«قمة الدوحة» تبحث تحديات وقضايا الرعاية الصحية من خلال الابتكار

شارك فيها أكثر من 50 بلدا

جانب من المؤتمر السابق الذي عقد في لندن عام 2012 («الشرق الأوسط»)
جانب من المؤتمر السابق الذي عقد في لندن عام 2012 («الشرق الأوسط»)
TT

«قمة الدوحة» تبحث تحديات وقضايا الرعاية الصحية من خلال الابتكار

جانب من المؤتمر السابق الذي عقد في لندن عام 2012 («الشرق الأوسط»)
جانب من المؤتمر السابق الذي عقد في لندن عام 2012 («الشرق الأوسط»)

تواجه الرعاية الصحية اليوم بعضا من أضخم تحدياتها على الإطلاق، وتواجه هذه التحديات، التي منها السمنة والصحة النفسية ورعاية نهاية الحياة، البلدان المتطورة والنامية على السواء، الأمر الذي يتطلب تعاون جميع الأمم فيما بينها لإيجاد طرق أفضل وأكثر ابتكارا للمحافظة على صحة البشر والوقاية من الأمراض.
وتأتي «القمة»، وهي مبادرة أطلقتها مؤسسة قطر برعاية الشيخة موزا بنت ناصر، امتدادا لمؤتمر القمة العالمية لسياسات الرعاية الصحية الذي عقد في لندن العام الماضي، في الوقت الذي يتولى فيه البروفسور اللورد دارزي مدير معهد الابتكار في مجال الصحة العالمية، التابع لجامعة إمبريال كوليدج، في لندن، مهام الرئيس التنفيذي للقمة.
وحظيت خطط القمة التي تدوم يومين بدعم المجلس الاســــــتشاري للقمة، وهو مجموعة مرموقة من رجال الأعمال وقــــــــادة القطاع الصحي من مختلف أرجاء العالم، ممن يعمـــــــلون بدأب على وضع برنامج مثير وطموح من الخطب، والمناقشات، والجلسات التفاعلية لحدث هذا العام.
شارك في قمة «ويش»، التي انطلقت أمس في الدوحة، بمشاركة أكثر من 500 مبتكر وقائد عالمي في مجال الصحة، بمن فيهم رؤساء دول، ووزراء، ومسؤولون حكوميون كبار، وأكاديميون، وقادة أعمال نافذون، حيث شهدت القمة الافتتاحية تبادل المعارف والخبرات بين أبرز خبراء العالم، ومناقشة حلول عملية ومستدامة ومبتكرة لبعض أعظم التحديات الصحية التي يواجهها العالم أجمع حاليا.
وتنضم إلى هؤلاء الخبراء المشهورين عالميا شخصيات بارزة من قادة التغيير ونشر الابتكار من مختلف مناطق العالم، مثل أونغ سان سو كيي وبوريس جونسون وسارة براون، وستشهد القمة إبراز الابتكار في العمل، عبر عرض بعض التصاميم والمنتجات والخدمات الأكثر نجاحا في العالم.
تستند القمة إلى النجاحات التي حققها مؤتمر القمة العالمية لسياسات الرعاية الصحية الذي عُقد في لندن العام الماضي، وذلك بالتعاون بين جامعة إمبريال كوليدج ومؤسسة قطر، وبمشاركة 500 من قادة القطاع الصحي من 40 بلدا، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وأكثر من 12 وزيرا للصحة.
وتشجع قمة هذا العام زيادة التعاون والابتكار في القطاع الصحي لمختلف دول العالم، في مسعى لردم الفجوة القائمة بين ما نعرفه وما نفعله على أرض الواقع في ميادين الرعاية الصحية والطب.
وهدف مبادرة «ويش» من جمع هذه الشخصيات البارزة المؤثرة التي تصنع التغيير الحقيقي، هو أن يتحول هذا الحدث السنوي مع مرور الوقت إلى «دافوس الرعاية الصحية».

