عشية مغادرته إلى فرنسا... الراعي يدعو لحكومة «على مستوى التحديات»

TT

عشية مغادرته إلى فرنسا... الراعي يدعو لحكومة «على مستوى التحديات»

وجَّه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي نداءً إلى الكتل النيابية والمسؤولين «لتسهيل تشكيل حكومة»، مشيراً إلى «رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون ألا تكون هناك من عراقيل بوجه التأليف. ويجب ألا تكون حكومة عادية بل على مستوى التحديات التي يواجهها لبنان».
وجاء كلام الراعي بعد لقائه عون مودعاً إياه عشية سفره إلى فرنسا تلبية لدعوة الرئيس إيمانويل ماكرون، ومهنئاً بـ«حصول الانتخابات النيابية ونجاحها وبالوجوه الجديدة التي دخلت الندوة البرلمانية».
وقال: «ونحن على مشارف تشكيل حكومة جديدة نتوجه بالكلمة إلى الكتل النيابية والمسؤولين، فالانتخابات انتهت وبات الاستحقاق الكبير هو تشكيل الحكومة كي تكون على مستوى التحديات الكبرى التي يواجهها لبنان. وهي تقتضي إصلاحات جرى الكلام عنها في مؤتمرات روما وباريس وبروكسل. وندائي إلى كل القوى السياسية والكتل النيابية لتسهيل تشكيل الحكومة التي عليها تحمل هذه المسؤولية الكبرى. فليس أمامنا إلا وحدتنا والتفافنا حول بعضنا البعض، ووضع المصلحة العامة فوق كل مصلحة أخرى، والتفكير بقيام دولتنا ووطننا قبل البحث في مصالح هذه الفئة أو تلك، وقبل الكلام إننا ربحنا ونريد أكثر أو نحن خسرنا ولنا الأقل». وأضاف: «وطننا ودولتنا بحاجة إلى تكاتف كل القوى كي يتمكن من سيكون في الحكومة من الارتقاء إلى مستوى التحديات المطروحة، سياسياً واقتصادياً ومالياً، وعلى الأخص مكافحة الفساد الذي هو شر الشرور». ولفت إلى أن «هذه المواضيع وغيرها كانت موضع محادثاتنا مع الرئيس عون».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان لمس من رئيس الجمهورية ارتياحاً للإسراع بتأليف الحكومة، وعما إذا ستكون حكومة اتحاد وطني؟ قال: «لدى الرئيس رغباته الكبرى. وطبعاً إذا لم تكن هناك حكومة اتحاد وطني، كيف سيحكمون؟ هل نعود إلى مواجهة بعضنا البعض؟»، وعبّر عن أمله ألا تواجه الحكومة عراقيل لتأليفها، وأن تكون على مستوى التحديات.
وعن لقائه المرتقب مع الرئيس ماكرون قبيل اجتماع الرئيس الفرنسي مع البابا فرنسيس، أوضح الراعي أن «اللقاء مع الرئيس ماكرون ليس لربع أو نصف ساعة، بل سيكون لقاءً طويلاً، كما ستكون لنا لقاءات مع كبار المسؤولين الفرنسيين الذين، كالعادة، وجهوا لنا دعوة رسمية، من رئيس الحكومة والبرلمان ومجلس الشيوخ ووزير الخارجية. ونحن بالعادة نرفع مذكرة مكتوبة إلى فخامة الرئيس الفرنسي. وعلى أي حال فإن الرئيس ماكرون واع تماماً لكافة قضايانا، وهو محب للبنان بشكل كبير، وهذا انطباع فخامة الرئيس».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم