ليبيا: جدل حول مبادرة فرنسية لحلحلة الأوضاع... واجتماع ثلاثي في الجزائر

نفى مجلس النواب الليبي، أمس، أي علم له بمبادرة فرنسية جديدة، لحلحلة الأزمة السياسية في ليبيا، بينما كشف مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» النقاب عن أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش، رفض مؤخراً الاستجابة لضغوط غربية، سعت لإقناعه بوقف العملية العسكرية التي بدأتها قوات الجيش لتحرير مدينة درنة، آخر معاقل المتشددين في منطقة ساحل شرق ليبيا.
وقال عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب (البرلمان) المتواجد بمدينة طبرق (شرق)، أنه لا صحة لما أشيع عن اطلاع البرلمان على مبادرة فرنسية لإنهاء الأزمة السياسية. ونفى بليحق في بيان نشره الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان الليبي، أن يكون قد أدلى من الأساس بتصريحات حول مبادرة فرنسية مزعومة، بعدما كانت وكالة أنباء روسية قد ادعت أن بليحق أبلغها أنه يجري العمل حالياً لتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام.
ومع مرور أكثر من عامين على توقيع الاتفاق السياسي الليبي في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015 برعاية بعثة الأمم المتحدة، لا تزال ليبيا تعاني صراعاً على السلطة وسط تدهور أمني. وقدم رئيس البعثة الأممية غسان سلامة، خطة عمل لإنهاء الأزمة، بينها تعديل بنود السلطة التنفيذية في الاتفاق السياسي وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام الحالي.
ومن المنتظر أن تستضيف الجزائر اليوم (الاثنين) اجتماعا لآلية دول الجوار العربي الثلاثية، والتي تضم كل من مصر وتونس والجزائر. وأدرج المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، الاجتماع في إطار الاجتماعات الدورية لآلية دول الجوار العربي لليبيا والتي تعقد بين الدول الثلاث بصفة مستمرة للتباحث بشأن آخر مستجدات الشأن الليبي. واعتبر أن الاجتماع يأتي في توقيت بالغ الأهمية، يتم خلاله تكثيف الجهود الأممية من أجل كسر حالة الجمود التي تنتاب المسار السياسي للأزمة الليبية واستكمال خريطة الطريق من خلال عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وكذا الجهود المصرية الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، فضلاً عن التصدي للتحديات الخاصة بمكافحة الإرهاب.
ومن المقرر أن يترأس وزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل، الاجتماع، الذي يشارك فيه نظيراه المصري سامح شكري والتونسي خميس الجهيناوي. وقال بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، إن الاجتماع الجديد يندرج في إطار «التشاور المستمر بين البلدان الثلاثة حول الوضع السائد في هذا البلد الشقيق والمجاور».
ويتزامن الاجتماع، مع جلسة مرتقبة اليوم أيضاً لمجلس الأمن الدولي، حيث سيقدم رئيس البعثة الأممية غسان سلامة إحاطته حول ما تم على صعيد خطة العمل التي قدمها. ومن المنتظر أن يحتل الوضع في مدينة درنة، أولوية في إحاطة سلامة، حيث تخوض قوات الجيش الوطني معارك ضارية منذ أيام لتحرير المدينة آخر معاقل الجماعات المتطرفة. وقالت البعثة الأممية، إن ممثلين عن مجلس أعيان طرابلس أقاموا أمس تجمعاً عند مقر الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس للتعبير عن التضامن مع درنة والمطالبة بإنهاء الغارات الجوية، مشيرة إلى أن ممثلي المجموعة الذين اجتمعوا مع أعضاء من بعثة الأمم المتحدة وسلّموا بياناً لإحالته للممثل الخاص والأمين العام، اعتبروا أن حماية المدنيين أولوية قصوى للأمم المتحدة. وكشف مصدر عسكري ليبي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط»، عن أن أطرافاً غربية عدة، بالإضافة إلى الإدارة الأميركية، سعت مؤخرا لإقناع المشير حفتر بوقف عملية تحرير درنة، وعرضت عليه المشاركة فيها بشكل أو بآخر.
وطبقاً لما رواه المسؤول، الذي اشترط عدم تعريفه لأنه غير مخول بالحديث إلى إعلاميين، فإن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تقود اتجاهاً غربياً يحث حفتر على وقف العمليات العسكرية في درنة، لافتاً إلى أن هذا الموقف ظهر بشكل مباشر بعدما رفض حفتر مشاركة قوات أميركية في عملية درنة. وأوضح المسؤول، أن قادة من قيادة القوات الأميركية «أفريكوم» أبلغوا حفتر في أحد اللقاءات السرية التي تمت بينهم قبل نهاية العام الماضي، بأن واشنطن لا ترحب بأي تحرك عسكري منفرد من جانب الجيش الوطني لحسم الأمور في مدينة درنة، مشيرا إلى أن حفتر رفض السماح بمشاركة قوات أجنبية في عملية درنة. لكن المسؤول نفسه أكد في المقابل، أن عملية تحرير درنة تتم في إطار تعاون عسكري رفيع المستوى بين مصر والجيش الوطني، لافتاً إلى أن الجانب الروسي قدم أيضاً دعماً لوجيستياً ومعلومات استخباراتية مهمة في هذا الصدد.
ميدانياً، أعلنت القوات الخاصة، أن وحدات منها، نجحت أمس في السيطرة بالكامل على منطقة «عرقوب بولم» المتاخمة لمنطقة تمسكت في درنة. وقالت مصادر عسكرية، إن قوات الجيش تقدمت باتجاه المدخل الغربي الجنوبي للمدينة رغم محاولات العناصر الإرهابية الالتفاف حول قوات الجيش لمنع تقدمها.إلى ذلك، نفت السفارة الإيطالية لدى ليبيا ما تردد عن اعتزام إيطاليا شن عملية عسكرية في الأراضي الليبية قريباً. وفي بيان مقتضب عبر «تويتر»، أوضحت السفارة أن ما تم تداوله أمس، غير صحيح. وقالت: «أحدهم خرج علينا بقطعة من الأخبار المزيفة وذلك بقطع ولصق عنوان ملفق، وبلغة إيطالية ركيكة جداً، على صورة قديمة صادرة منذ 3 سنوات للصفحة الأولى لصحيفة (لاستامبا) الإيطالية».