تقرير نشر الابتكارات الصحية في العالم
سيجري في مؤتمر القمة العالمية للابتكار في الرعاية الصحية إطلاق تقرير فريد من نوعه يبين كيف تقوم الدول بنشر الابتكار في ميدان الرعاية الصحية، حيث يُعد المشروع الأول من نوعه، وسيدرس الباحثون ثمانية بلدان، إضافة إلى دراسة كيفية قيام أنظمة الرعاية الصحية فيها بتبني الابتكارات الجديدة، ونشرها بنجاح، بهدف إلهام البلدان الأخرى في العالم لتبني أفضل الطرق والأفكار.
وتبين الدراسة الرائدة كيف عملت قطر والهند والبرازيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا وإسبانيا وجنوب أفريقيا على «نشر» أفضل الأفكار الجديدة لتحسين الرعاية الصحية المقدمة لسكانها.
ومن خلال مقابلات مع مجموعة متنوعة من الخبراء في كل بلد، شملت صناع سياسات وعاملين في الرعاية الصحية، ركزت الدراسة على العوامل التي تساعد هذه البلدان على تبني ابتكارات جديدة في مجال الصحة، مثل تمويل الدراسات والأبحاث والعلاقة مع القطاعات الأخرى.
وقام التقرير أيضا بدراسة السلوك الثقافي الذي يؤثر على انتشار الأفكار الجديدة، مثل الطريقة التي يتعامل بها كل بلد مع المتخصصين في الرعاية الصحية والمرضى وعامة الجمهور.
ويحدد تقرير نشر الابتكارات الصحية في العالم، الصادر عن قمة «ويش»، المجالات التي نجحت فيها هذه البلدان في نشر الابتكارات الجديدة، والعوامل في أنظمة الرعاية الصحية فيها وفي ثقافاتها، التي تساعدها على فعل ذلك.
وأولى التقرير اهتماما خاصا بالمجالات التي تقوم فيها البلدان بخلق الظروف المناسبة، وتعميم الدروس المستفادة، والحوار، مما يمكّن البلدان الأخرى من ترجمة هذه الأفكار في منظوماتها الخاصة.
وسيكون التقرير، من خلال تحديد أفضل السبل العملية، وشروط تنفيذها، مصدر إلهام للبلدان، للتعلم من تجارب الآخرين وإطلاعهم على أفضل ممارساتها، بهدف تشجيع تبني مزيد من الأفكار الجديدة للمساعدة في تحسين صحة وعافية سكان جميع بلدان العالم.
ويشكل ما سبق أداة قيمة لجميع أنظمة الرعاية الصحية في العالم؛ أداة جوهرية إذا ما أريد التقدم في نشر الابتكار ومواجهة التحديات الصحية المعاصرة.
وتتطلع القمة إلى أنه في حال استطاعت تحديد طبيعة المناخ الذي يساعد على تسهيل قيام الدول برعاية شعوبها بطرق مبتكرة وفي متناول اليد، فإنه سيستفيد منه البشر جميعا، بصرف النظر عن موقعهم الجغرافي أو نمط حياتهم.

