، مؤكداً أنّ عطاءه لم ينضب إذ «ما زال يضيء ليالينا».
وكشف الزجال أحمد لمسيح أنّ الطاهري كان السبب في إطلاق مجموعة من الفنانين في سماء الشهرة والانتشار من خلال كلماته وألحانه، مثل المطربة الشعبية نجاة اعتابو وغيرها، وحيّا فيه روح الكتمان الذي يتميز بها، بعيداً عن النرجسية التي تصيب أهل الفن عادة.
واشتملت كلمة نبيل لحلو، المخرج السينمائي المثير للجدل، على انتقاد «غياب أي اهتمام رسمي بالثقافة»، على حد تعبيره، قبل أن يكشف أنّه كان يحلم بأن يكون شاعراً في باريس، لكنّه تعرّض للطّرد من أحد أنديتها الشعرية، بعد الاستماع لنماذج من شعره.
أمّا حسن نجمي فقد استحضر قيمة الحضور المتعدّد للطاهري في الذاكرة الجماعية، خصوصاً من الناحية البصرية، مشيراً إلى «تلك الصورة الجميلة المتّسمة بالظلال، لناس الغيوان، وفي قلبها عبد العزيز الطاهري، الذي يسكننا صوته كجماعات وأفراد».
وبعد أن نوّه بما يتّصف به الطاهري من صفات كشاعر حقيقي خلاق استمد تجربته من الموروث الشعري، «الملحون» و«العيطة»، كشف عن مشروع طبع ديوان ثان له بعد ديوانه الأول «آه ياوين».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.