نعم للدعم لا للتشكيك

قبل أقل من شهر على انطلاق نهائيات كأس العالم في روسيا، وخوض المنتخب السعودي للمباراة الافتتاحية أمام المنتخب الروسي صاحب الأرض والجمهور، يبدو أي نقد لاذع، أو تشكيك في تشكيلة المنتخب، أو قدرة مدربه، أو مبارياته الودية، ضرباً من (العبث الذي قد يتسبب بالضرر أكثر من الفائدة).
وبالطبع لا يوجد إعلامي في العالم يتقبل فكرة (عدم النقد)؛ لأنها أساس العمل الإعلامي، ولكن هناك وقتاً للنقد، وآخر لشحذ الهمم، وهناك وقت للمحاسبة أيضاً.
المنتخب اليوم بعهدة مدرب أرجنتيني هو بيتزي، ولا مجال للتشكيك في قدراته وخياراته ومهاراته؛ لأن البديل هو (المستحيل بعينه). فمن غير المعقول الحديث عن المدرب أو خياراته في الوديات الآن، فنحن عندما نتحدث نكون في مهمة البحث عن حلول وبدائل، وهي أمور لا يمكن الوصول إليها حالياً.
شخصياً أرى أن المباريات الودية بدأت تعكس إلى حد كبير شخصية المنتخب، وشكل التشكيلة التي ستلعب أمام روسيا، وأرى أن سوية المنتخبات التي تم اختيارها، هو خيار جيد جداً، قياساً إلى تاريخها ومكانتها ونجومها، ومقاربة مستوياتها بالمستويات التي سيواجهها الأخضر في روسيا. وليس ذنب بيتزي أن بعض هذه المنتخبات لم تشارك بالصف الأول أو بكامل محترفيها، كما حدث مع الجزائر واليونان، ولكن بلجيكا لعبت بكل قوتها، وكانت النتيجة (ثقيلة) ولكن مفيدة، فإذا لم تعرف مكامن قوتك وضعفك، وكيف تتعامل مع المباريات القوية وتحت الضغوطات العالية خلال الوديات، فمتى ستتعلم؟
لذلك دائماً أقول إن المباريات الودية ليست المكان الأفضل للحكم على أي منتخب؛ لأن المدرب بكل بساطة في حالة تجريب وتبديل وتفكير، وليس في حالته النهائية. وما يفعله بيتزي والاتحاد السعودي هو الانتقال السلس من مواجهة منتخبات تقليدية كلاسيكية كنا نفعلها سابقاً كي تبقى المعنويات عالية (بالفوز على منتخبات أقل منا بكثير)، إلى مواجهة (الحقيقة)، ومقارعة منتخبات بحجم ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والجزائر. وأتذكر أن بيتزي سبق أن قال إن مواجهة المنتخبات الكبيرة هي سلاح الأخضر لتقديم أفضل أداء ممكن في كأس العالم، لهذا يجب ألا نتوقف نهائياً عند النتائج، ونخفف من حدة ردود الفعل، كما حدث عقب مباراة بلجيكا، وأيضاً نخفف من حجم التفاؤل المبالغ فيه، كما حدث بعد مواجهتي الجزائر واليونان، وأن ننتظر مواجهة روسيا في الافتتاح، ثم يبدأ التقييم الحقيقي لمستوى المنتخب ولاعبيه ومدربه.