في مقر جماعة الإخوان المسلمين في لندن، لا تظهر أي مؤشرات على الشعور بالضغط نتيجة لاقتراب موعد الإعلان عن نتائج التحقيقات التي تجريها الجهات الأمنية البريطانية، وفي مقر التنظيم العالمي للإخوان في الغرب، الواقع في منطقة كريكلوود (شمال غربي العاصمة البريطانية) أعلى محل غير مستخدم لبيع الكباب، يبدو المكان أشبه بحجرة المعلمين في مدرسة وليس مقر خلية «متطرفة».
جرى حظر الجماعة الإسلامية المثيرة للجدل في مصر والسعودية والإمارات، التي أعلنتها جميعا تنظيما «إرهابيا»، وهي تخضع الآن لتحقيقات جارية من قبل الأجهزة الأمنية البريطانية في مزاعم بوجود صلات تربط الجماعة بأعمال عنف. ومن المتوقع أن تصدر نتائج التحقيقات المشتركة بين خدمة الاستخبارات السرية (MI6) وجهاز الاستخبارات القسم الخامس (MI5)، التي أثارها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون - في منتصف يوليو (تموز) المقبل.
رغم التحقيقات الجارية في أنشطة الجماعة، يقول أعضاء الجماعة إنها تشهد ازدهارا في بريطانيا، حيث تزايدت صفوفها منذ القمع الذي يمارس ضدها في مصر بعد أن عزل الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو الماضي. ونفت أبرار السيد، مسؤولة العلاقات العامة لتنظيم الإخوان في بريطانيا، أن الجماعة تأثرت بالتحقيقات البريطانية، ولكنها نفت أيضا أن التنظيم له مقر في لندن. وأوردت تقارير إخبارية في أبريل (نيسان) أن الإخوان يهربون من بريطانيا إلى غراتس في النمسا بسبب التحقيقات الأمنية التي تجرى حول الجماعة. ولكن مسؤولة العلاقات العامة أبرار السيد رفضت أي أحاديث عن أن الجماعة تخفض من نشاطها في بريطانيا. وقال: «لم تتأثر أنشطة الإخوان المسلمين في بريطانيا بالتحقيقات. ولا تملك جماعة الإخوان مقرا خارج مصر. يوجد في لندن مكتب إعلامي يستمر في العمل من لندن. ولم يتأثر المكتب الإعلامي بالتحقيقات ولم يقلل من نشاطه». ولكن إذا لم يكن هناك مقر للإخوان في لندن، فمن المؤكد أن لها ما يشبه مركزا للقيادة – وإن كان في موقع غير متوقع. يقع ما يسمى بمقر الإخوان المسلمين في كريكلوود بين محل لتصليح أجهزة التلفزيون وعقار آخر غير مستغل في طريق سريع غير ممهد. ويُعتقد أن إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان زائر منتظم للمكان (حيث شوهد رجل يشبه منير وهو يدخل المكتب الواقع في كريكلوود في الأسبوع الماضي). وجذب المكان انتباه النشطاء المنتمين إلى الجماعة اليمينية المتشددة في بريطانيا أولا، الذين تظاهروا في مطلع العام الحالي على الرصيف المقابل تحت لافتة «الإخوان المسلمون غير مرحب بهم»، وفقا لتقارير إعلامية.
في داخل المكاتب المتواضعة ذات الستائر الكثيفة، يسري هدوء يتعارض مع الضوضاء التي تملأ الشارع في الخارج.
أعلى الدرج، بعد المرور عبر مطبخ بسيط وصف من الأحذية بطول الممر، يوجد مكتب يبدو أنه تابع لدار نشر تسمى «وورلد ميديا سيرفيس» التي تنحاز إلى فكر الإخوان وتصدر موقعها الإلكتروني «ikhwanpress.org».
أعلى درج آخر، يجلس محمد غانم، وهو مواطن بريطاني في أواخر الستينات، جاء إلى بريطانيا من بلده الأصلي مصر. يجلس في مكتبه بالقرب من غرفة أخرى تحتوي على سرير تخييم صغير، وتحيط به أكوام من الكتب من بينها كتابه «اقتصاديات الإسلام - البديل الأخير». ويضع أمامه جهاز «آي فون» وطبقا من البسكويت والتمر.
ونفى غانم، ذو اللحية القصيرة المشذبة والنظارة، بوضوح، كون مكتب كريكلوود «مقرا» لجماعة الإخوان كما «كشفت» وسائل الإعلام البريطانية في وقت سابق من العام الحالي، ونفى أنه يمثل الإخوان.
يقول غانم إنه مدير «وورلد ميديا سيرفيسز»، التي يعترف بأنها مؤسسة تؤيد الإخوان.
وقال: «لا أمثل الإخوان المسلمين، وكذلك لا يمثلهم هذا المكتب. نحن نحبهم ونشجع بعض أفكارهم، ولا نرى أي خطأ يشوب جماعة الإخوان المسلمين».
يقع مقر «وورد ميديا سيرفيسز» في ذلك المكان منذ عشرين سنة، وهو ما يؤكد عليه وجود رقم هاتف قديم يظهر على لافتة موضوعة في الخارج.
