انخفاض عدد المشاركين في مسيرات غزة... و200 ألف صلّوا في الأقصى

وزير إسرائيلي يهدد بمنع «حماس» من تعزيز قوتها العسكرية

فلسطينيون يحتمون من قنابل الغاز المسيل للدموع خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق خانيونس في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحتمون من قنابل الغاز المسيل للدموع خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق خانيونس في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

انخفاض عدد المشاركين في مسيرات غزة... و200 ألف صلّوا في الأقصى

فلسطينيون يحتمون من قنابل الغاز المسيل للدموع خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق خانيونس في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحتمون من قنابل الغاز المسيل للدموع خلال المواجهات مع جنود الاحتلال شرق خانيونس في قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

احتشد آلاف الفلسطينيين على طول الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة أمس الجمعة، لكن حجم المشاركين في المواجهات التي وقعت بينهم وبين الجنود الإسرائيليين كان أقل بكثير من الأسابيع الماضية. وفيما شهدت الضفة الغربية مسيرات محدودة جداً، أدى ما يصل إلى 200 ألف فلسطيني صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان في المسجد الأقصى بالقدس.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أمس عن وفاة ثلاثة شبان هم: أحمد قطوش (23 عاماً) الذي توفي في مستشفى الشفاء بغزة، ومهند أبو طاحون (21 عاماً) الذي توفي في مستشفى الأهلي بالخليل، وياسر حبيب (24 عاماً) الذي توفي في مستشفى مار يوسف بالقدس. وبذلك يرتفع إلى 115 عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا في المواجهات مع الجنود الإسرائيليين منذ بدء المسيرات الاحتجاجية في يوم الأرض (30 مارس /آذار/ الماضي). وأفيد بأن السلطات الإسرائيلية منعت نقل جثمان الشاب أبو طاحون عبر معبر ترقوميا في الخليل إلى قطاع غزة بحجة عدم وجود تنسيق لنقله. وتبذل هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية جهوداً لتأمين عودة جثمان الشاب إلى القطاع.
يأتي ذلك في وقت تواصلت فيه المسيرات بالأراضي الفلسطينية، وبخاصة على حدود قطاع غزة، بدعوة من «الهيئة العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار» المنبثقة من فصائل عدة. وأُطلق على مسيرات أمس اسم «جمعة مستمرون رغم الحصار» للجمعة التاسعة على التوالي.
واحتشد الآلاف من الفلسطينيين على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، حيث أطلقت قوات الاحتلال النار وقنابل الغاز تجاه المتظاهرين. وقالت وزارة الصحة في غزة إن 25 فلسطينياً أصيبوا بجروح مختلفة جراء إطلاق الاحتلال الرصاص الحي وعشرات قنابل الغاز تجاه المتظاهرين، فيما أشارت مصادر طبية أخرى إلى أن 14 من المصابين تعرضوا للرصاص الحي.
ولُوحظ أن عدد المتظاهرين أمس كان أقل من أيام الجمع السابقة. ووصلت قيادات من حركة حماس، منهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي ويحيى السنوار قائد الحركة في غزة، إلى مناطق حدودية متفرقة بحضور قيادات أخرى حيث تناولوا إفطار الصيام مع المتظاهرين، كما جرى يوم الجمعة الماضي.
وأشعل عشرات من المتظاهرين الإطارات المطاطية، وسط إطلاق عدد من الطائرات الورقية وبالونات حارقة تحمل العلم الفلسطيني من عدة مناطق حدودية باتجاه مستوطنات غلاف قطاع غزة، ما تسبب في اندلاع حرائق كبيرة في «كيبوتسات» إسرائيلية. وعملت طواقم الإطفاء التابعة لقوات الاحتلال على إخماد الحرائق.
