{المركزي} المصري يبقي على أسعار الفائدة مع ترقب إجراءات تضخمية

أبقى البنك المركزي المصري أول من أمس على أسعار الفائدة الرئيسية من دون تغيير، وهو ما يأتي مخالفا لتوقعات بعض المحللين، ويثير الشكوك بشأن وتيرة تراجع تكلفة الإقراض على مجتمع الأعمال في ظل الإصلاحات التي تلتزم بها الحكومة مع صندوق النقد الدولي، التي سيكون لها انعكاس على التضخم خلال الفترة المقبلة.
وقال البنك المركزي في بيان إن لجنة السياسة النقدية قررت في اجتماعها الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير عند مستوى 16.75 في المائة و17.75 في المائة على الترتيب.
وكان بنك الاستثمار المصري بلتون يتوقع خفض أسعار الفائدة بنحو مائة نقطة أساس «نظرا لقدرة الحكومة على احتواء الضغوط التضخمية إلى الآن».
وأشار بلتون في بيان إلى أن المعدل السنوي للتضخم في مصر واصل اتجاهه الهابط في شهر أبريل (نيسان)، حيث انخفض من 13.3 في المائة في مارس (آذار) إلى 13.1 في المائة.
لكن استطلاع أجرته وكالة «رويترز» مع محللين آخرين قبل اجتماع المركزي الأخير رجحوا فيه أن البنك سيبقي على أسعار الفائدة الرئيسية بعد أن سجل التضخم الأساسي، الذي يستثني السلع السريعة التقلب مثل الغذاء، ارتفاعا طفيفا إلى 11.62 في المائة على أساس سنوي في أبريل من 11.59 في المائة في مارس، منهيا سلسلة تراجعات استمرت ثمانية أشهر.
واضطر البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة 700 نقطة أساس على عدة خطوات في مواجهة معدلات التضخم المتفاقمة منذ الربع الأخير من 2016 التي تجاوزت مستوى 30 في المائة خلال 2017.
وجاء تصاعد التضخم تحت تأثير إجراءات إصلاحية اتفقت عليها الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) من 2016 في مقابل قرض لدعم الإصلاح بقيمة 12 مليار دولار.
وشملت هذه الإجراءات تحرير أسعار الطاقة وتبني سعر مرن للصرف، وقبل الاتفاق بشهر مررت الحكومة تشريعا لضريبة القيمة المضافة رفع السعر العام للضريبة من 10 إلى 14 في المائة.
وبينما عاد البنك المركزي للحد من الفائدة المتصاعدة، التي كان لها أثر واضح على تكلفة الدين العام للبلاد، حيث خفضها 200 نقطة أساس خلال الاجتماعين السابقين على اجتماعه الأخير، فإن اتجاه المركزي للمزيد من الخفض في تكاليف الإقراض يواجه تحديات الإجراءات التضخمية المتوقعة مع استكمال برنامج الإصلاح المتفق عليه مع الصندوق.
وقامت الحكومة هذا الشهر بتطبيق زيادات في أسعار تذاكر مترو الأنفاق، ومن المتوقع أن ترفع أسعار الوقود مع استهدافها خفض دعم المواد البترولية في موازنة السنة المالية المقبلة بنحو 26 في المائة، علاوة على الزيادة السنوية التي تطبقها الحكومة في أسعار شرائح الكهرباء ضمن خطة لتحرير الدعم عنها.
ويثني صندوق النقد الدولي على الأداء الاقتصادي للبلاد في ظل التزام الحكومة بالخطة الإصلاحية التي تحد من تفاقم عجز الموازنة.
وقالت المؤسسة الدولية، أول من أمس، في بيان، إنها وافقت على تقديم شريحة جديدة من قرضها لمصر بقيمة ملياري دولار، التي تجيء بعد مراجعة ثالثة للإصلاحات المتفق عليها، وسترفع مجموع المبالغ المقدمة حتى الآن إلى ثمانية مليارات دولار.
واعتبر الصندوق أن مصر بدأت «تجني ثمار الإصلاحات الاقتصادية»، ولا ينكر أن هذه الإصلاحات تسببت في «تضحيات» على الأجل القصير، لكنه اعتبر أنها كانت ضرورية للحفاظ على استقرار الاقتصاد وتمهيد الطريق للنمو الاقتصادي القوي والمستدام الذي سيحسن من مستوى معيشة المصريين.
ولم يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بعد عن بيانات محدثة لنسبة الفقراء خلال الفترة التي بدأ الحكومة فيها تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، لكن خبراء يرجحون أن تتسبب صدمة التضخم التي أعقبت الإجراءات الإصلاحية في زيادة أعداد من يعيشون تحت خط الفقر.
وأشار بيان الصندوق لارتفاع معدلات النمو الاقتصادي خلال فترة تطبيق الإصلاحات وانخفاض عجز الميزان الجاري بشكل حاد في ظل تعافي نشاط السياحة ونمو تحويلات المصريين العاملين في الخارج، في الوقت الذي عززت فيه ثقة المستثمرين من تدفقات استثمارات المحفظة (portfolio inflows)، واستطاعت مصر أن ترفع من مستويات احتياطاتها من النقد الأجنبي إلى 44 مليار دولار وهو ما يساوي 7 أشهر من الواردات.
وبينما تعكس بيانات نمو الناتج الإجمالي الأخيرة حالة من الانتعاش الاقتصادي في مصر، حيث ارتفع خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي ليصل إلى 5.4 في المائة، لا تزال البطالة رغم تراجعها فوق مستوى 10 في المائة، حيث هبطت إلى 10.6 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الميلادي 2018.
وقال الصندوق إن مصر على الطريق لتحقيق فائض أولي في موازنة 2017 - 2018، كما تستهدف موازنة 2018 - 2019 تحقيق فائض بـ2 في المائة من الناتج، وهو ما سيمكن السلطات من وضع الدين العام على منحنى من التراجع، في رأي المؤسسة الدولية.
ولا يرى مراقبون أن مؤشرات الاستدانة المصرية تخلو من المخاطر، حيث عرض بنك بلتون في تقرير حديث اقتباسات تدلل على ذلك، منها أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني وضعت مصر بين 7 أسواق ناشئة معرضة لمخاطر ارتفاع تكلفة الدين وتشديد السياسات النقدية العالمية، مستندة إلى ارتفاع الديون قصيرة الأجل نسبيا في هذه الأسواق وضعف قدرة هذه الاقتصادات على إدارة تكاليف الدين.
كما أشارت وكالة ستاندرد أند بورز، في مراجعتها الأخيرة للتصنيف الائتماني لمصر، إلى خطر انخفاض أجل الديون عند ثلاثة أعوام وتكاليف الديون المرتفعة. ونص التقرير على أن الحكومة المصرية استهدفت تنويع مصادر الديون من خلال زيادة مستويات الدين طويل الأجل للتعامل مع هذا النوع من المخاطر؛ إلا أن ذلك قد يعرض الحكومة لمخاطر العملة الأجنبية.
ويحذر بلتون من تراكم الدين الخارجي، الذي قفز إلى 82.9 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول)، وما يترتب عليه من مخاطر.
مشيرا إلى أن الودائع المتاحة بالعملة المحلية لإصدارات أذون الخزانة الجديدة تغطي 35 في المائة فقط من عجز الموازنة في يونيو (حزيران) 2017.