معرض الابتكارات
سيجري أثناء قمة «ويش» عرض 15 من أكثر الحلول ابتكارا في العالم، مما يخلق فرصة فريدة أمام المندوبين للاطلاع على آلية عمل أفضل الابتكارات في مجال الرعاية الصحية.
وتتراوح الأفكار المعروضة من الأدوات العملية وحتى التصاميم والحلول الرقمية، وهي تتضمن مثلا جهازا لتنقية المياه يعمل بالطاقة الشمسية جرى اختراعه في السويد، ويستخدم حاليا في جميع أنحاء العالم لتحسين الحصول على الماء النقي، وسيارة إسعاف على شكل دراجة نارية اختُرعت في المملكة المتحدة وتُستخدم في المناطق الوعرة في أفريقيا والهند لتقديم خدمات الرعاية في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
وسيجري عرض هذه الاختراعات وغيرها طوال يومي المؤتمر في منصات عرض متطورة ذات تصاميم مبدعة مخصصة لهذا الغرض، وسيوجد أصحاب الاختراعات هناك لإطلاع المشاركين على قصص أفكارهم التي ولدت أثرا بالغا في حياة الناس.
وسيكون بمقدور المندوبين التفاعل، والمشاركة، واللمس والاحتكاك المباشر، وسماع وتعلم أشياء عن مخترعات الرعاية الصحية بطريقة تشاركية محفزة، حيث سيكون في داخل أروقة المؤتمر عيادة محمولة على سيارة إسعاف تسمح للمندوبين بمشاهدة كيف تقدم الرعاية الصحية المتنقلة في الأرياف الأفريقية.
وسيتمكن المندوبون من شرب الماء النقي من جهاز التنقية الذي يعمل بالطاقة الشمسية، ويمكِّن آلاف الأسر من الحصول على ماء شرب نظيف وآمن في المناطق الريفية.
وستتيح القمة فرصة للتفاعل مع تجربة في السينما ثلاثية الأبعاد، وذلك في منشأة التعليم، واكتساب معلومات عن جسم الإنسان وكيف تصنع التكنولوجيا ثورة في التعليم.
وسيجري اختيار عدد من هذه الاختراعات بطريقة التصويت التفاعلي وبمشاركة المندوبين، تمهيدا لإخضاعها لمزيد من الفحص الميداني في «منتدى الابتكار» لدراسة تجاربها وفوائدها بتفصيل أكبر.
ويمثل ذلك فرصة ثمينة يستمع فيها المندوبون مباشرة لأصحاب الأفكار الأكثر نجاحا، وهم يروون كيف نجحوا في تحويل حلول مبتكرة في مجال الرعاية الصحية إلى اختراع أن تصنع ثورة حقيقية في هذا المضمار.
وتطمح القمة من وراء هذه التجارب الشخصية الفردية إلى إلهام كوكبة جديدة من المبتكرين في الرعاية الصحية ليطبقوا أفكارا جديدة بنجاح، لما فيه خير البشر في جميع أنحاء المعمورة.
وأمثلة عن معرض الابتكارات من المؤسسات التي تعرض اختراعات في المؤتمر «Helix Centres»، وهي مبادرة مشتركة بين الكلية الملكية للفنون وإمبريال كوليدج في لندن، ويظهر هذا المشروع مقاربة حقيقية متعددة التخصصات في مواجهة التحديات الصحية، تجمع بين الخبرة في التصميم والمعرفة السريرية في إيجاد حلول مبتكرة تعمل على خدمة المرضى.
وعلى سبيل المثال، صمم المشروع الجديد سيارة إسعاف متطورة تضم مرافق معالجة إلى جانب وسائل تشخيص ومعدات حديثة، كما ستعرض منصة أخرى ابتكارات «Operation Hernia»، وهي منظمة غير ربحية تقدم فرص تعليم للجراحين في المناطق الريفية، حيث أثبتت ريادة في استخدام شبكات البعوض في جراحة الفتوق الإربية بجزء بسيط من التكاليف التقليدية في جراحة الشبكات، وكانت تكلفة الشبكة أرخص بحدود 4000 مرة، وبالفعالية نفسها.

المنتديات الثمانية
تركز منتديات القمة على ثماني قضايا صحية عالمية تؤثر على جميع البشر في العالم، تتمثل في أمراض السمنة، والصحة النفسية، والرعاية المسؤولة، ورعاية نهاية الحياة، والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق، وتمكين المرضى، ومقاومة الجراثيم للأدوية، والبيانات الكبيرة.
وعكف خبراء مشهورون عالميا مع فرق عملهم طوال الأشهر الستة الماضية على إجراء أبحاث جديدة في هذه المجالات الثمانية، حيث ركزت الأبحاث الميدانية المذكورة على ابتكارات وحلول مجربة بدأت تترك آثارا حقيقية في جميع أنحاء العالم.
وتولى فريق من الخبراء قيادة النقاش في كل موضوع من المواضيع آنفة الذكر، ويبحثون في خيارات معالجة كل مشكلة ومعاينة بعض الحلول المبتكرة التي طبقتها بعض البلدان، وكيفية تعميمها على مستوى العالم.
وتمثل هذه المنتديات فرصة فريدة يستمع المندوبون من خلالها إلى خبراء بارزين ويستفيدون من أبحاثهم وخبراتهم الواسعة، ويوفر هذا المنبر المهم تبادل المعارف والخبرات، وإلهام المندوبين والقادة الحاضرين لتبني أفضل الأفكار وتعميمها على الأنظمة الصحية في مختلف أرجاء العالم.

السمنة
يموت قرابة ثلاثة مليون إنسان في العالم سنويا، بسبب المضاعفات الناجمة عن السمنة، وهذا الرقم مرشح للزيادة بالتأكيد.
لقد لعب تزايد السمنة دورا كبيرا في زيادة أمراض كالسكري والسكتة الدماغية وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان، وكلها أمراض تكلف الاقتصاد العالمي مليارات الدولارات سنويا.
ويناقش المنتدى وباء السمنة العالمي، ويؤكد أنه، على الرغم من تعقيد هذه المشكلة فإنه يستطيع ويجب أن يجري فعل شيء للتصدي لها، وتخفيف التكاليف البشرية والمالية الهائلة الناجمة عنها وعن الأمراض المرافقة لها.
وفي الوقت الذي يدرك فيه الجميع أنه لا حل سحريا لجميع المشكلات، فسيشجع المنتدى الدول على التحرك الفوري من خلال استعراض مجموعة من الأفكار التي جرى تبنيها بنجاح في مناطق أخرى من العالم، مثل ترويج الطعام الصحي عبر إزالة الأغذية غير الصحية من آلات البيع المنتشرة في أماكن العمل والمدارس، وتشجيع النشاط البدني وفرض القيود على دعايات الأطعمة.

الصحة النفسية

يبحث المنتدى فيما يمكن عمله لتحسين رعاية الصحة النفسية في العالم للمرضى الذين لا تتلقى غالبيتهم العلاج، لا سيما في البلدان ذات الدخل المتدني.
ونظرا لتأثير هذه المشكلة المتفاقمة على أكثر من 900 مليون إنسان في العالم، يدعو المنتدى البلدان إلى معالجتها من أجل تخفيف المعاناة واحترام حقوق الإنسان الأساسية، حيث تترك المشكلات النفسية آثارا كبيرة، كالوفاة المبكرة والمعاناة النفسية والجسدية، على الرغم من أن بعض أكثر الابتكارات فعالية في هذا المجال غالبا ما تكون الأقل تكلفة.
وفي الهند، مثلا، أدت إقامة عيادة نفسية متنقلة في حافلة تقدم خدماتها في المناطق الريفية إلى معالجة 1500 مريض خلال ثلاث سنوات، أكثر من نصفهم لم يتلقّ أي علاج سابق، وبلغت تكلفة هذه العيادة 25 ألف دولار فيما بلغت الكلفة الإجمالية لمعالجة الشخص الواحد 12 دولارا فقط.

الرعاية المسؤولة
نظرا للزيادة المستمرة في الطلب على الخدمات وفي تكاليفها، يتعين على البلدان إيجاد طرق كفيلة بتقديم رعاية صحية أفضل وتحسين نتائج المرضى وتجاربهم أثناء المعالجة، والحصول على قيمة أفضل من المال المنفق.
ويدرس المنتدى التغييرات التي يمكن إجراؤها لتحسين جودة الرعاية الصحية، التي تتفاوت مستوياتها أحيانا حتى ضمن البلد الواحد.
ويبحث المنتدى في الطرق التي يستطيع مقدمو الرعاية من خلالها تحسين صحة مواطنيهم عبر تطوير التعاون فيما بينهم مع التركيز على النتائج التي تهم المرضى، وبذل مزيد من الجهود للوقاية من الأمراض وإدارتها بدلا من الاكتفاء بمعالجتها، والسعي إلى جعل أجور الخدمات متناسبة مع النتائج وليس مع مستويات النشاط.

رعاية نهاية الحياة

سيدعو المنتدى قادة العالم إلى معالجة مأساة الناس الذين يموتون من الألم وبلا كرامة، ويدرس المنتدى الاحتياجات اللازمة لتحسين خدمات تخفيف وتسكين الألم بهدف تقليص معاناة مَن يقتربون من نهاية حياتهم.
كما سيشجع البلدان على اتخاذ تدابير متنوعة بينها تعزيز هذا الجانب في أنظمتها الصحية، والاستثمار في البحث العلمي والتطوير، وتبني سياسات جديدة لمواجهة هذه القضية وتجنب المعاناة غير الضرورية.

الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق
يقوم المنتدى بدراسة العبء المتزايد للإصابات والوفيات الناجمة عن حوادث الطرق، التي تتسبب في وفاة أكثر من 1.2 مليون إنسان في العالم سنويا، فضلا عن 20 إلى 50 مليون إصابة، يمكن تجنب كثير منها.
ويركز على ضرورة بذل جهود إضافية لمحاربة هذا الوباء المتنامي المتمثل في الإصابات والوفيات الناجمة عن حوادث الطرق، كما يناقش مسألة إيجاد أفكار وطرق جديدة لتحسين انتشار الابتكارات الحالية التي أثبتت نجاعتها في تخفيف الإصابات والوفيات المذكورة.
ويدرس أيضا كيفية تطبيق هذه الإجراءات في مختلف بلدان العالم، بما فيها فرض الالتزام بحدود السرعة، وقوانين تناول الكحول أثناء القيادة، واستعمال أحزمة الأمان والخوذات.

تمكين المرضى
لمواجهة التحديات الراهنة أمام الرعاية الصحية، سيشجع المنتدى القادة على توظيف الطاقات غير المستثمرة للأشخاص المهتمين بتحسين مستوى الصحة والرعاية لديهم ولدى الآخرين.
وسيناقش المنتدى أفضل السبل لمشاركة المرضى وأسرهم ومجتمعاتهم في تصميم الخدمات الصحية المحلية، كما يدرس كيف يمكن لهذه المشاركة أن تساعد في تصميم خدمات أعلى جودة وأكثر فعالية من ناحية التكلفة، تضمن تعميم الفائدة فعليا على جميع السكان.

مقاومة الجراثيم للأدوية

يطرح المنتدى قضية مقاومة الجراثيم للأدوية والمخاطر التي تتركها على الصعيد العالمي، فليس هناك أي نظام رعاية صحية في مأمن، حيث إن هناك أكثر من 20 نوعا من الجراثيم تظهر مقاومة للأدوية، وهذه قابلة للانتشار من البلدان النامية إلى المتطورة وبالعكس.
ويتناول المنتدى الخطوات التي يتعين اتخاذها لمواجهة هذه المشكلة، التي تكلف أنظمة الرعاية الصحية مليارات الدولارات سنويا (50 مليارا في الولايات المتحدة فقط)، والأهم من ذلك أنها تسبب مئات آلاف الوفيات.
وسيدرس سلسلة من الحلول المبتكرة بدءا بالوقاية وضبط العدوى والتخلص من الاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية وصولا إلى ضرورة البحث العلمي واكتشاف لقاحات وأمصال جديدة.

البيانات الكبيرة
يستعرض المنتدى قضية التشابك المتعاظم بين البيانات الرقمية الخاصة بأنماط الحياة والسلوك وتلك المتعلقة بالصحة، ويدرس كيف يمكن للجمع بين هذه البيانات أن يؤثر تأثيرا هائلا على انتشار الأمراض في العالم، وعلى تغيير السلوك بغية حماية الناس وتحسين صحتهم، والتدخل بهذه الطريقة يقود إلى وفر ضخم في تكاليف أنظمة الرعاية الصحية في العالم، ويحسن النتائج الصحية للمرضى بسرعة كبيرة، حيث إذا استخدم نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة البيانات الكبيرة بشكل فعال وخلاق، فمن المتوقع أن يصل الوفر المحقق في هذا القطاع إلى 200 مليار دولار سنويا، وفي إحدى المبادرات في ساحل العاج، أظهرت بيانات الهواتف الجوالة، التي استخدمت لوصف حركة المواطنين وأنواع الاتصالات التي يجرونها، أن إجراء تغيير طفيف في النظام الصحي يمكن أن يخفض انتشار الإنفلونزا بنسبة 20 في المائة، فضلا عن تخفيضات مهمة في انتشار فيروس الإيدز والملاريا.



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.