وشهدت الضفة الغربية بدورها مسيرات محدودة جداً في قرى محاذية لجدار الفصل. وأفيد بأن شاباً أصيب برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في الرأس، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي المسيرة السلمية الأسبوعية في قرية كفر قدوم شرق محافظة قلقيلية. وقال «منسق المقاومة الشعبية» في القرية مراد شتيوي، إن شاباً أصيب في رأسه خلال المواجهات التي اندلعت عقب اقتحام قوات الاحتلال للقرية بعد انطلاق المسيرة، حيث استخدم جنود الاحتلال الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والغاز المسيل للدموع، وقنابل الصوت.
واعتقلت قوات إسرائيلية 4 فلسطينيين في بلدة برطعة المعزولة خلف الجدار الفاصل جنوب غربي مدينة جنين، بعد أن اقتحمت البلدة ودهمت منازل عدد من سكانها. فيما واصلت قوات الجيش عملياتها واقتحمت مناطق عدة في الضفة فجر أمس. ومن بين المناطق التي تم اقتحامها مخيم الأمعري قرب رام الله للبحث عن شاب فلسطيني ألقى «حجر رخام» على رأس جندي إسرائيلي خلال اقتحام المخيم فجراً، ما أدى إلى إصابته بجروح حرجة.
وفي القدس، أدى أكثر من 200 ألف فلسطيني من المدينة وبلداتها ومناطق الخط الأخضر ومحافظات الضفة الغربية، ممن انطبقت عليهم شروط الاحتلال (كبار السن والنساء)، صلاة الجمعة الثانية من شهر رمضان الكريم، في باحات المسجد الأقصى المبارك. وجرت الصلاة وسط استعدادات ضخمة من دائرة أوقاف القدس واللجان العاملة، خصوصاً الفرق الكشفية، واللجان الصحية والطبية والإغاثية والتطوعية، بالإضافة إلى استعدادات واسعة من لجان حارات وأحياء القدس القديمة.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية عن رفع حالة التأهب في المدينة والبلدة القديمة وعلى الحواجز في الضفة الغربية، وتشديد الإجراءات الأمنية خوفاً من أي أحداث يمكن أن تقع.
في غضون ذلك، هدد رئيس حزب المستوطنين وزير التعليم عضو «الكابنيت» (المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية)، نفتالي بنيت، بأن إسرائيل ستمنع حركة حماس من تعزيز قوتها العسكرية بأي ثمن.
وقال بنيت، الذي كان يتحدث في جولة على البلدات الإسرائيلية الواقعة في محيط قطاع غزة، إن «السياسة الاستراتيجية لإسرائيل هي أن تمنع (العدو) من تغيير موازين القوى قبل أن يتمكن من ذلك، وإن هذا ينطبق على (حماس)». وأضاف: «نحن نلاحظ أنها (الحركة) تسعى إلى تعزيز قوتها وتصرف مئات ملايين الدولارات على ذلك بدلاً من الاهتمام بمعيشة السكان في غزة. وعندما نقوم بتدمير الأنفاق وقصف مخازن الأسلحة، إنما نحاول منعها من امتلاك القوة التي تهددنا. وعندما نمنع تدفق الجماهير التي ترسلها إلى الحدود لتهديد سكان البلدات الإسرائيلية، نحاول أن نجهض مخطط (حماس) لإلهاء الجمهور الفلسطيني عن معاناته الشديدة في ظل حكمها الديكتاتوري الفاشل».
على صعيد آخر، أظهرت النتائج الأولية لعملية تشريح جثمان الأسير الفلسطيني عزيز عويسات من بلدة جبل المكبر في مدينة القدس، الذي توفي منذ أيام داخل السجون الإسرائيلية، أنه قد توفي بسبب جلطة قلبية حادة أدت إلى وفاته. وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، في بيان، إنه تم الانتهاء من عملية التشريح أمس في معهد الطب العدلي الإسرائيلي «أبو كبير»، بمشاركة مدير معهد الطب العدلي الفلسطيني الدكتور ريان العلي. وأوضح العلي أن عملية التشريح أظهرت معاناة عويسات من مشاكل في القلب، تمثلت في انغلاق وانسداد حاد في الشرايين الرئيسية وتضخم في عضلاته، أدت إلى تلف وتعطيل كل أجهزته. وكشف العلي ظهور بعض الكدمات، التي كانت على شكل بقع ظاهرة في أنحاء من جسمه.
وأكدت الهيئة، ووفقاً لشهادات العديد من الأسرى في سجن «إيشل» الذي كان يقبع فيه الأسير عويسات، أنه تعرض لاعتداء وحشي خلال نقله من القسم، وأن الاستفراد به تواصل بعد نقله إلى الزنازين، وأنه نقل منها إلى المستشفى في غيبوبة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».