مالطا... جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني

من هنا مر الفينيقيون والإغريق والرومان والعثمانيون والبريطانيون

مالطا... جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني
TT

مالطا... جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني

مالطا... جمال طبيعي لا ينفصل عن تاريخ غني

ثمّة جوهرة تكاد تكون منسيّة في عرض البحر المتوسط. تكرّ فيها سبحة التاريخ إلى ما قبل الأهرامات، وتمتزج خضرة زيتونها العتيق بزرقة المياه المتهالكة على سواحلها المتعرّجة بين الأخاديد التي يحبس جمالها الأنفاس. إنها مالطا... واحة من السكينة والتاريخ عائمة على مرمى حجر من جزيرة صقلية... وعلى مقربة من تونس التي أخذت عن لهجتها ثلث لغتها الهجينة بين الإنجليزية والإيطالية ولغة الضاد في مزيج ما زالت الألسنية حائرة عن فك ألغازه.
منذ أن انضمت مالطا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 أصبحت من الوجهات السياحية المفضّلة لدى الأوروبيين. تنافس جزيرتي كريت وايبيثا، وتستقبل ما يزيد عن 4 ملايين سائح سنويا مقابل عدد سكانها الذي لا يصل إلى نصف مليون موزّعين على مساحة لا تزيد عن 200 كيلومتر مربع. لكن تكفي جولة سريعة في العاصمة فاليتا، وهي بمثابة الحي القديم في الجزيرة، ليتبيّن الزائر مفاتن مالطا ويدرك لماذا تجذب هذا العدد المتزايد من السيّاح.
جمالها لا يمكن فصله عن تاريخها، بل هو ثمرة هذا التاريخ الذي تعاقب عليها منذ آلاف السنين الفينيقيون والإغريق والرومان والعثمانيون والبريطانيون.. كلهم مرّوا من هنا وتركوا بصمات ما زالت إلى اليوم تشهد على تنوّع هويّة هذه الجزيرة وتعدد مشاربها الثقافية والعمرانية.
فاليتا هي أول مدينة أوروبية بُنيت وفقاً لمخطط عمراني متكامل في القرن السادس عشر، وفيها ما يذكّر بشوارع القدس العتيقة وبالأحياء القديمة في قرطبة عاصمة الخلافة الإسلامية في الأندلس. دروب ضيّقة تظللها الشرفات الخشبية المغلقة، مرصوفة بالحجارة القديمة. وعلى جوانبها تقوم المباني الأنيقة التي سكنها النبلاء وفرسان مالطا الذين تأسست المدينة على أيديهم. واجهات المتاجر والحوانيت الصغيرة تبدو طالعة من الأفلام السينمائية الأولى أواخر القرن التاسع عشر، والحجر الصخري نفسه يطالعك في كل الأبنية المزخرفة بالتماثيل والمنحوتات، والتي تفاجئك من حين لآخر بإطلالة أخّاذة على الشاطئ اللازوردي الذي يزنّر الجزيرة.
- أهم مناطق الجذب فيها
من الأماكن التي لا بد من زيارتها في فاليتا قلعة سانت إيلمو المبنية أواسط القرن السادس عشر والتي أصبحت اليوم مقرّ قيادة الشرطة، لكنها مفتوحة للسيّاح طوال أيام الأسبوع. ومن موقعها في أعلى نقطة من العاصمة، تشرف على أجمل المناظر والمباني الأثرية مثل نزل قشتالة الذي كان مقرّ الفرسان الإسبان والبرتغاليين المكلّفين بحماية الجزيرة.
ثم كاتدرائية القديس يوحنا التي تضمّ متحفا يحوي مجموعة من أعمال الرسام الإيطالي الشهير كارافاجيو الذي عاش فترة قصيرة في مالطا واضطر للهرب منها لاتهامه بالضلوع في جريمة قتل.
وتشهد فاليتا منذ سنوات ورشة كبيرة من الأعمال الترميمية والمشاريع الطليعية التي يشرف عليها المهندس الإيطالي الذائع الصيت رنزو بيانو، بمناسبة إعلان المدينة عاصمة أوروبا الثقافية لعام 2018.
وتبقى الشواطئ والمنتجعات الساحلية المقاصد الرئيسية للسياح في مالطا. أجملها يوجد في جزيرة غوزو الصغيرة المحاذية للجزيرة الكبرى، حيث توجد آثار فريدة من نوعها في العالم تعود إلى الألف الرابع قبل الميلاد. وتشتهر غوزو بشواطئها الجميلة وصفاء مياهها التي يرتادها هواة الغطس والاستكشاف تحت الماء، والموانئ الصغيرة المخصصة للصيادين الذين ما زالوا يستخدمون القوارب الخشبية المصنوعة على الطراز الفينيقي والتي تتميّز بالعينين المرسومتين على كوثلها. وقد ازدهرت في هذه الجزيرة مؤخرا السياحة الريفية في المناطق الزراعية الداخلية التي ما زال سكانها يمارسون طقوس الحياة القديمة في أجواء نادرة من الطمأنينة والهناء.
ولا بد قبل إنهاء الزيارة إلى مالطا من جولة على بعض متاحفها الفريدة، مثل المتحف الحربي الذي يعرض للمعارك التاريخية التي عاشتها هذه الجزيرة كالحصار العثماني المديد في القرن السادس عشر، والقصف العنيف الذي تعرضت له على يد الطيران النازي في الحرب العالمية الثانية حيث كانت من القواعد البحرية الرئيسية للحلفاء... أو متحف محاكم التفتيش التي بقيت ناشطة في مالطا حتى نهايات القرن الثامن عشر... أو متحف السيارات الذي يضمّ مجموعة فريدة في العالم من السيارات القديمة.
تغادر هذه الجزيرة مسكوناً بشعور من الغبطة تجاه سكانها الذين لا يعرفون مشكلة اسمها الحدود، وبدهشة من كثرة المفردات العربية التي تطالعك في لسان أهلها بما يدفعك إلى مخاطبتهم عفويّاً بلغة الضاد. وإذ تجول أمام كنائسها التي يزيد عددها عن الثلاثمائة ولا تقفل أبوابها أبداً، تدرك من أين جاء القول (كالمؤذّن في مالطا) ، علماً أن المالطيين هم الأكثر انفتاحاً على العرب والمسلمين بين أترابهم الأوروبيين.

