اللورد دارزي: تحديات غير مسبوقة يواجهها العالم في مجال الصحة.. ومطلوب توحيد الجهود للابتكار

إطلاق أول تقرير من نوعه لتقييم تجربة ثمانية بلدان في تحسين الرعاية الصحية

اللورد آرا دارزي
اللورد آرا دارزي
TT

اللورد دارزي: تحديات غير مسبوقة يواجهها العالم في مجال الصحة.. ومطلوب توحيد الجهود للابتكار

اللورد آرا دارزي
اللورد آرا دارزي

يعد الابتكار حجر الزاوية في «مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية» (ويش) الذي يختتم اليوم في العاصمة القطرية الدوحة، حيث يسعى باحثون وأكاديميون عالميون لاستعراض الكثير من الابتكارات العملية التي ترتكز إلى أحدث التقنيات والمتصلة بتحديات صحية متفاوتة مثل السمنة، والصحة النفسية، وإصابات حوادث السير، والرعاية المسؤولة، ومقاومة مضادات الميكروبات، ورعاية المرضى في مرحلة الاحتضار، وإشراك وتمكين المرضى، والبيانات الضخمة والرعاية الصحية. وعلى هامش القمة يستعرض المبتكرون في أجنحة مخصصة تجاربهم وسبل تحويل ابتكاراتهم من أفكار إلى حلول عملية. وإلى جانب المنتديات الثمانية انعقدت أمس جلسة نقاشية مهمة حول أخلاقيات الرعاية الصحية في مرحلة الاحتضار. وتضم قائمة المتحدثين الرئيسين كلا من: سيمون ستيفنز، رئيس قسم الصحة العالمية بمجموعة يونايتد هيلث، وداو أونغ سان سو كيي، من الأعضاء المؤسسين والرئيسة الحالية لحزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية في دولة بورما (ميانمار)، وبوريس جونسون، عمدة لندن، وجون دينين، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة جنرال إلكتريك للرعاية الصحية. وقال بوريس جونسون، عمدة لندن، إن هناك «عددا من القضايا الصحية التي تشغل العالم اليوم، وإن كان لكل بلد من بلدان العالم تحدياته الخاصة. من جانبه، تحدث البروفسور اللورد دارزي، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لـ«مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية»، ورئيس مجلس إدارة معهد الابتكار في الصحة العالمية في إمبريال كولدج - لندن، عن التحديات التي تواجه الرعاية الصحية، وقال إن هذه الرعاية تواجه «في الوقت الحاضر تحديات ربما لم يعهدها العالم من قبل، وإن أردنا حقا التغلب عليها يتعين على كل بلدان العالم أن توحد جهودها للابتكار في مضمار الوقاية والرعاية معا. نريد أن نكون مصدر إلهام لشعوب العالم لتعمل على تطبيق هذه الأفكار المبتكرة».
ويشهد اليوم (الأربعاء)، وهو الثاني والأخير للمؤتمر إطلاق تقرير هو الأول من نوعه في العالم يتضمن بين دفتيه تقييما لتجربة ثمانية بلدان من حول العالم ومدى جدوى تبني نظمها الحالية للابتكار الرامية إلى تحسين الرعاية الصحية لشعوبها، وهذه الدول هي: قطر وأستراليا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة.
وتتماشى أهداف «مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية» مع رؤية ورسالة مؤسسة قطر على صعيد توطيد دور قطر كأحد المراكز الإقليمية الصاعدة في مجال العلوم الطبية، لا سيما في ضوء التطور الهائل الذي شهدته الرعاية الصحية في البلاد انطلاقا من حزمة المبادرات البحثية والتطويرية القيمة المتعلقة بالصحة التي أطلقتها مؤسسة قطر. من جانبه رحب سعد المهندي، رئيس مؤسسة قطر، بالوفود الرفيعة المشاركة في أعمال القمة قائلا: «تجسد مؤسسة قطر رؤية قطر الوطنية 2030، وهي تسعى بشكل دائم إلى دعم المبادرات التي من شأنها إرساء دعائم مجتمع صحي وقوي، وإن تشجيع الابتكار في مجال الرعاية الصحية في قطر وخارجها جزء لا يتجزأ من مساعي مؤسسة قطر».



لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».