ولكن يعترف غانم، المحاسب الذي كان ضابطا سابقا في الجيش أثناء حكم الرئيس المصري الراحل أنور السادات، بأن مؤسسته تنحاز إلى فكر الإخوان. وفي حوار معه، أوضح سبب عدم قلق الجماعة من التحقيقات البريطانية التي تجرى حول أنشطتها، ونفي وجود أي صلة بين الجماعة وأي شكل من أشكال العنف. وعن توقعاته بالنسبة لمجرى التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن البريطانية حول جماعة الإخوان، قال: «لا يمكنهم إعلان جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا. لم نرتكب أي شيء ضد القانون، لم نقم بأي عمل إرهابي. يمكنهم إجراء تحقيقات كما يستطيعون، ولن يجدوا شيئا غير ذلك. ولكن بالنسبة للنتيجة، لا أعرف كثيرا عن مدى تأثير (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي على (رئيس الوزراء البريطاني ديفيد) كاميرون أو الاستخبارات البريطانية. ولكننا لا نهتم لأننا لم نرتكب أي خطأ. نثق في النظام القضائي هنا. لن يجرؤوا على معارضة مبادئهم بناء على طلب من السعودية أو لمجرد الحصول على عقدين تجاريين».
وحول تحميل البعض الإخوان مسؤولية عمليات التفجير التي استهدفت منشآت للشرطة في مصر أجاب بقوله: «لم يثبت ذلك مطلقا».
وبشأن ما يتردد عن أن الإخوان ينتقلون من لندن إلى النمسا بسبب التحقيقات البريطانية، قال: «حسنا عليك أن تسألهم، ولكن ذلك ليس مرجحا لأنك عندما تتحدث عن الإخوان المسلمين تتحدث عن جماعة محلية. لا توجد جماعة للإخوان المسلمين في إنجلترا. والفكرة موجودة؛ ويحترم بعض الناس الفكرة أو يتخذون أساسا لفكرهم يتعلق بالإخوان المسلمين. ولكن لا توجد جماعة بالطريقة التي يتناولها في الإعلام». وأضاف قوله: «أما في مصر، فتوجد جماعة، ويوجد حزب سياسي وتوجد حركة. وفي الأردن أيضا، هاتان هما الدولتان اللتان توجد بهما جماعة الإخوان. ولكن في أوروبا لا أعتقد ذلك. والمشكلة هي أننا في الدول العربية، مثل المصريين أو الأردنيين أو السوريين، نريد تغيير النظام كله، تغييره بطريقة سياسية كقوة سياسية. هذا كل ما في الأمر. ونحن ندين العنف ونأتي بالديمقراطية، ولدينا حق مطلق في تغيير مجتمعنا وفقا لرؤيتنا بوسيلة سياسية. ولكننا لم نهدف مطلقا إلى تغيير المجتمع البريطاني، وحتى إن أردنا تغييره، مثل أي قوة سياسية، مثل المحافظين أو العمال، فعلينا أن نتبع القانون ونلتزم به. وأن نستخدم الآليات السياسية، وهو ما لا نرى أنه أمر ذو أولوية لنا على الإطلاق».
وقال غانم ردا على سؤال حول أعداد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين وفدوا إلى بريطانيا منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في مصر بقوله: «بالطبع، نعرف من الأخبار ونعرف من بعض الأعضاء أن كثيرا من الناس جاءوا بعد الأحداث لأنهم لم يجدوا أي مكان آخر يذهبون إليه. ولكن لم يأت أي منهم إلى هذا المكتب، وليس لأي منهم علاقات مع هذا المكتب».
وأوضح غانم: «لم يتغير شيء، نظرا لأننا شركة صغيرة للغاية ونقتصر على النشر. ربما نقيم مؤتمرين في العام، ولا شيء أكثر من ذلك. نحن هنا منذ أكثر من عشرين سنة. والجميع يعرفنا، ولا يوجد شيء آخر لكي يعرفه أي أحد».
وحول أنشطة مكتب الإخوان في كريكلوود، قال: «نعد بعض الكتيبات ونجري بعض الأبحاث، وجميعها إسلامية تعليمية. كما نصدر (إخوان برس). وعندما نقول (إخوان) نقصد (الأخوة) عامة، إنه مفهوم إسلامي؛ ففي القرآن نجد أن المؤمنين إخوة، وعندما نقول (إخوان) لا نقصد الإخوان كجماعة».
وعن الشيخ إبراهيم منير الذي يتردد أنه زعيم التنظيم العالمي للإخوان في الغرب، قال: «بالطبع، هو صديقي. إنه يكتب في بعض الأحيان ونحن ننشر كتاباته، ولكن كشخص. لا نعرف على وجه التحديد موقعه في جماعة الإخوان المسلمين».
وقال أن «جماعة الإخوان لن تتسم بالعنف مطلقا. إنهم يدينون العنف ولم يستخدموه قط. ولا يوجد دليل أيا كان على ارتكابهم أي أعمال عنف. الإخوان أقوياء جدا في مصر، وإذا أرادوا أن يمارسوا العنف فكان في إمكانهم فعل ذلك. ولكنهم يلتزمون بسياساتهم، ومبادئهم وإيمانهم. والآن بعد مرور عام تقريبا (منذ عزل مرسي) لم يستخدموا العنف مطلقا. على جانب آخر، تم استخدام جميع صور العنف ضدهم، لدفعهم إلى استخدام العنف، ولكنهم هادئون ولن يتخلوا عن مبدئهم مطلقا».
«إخوان لندن»: نتائج التحقيقات البريطانية منتصف يوليو
مقر التنظيم العالمي في لندن أسفل مطعم كباب أغلق أبوابه
مقر «إخوان لندن» في العاصمة البريطانية ({الشرق الأوسط})
«إخوان لندن»: نتائج التحقيقات البريطانية منتصف يوليو
مقر «إخوان لندن» في العاصمة البريطانية ({الشرق الأوسط})
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