- فنادقها

Hotel Phoenicia Il Belt Valetta FRN 1478
يحتلّ هذا الفندق العريق أجمل المواقع في الجزيرة ويشرف على مينائها
وعدد من مبانيها وساحاتها القديمة، ويبعد دقائق معدودات عن وسطها.
يرتاده كبار الزوّار واستضاف الملكة إليزابيث وزوجها الأمير فيليب
في رحلة شهر العسل.

Hotel Paulos 237 St. Paul street
يقع في وسط المدينة القديمة
تحيط به مجموعة من متاجر التحف، وبقربه حديقة عامة صغيرة
تحلو المطالعة في ظل أشجارها الباسقة.

Grand Hotel Excelsior Great siege Road
يقع هذا الفندق في منطقة هادئة من المدينة ويتميّز بناديه الرياضي وبركة السباحة،
وفيه مطعم فاخر يقدّم أطباقا تقليدية من المطبخ المالطي.

Palazzo Paulino 101 Triq San Paul
يحتلّ أحد أقدم المباني الذي تمّ ترميمه مؤخرا، ويتميّز بأثاث غرفه الكلاسيكي والمناظر الجميلة التي تطلّ عليها شرفات الطبقات العليا.

Ursulina HotelSt. Ursula street
فندق صغير موصوف بأناقته وخدمته المميزة. فيه مكتبة جميلة وقاعة مخصصة لمدخّني السيجار.

- مطاعمها

Giannini 23 Wind Mill
يقدّم أطباقاً منوّعة من الأسماك
والمحار والمأكولات الإيطالية.

Il Harzo 6 St.Christofer’s street
مأكولات أوروبية ومتوسطية مع بعض الأطباق الشرقية من المطبخين المغربي واللبناني.

Rubino 53 Old Bakery street
مشهور بالأطباق المحلية، وبخاصة الوصفات القديمة التي ينكبّ صاحبه
على إحيائها منذ سنوات.

Palazzo Preca 54 Strait street
يقدّم أطباقا تقليدية من جزيرة غوزو ووجبات نباتية.

Rampila St. John Cavalier street
مطعم أوروبي يتميّز بأجوائه الرومانسية والمناظر الجميلة التي تطلّ عليها شرفته، خاصة في المساء حيث يقدّم عزفاً على البيانو.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.