المقداد: انسحاب القوات الإيرانية و{حزب الله} من سوريا «غير مطروح»

خبراء يتساءلون عن بداية خلاف داخل التحالف الإيراني ـ الروسي

دمار في حي الحجر الأسود المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (أ.ف.ب)
دمار في حي الحجر الأسود المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (أ.ف.ب)
TT

المقداد: انسحاب القوات الإيرانية و{حزب الله} من سوريا «غير مطروح»

دمار في حي الحجر الأسود المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (أ.ف.ب)
دمار في حي الحجر الأسود المجاور لمخيم اليرموك جنوب دمشق (أ.ف.ب)

أعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، أمس الأربعاء، أن انسحاب أو بقاء القوات الموجودة على الأراضي السورية بدعوة من الحكومة وبينها إيران وحزب الله اللبناني، هو شأن يخص دمشق و«غير مطروح للنقاش».
يأتي ذلك بعدما تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي عن انسحاب قريب «للقوات الأجنبية» من سوريا.
وقال المقداد في مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية «ريا نوفوستي» بشأن انسحاب قوات إيرانية ومقاتلي حزب الله: «هذا الموضوع غير مطروح للنقاش لأنه يأتي في سياق سيادة الجمهورية العربية السورية على من يكون على أرضها ومن لا يكون».
وكان الرئيس بوتين أعلن الخميس خلال لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد أن بداية العملية السياسية في سوريا ستساهم في انسحاب «القوات المسلحة الأجنبية» من البلاد.
وفسرت السلطات الروسية هذه التصريحات بطريقة متناقضة. فقد اعتبر موفد الكرملين إلى سوريا ألكسندر لافريتييف، أن هذه التصريحات تعني «الأميركيين، الأتراك وحزب الله بالتأكيد، والإيرانيين». لكن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أوضح أن إعلان بوتين يتعلق بالقوات الأجنبية الموجودة في سوريا «بحكم الأمر الواقع بطريقة غير شرعية من وجهة نظر القانون الدولي»، وهذا يستبعد على ما يبدو إيران حليفة دمشق.
وأكد المقداد أن سوريا «دعت قوات حليفة وصديقة لمساعدتها في الحرب على الإرهاب ومن بين هذه القوات قوات روسية وإيرانية وخبراء إيرانيين وأخوة في حزب الله، وكل هذه الأطراف هي معنية بالحرب على الإرهاب ولا تنتهك سيادة وحرمة أراضي الجمهورية العربية السورية وتعمل بتنسيق تام مع الدولة السورية في الحرب على الإرهاب».
وأضاف في المقابلة مع الوكالة الروسية: «أنا لا أعتقد أن الأصدقاء الروس إطلاقا يقصدون القوى أو الجيوش التي دخلت سوريا بشكل مشروع وبموافقة حكومة الجمهورية العربية السورية». وقال إن روسيا طلبت انسحاب القوات التي دخلت البلاد دون علم وموافقة الحكومة السورية، مثل القوات الأميركية والفرنسية والتركية وقوات أخرى موجودة على الأراضي السورية بشكل غير مشروع.
إلى ذلك، وفي رد روسي غير مباشر على إعلان وزارة الخارجية النظام أن انسحاب إيران وحزب الله من سوريا «غير مطروحٍ للنقاش»، طرحت القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية الروسية، موضوع إخراج جميع القوات الأجنبية من سوريا، على الاستفتاء، من خلال حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي «تليغرام» و«فيسبوك»، وجاء في سؤال الاستفتاء الذي قالت القناة إنه سيستمر لمدة أسبوع: «هل تؤيد قرار إخراج جميع القوات الأجنبية من سوريا بما فيها الصديقة كسبيل لإنهاء الصراع الدائر في البلاد؟ أم تفضل بقاءها حتى ولو كانت على حساب استمرار الحرب؟»
واعتبرت الدعوة التي أطلقتها روسيا مؤخرا بضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا بمثابة منعطف محتمل في تحالفها مع إيران، رغم أن المحللين يقولون إن الشراكة بين البلدين لا يزال أمامها طريق طويل.
وحتى الآن نسق البلدان أنشطتهما في سوريا حيث وفرت روسيا القوة الجوية بينما أوكلت إلى القوات الإيرانية المهمة الصعبة على الأرض.
وقال هنري روم الباحث في الشؤون الإيرانية في مجموعة يوراسيا في واشنطن، إن تصريحات بوتين «لا تعني أن التحالف بين روسيا وإيران في سوريا قد انتهى، ولكنها لا شك عائق خطير في طريق التحالف». إلا أن بوتين عادة ما يختار كلماته بعناية، ويقول المحللون إنه يبعث برسالة بأن النزاع السوري يجب ألا يتحول إلى حرب أكثر دموية بين إيران وإسرائيل.
يقول جولين بارنز - ديسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن «الروس يلعبون لعبة توازن دقيقة بين مختلف الفرقاء الإقليميين». وتابع، «إن تصريحات روسيا عن انسحاب القوات الأجنبية من سوريا، هي رسالة إلى إيران بأن هناك حدودا لنفوذها في سوريا». وأضاف: «ولكنهم سيواجهون صعوبة كبيرة في تطبيق ذلك، لقد شهدنا سلسلة كاملة من التصريحات من روسيا خلال العامين الماضيين حول انسحاب وشيك للقوات، ولم يحدث ذلك».
كما أشار إلى أن إيران قلقة من فوز الشركات الروسية والتركية بعقود كبيرة في سوريا بدلا من الشركات الإيرانية، وهي قلقة بسبب ما يبدو أنه سماح من روسيا لإسرائيل بشن غاراتها الجوية الأخيرة على المواقع الإيرانية.
والوجود الإيراني مترسخ في سوريا. وتخشى طهران من أن تحاول روسيا إخراجها وجني جل ثمار إعادة إعمار البلد الذي دمرته الحرب. ولكن ورغم كذلك ذلك فإن روسيا وإيران تواصلان العمل معاً. فإيران تعتمد على الدعم الجوي الروسي ومعدات التصدي للطائرات، بينما تعتبر القوات الإيرانية وتلك الحليفة لها، مهمة في الحرب الميدانية التي لم تنته بعد.
يقول روم: «سيستغل كل طرف الآخر بأكبر قدر ممكن ولأطول فترة ممكنة».
أما المحللون في إيران، فيرون أن المزاعم بوجود انقسامات مبالغ فيها، ويؤكدون أن إيران ليست مهتمة بوجود طويل الأمد في سوريا. وقال محمد مراندي المحلل السياسي في جامعة طهران: «الإيرانيون ليست لديهم مشكلة في مغادرة سوريا. ولو لم يخلق الأميركيون وحلفاؤهم هذه الفوضى في سوريا، لما كانوا ليوجدوا هناك الآن». أما المحلل الروسي فلاديمير سوتنيكوف، فقال، إن بوتين لا يريد الإضرار بـ«الشراكة الاستراتيجية» مع إيران. وصرح لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه «رغم أن إيران ليست شريكا سهلا لروسيا، فإن البلدين لن يكسرا الروابط بينهما».
وأضاف أن تصريحات بوتين حول القوات الأجنبية تشير إلى الدول التي ليس لديها إذن واضح من الأسد، بينما إيران حاصلة على هذا الإذن.
غير أن جميع المحللين يوافقون على أن الأطراف الكبيرة تناور من أجل الحصول على حصة في مرحلة ما بعد الحرب.
وقال بارنز - ديسي: «أشعر أن الأسد لا يريد نظاما عسكريا فرعيا شبه مستقل يأتمر بأوامر إيران من داخل بلاده». مضيفا: «والخلاصة هي أن الإيرانيين موجودون في سوريا وسيبقون فيها وسيكون لهم نوع من أنواع الوجود العسكري».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».